**ما روته شهرزاد لشهريار في المنام عن مناقب الأصحاب **
بعدما نام شهريار، سكت شهرزاد عن الكلام المباح ، لتنام وترتاح ، قبل أن يدركها الصباح ، فرأى شهريار في المنام ، أمرا لم تعهده الأنام ،رأى ظبيا يصاحب ثعبان ، يرافقه بين الآن والآن ، ما يدعو للريبة والبهتان ،فخشي على الظبي شر الثعبان ، فقرّر أن يقوم له ناصحا ، ولخطر الثعبان فاضحا، فقال: أيها الظبي الجميل، لم يسبقك لمثل هذا مثيل ، ما توددك الثعبان إلا ليأكلك ، وعلى حين غرة يأخذك ، فقال الظبي : أيها الملك العظيم ، هذا صديق حميم ،أمضي معه معظم الوقت ، ولا يحمل الغل ولا المقت ،آمن جانبه، وأعلم قلبه وقالبه ، وجهره وغائبه ، فلست بالخـِّب الخديع ، ولا بالحمل الوديع ،
فقال الملك :أيها الظبي ، دعك من العناد ، واستسغ النصح والرشاد ، إن لي في القصر امرأة يقال لها شهرزاد ، لها من القصص ما يبلغنا المراد، فيها الحِكم والمفاد ، عن مواصفات الصديق الصادق ، والعدو المنافق ، فهيا بنا إلى المراد نسابق ، فذهبا وإذا شهرزاد في حديقة القصر، تتلألأ كأنها البدر ، فقال لها شهريار الخبر ، فأوجز وأجاز واختصر، فقالت هذا صاحب خطير، يتوجب الحذر والتحذير ،
وإني لأخشى عليك أيها الظبي الوديع ، بحسن ظنك هذا أن تضيع ، فتبسم الظبي وضحك. قالت أيها الظبي الطيب ، هل لي أن أقص عليك ممن تحنك بالتجارب ، فذكروا الصفات والمناقب ،عن الصديق والصاحب ، والمخادع الكاذب ، فقال إني إليك أصغي ، وهذا ما كنا نبغي ،
فقالت :يقول الإمام الغزالي ،(في كتابه بداية الهداية ) وجوب التحقق من استيفاء الصديق شروط الصداقة وهي : العقل ، وحسن الخلق ،والصلاح والكرم والصدق ، ويقول أيضا من حقوق الصحبة الواجبة مع الأصدقاء ، الإيثار بالمال، والمبادرة بالإعانة، وكتمان السر ، وستر العيوب ، والسكوت عن تبليغه مذمة الناس ،وإبلاغه ما يسر من ثناء الناس عليه بما يعرف من محاسنه ،وشكره على صنيعه في وجهه ،والدفاع عنه في غيبته،ونصحه باللطف ، والعفو عن زلته ، وإحسان الوفاء مع أهله ،والتخفيف عنه في المكاره ، وإظهار السرور لرؤيته ،والسلام عليه عند لقائه.
وقال السهروردي :(في كتابه آداب المريدين ) أن من بين شروط الصحبة ، الموافقة في الإعتقاد وفي الدين، والتأني في الإختيار ، وتجنب أصدقاء السوء ،إذ أن المرء على دين خليله ،ثم قال هناك ثلاثة أصناف من الناس ،فمنهم صنف كالغذاء لا نستغني عنه ، وصنف كالدواء نحتاج إليه أحيانا ،وصنف كالداء نفر منه كل حين ،فمن آداب الصحبة بين الناس حفظ الحرمات ،وحسن العشرة والنصيحة ،وملازمة الإيثار والمعاونة في الدنيا والدين ،والصبر على الإيذاء .
وآداب الصحبة تعتمد على قدر المصاحب ، فالصحبة مع المشايخ والكبراء تقوم على الإحترام والخدمة والتوقير ،
والصحبة مع الأقران بالبشر والإنبساط والموافقة وبذل المعروف والإحسان ،
ومع الأصاغر بالشفقة والإرشاد والتأديب والنصح بما ينفع .
