محلّل
لولا الحياء وكلام الناس لضربت بعرض الحائط بكل الشهادات التي تزين مكتبي وقمت بتمزيقها وحرقها .
على الأقل أشعر أن لها فائدة ، وبالخصوص في هذا الطقس الجليدي .
لم يخطر ببالي قط أنني سأنول شرف الإنضمام إلى من سبقوني في طابور البطالة المقنّعة .
ها أنا ذا في كامل تأهبي ويقظتي ، البالطو الأبيض معلّقا على كَتِفَيّ وسماعة الفحص يتدلّى رأسها أسفل عنقي .
لم يطرق باب عيادتي زبون منذ أيام . أما الّذين كانوا يتوافدون على العيادة خلال الأسابيع والأشهر المنصرمة
فكانوا لمصلحةٍ ليس لها علاقة بالطب والتطبيب . قاريء عداد الكهرباء ، صبي المكوجي ، مندوب دعاية ،
متسوّل وما أكثرهم ، أصدقاء لي ولسكرتيرتي الحسناء ، وفي أحسن الأحوال مريض تائه لا يملك أتعاب الفحص والعلاج .
في أحوال أخرى كان هناك عدد من المتمارضين يبحثون عن مغامرة مع السكرتيرة .
قمت بصرفها ، ليس لهذا السبب ، ولكن كي أوفّر راتبها لتسديد رسوم انتسابي للنقابة .
زارني اليوم في العيادة جاري تاجر الروبابيكيا . ما شاء الله عليه ، دائم النشاط والحركة . جعل من مكتبه ورشة عمل
يقوم بتجديد البضاعة التي يشتريها بثمن بخس ، ويقوم ببيعها بأغلى سعر .
ابتسم فكشف عن أسنان لوّثها نيكوتين السجائر .
ــ عايزك في خدمة يا دكتور ، وأتمنى أن لا تكسفني .
ماذا يريد مني هذا الأهطل ؟ مؤكد أنه يبحث عن طاقة فرج ، وصفة لفحولته الغائبة وخصوصا أنه قد تزوّج قبل أيام بالرابعة ، صبية بعمر بناته !
ــ أنت تأمر يا جاري العزيز . مما تشكو ؟
قهقه ، فتسلّلت رائحة فمه الكريهة إلى أنفي .
ــ أشكو ؟ صحّتي " بومب " يا دكتور وأحمد ربي على نعمته .
أخرجَ من جيبه علبة سجائره . خطَفَ منها سيجارة وضعها بين شفتيه وقدّم لي أخرى دون استإذان . قبِلتها مع أنني لا أدخن .
ــ زوجتي الجديدة حطّت عينها على سيارة لطبيب معروضة للبيع .
حطّت عينها على سيارة على حمارة وأنا مالي ؟
ــ مبروك يا حاج . اشتري لها السيارة . هل تريدني أن أتوسط لك مع صاحبها الدكتور كي يراعيك في السعر ؟
ــ فهمتني غلط يا دكتور . الفلوس موجودة وبوفرة .
نهض الرجل عن كرسيه . انحنى فوق المكتب وقال هامسا .
ــ اسمع يا دكتور . زوجتي تريد السيارة دون أن يرفع عنها ملصق إشارة الطبيب . تريد أن تتمنظر بها يا رجل .
يا رجل ؟!
ــ طيّب وبعدين ؟ هل تريدني ..
وقبل أن أكمل كلامي ، قال بلهجة آمرة .
ــ أريدك أن تقوم أنت بشراء السيارة ، ثم تبيعها لنا .
ــ فين ودنك يا جحا ! ولماذا هذه اللفة والدورة ؟
ــ أصَرَّ الدكتور صاحب السيارة على أن ينزع عنها ملصق إشارة الطبيب في حال بيعها لغير طبيب ، وذلك حسب تعليمات النقابة .
حقّك محفوظ يا دكتور ولن تختلف على الأتعاب ، واعلم أن هناك العديد من أصحابي عين زوجاتهم على سيارات أطباء .
شعرت أنني لو فعلت ، أكون قد فقدت أجمل درري ليقدّمها تاجر الروبابيكيا طعاما للخنازير .
