السلام عليكم ، أود أن أعلق على بعض الأمور هنا ، ولا سيما طريقة تعاملنا مع النحو ، وسبل تلقينا له ، صحيح أن للمنهج أثره في مستوى التلقي ، ونعلم أن هذه المشكلة تنسحب على النحو خاصة ، وعلى الرغم من تهافت النحويين وأرباب اللغة العربية على استحداث سبل جديدة لتيسير النحو ؛ بل والشروع في تطبيقها ودمجها مع مستحدثات مناهج التعليم والتحليل النصي والتعليميات والتداوليات ، إلا أن الواقع يبقى هو هو ، فالمشكلة لم تعد مشكلة منهج بقدر ماهي مسألة اهتمام ، الاهتمام باللغة العربية في حد ذاتها ، بقواعدها وبلاغتها وغيرها من المتعلقات ، فقدان اللغة العربية لمكانتها ؛ ليس في صفوف المتلقين فحسب ، بل القائمين على الأمر كله ، أزاح النحو عن مكانته وغض من أهميته ، وألغى كثيرا من أصول تلقيه كانت إلى وقت قريب قاعدة لا تراجع عنها .
إذا كانت الطرائف النحوية تطلق قديما تعبيرا عن مغالاة غلات النحويين ، فهي اليوم ، ويا للأسف؛ وجه من وجوه السخرية والتهوين من أمر اللغة ، كما صارت من ناحية أخرى وجها عاكسا للماسكين على الجمر ، المتمسكين بأصول اللغة وقواعد النحو .

[align=justify]السخرية بسبب التمييع الحاصل للنشء. حدثني طالب تخرج من مدرسة ثانوية أمريكية في الخليج يدرس الآن في الغرب قال: كنا نتباهى بالأخطاء التي كنا نرتكبها في دروس العربية القليلة في المدرسة الأمريكية، وكنا نفتخر بكثرتها .. وكان ثمة شعور عام بامتهان اللغة العربية بين صفوف التلاميذ حتى إنهم كانوا يستغربون من برمجة المدرسة الأمريكية حصة للعربية فيها![/align]

ترى إلى ماذا يعود السبب في هذا التردي ؟ أنا لا أراه ناتجا إلا عن هذا الانهزام الحضاري الذي يترسم على كثير من القيم المستحدثة والسلوكات الغريبة ، التي لم يخل منها مجال من مجالات حياتنا كعرب أصحاب منظومة مترابطة لغويا ودينيا واجتماعيا أولا، وكمسلمين يفترض أن تجمعنا أغلب هذه القيم إن لم تكن كلها ثانيا ، وهذه الانهزامية في نظري لا تكرسها إلا الممارسات الداخلية والخارجية ، المقصودة وغير المقصودة ، والتي يذهب ضحيتها هذا النشء الذي صار يمتهن هذه اللغة ويستغرب إدراجها ضمن برامج المدرسة الأمريكية .