ويقول أبو حيان التوحيدي :(في كتابه الصداقة والصديق ) أن من حق الصديق على صديقه القيام بأعبائه في غيابه ،وحفظه ومعاونته عند حضوره وملاطفته إذا جفا ، ومكافأته إذا وفق في عمل ، والحديث عنه الحديث الطيب مع الأصدقاء الآخرين ، ودفع الظلم عنه ، والإبتهاج لرؤيته ،والحفاظ على سره ، وعدم تصديق ما يقال عنه ، ومعاتبته إذا وقع خلاف معه بدلا من قطع الصلة به نهائيا. إن صحبة الأخيار تورث الخير ، وصحبة الأشرار تورث الشر ، فالمودة بين الصالحين بطيء انقطاعها سريع اتصالها كآنية الذهب بطيئة الإنكسار هينة الإعادة ، والمودة بين الأشرار سريع انقطاعها بعيد اتصالها كآنية الفخار التي يكسرها أدنى شيء ولا جبر لها .
هناك نمطين من الأصدقاء ، النمط الأول هوالصديق الذي يحسن الكلام ولا يحسن العمل نحو صديقه ، والنمط الثاني هو النمط الذي يحسن العمل وقد لا يحسن الكلام ، إني أدركت أقواما كان الرجل منهم لا يلقى أخاه شهرا أو شهرين ، فماذا لقيه لا يزده على كيف أنت وكيف الحال ؟ ولو سأله شطر ماله لأعطاه ، ثم أدركت أقواما لو كان أحدهم لا يلقى أخاه يوما سأله عن الدجاجة في البيت ،ولو سأله حبة من ماله لمنعه .
ويقول أبو حسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين ) أن الأصدقاء ينقسمون إلى أربعة أقسام :وفقا لطلب العون أو تقديمه .
فمنهم من يعين ويستعين ، ومن لا يعين ولا يستعين ، ومن يستعين ولا يعين ، ومن يعين ولا يستعين ،
فأما المعين والمستعين فهو معارض ،يؤدي ما عليه ويستوفي ما له ، فهو كالمقرض يسعف عند الحاجة ويسترد عند الإستغناء ، وهو مشكور في معونته ،ومعذور في استعانته ، فهذا أعدل الإخوان ،
وأما من لا يعين ولا يستعين ، فهو متروك ، قد منع خيره وقمع شره ،فهو لا صديق يرجى ولا عدو يخشى ،فلا هو مذموم لقمع شره ،ولا هو مشكور لمنع خيره ، وإن كان باللوم أجدر.
وأما من يستعين ولا يعين ،فهو لئيم كل ، ومهين مستذل ،قد قطع عنه الرغبة وبسط فيه الرهبة ،فلا خيره يرجى ولا شره يؤمن ، وليس له في الإخاء حظ .
وأما من يعين ولا يستعين ، فهو كريم الطبع ، مشكور الصنع ،قد حاز فضيلتي الإبتداء والإكتفاء فلا يرى ثقيلا في نائبة ، ولا يقعد عن نهضة في معونة ،فهذا أشرف الإخوان نفسا وأكرمهم طبعا.