لولا الحياء وكلام الناس لضربت بعرض الحائط بكل الشهادات التي تزين مكتبي وقمت بتمزيقها وحرقها .
على الأقل أشعر أن لها فائدة ، وبالخصوص في هذا الطقس الجليدي .
لم يخطر ببالي قط أنني سأنول شرف الإنضمام إلى من سبقوني في طابور البطالة المقنّعة .
ها أنا ذا في كامل تأهبي ويقظتي ، البالطو الأبيض معلّقا على كَتِفَيّ وسماعة الفحص يتدلّى رأسها أسفل عنقي .
لم يطرق باب عيادتي زبون منذ أيام . أما الّذين كانوا يتوافدون على العيادة خلال الأسابيع والأشهر المنصرمة
فكانوا لمصلحةٍ ليس لها علاقة بالطب والتطبيب . قاريء عداد الكهرباء ، صبي المكوجي ، مندوب دعاية ،
متسوّل وما أكثرهم ، أصدقاء لي ولسكرتيرتي الحسناء ، وفي أحسن الأحوال مريض تائه لا يملك أتعاب الفحص والعلاج .
في أحوال أخرى كان هناك عدد من المتمارضين يبحثون عن مغامرة مع السكرتيرة .
قمت بصرفها ، ليس لهذا السبب ، ولكن كي أوفّر راتبها لتسديد رسوم انتسابي للنقابة .
زارني اليوم في العيادة جاري تاجر الروبابيكيا . ما شاء الله عليه ، دائم النشاط والحركة . جعل من مكتبه ورشة عمل
يقوم بتجديد البضاعة التي يشتريها بثمن بخس ، ويقوم ببيعها بأغلى سعر .
ابتسم فكشف عن أسنان لوّثها نيكوتين السجائر .
ــ عايزك في خدمة يا دكتور ، وأتمنى أن لا تكسفني .
ماذا يريد مني هذا الأهطل ؟ مؤكد أنه يبحث عن طاقة فرج ، وصفة لفحولته الغائبة وخصوصا أنه قد تزوّج قبل أيام بالرابعة ، صبية بعمر بناته !
ــ أنت تأمر يا جاري العزيز . مما تشكو ؟
قهقه ، فتسلّلت رائحة فمه الكريهة إلى أنفي .
ــ أشكو ؟ صحّتي " بومب " يا دكتور وأحمد ربي على نعمته .
أخرجَ من جيبه علبة سجائره . خطَفَ منها سيجارة وضعها بين شفتيه وقدّم لي أخرى دون استإذان . قبِلتها مع أنني لا أدخن .
ــ زوجتي الجديدة حطّت عينها على سيارة لطبيب معروضة للبيع .
حطّت عينها على سيارة على حمارة وأنا مالي ؟
ــ مبروك يا حاج . اشتري لها السيارة . هل تريدني أن أتوسط لك مع صاحبها الدكتور كي يراعيك في السعر ؟
ــ فهمتني غلط يا دكتور . الفلوس موجودة وبوفرة .
نهض الرجل عن كرسيه . انحنى فوق المكتب وقال هامسا .
ــ اسمع يا دكتور . زوجتي تريد السيارة دون أن يرفع عنها ملصق إشارة الطبيب . تريد أن تتمنظر بها يا رجل .
يا رجل ؟!
ــ طيّب وبعدين ؟ هل تريدني ..
وقبل أن أكمل كلامي ، قال بلهجة آمرة .
ــ أريدك أن تقوم أنت بشراء السيارة ، ثم تبيعها لنا .
ــ فين ودنك يا جحا ! ولماذا هذه اللفة والدورة ؟
ــ أصَرَّ الدكتور صاحب السيارة على أن ينزع عنها ملصق إشارة الطبيب في حال بيعها لغير طبيب ، وذلك حسب تعليمات النقابة .
حقّك محفوظ يا دكتور ولن تختلف على الأتعاب ، واعلم أن هناك العديد من أصحابي عين زوجاتهم على سيارات أطباء .
شعرت أنني لو فعلت ، أكون قد فقدت أجمل درري ليقدّمها تاجر الروبابيكيا طعاما للخنازير .
تعليق