عجائب الدنيا ينقصها واحدة ((الحنايا))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حاتم سعيد
    رئيس ملتقى فرعي
    • 02-10-2013
    • 1180

    عجائب الدنيا ينقصها واحدة ((الحنايا))

    عجائب الدنيا ينقصها واحدة



    Seven Wonders of the World
    سبعة أعمال هندسية أو فنية اعتبرها القدماء بالغة الروعة لضخامتها أو جلالها أو جمالها.
    وهي «أ» أهرام الجيزة الثلاثة في مصر
    منارة الإسكندرية
    الجنائن المعلّقة في بابل.
    هيكل آرتميس
    تمثال زيوس
    «الموسوليوم»»
    كولوسوس رودس
    وتُعتبر أهرام الجيزة الثلاثة أقدم هذه العجائب و «الأعجوبة» الوحيدة التي عُمّرت، من دونها جميعاً، حتى اليوم.
    وغير ذلك كثير .....
    كل هذه العجائب اختارها الناس والعلماء والخبراء كتراث إنساني يجب المحافظة عليه ولكنهم غفلوا كما يبدو على عجيبة أخرى لا تقل أهميّة من حيث الخصائص والابداع ولا تزال موجودة في تونس اليوم رغم أن تاريخ إنشائها الحقيقي غير معروف.
    إذا أحصينا عدد الأحجار التي بنيت بها هذه العجيبة الأثرية فإنها لامحالة تتجاوز عدد أحجار الأهرامات المصنفة عجيبة من عجائب الدنيا ، و هذا ما يؤكده أهل الآثار و ما يمكن أن تشاهده العين المجرّدة و هي تتأمله صامدا في وجه الزمن منذ قرون .
    تمتد هذه العجيبة من زغوان إلى قرطاج و أوتيك عبر عشرات الكيلومترات وتعرف باسم "الحنايا الرومانيّة"


    يبلغ طول سلسلة الحنايا من زغوان إلى قرطاج حوالي 132 كلم ومنبعها عين زغوان وعين جقار وهما موجودتان ضمن سلسلة جبال الأطلس التي تمتدّ من المغرب الأقصى مرورا بالجزائر ووصولا إلى تونس.

    يصل ارتفاع (الحنايا الرّومانية)- كما يسمّيها الكثيرون- إلى 50 م عن سطح الأرض في مستوى وادي مليان وتتميّز هندستها بانحدار مدروس من طرف بدايتها إلى نهايتها وذلك بدرجة ميلان تقدّر بصفر فاصل تسع وعشرين درجة (0,29 °) حتّى يتدفق الماء بهدوء وسلاسة دون أن يبلغ درجة السّيل العنيف .


    تاريخ بنائها مجهول إلى حد اليوم ونسبتها للرومان ليس حقيقيا فقد استغلها القرطاجيون قبلهم بعديد السنين كما استعملها الحكام المسلمون فيما بعد وحاولوا استصلاحها فلم يتمكنوا من ذلك إلا في جزء يسير.

    فكرة جلب الماء من هذه المسافة البعيدة وبهذه الطريقة العجيبة من الجنس البشري القديم بحسابات مدروسة وبدقة متناهية لا يمكن أن يكون شيئا عاديا حتى بالنسبة للإنسان المعاصر، أما الوقت الذي استغرقه البناء والمواد المستعملة في هذا الانجاز فيشكلان لغزا كبيرا يصعب حلّه إلا بالاعتماد على خوارق الأمور، نحن أمام عظمة عقول بشرية تتجاوز تشكيل بناء من الصخور الكبيرة كتلك التي يطلق عليها أهرامات أو تماثيل أو منارات.

    هذه الحنايا هي من دون شك شاهد معماريّ على عبقريّة الإنسان منذ الأزل وعلامة فارقة في الهندسة المعماريّة وتدخل تحت عنوان "المستحيل ليس انسانيا".

