ضريبـــــة الغربـــــــــة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د .أشرف محمد كمال
    قاص و شاعر
    • 03-01-2010
    • 1452

    ضريبـــــة الغربـــــــــة

    ضريبـة الغربـــة
    الغربة ..وطن من لا وطن له..في الغربة أنت مواطن من الدرجة الثالثة - يعني مواطن ترسو -أو بالأصح لست مواطناً البتة؛ فالمواطن هو الذي يتمتع بحقوق و عليه واجبات ..أما أن يكون عليك فقط واجبات وليس لك أدنى حقوق فهو نوع من العبودية؛ لكن في شكلها الجديد ..و ليس أدل على ما أقول من مسمى الكفيل..فهو عقد نخاسه في ثوبه الجديد..!!
    بالرغم من ذلك تجد هذا المغترب محسوداً على ماهو فيه , مطمح و مطمع لكل ذويه وأقرانه من بني وطنه اليائس فيُعتبر صيداً سهلاً وشهياً لكل من يلقاه بالأحضان وفي يده الأخرى سكيناً ليقتطع بها قطعه من لحمه ..ويحصل على جزء من ثروة الخليج الطائلة و ينال غرفة من بتروله..وتلك النقود والتلال المتلتلة التي يجدها هناك ملقاة بجوار الحائط.
    ..أقاربه يثمنون غربته بمقدار هداياه التى يحملها معه لدى عودته في إجازته السنوية ,أصدقاؤه ينتظرون أن يغدق عليهم من أمواله ويغرقهم بعزوماته وخروجاته , يحلمون أن يركبو معه سيارته الخليجية ذات الدفع الرباعي التي قدم بها ترانزيت ,التي يزفّ بها كل أبناء قريته في أعراسهم , ومأتم زويهم, ويتفشخروا ويتفنجروا بها على سائر خلق الله.
    ..ياويله ويا سواد ليله.. لو فكر ذات مرة أن ينزل خالي الوفاض..فلربما لم يلقه أحدٌ من أهله أو أصدقاؤه الأوفياء في المطار..أو يجد أحداً مستيقظاً عند وصوله..بل وربما لن يلق أحداً منهم طوال فترة اقامته.
    ناهيك عما قد يتعرض له من النصب ..والاستغلال ممن يلقاهم من موظفين أو سماسره و تجار وأصحاب المشاريع الوهمية؛ الذين يرونه صيداً ثميناً ينهشونه ,و كبش فداء يروي جشعهم ونهمهم .
    ..ذات يوم عندما خرج صديقنا من أحد البنوك..وهو يحمل حقيبة يده متوجها لادارة التجنيد ليستخرج تصريح سفر..استوقف سيارة أجرة(تاكسي)..وبعد أن ركب ببضع دقائق وفي أحد الشوارع النائية ..وجد السائق يوقف التاكسي وينغزه بمطواة في خاصرته قائلاً بصوت أجش:
    - بالراحه كده ومن سكات ..طلع كل اللي معاك..وإلا هشق بطنك نصين..ومش هيطلع عليك نهار ..ولا حد هيعرف لك طريق جره..
    نظر له صاحبنا في ذهول ..ثم لم يستطع أن يتمالك نفسه , وانفجر فجأة في الضحك ,فبهت سائق التاكسي ثم استشاط غضباً وشدد قبضته على المطواه ,و وكزه في جنبه حتى شعر بالوخزة ,وتوقف عن الضحك من الألم .فبادره الأخير قائلاً في حنق:
    -إنت بتضحك ليه يا فندي..إنت مستقل بيا ..ولا ايه..؟!
    أجابه مفسراً:
    -لا أبداً..والله بس أصل أنا ممعاييش إلا 100 جنيه بس..لو عاوزهم خدهم..!!
    قاطعه الرجل قائلاً:
    -إنت هتستعبط من أولها..!! إنت لسه خارج قدامي من البنك حالاً.. ..أمال الشنطه اللي معاك دي فيها إيه..؟!
    انخرط ثانية في الضحك ,و قهقه قائلاً:
    - الشنطه دي مافيهاش حاجه تنفعك..!!
    لم يمهله حتى يكمل حديثه ,واختطف الحقيبة منه في عنف. ثم أخذ يقلب محتوياتها ,والقي مابها بين قدميه .فلم يجد سوى سلسلة مفاتيح ,وجواز سفر ,وشهادة جيش ,وقلم ,وبضع أوراق ,وتذكرة طائره ,وسماعة محمول.فأخذ يقلب في جواز السفر وسأله متعجباً:
    -طب ما أنت في الخليج أهوه ..ومسافر تاني ..ولسه طالع من البنك.. أمال فين فلوسك..؟!
    ثم استدرك قائلاً:
    -طب طلع الموبيل بتاعك ..ياخفيف..ووريني كل اللي في جيوبك..؟!
    فأنفجر للمرة الثالثة ضاحكاً حتى دمعت عيناه ..ثم أخرج من جيبه تليفون حقير ..غير واضحة معالمه..وغائبة بعض أزراره..وقال له وهو يمسح دموعه بيديه:
    -..اتفضله أهوه..ينوبك ثواب..أهو ريحتني منه..!!
    نظر الرجل باشمئزاز للمحمول و أغلق المطواه و قد جن جنونه فأخد يسب جميع المخلوقات والجمادات والشجر ثم قال بأسى:
    -يعني لا الحلال نافع ولا الحرام نافع ..دا نحس إيه دا يا ربي..؟!
    ثم نظر إليه مغتاظاً بينما كان لا يزال مستغرقاً في الضحك وقال:
    - إنزل ياله..أنا مش عاوز أشوف وشك تاني..ومش عاوز منك فلوس التوصيله كمان..
    التعديل الأخير تم بواسطة د .أشرف محمد كمال; الساعة 10-01-2015, 17:40.
    إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
    فتفضل(ي) هنا


    ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    #2
    جرعة حزن ساخرة هدية أخي دكتور أشرف بعد غيبة طويلة
    ياما في الحبس مظاليم يا دكتورنا
    وهذا السائق البلطجي طلع نقبه على شونة
    المغترب يذوق الأمرين إلى أن يعود لبلده وهو يقول في سرّه
    ــ آكلها بالدقة ومَتغَرَّبش تاني .
    تحياتي ومرحبا بعودتك لنا
    فوزي بيترو

    تعليق

    • منار يوسف
      مستشار الساخر
      همس الأمواج
      • 03-12-2010
      • 4240

      #3
      نص ساخر واقعي و موجع
      هذا هو الأدب الساخر ليس فقط ما ينتزع البسمة بل أيضا ما يبعث على الألم
      أبدعت فيه دكتور أشرف فكرة و صياغة و أسلوب سلس و مشوق
      أنها ضريبة الغربة و الثمن الفادح الذي يدفعه المغترب

      تحياتي

      تعليق

      • فكري النقاد
        أديب وكاتب
        • 03-04-2013
        • 1875

        #4
        أين أنت أخي الدكتور
        أظنك في غربة ... فقد أصبحنا نعيش غربة في غربة .. هنا أو هناك ...
        أحيانا أحسني في غربة مع نفسي ...إنه زمن الغرباء ....
        والقبض على الجمر ...
        فطوبى للغرباء ...

        ومسكين من اغترب وحُسد ...
        ورب حرف يجر كلمة ...

        دمت وقلمك المؤلم الساخر
        ولا تتأخر فأنا أسعد (وأظن غيري كذلك) بإطلالتك ...
        تحياتي واحتراماتي
        " لا يبوح الورد باحتياجه للماء ...
        إما أن يسقى ،
        أو يموت بهدوء "

        تعليق

        • ريما منير عبد الله
          رشــفـة عـطـر
          مدير عام
          • 07-01-2010
          • 2680

          #5
          لربما تكلمت عن جانب صحيح من جوانب الغربة لعدد من الناس ليس بقليل فالمغترب يدفع ثمن غربته حتى وإن نتج عنها راحة مادية يدفع ثمنها معنويا أكثر بكثير
          سأفصل لاحقا بعد عودتي من عملي
          أسعدني دكتور أنك هنا