وما هذا إلا القليل ، أيها الظبي الجميل ،
ولكن للأسف ، ذهب الظبي وانصرف ،وبخطر الثعبان لم يعترف ، بل تعدى وانحرف ، ولم يكتم النصح فخالف واختلف ، وراح للثعبان واعترف ،فاستشاط الثعبان غيضا وتأفف، وكشح الغدر وهون وخفف ،وقال للظبي ألا لو جربت غيري لوجدتني أنا هو الصديق ، أسليك عند الحزن ، وأخفف عنك عند المحن ،وإن هذا السلطان لي حاسد ،وعلي حاقد ،
بعدها مر الثعبان بالسلطان فهمز ولمز ، وتبختر وغمز ، وقال :عِمْت صباحا أيها الملك الهمام، يا صحب الحظوة والمقام ، إني ذاهب بالضبي إلى واد الحمام ، لنتمتعا بأعذب الأنغام ،ونسقا كأس المدام ، فقال الملك في قرارات نفسه، فلتذهب إلى جهنم ، سيفضحك الله ومنك ينتقم ، ثم اقتفى أثرهما وتتبعا خطوهما ،وبقي يراقبهما ، وهما يتلذذان بالنبيذ ، ومن الطعام كل لذيذ ، فلما ثملا وتمكنت الصهباء منهما ، قام الثعبان فقال : أما والله أيها الظبيْ ، إنك لغِرٌّ غبيْ ،إن السلطان كان لك صادقا ،وإني بصحبتك منافقا ، وإني تمكنت منك بمعزل ، وإنه لأفضل منزل ،وإني لآكلك لا مناص ،وليس لك مني خلاص ، تحينت الفرص الكثير ،ولمثل هذا بذلت الجهد الوفير ، فالثعبان ثعبان وإن كان مؤنسا ، والظبي ظبيٌ وإن كان شرسا ، ثم انقضَّ عليه فقوَّضه ،ثم أرسله ،والظبي بين الدهشة الثمالة ، سلم أمره واعترف بخطئه ،ثم قوضه أخرى وأرسله ، ثم بدأ في ابتلاعه ،ومن حسن حظه لحق به السلطان ، فلما رآه الثعبان تقيأه ، وكان قد ابتلع منه جزءا يسيرا فتركه ، وفرَّ وهرب ، وإن السلطان قد دنى من الظبي واقترب ،ومدَّ يده وقبل إن يكلمه ، صاحت الديكة فاستيقظ شهريار ، وإذا بشهرزاد قربه ، فقالت : أيها الملك ، كنت أسمعك تتأوه ،فقال اسقيني ماء ، إني رأيت حلما لعلك تعبريه ، وفي القصص ترويه ، وقص لها ما رأى في المنام ، فقالت والله ما هذا بأضغاث أحلام ، فلعل لك صاحب ،تنقذه من مخادع كاذب ، قال لها حان وقت المجلس ،فاعبري لي رؤياي لعلي أسعد وآنس ، فاستأذنت فقامت ، وانصرف إلى مجلسه ، وإلى أن تعبر له الرؤيا ،أستودعكم الله العظيم ، وأستغفره من كل ذنب . ..كتبه غريب الديار الليلي بالمدينة الحمراء24/11/2014
بعدما نام شهريار، سكت شهرزاد عن الكلام المباح ، لتنام وترتاح ، قبل أن يدركها الصباح ، فرأى شهريار في المنام ، أمرا لم تعهده الأنام ،رأى ظبيا يصاحب ثعبان ، يرافقه بين الآن والآن ، ما يدعو للريبة والبهتان ،فخشي على الظبي شر الثعبان ، فقرّر أن يقوم له ناصحا ، ولخطر الثعبان فاضحا، فقال: أيها الظبي الجميل، لم يسبقك لمثل هذا مثيل ، ما توددك الثعبان إلا ليأكلك ، وعلى حين غرة يأخذك ، فقال الظبي : أيها الملك العظيم ، هذا صديق حميم ،أمضي معه معظم الوقت ، ولا يحمل الغل ولا المقت ،آمن جانبه، وأعلم قلبه وقالبه ، وجهره وغائبه ، فلست بالخـِّب الخديع ، ولا بالحمل الوديع ،
فقال الملك :أيها الظبي ، دعك من العناد ، واستسغ النصح والرشاد ، إن لي في القصر امرأة يقال لها شهرزاد ، لها من القصص ما يبلغنا المراد، فيها الحِكم والمفاد ، عن مواصفات الصديق الصادق ، والعدو المنافق ، فهيا بنا إلى المراد نسابق ، فذهبا وإذا شهرزاد في حديقة القصر، تتلألأ كأنها البدر ، فقال لها شهريار الخبر ، فأوجز وأجاز واختصر، فقالت هذا صاحب خطير، يتوجب الحذر والتحذير ،
وإني لأخشى عليك أيها الظبي الوديع ، بحسن ظنك هذا أن تضيع ، فتبسم الظبي وضحك. قالت أيها الظبي الطيب ، هل لي أن أقص عليك ممن تحنك بالتجارب ، فذكروا الصفات والمناقب ،عن الصديق والصاحب ، والمخادع الكاذب ، فقال إني إليك أصغي ، وهذا ما كنا نبغي ،
فقالت :يقول الإمام الغزالي ،(في كتابه بداية الهداية ) وجوب التحقق من استيفاء الصديق شروط الصداقة وهي : العقل ، وحسن الخلق ،والصلاح والكرم والصدق ، ويقول أيضا من حقوق الصحبة الواجبة مع الأصدقاء ، الإيثار بالمال، والمبادرة بالإعانة، وكتمان السر ، وستر العيوب ، والسكوت عن تبليغه مذمة الناس ،وإبلاغه ما يسر من ثناء الناس عليه بما يعرف من محاسنه ،وشكره على صنيعه في وجهه ،والدفاع عنه في غيبته،ونصحه باللطف ، والعفو عن زلته ، وإحسان الوفاء مع أهله ،والتخفيف عنه في المكاره ، وإظهار السرور لرؤيته ،والسلام عليه عند لقائه.
