[align=right]وحيد


هذا أنا
وجه مُصْفَرٌّ بكره الحماقات
مُحْمَرٌّ
من فرط العري الذي طال زمانه
بين الضلوع
هذا أنا
أحمل أمتعة المسافات
بين القلب والضلوع
أمتهن الخروج عن المألوف
انصب شباكا
لينال نصيبه ذاك المبحوح
بصدى الأنين.

وحيد ... هكذا عنون شاعرنا الجميل هري لقصيدته المكثفة
و كأنه يريد أن يقول لنا أن الصفات التي سترونها عليَّ بعد قليل هي لي أنا وحدي دون غيري
أتفرد بها و لذا فأنا فيها وحيد .

و هذا ما أكده لنا في أول مقطع جعله في سطر مستقل و كرره مرتين في قصيدته النثريه ( هذا أنا ).

هذا أنا
وجه مُصْفَرٌّ بكره الحماقات
مُحْمَرٌّ
من فرط العري الذي طال زمانه
بين الضلوع

هذا أنا ... إنسان عادي و لكني أختلف عن بقية البشر في أنني أكره الحمق و كراهيتي له عبثت
بوجهي فجعلته مصفراً ذابلاً . و الحمق كما هو معلوم في اللغة هو قلة العقل و نقصانه
أو فسادٌ فيه وكساد. وفي اصطلاح الأطباء هو نقصانٌ في الفكر في الأشياء العلميَّة
التي تتعلَّق بحسن التدبير في المنزل والمدينة وجودة المعاش ومخالطة الناس والمعاملة معهم.
فالشاعر هنا كره هذه التصرفات الحمقاء للبعض و الذين ربما تمادوا فيها فسبب ذلك له اضطرابا
و تغيرا في لون وجهه إلى الصفرة و الذبول .
و ليس هذا فقط بل إن هذا الوجه قد احمرَّ خجلاً مما يراه في زمان العري الذي يعيشه
و من منا لا يخجل فيحمر وجهه مما يراه من أفعال قبيحة تفرض نفسها عليه ليل نهار حتى كأنها ثوت
عند الشاعر بين أضلاعه و طال مكوثها .
فالشاعر في هذا المقطع يريد أن يقول لنا أنا أكره الحمق و العري و الخزي و العار و الصمت على كل قبيح
و لهذا فأنا أكون متفرداً في ذلك .
و هذه لعمري هي صفات كل مؤمن محب للخير و الفلاح .

هذا أنا
أحمل أمتعة المسافات
بين القلب والضلوع
أمتهن الخروج عن المألوف
انصب شباكا
لينال نصيبه ذاك المبحوح
بصدى الأنين.

و هنا يكرر الشاعر هذا أنا للمرة الثانية للتنبيه لما سيقوله
فاستخدم كلمة ( أمتهن ) .. هذه الكلمة التي تحمل معنيين في اللغة
1- امتهن مهنةً: اتَّخذها عملاً يؤدِّيه عن رغبة صادقة
2.- امتهن الشيءَ: احتقره، كأن نقول إنه يمتهن الجبناء أي يحتقرهم
و استخدام الشاعر لهذا الفعل ( امتهن ) فيه ذكاء كبير ليفهمه كل قارئ حسبما يتراءى له
فالمعنى الظاهر أن الشاعر يحتقر الخروج عن المألوف الشاذ بين الناس
و المعنى الباطن أن الشاعر و كأنه يعتبر كراهيته للحمق و العري خروجاً عن المألوف أو فعلا شاذاً
عند البعض و رغم هذا فهو يتخذه مهنة عن رغبة صادقة في التغيير .
و لهذا فالشاعر أمام أحد أمرين :
إما أن يحمل أمتعته تاركا هذا العالم الذي لم يستطع تغيير الحمق و العري فيه
و إما أن ينصب شباكاً لصوته المبحوح من الأنين و البكاء على ما حاول .

هذه قراءتي للنص على قدر ما فهمته و أتمنى أن أكون قريباً من الفكرة التي أرادها شاعرنا
الجميل هري عبد الرحيم .

مع خالص تحياتي و حبي

د. جمال[/align]

أمتهن الخروج عن المألوف
انصب شباكا
لينال نصيبه ذاك المبحوح
بصدى الأنين.