    يقول ابن أبي دينار في مؤنسه عن قرطاجة وهذا المعلم الأثري:"
    و يشهد لقدمها ما روته الثقاة عن عبد الرحمان بن زياد بن أنعم قال "كنت و انا غلام مع عمّي بقطاجنة نتمشى في آثارها و نعتبر بعجائبها فاذا بقبر مكتوب بالحميرية – أنا عبد الله بن الاواسي رسول رسول الله صالح ، وفي رواية بعضهم – شعيب بعثني الى اهل هذه القرية ادعوهم الى الله تعالى أتيتهم ضحى فقتلوني ظلما حسيبهم الله ، و ذكر بعض المؤرخين أن موسى بن نصير لما فتح الأندلسية ذكر له بها شيخ كبير فدعا به فإذا الشيخ وقعت حاجباه على عينيه فقال له أخبرني كم أتى عليك من السنين – قال خمسمائة عام – فسأله عن أشياء فأجابه إلى أن قال له – أين بلدك –قال- قرطاجنة –قال له –كم عمرت بها – قال- ثلثمائة عام و بهذه البلاد مائتي عام –فسأله عن خبر بناء قرطاجنة –فقال – بقية من قوم عاد الذين أهلكهم الله بالريح العقيم فعمّروها ما شاء الله ثم خربت و بقيت ألف سنة خرابا حتى أتى النمرود بن لاوذ بن النمرود الجبار فبناها على البناء الأول ثم احتاج الى الماء العذب فبعث الى ابيه و كان أبوه بالشام و العراق و عمّه على السند و الهند فأرسل اليه أبوه المهندسين و الفعلة فهندسوا له الماء حتى أوصلوه الى المدينة و مكثوا يرتادون الماء اربعين سنة ، و لما حفروا أساسه وجدوا حجرا مكتوبا عليه بالخط الاول سبب خراب هذه المدينة إذا ظهر فيها الملح فبينما نحن ذات يوم عند غدير بدار الصناعة بقرطاجنة اذ نحن بالملح منعقد على الحجر فعند ذلك رحلت إلى هنا و من كان على مثل رأيي في ذلك ، و سأله عن عمر الملك فقال – عمّر سبعمائة عام و الله أعلم -.
    وهذه الحناية من اعجوبة الدنيا و اذا افتخر المصريون بالاهرام نفتخر اهل افريقية بهذه الحناية على مصر لان اصل الماء منبعث من عين جنقار و اليوم اسمها الحميدية و هي وراء زغوان بمسافة بعيدة و جلبوا ماء زغوان معها و كلما وجدوا في طريقهم ماء جلبوه من اليمين و الشمال عدة فراسخ و كانت من أولها الى آخرها محفوفة بالبساتين و المياه جارية بينها .
    و في تواريخ النصارى أن طول مسافة الحناية من منبعثها إلى المدينة ستون ميلا على الاستقامة و بتعريجها وعطفاتها ثلاثمائة ميل و نيف و ثلاثون ميلا و أنها كملت في ثلاثمائة سنة و أربع سنين ، قلت لا يستغرب طول هذه المدة لأن هذا البناء من اغرب الأبنية و إذا كان طولها ثلاثمائة ميل و نيف و ثلاثين ميلا فلا يبعد أن يكون البناء في كل سنة ميلا مع هذا الإتقان الذي بها و طول أعمار القوم و من شاهدها حكم بعقله بصحة ذلك.

    وعند النصارى كان بقرطاجة ثلاثة اسوار دائرة بها البحر يضرب في سورها و هي من اعجب بلاد الله و كان تكسيرها اربعة عشر الف ذراع و هي من اعظم بلاد افريقية ، و قال البكري لو دخلها الداخل عمره لرأى كل يوم اعجوبة و بها قصر يعرف بالمعلقة مفرط في العلو فيه طبقات كثيرة مطل على البحر ، قلت لم يبق مما ذكر إلا هذا الاسم و بقيت خرائب بها يسمونها المعلقة إلى الآن ، قال و بها قصر يسمّى الطياطر فيه دار الملعب و قصر يقال له ترمس فيه سوارى من رخام مفرطة في الطول يتربع على رأس السارية عشرة رجال و بينهم سفرة و سبعة مواجيل تعرف بمواجيل الشيطان فيها ماء لا يدرى من أين دخلها ، قلت المواجيل موجودة ليومنا هذا ، قال و داخل المدينة مينة تدخلها السفن بشرعها و هي اليوم ملاحة عليها قصر و رباط يعرف ببرج أبي سليمان ، قلت الملاحة التي ذكرها و برج أبي سليمان هي الآن البلد التي عمرها الأندلس و برج أبي سليمان بها معروف و ملاحة أخرى قريبة من أوهام المرسى و الله اعلم أيهما كانت .
    قال و بها قصران من رخام يعرفان بالأختين فيهما ماء مجلوب من قبل الجوف لا يعرف من أين منبعثه ،قلت هو و الله اعلم الماء الذي عليه آبار سكرة مجلوب من الجوف من تحت الجبل الذي خلف جعفر و فيه أيضا ماء مجلوب من الجوف تحت الملاحة التي بها لأنهم وجدوا ارض سكرة كثيرة المياه و الغالب عليها الرمل فحصروا الماء بتحكيم البناء العظيم و جعلوه متصلا بعضه ببعض و أداروا البناء كالحلقة لجمع الماء فيها و انحصاره و لها منفذ إلى نحو قرطاجنة ، و اخبرني بعض ممن اطلع عليها انه رأى المنفذ الجاري و رأي بعض بنيانها من ناحية الجوف و الذي من ناحية قمرت من تحت الملاحة ، و يقول من لا خبرة له إن هذا الماء بقصد بساتين سكرة و هذا شيء لا يفي بعضه ثمن سكرة أضعاف مرات و إنما هذا من عمل الملوك لأمر مهم ، و كذلك الحناية لما احيي بعضها المولى المنتصر الحفصي و جلب الماء عليها إلى بساتينه بأبي فهر و يعبر عنه اليوم بالبطوم عجز عن بنائها بالحجر و جعل اقواسها طابية و هي أقواس يسيرة و جلب الماء الى البركة التي هنالك و هي باقية إلى الآن هذا مع ضخامة ملكه و علو سلطنته و ارتفاع صيته لم يستطع إصلاح بعض ما فسد منها و لا قدر على ردها كما كانت أول مرة ، و بقية الحناية و آثارها باقية إلى يومنا و هي تدل على أمر عجيب ، و أما آثار المدينة فلم يبق منها إلا بقية خراب يعبر عنها بالمعلقة فيها أماكن كان يستقر بها الماء ، و آثار المدينة يراها من يركب البحر بين القبلة و المشرق ، و لا شك أن البحر الذي في حلق الوادي اليوم لم يكن قبل هذا الوقت و إنما حدث بعدما خربت قرطاجنة ، و إذا كانت المعلقة قصرا من قصورها و برج أبي سليمان متصل بها و محسوب منها بل كما قالوا انه من البناء الذي في وسطها تكون مسافتها أزيد من اثني عشر ميلا و الله أعلم ...(ا ه).
    ولنا في قادم الأيام عودة ان شاء الله تعالى
    مع تحيات حاتم سعيد