وقال السهروردي :(في كتابه آداب المريدين ) أن من بين شروط الصحبة ، الموافقة في الإعتقاد وفي الدين، والتأني في الإختيار ، وتجنب أصدقاء السوء ،إذ أن المرء على دين خليله ،ثم قال هناك ثلاثة أصناف من الناس ،فمنهم صنف كالغذاء لا نستغني عنه ، وصنف كالدواء نحتاج إليه أحيانا ،وصنف كالداء نفر منه كل حين ،فمن آداب الصحبة بين الناس حفظ الحرمات ،وحسن العشرة والنصيحة ،وملازمة الإيثار والمعاونة في الدنيا والدين ،والصبر على الإيذاء .
وآداب الصحبة تعتمد على قدر المصاحب ، فالصحبة مع المشايخ والكبراء تقوم على الإحترام والخدمة والتوقير ،
والصحبة مع الأقران بالبشر والإنبساط والموافقة وبذل المعروف والإحسان ،
ومع الأصاغر بالشفقة والإرشاد والتأديب والنصح بما ينفع .
ويقول أبو حيان التوحيدي :(في كتابه الصداقة والصديق ) أن من حق الصديق على صديقه القيام بأعبائه في غيابه ،وحفظه ومعاونته عند حضوره وملاطفته إذا جفا ، ومكافأته إذا وفق في عمل ، والحديث عنه الحديث الطيب مع الأصدقاء الآخرين ، ودفع الظلم عنه ، والإبتهاج لرؤيته ،والحفاظ على سره ، وعدم تصديق ما يقال عنه ، ومعاتبته إذا وقع خلاف معه بدلا من قطع الصلة به نهائيا. إن صحبة الأخيار تورث الخير ، وصحبة الأشرار تورث الشر ، فالمودة بين الصالحين بطيء انقطاعها سريع اتصالها كآنية الذهب بطيئة الإنكسار هينة الإعادة ، والمودة بين الأشرار سريع انقطاعها بعيد اتصالها كآنية الفخار التي يكسرها أدنى شيء ولا جبر لها .
هناك نمطين من الأصدقاء ، النمط الأول هوالصديق الذي يحسن الكلام ولا يحسن العمل نحو صديقه ، والنمط الثاني هو النمط الذي يحسن العمل وقد لا يحسن الكلام ، إني أدركت أقواما كان الرجل منهم لا يلقى أخاه شهرا أو شهرين ، فماذا لقيه لا يزده على كيف أنت وكيف الحال ؟ ولو سأله شطر ماله لأعطاه ، ثم أدركت أقواما لو كان أحدهم لا يلقى أخاه يوما سأله عن الدجاجة في البيت ،ولو سأله حبة من ماله لمنعه .
ويقول أبو حسن الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين ) أن الأصدقاء ينقسمون إلى أربعة أقسام :وفقا لطلب العون أو تقديمه .
فمنهم من يعين ويستعين ، ومن لا يعين ولا يستعين ، ومن يستعين ولا يعين ، ومن يعين ولا يستعين ،
فأما المعين والمستعين فهو معارض ،يؤدي ما عليه ويستوفي ما له ، فهو كالمقرض يسعف عند الحاجة ويسترد عند الإستغناء ، وهو مشكور في معونته ،ومعذور في استعانته ، فهذا أعدل الإخوان ،
وأما من لا يعين ولا يستعين ، فهو متروك ، قد منع خيره وقمع شره ،فهو لا صديق يرجى ولا عدو يخشى ،فلا هو مذموم لقمع شره ،ولا هو مشكور لمنع خيره ، وإن كان باللوم أجدر.
