الألسنة الثلاثة: المقول والقلم و المرقم.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    الألسنة الثلاثة: المقول والقلم و المرقم.

    الألسنة الثلاثة: المقول والقلم و المرقم.

    يبدو أن حرف القاف و أخاه حرف الميم قد اختصَّا بمهمة التعبير الشفوي أو الكتابي، فالمقول هو اللسان، و يسمى اللَّقلق كذلك، هو أداة التعبير الشفوي، كما أن الميم موجودة في "الفم"؛ و القلم، اليراع، معروف و هو مع المرقم، أو المرقن، المستعاض به عن القلم، وسيلتا التعبير الكتابي.

    و ليس غرضي من هذا العرض الحديث عن هذه الأدوات الثلاث و إنما الحديث عن تقويم هذه الألسنة الثلاثة.

    فكما يجب على المتحدث أن يصلح من مقوله فلا يقول إلا حقا و لا ينطق إلا صدقا ما استطاع إلى ذلك سبيلا يجب عليه أن يقوِّم من مقوله هذا حتى لا ينطق بلحن قبيح و لا يضل عن نواميس و قواعدالحديث العربي الصحيح.

    وكذلك يجب أن يكون شأنه مع الوسيلتين الأخرايين: القلم والمرقم، أو المرقن، فلا يخط إلا صحيحا و لا يرقم، أو يرقن، إلا صوبا يتوافق مع تلك النواميس و القواعد سالفة الذكر ما استطاع إلى ذلك سبيلا كذلك.

    كان الأدباء والمربُّون في القديم يحرصون على تقويم اللِّسانين، و القلم أحدهما، و الآخر معروف و هو المقول، فيفردون فصولا في بعض كتبهم المخصصة للأدباء كما فعل ابن قتيبة الدينوري، رحمه الله تعالى، في "أدب الكاتب" مثلا فقد خصص فصلا لـ "تقويم اللسان" و آخر لـ "تقويم اليد" و يعني به القلم.

    وقد خصص الأستاذ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي الحسيني المغربي، رحمه الله تعالى، كتابا لتقويم اللِّسانيْن شرعنا في عرض مواده هنا في ملتقى اللغة العربية بعنوان "
    تقويم اللّسانين" لكن يبدو أن الناس يفضلون الاستمرار في الرداءة اللسانية المكتسبة و هي "أيدز" الحديث والكتابة، نسأل الله السلامة والعافية، على الأخذ بأسباب الوقاية أو العلاج من هذا الداء العضال.

    لست أدري ما بال الكُتَّاب العرب يرضون بالدنية في خطاباتهم بدلا من الحرص على إصلاح عيوبهم وما أكثرها قولا و رسما و رقنا و تراهم يتهافتون على البهرج المعوج و يعزفون عن المنهج المبهج.

    نسأل الله تعالى الهداية إلى ما فيه صلاحنا أقوالا و أفعالا و أحوالا، آمين يا رب العالمين.

    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #2
    الكتابة الأدبية أمانة كبيرة ومسئولية خطيرة.


    الحمد لله على ما منح والحمد لله على ما منع والحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار، اللهم آمين يا رب العالمين.

    ثم أما بعد، يحدث لي من حين إلى آخر أن أعود إلى مواضيعي فأقرأ عناوينها وأعيد، حين الحاجة، كتابة ما أخللت فيه من تعبير أو قصَّرت فيه من تصوير لما أريد إبلاغه إلى المتلقين، وقد أكتفي بالقراءة فقط لأسترجع بعض ما غاب عني من أفكار تصلح، لو اعتُني بها، لمحاور حوارات مفيدة مغنية، لكن ما الحيلة إن صدف الناس عما ينفعهم وأقبلوا على ما يضرهم؟

    أتابع حسب ما تسمح به الظروف ما ينشر هنا في ملتقانا العامر هذا من مواضيع متنوعة وأريد التعليق على بعضها بما يليق، في تقديري الشخصي طبعا وهو غير ملزم لغيري، فأجدني أحجم عن التعليق أو إبداء ملاحظة، وقد أحذف ما علقت به أو لاحظته، بعد مراجعة النفس فيه أو لما قد يسببه من حرج أو تضيُّق عند المرسل إليه أو عند المعني بما أريد إبداءه؛ كما أنني أنقل بعض مواضيعي من أماكنها التي نشرتها فيها لما أتوقع أن "صاحب/ـة"،المحل، المتصفح أو القسم أو الملتقى المتخصص، يجد ما أنشره "عنده" غير لائق بالمحل أو بـ "صاحبه" المكلف بقرار افتراضي هو إلى السراب أشبه منه بالحقيقة.

    قلت وما زلت أقول وسأستمر في قوله إلى أن يشاء الله رب العالمين إن الكتابة الأدبية مسئولية وليست لعبا أو لهوا أو عبثا أو طيشا لتزجية الوقت أو لاكتساب شهرة أو للحصول على وسام أو جائزة أو إعجاب الناس؛ الكتابة الأدبية رسالة تؤدى إلى المتلقين، إلى المرسل إليهم، فيجب أن تؤدى بأمانة وصدق وإخلاص وجد، لكن ما ألاحظه للأسف الشديد، أن كثيرا من الكُتَّاب رغم ما أوتوه من قدرة طيبة على التعبير الجميل يستعملون تلك القدرة الطيبة في اللعب واللهو والعبث والطيش، ووالله إن كثيرا مما ينشر في "الأدبيات" هنا، نثرا وشعرا، إنما هو، في تقديري الشخصي طبعا، إلى الطيش أقرب منه إلى الجد، أما المواضيع الجادة فهي ثقيلة على النفوس العابثة وعلى القلوب الطائشة.

    الكتابة الأدبية أمانة كبيرة ومسئولية خطيرة وإنا لمؤاخذون بما نكتب كما أننا مؤاخذون بما نقول {
    مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(ق:18)؛ نسأل الله تعالى الرشاد في التفكير والسداد في التعبير والقصد في المسير إنه، سبحانه، وليُّ ذلك والقادر عليه، اللهم آمين يا رب العالمين.



    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    يعمل...
    X