          تعليق

          • ريما منير عبد الله
            رشــفـة عـطـر
            مدير عام
            • 07-01-2010
            • 2680

            #6
            عدنا
            لم يبقى للمغترب شيء يفقده لإنه لم يعد يملك ما يفقد
            فالحياة المادية ليست عنوانا للسعادة عندما تصبح على هامش حياة أقرب الناس
            كيف لا وعندما تحل بينهم تجد أنك عدد زائد عن حاجتهم
            تجد مواليد جدد وأطفالا أصبحوا شبابا وشبابا قد أصابتهم كهولة النسيان فصرت في حياتهم عابر سبيل يستجدي الكلمة الطيبة التي تخرج مجاملة فكما قيل بعيد عن العين بعيد عن القلب
            قد يسعفك الحظ وتحمل في جيبك ما تعتبره ثروة لتجدهم قد أسسوا بيوتهم أفضل مما فعلت ولم يعد يملي عينهم ما تقدمه لإنه دون طموحهم
            تعايشوا مع وضعهم وأنت الذي عشت غربة وعدت لبلدك لتمارس الغربة ربما استهاجانا بما جد عليهم من جديد العادات والأقوال ولربما لإنك عشت في مجتمع مختلف انخرطت في بوتقته حتى نسيت من أنت
            فلا أنت منهم ولا منهم
            جد إذا لنفسك هوية
            قد تكون هوية مغترب أضاع انتماءه
            وقد تكون هوية بلا هوية
            وعاشت الغربة وطنا نحسد عليه
            وشعورا يفقدنا بوصلة أنانا
            دكتور
            (قد هيجت أشجاني فذكرتني أهلي وأوطاني بالله قل عني لجيراني ما زال يرعى حرمة العهد )

            تعليق

            • د .أشرف محمد كمال
              قاص و شاعر
              • 03-01-2010
              • 1452

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
              جرعة حزن ساخرة هدية أخي دكتور أشرف بعد غيبة طويلة
              ياما في الحبس مظاليم يا دكتورنا
              وهذا السائق البلطجي طلع نقبه على شونة
              المغترب يذوق الأمرين إلى أن يعود لبلده وهو يقول في سرّه
              ــ آكلها بالدقة ومَتغَرَّبش تاني .
              تحياتي ومرحبا بعودتك لنا
              فوزي بيترو
              أخي فوزي على رأي المثل يموت الزمار وصباعه بيلعب
              برغم انني قررت الاعتزال..وابتعدت عن جو المنتديات والمشاحنات..والكلام الذي لا طائل منه في السياسة
              الا انه ما بين الفينه والفينه اجدني قد طفح بي الكيل..وخرجت احدي تلك الارهاصات الساخره رغما عني..فاكتبها على عجل واستحياء كي ازيل عبأها عن كاهلي..ولا أعود ثانية اليها..وأجدني أحن إلي رفقاء عايشتهم سنينا..لكنهم لم يعرفوني..وفي لحظات تشعبت بنا طرق الاختلاف..فصرنا فرقاء..وكعادتي عندما لا اريد ان أخسر احدا له في قلبي معزه خاصه اؤثر الابتعاد ونحن احباب عن ان اخسره بمزيد من الخلاف
              إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
              فتفضل(ي) هنا


              ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

              تعليق

              • د .أشرف محمد كمال
                قاص و شاعر
                • 03-01-2010
                • 1452

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة منار يوسف مشاهدة المشاركة
                نص ساخر واقعي و موجع
                هذا هو الأدب الساخر ليس فقط ما ينتزع البسمة بل أيضا ما يبعث على الألم
                أبدعت فيه دكتور أشرف فكرة و صياغة و أسلوب سلس و مشوق
                أنها ضريبة الغربة و الثمن الفادح الذي يدفعه المغترب

                تحياتي
                أشكرك جزيلا اختي منار على كلماتك الرقيقة وحضورك الجميل
                هي بعض اوجاعنا علها ترسم ابتسامه في وجوه حزينه وتبعث البهجه في قلوب يائسة..هذه رسالتنا
                دمت بود ودام تواصلنا
                إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                فتفضل(ي) هنا


                ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                تعليق

                • د .أشرف محمد كمال
                  قاص و شاعر
                  • 03-01-2010
                  • 1452

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة فكري النقاد مشاهدة المشاركة
                  أين أنت أخي الدكتور
                  أظنك في غربة ... فقد أصبحنا نعيش غربة في غربة .. هنا أو هناك ...
                  أحيانا أحسني في غربة مع نفسي ...إنه زمن الغرباء ....
                  والقبض على الجمر ...
                  فطوبى للغرباء ...