وأما من يستعين ولا يعين ،فهو لئيم كل ، ومهين مستذل ،قد قطع عنه الرغبة وبسط فيه الرهبة ،فلا خيره يرجى ولا شره يؤمن ، وليس له في الإخاء حظ .
وأما من يعين ولا يستعين ، فهو كريم الطبع ، مشكور الصنع ،قد حاز فضيلتي الإبتداء والإكتفاء فلا يرى ثقيلا في نائبة ، ولا يقعد عن نهضة في معونة ،فهذا أشرف الإخوان نفسا وأكرمهم طبعا.
وما هذا إلا القليل ، أيها الظبي الجميل ،
ولكن للأسف ، ذهب الظبي وانصرف ،وبخطر الثعبان لم يعترف ، بل تعدى وانحرف ، ولم يكتم النصح فخالف واختلف ، وراح للثعبان واعترف ،فاستشاط الثعبان غيضا وتأفف، وكشح الغدر وهون وخفف ،وقال للظبي ألا لو جربت غيري لوجدتني أنا هو الصديق ، أسليك عند الحزن ، وأخفف عنك عند المحن ،وإن هذا السلطان لي حاسد ،وعلي حاقد ،
بعدها مر الثعبان بالسلطان فهمز ولمز ، وتبختر وغمز ، وقال :عِمْت صباحا أيها الملك الهمام، يا صحب الحظوة والمقام ، إني ذاهب بالضبي إلى واد الحمام ، لنتمتعا بأعذب الأنغام ،ونسقا كأس المدام ، فقال الملك في قرارات نفسه، فلتذهب إلى جهنم ، سيفضحك الله ومنك ينتقم ، ثم اقتفى أثرهما وتتبعا خطوهما ،وبقي يراقبهما ، وهما يتلذذان بالنبيذ ، ومن الطعام كل لذيذ ، فلما ثملا وتمكنت الصهباء منهما ، قام الثعبان فقال : أما والله أيها الظبيْ ، إنك لغِرٌّ غبيْ ،إن السلطان كان لك صادقا ،وإني بصحبتك منافقا ، وإني تمكنت منك بمعزل ، وإنه لأفضل منزل ،وإني لآكلك لا مناص ،وليس لك مني خلاص ، تحينت الفرص الكثير ،ولمثل هذا بذلت الجهد الوفير ، فالثعبان ثعبان وإن كان مؤنسا ، والظبي ظبيٌ وإن كان شرسا ، ثم انقضَّ عليه فقوَّضه ،ثم أرسله ،والظبي بين الدهشة الثمالة ، سلم أمره واعترف بخطئه ،ثم قوضه أخرى وأرسله ، ثم بدأ في ابتلاعه ،ومن حسن حظه لحق به السلطان ، فلما رآه الثعبان تقيأه ، وكان قد ابتلع منه جزءا يسيرا فتركه ، وفرَّ وهرب ، وإن السلطان قد دنى من الظبي واقترب ،ومدَّ يده وقبل إن يكلمه ، صاحت الديكة فاستيقظ شهريار ، وإذا بشهرزاد قربه ، فقالت : أيها الملك ، كنت أسمعك تتأوه ،فقال اسقيني ماء ، إني رأيت حلما لعلك تعبريه ، وفي القصص ترويه ، وقص لها ما رأى في المنام ، فقالت والله ما هذا بأضغاث أحلام ، فلعل لك صاحب ،تنقذه من مخادع كاذب ، قال لها حان وقت المجلس ،فاعبري لي رؤياي لعلي أسعد وآنس ، فاستأذنت فقامت ، وانصرف إلى مجلسه ، وإلى أن تعبر له الرؤيا ،أستودعكم الله العظيم ، وأستغفره من كل ذنب . ..كتبه غريب الديار الليلي بالمدينة الحمراء24/11/2014
تعليق