الله الله الله


لقاء نجمين سامقين فى السماء

شاعر جميل هرى عبدالرحيم
وناقد اكثر من رائع د. جمال مرسى

استمتعت بالنص والنقد الجميل

كم انت رائع فى القصائد النثرية شاعرنا الجميل

فى انتظار المزيد

محبتى وتقديرى

بوح جميل جدا اخي هري عبدالرحيم

[align=center]تكثيف للحزن
واختزال للضياع
وبين هذا وذاك تبدع هري
دمت مبدعا[/align]

[align=center]أخي الفاضل / هري عبد الرحيم
دام هذا البوح عذبا
ودامت كلماتك راقية

وفقك الله[/align]

هذا أنا
أحمل أمتعة المسافات
بين القلب والضلوع
أمتهن الخروج عن المألوف
انصب شباكا
لينال نصيبه ذاك المبحوح
بصدى الأنين.

تكملة ومحاولة لشرح المعاني:

"هذا أنا" تفرد وذاتية وخصوصية
"أحمل أمتعة المسافات بين القلب والضلوع" عندما نحمل الأمتعة فنحن نجمعها ونضمها بالحقيبة، والجمع هنا كان للمسافات بين القلب والضلوع وجمعهما لا يتأتى إلا في لحظة الخشوع والخضوع لجل الأمور بين يدي الله تعال.

"أمتهن الخروج عن المألوف" كما ذكر شاعرنا البديع د. جمال مرسي وهو إما إمتهان عمل عن طيب خاطر أو إمتهان نبذ ما هو خارج عن المألوف.

"انصب شباكا" نصب الشباك يكون هنا لأمرين إما لصيد فريسة شاردة وضالة تظن بنفسها التفرد والتوحد، فتظل حبيسة الشباك حتى يحين ميعاد إطلاقها أو قتلها وحيدة، وهنا قد يقصد الكاتب حبس النفس والذات في تلك الشباك حتى يحين أجلها؛ أو أنه ينصب تلك الشباك لتجميع كل المتشابهين وذلك بصيدهم في شباك تخص أنواعهم فينول بذلك نصيبه من الصحبة ذاك المبحوح بصدى الأنين والدموع... صحبة كل من ظنوا يوما أنهم مثله منفردين عن عالمهم يعيشون وحدتهم مع طبعهم الرافض للخضوع والذل وذاك العري في زمان بات كل ما فيه مستباح.... فينعم أخيراً بالصحبة والتجمع لتبدء المسيرة بصدق ووفاء للدين والمبدأ.

تقبل خالص تقديري أخي هري
إنها محاولة متواضعة للغوص في أغوار النص متتبعين هدي شاعرنا المبدع ومعلمنا د. جمال مرسي

الأستاذ د.جمال مرسي:
لقد أثلجت صدري بتحليلك للنص المتواضع الذي وضعته هنا، أسعدتني مداخلتك القيمة التي سأضعها وساما أتقلد به فهو الشهادة التي افتخر بها،وأعتز أيما اعتزاز.
تحليلك اضفى على النص لمسات زخرفتْ بناءه فشكرا لك أخا ومبدعا .

المميز جدا هري وحيد
هذا انت تختزل مساحات من الالم
في بضع سطور
وهذا لعمري قمة الابداع
واني وجدته هنا
تحيتي وتقديري اخي الفاضل
رشيدة فقري

عمرو:
كم يسعدني تواجدك جوار حروفي، فخر لنا جميعا هذا التواجد،فقراءتك لها خصوصية ،وهي تسعدمي كثيرا.
تحيتي لك

تواجدك هنا شرف لنا،فكلماتك لها وقع في القلب.
تحيتي لك حسنية.

شكرا لكلماتك صابرين التي تزيدني إصرارا.
تحيتي لك.

الأخت وفاء كحيل:
رقي الكلمات يستمد لونه من إطلالتكم هنا،والبوح أجمله الذي يتناثر بين الإخوة في هذا الصرح المتميز بأناسه.
تحيتي لك وتقديري.

الأخت المبدعة عبلة محمد زقزوق:
غوصك في ثنايا النص المتواضع منحه نكهة أخرى خصوصا تلك التفاصيل التي جاءت في تحليلك.
شكرا لك على المداخلة التي سأسجلها في دفتر مذكراتي معتزا بها،ودمتِ متألقة الحرف كما عهدناك.
تحية سامية سمو نفسك الطيبة.

الأخت رشيدة فقري:
قراءتك لنص متواضع يُغريني بالمزيد .
أعتز بتواجدك هنا وخصوصا حين وجدتِ متعة القراءة.
تحية لك ترقى دوما كي تلامس النجوم.