فوائد للقلب والروح.. نور الكهف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فوزى إسماعيل
    أديب وكاتب
    • 20-01-2015
    • 42

    فوائد للقلب والروح.. نور الكهف

    فــوائد للقلــب والـروح ..
    ( 1 )

    نورالكهف


    بقـلم
    فـوزى يوسـف إسمــاعيل







    مقدمــة
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا وشفيعينا رسول الله ومن ولاه..
    وبعـــد..
    فهذا كتاب نور الكهف.. يحوى بداخله أنوار سورة الكهف التى ذُكر فيها قصص وعِبر للمسلمين وسورة الكهف لها شأن عظيم فى القرآن الكريم المنزل على سيدنا وهادينا محمد صلى الله عليه وسلم.
    وقد جاء الفقه من القرآن والسنة النبوية الشريفة والأئمة فى صورة مبسطه كمـا فسرها العلماء ، وسورة الكهف هى قلب القرآن الكريم .
    لقد كان من فضل الله علىَّ أن قمت بالبحث عن أنوار سورة الكهف لما فيها من عظمة ومعجزات.
    وهذا الكتاب هو الأول فى سلسلة (فوائد للقلب والروح)..

    والله ولى التوفيق...

    فوزى إسماعيل





    سورة الكهف :
    من السـور المكية, ماعـدا الآية 38 والآيـات التى تبتدئ من 83
    إلى 110 ففيها عشرون آية مدنية.
    وآياتها110 .. عدد الكلمات 6425
    ومن الآية 1 إلى الآية 74 فى الجزء الخامس عشر.
    ومن الآية 75 إلى الآية 110 فى الجزء السادس عشر.
    0 وهى إحدى سور خمس بدأت ب"الحمد لله" وهذه السور هى :
    "الفاتحة" ,"الأنعام" ,"الكهف" ،"سبأ" ،"فاطر" وكلها بدأت بتمجيد الله
    جل وعــلا.. وتقديسة والأعتراف له بالعظمة والكبرياء ،والجلال والكمال.
    0 من فضائل سورة الكهف :
    قال أبو الدرداء.. رضى الله عنه.. قال النبى صلى الله عليـه وسلم:
    من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِّّم من الدجال.
    صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    0 تعرضت السورة الكريمة لثلاث قصص من روائع قصص القرآن الكريم، فى سبيل أهدافها الأساسية لتثبيت العقيدة، الإيمان بعظمة ذى الجلال..
    0 أما الأولى : فهى قصة "أصحاب الكهــف" وهى قصة التضحية بالنفس فى سبيل العقيدة ،وهم الفتية المؤمنون الذين خجوا من بلادهم فراراً بدينهم ولجأوا إلى غار فى الجبل، ثم مكثوا فيه نيامـاً ثلاثمائة وتسع سنين ،ثم بعثهم الله بعد تلك المدة الطويلة.
    ـــــــــــــــ (2) ــــــــــــــــ


    0 لقى النبى محمد عليه السلام مقاومة وعنفـاً شديداً فى محاولته مع قومه قريش حتى يُسلمُوا. وكان من مقاومتهـم له، أنهــم بعثوُا إلى أحبار اليهود، يسألونهم فى مسائل مُعضّلة عويصة، ليعرضوها على محمد, فإن أجاب عنها، آمنوا أنه نبى، وإن عجز عنهـا، كان مدَّعيا، وكشفوه وهاجموه.
    0فقال لهم أحبار اليهود وعلماؤهم :
    أسألوه فى ثلاث.
    أسألوه عن فتيةٍ ذهبوا فى الدهر الأول وما كان من أمرهم.
    وأسألوه عن رجل طـوًّاف، بلغ مشارق الأرض ومغاربهـا، وماكان نبأُه؟
    وسألوه عن الروح، وماهو؟
    0 وللكهف سورة فى القرآن. فيها قصص كثيره، غير قصة أصحاب الكهف : ففيها قصة الأَخوَينْ المتحاوَِرينْ ، وقصة الــروح، ولكن أصحاب الكهف، غلب أمرهم على كل مافى السورة.
    0 وأصحاب الكهف، جماعة ذُوو فكر ورأى، وأصحاب عقيدة، ولهم مبدأ ثبتوا عليه، وضًّحوْا فى سبيله، وهم دليلُ جديد على صحة عقيدة البعث.
    0 إِذ أَوَىَ الفِتِيةُ إِلىَ الكَهفِ فَقَالوُاْ رَبَنَا أَتَنِاَ مِن لَّدُنكَ رَحَمةً وَهَِيَئ لَناَ مِن أَمِرنَا رَشداً.(1)
    ــــــــــــــــ(3)ـــــــــــــــــ
    0 (1)الآية : 10 سورة الكهف.

