أنا وأنْتِ والسفر ْ
وتمـــوتُ ذكــرانا وينتحـرُ القمــرْ = وعلى الشفاه هوىً تبعثر في السفـرْ
وخطىً يعـانقُ دربَها أسفُ النوى = فتغــّــردُ العبـــراتُ أغنيـــةَ َالقــــــدرْ
وتضيعُ من قلمي الحروفُ وسطْرُها = ويذوبُ في غسقِ الرحيلِ سنا العمرْ
ألـــمٌ يعربدُ --- يسْتبيحُ مشاعــري = فتسافــرُ الكلماتُ في سُحُبِ الفِكَـــــرْ
وهنــــاك قد لفَّ الضبـــابُ مدينتي = وعــلا ملامحَها المواجعُ والضجــــرْ
وكسـا الشوارعَ والوجوهَ خريفُهـا = وتراقص الصوتُ الحزينُ على الوترْ
وعلى الرصيفِ ينـامُ حلمُ صباحِنــا = عارٍ ... تشرّدَ في الدروبِ ويَحْتضــرْ
ولأننــــــا حــــرفٌ تلعثمَ في فمـي = ومُنـــىً يشتّتها المخـاوفُ والحــــذرْ
وسفينُ في الطوفانِ ضلّ شراعُهـا = فرمـــى بها أملُ النجاةِ إلى الحفـــــرْ
ولأنّنـــــي بشــرٌ يعــــــاندُ دربـَــه = عشق المُحالَ وفيه قد صَحِبَ الخطـرْ
ولأنــّــــك الآمالُ في صَخَبِ الدُنــى = وهدى المسافرِ لو يفارقـُــه القمــــرْ
لكــــنّ في زمني نُبــاعُ ونُشْتــرى = ويُكبـــّــلُ الإحســـاسُ فيه ويَنْكســـرْ
وتغيبُ خلفَ دُجى الظنـونِ حقيقتي = وتجفُّ غابــاتُ النخيلِ على النَهَـــــرْ
عَصِفَ البعـادُ بكّل ما ملكتْ يــدي = وغــدي تناثرَ فوقَ أشْرعةِ السهــــرْ
فغـــدا الحنينُ إلى شواطئ ذاتنـا = صبحاً يراودنـــــا ويهجرُهُ السحــــرْ
سكن الفــــراقُ دمـــاءنا وقلوبَنـا = عُـدْنا ... فأنْكرنا الأحبة ُوالحجـــــرْ
شيءٌ تكسّر في النفـوسِ فلم يعـدْ = زمـنُ البراءةِ يحتوى زمنَ البشـــــرْ
فأنـــــا وأنْتِ برغمِ كـــلِّ حنينـــا = كــربىً يخاصم أرضَها أملُ المطـــــرْ
كطيورِ أتعبها الرحيــلُ فعــاودتْ = تبغي البقاءَ فلم تجدْ حضنَ الشجــــرْ
كـورودِ ضاع رحيقـُـها وربيعُهـا = صارتْ رسوماً في السطور وفي الصورْ
عــدْنـا ولمْ يعدِ الهـوى سكناً لنــا = فكـــأنّـنـا حـلـمٌ وضـــــاع بـــــلا أثــــــرْ
عبـثـــاً نحـاول أن نلمْلم مـا مضـى = ومـتــى تجـمّـــع مـا تـفرّق وانْـشطــــرْ[/poem]
شعر / هشام مصطفى
تعليق