                  ومسكين من اغترب وحُسد ...
                  ورب حرف يجر كلمة ...

                  دمت وقلمك المؤلم الساخر
                  ولا تتأخر فأنا أسعد (وأظن غيري كذلك) بإطلالتك ...
                  تحياتي واحتراماتي
                  أشكرك أخي فكري ..أنك بعد تذكرني..سعدت حقا بحضورك وكلماتك الرقيقة
                  كما أسعدني لو أستطعت أن أسعدك ..فواجبنا أن نسعد الآخرين حتى ولو من آلامنا
                  حقا أنا في غربة..لكنها ليست غربة الوطن وحسب لكنها كما قلت غربة النفس داخل الجسد
                  دمت بود ودام تواصلنا لك خاص ودي وخالص مودتي
                  إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                  فتفضل(ي) هنا


                  ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                  تعليق

                  • د .أشرف محمد كمال
                    قاص و شاعر
                    • 03-01-2010
                    • 1452

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة ريما منير عبد الله مشاهدة المشاركة
                    عدنا
                    لم يبقى للمغترب شيء يفقده لإنه لم يعد يملك ما يفقد
                    فالحياة المادية ليست عنوانا للسعادة عندما تصبح على هامش حياة أقرب الناس
                    كيف لا وعندما تحل بينهم تجد أنك عدد زائد عن حاجتهم
                    تجد مواليد جدد وأطفالا أصبحوا شبابا وشبابا قد أصابتهم كهولة النسيان فصرت في حياتهم عابر سبيل يستجدي الكلمة الطيبة التي تخرج مجاملة فكما قيل بعيد عن العين بعيد عن القلب
                    قد يسعفك الحظ وتحمل في جيبك ما تعتبره ثروة لتجدهم قد أسسوا بيوتهم أفضل مما فعلت ولم يعد يملي عينهم ما تقدمه لإنه دون طموحهم
                    تعايشوا مع وضعهم وأنت الذي عشت غربة وعدت لبلدك لتمارس الغربة ربما استهاجانا بما جد عليهم من جديد العادات والأقوال ولربما لإنك عشت في مجتمع مختلف انخرطت في بوتقته حتى نسيت من أنت
                    فلا أنت منهم ولا منهم
                    جد إذا لنفسك هوية
                    قد تكون هوية مغترب أضاع انتماءه
                    وقد تكون هوية بلا هوية
                    وعاشت الغربة وطنا نحسد عليه
                    وشعورا يفقدنا بوصلة أنانا
                    دكتور
                    (قد هيجت أشجاني فذكرتني أهلي وأوطاني بالله قل عني لجيراني ما زال يرعى حرمة العهد )
                    مرحبا بعودتك أخت ريما..أو بعودتي..وإن كان كلانا لم يعد بعد
                    فنحن كتب علينا الاغتراب مرة حينما خرجنا من الجنة..ومرة حين ولدنا من ارحام امهاتنا..ومرة حين خرجنا من أوطاننا..وسنظل مغتربين إلى أن تحتضننا أمنا في ثراها..ونعود ثانية إلى جنتنا..الأولى التي خرجنا منها..برحمة الله
                    دمت بود أختاه..بلغنا الله وأياك جنته..وغمرنا بمحبته
                    التعديل الأخير تم بواسطة د .أشرف محمد كمال; الساعة 28-02-2015, 04:29.
                    إذا لم يسعدك الحظ بقراءة الحكاوي بعد
                    فتفضل(ي) هنا


                    ولا تنسوا أن تخبرونا برأيكم

                    تعليق

                    يعمل...
                    X