    من أقوال الامام علي عليه السلام

    (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
    حملت طيباً)

    محمد نجيب بلحاج حسين
    أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
    نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

  • المختار محمد الدرعي
    مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
    • 15-04-2011
    • 4257

    #2
    أشكركم جدا أستاذنا الغالي حاتم سعيد على هذا الموضوع الرائع و الشيق فعلا تعتبر الحنايا من أروع المعالم الأثرية في تونس و العالم فهي إلى جانب كونها معلما أثريا رائعا فهي جدا طريفة من حيث الفكرة و البناء
    تصور إنسان في ذلك العصر تعوزه أبسط الإمكانيات يتوصل لبناء ذلك الجسر العملاق لينقل عبره المياه العذبة من جبال زغوان إلى قلب قرطاج 132 كلومتر .....
    شكرا لما تجود به علينا دائما من مادة ثقافية تنعش الروح
    تقديري و إحترامي الكبير
    [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
    الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



    تعليق

    • حاتم سعيد
      رئيس ملتقى فرعي
      • 02-10-2013
      • 1180

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة المختار محمد الدرعي مشاهدة المشاركة
      أشكركم جدا أستاذنا الغالي حاتم سعيد على هذا الموضوع الرائع و الشيق فعلا تعتبر الحنايا من أروع المعالم الأثرية في تونس و العالم فهي إلى جانب كونها معلما أثريا رائعا فهي جدا طريفة من حيث الفكرة و البناء
      تصور إنسان في ذلك العصر تعوزه أبسط الإمكانيات يتوصل لبناء ذلك الجسر العملاق لينقل عبره المياه العذبة من جبال زغوان إلى قلب قرطاج 132 كلومتر .....
      شكرا لما تجود به علينا دائما من مادة ثقافية تنعش الروح
      تقديري و إحترامي الكبير
      أستاذي العزيز مختار
      صحيح أن تونس بلد صغير في حجمه وعدد سكانه ولكنه ملىء بالكنوز الفكرية والأدبية وقد قال أيضا أحد العارفين أن كل تونسي في داخله ابداع وهذه القولة لا يمكن أن تكون من فراغ .
      الحنايا لغز محيّر وتجاهلها من قبل المتحدثين عن العجائب لا يزيدها الا قيمة وربما لم يحن الوقت لذلك .
      القيروان مثلا هي بناء قديم وفيها عجيبة أخرى من عجائب الدنيا وأقصد تلك الفسقيات والمواجل لم يبنها عقبة ولا من زامنه ولا الرومان ولا القرطاجيون - هذا هو تاريخ تونس- أساطير - والحقيقة لا يعلمها الا الله.
      تحياتي وأكثر وشكرا على المتابعة

      من أقوال الامام علي عليه السلام

      (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
      حملت طيباً)

      محمد نجيب بلحاج حسين
      أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
      نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

      تعليق

      • منيره الفهري
        مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
        • 21-12-2010
        • 9870

        #4
        ما شاء الله
        أعجبني الموضوع جدااا
        أنت أروع سفير يمكن أن يكون لتونس التاريخ و الحضارة
        شكرااا لهذا الطرح و شكرااا لجهودك الرائعة
        أستاذي و أخي الباحث
        حاتم سعيد ابو هادي
        تقديري

        تعليق

        يعمل...
        X