    هم كانوا شباباً، وعقولهم نقية نَّيرة، ونفوسهم زكية طاهرة، وفيهم إِباُء وحَمية، وقد نظروا فى قومهم، فرأَوهم يعبدون الأَصنـام والحجارة، وعزَّ عليهم أن يكونوا عبيداً لحجـر، خاشعين لصم، وأن يكونــوا أسارى التقاليد، وأن يساقوا إلى ذلك سَوق العبيد، بسياط الملك.
    0 وقصة أصحاب الكهف كما ذكرها المفسرون أنهم كانوا فى مدينة أفوس، فى إقليم طوسون، فى شبه جزيرة طور سيناء، تحـت حكـم الملك الطاغية، دقيانوس.. بعد زمن عيسى عليه السلام.. وكانــوا يدعون الناس إلى عبادة الأصنام. ويقتل كل مؤمن لا يستجيب لدعوتة الضالة، حتى عظمت الفتنة على أهل الإيمان.
    فلما رأى الفتية ذلك حزنوا حزنا شديداً، وبلغ خبرهم الملك الجبـار، فبعث فى طلبهم، فلما مثلوا عند الملك توعدهم بالقتل إن لم يــعبدوا الأوثان ويذبحوا للطواغيت فوقفوا فى وجهه، وأظهروا إيمانهم، وقالوا:
    - ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها.
    فقال لهم:
    - إنكم فتيان حديثة أسنانكم، وقد أخرتكم إلى الغد لتروا رأيكم، فهربوا ليلاً، ومروا براع معه كلب فتبعهم.
    فلما كان الصباح أووا إلى الكهف، وتبعهم الملك وجنده، فلما وصلوا
    ـــــــــــــــ (4) ــــــــــــــــ





    إلى الكهف هاب الرجل وفزعوا من الدخول عليهم، فقال الملك:
    - سدوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعاً وعطشاً.
    0 إذ أوى الفتية إلى الكهف، فقالوا:
    - ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
    فضربنا على آذانهم وألقينا عليهم النوم، فناموا فى الكهف سنين عددا.
    لا يدرون ثلاثمائة وتسع سنين، ثم بعثناهم، ليكون بعثهم من نومتهـم الطويلة، دليلاً جديداً على صحة عقيدة البعث.
    وظنوا أنهم أقاموا بالغار يوماً أو بعض يوم، وشعروا بالجوع، فبعثوا أحدهم ليشترى لهم طعاماً، وطلبوا منه التخفى الحــذر، فسار حتى وصل البلده، فوجد معالمها قد تغيرت، ولم يعرف أحداً من أهلهــا، فقال فى نفسه:
    - لعلى أخطأت الطريق إلى البلدة.. ثم أشترى طعامـاً، ولما دفــع النقود للبائع، جعل يقلبها فى يده ويقول:
    - من أين حصلت على هذه النقود؟
    وأجتمع الناس وأخذوا ينظرون لتلك النقود ويتعجبون، ثم قالوا:
    - من أنت يافتى لعلك وجدت كنزاً .
    فقال الفتى:
    - لا والله ما وجدت كنزاً.. أنها دراهم قومى.
    ـــــــــــــــ (5) ــــــــــــــــ





    فقالوا له:
    - أنها من عهد بعيد ومن زمن الملك دقيانوس.
    قال:
    - وما فعل دقيانوس ؟
    قالوا:
    - مات من قرون عديدة،
    قال:
    - لقد كنا فتية، وأكرهنا الملك على عبادة الأوثان .. فهربنا منه عشية أمس، فأوينا إلى الكهف، فأرسلنى أصحابى اليوم لأشترى لهم طعاماً، فانطلقوا معى إلى الكهف أريكم أصحابى.
    فتعجبوا من كلامه، ورفعوا أمره إلى الملك، وكان مؤمناً صالحاً..فلما سمع خبره، خرج الملك والجند وأهل البلدة وحين صاروا إلى الغار، سمعوا الأصوات والجلبه التى أحدثتها الخيل، فظنوا أنهــم رسـل دقيانوس فقاموا إلى الصلاة فدخل الملك عليهم. فرآهم يصلون، فلمـا أنتهوا من صلاتهـم عانقهـم الملك، وأخبرهم أنه رجل مؤمن، وأن الملك دقيانوس قد هلك من زمن بعيــد وسمع كلامهـم وقصصهم، وعرف أن الله تعالى بعثهم ليكونوا آية للناس.
    ـــــــــــــــ (6) ــــــــــــــــ






    0وبعد أن بعثهم الله ليكون بعثهـم من نومتهم الطويلة، دليلاً جديداً على صحة عقيدة البعث.
    0 وما الموت إلا شبيه النوم، لا فـرق بين الميت والنائم، إلا نفـس يتردد.
    الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تُمتْ فى منامهـا، فيمسك التى قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجلِ مسمى.
    أليس من دلائل قدرة الله تعالى، أن ينام هؤلاء الفتيه، فى فجـوة من الكهف، تزورهم الشمس فى شروقها ثم تميل عنهم طول النهـار، فلا تزورهم إلا فى غروبها.
    0 وتحسبهم أيقاظاً وهـم رقود، ونقلبهـم ذات اليمين وذات الشمال، وكلبهم باسط ذراعية بالوصيد، مُقعى بالباب، لوإطلعت عليهـم لوليت منهم فراراً ولَمُلئتَ منهم رعباً.
    قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم.
    ثم حين أختلفوا فى تقدير الزمن .. ربكم أعلم بما لبثتم.
    والزمن جنس واحد، طال أو قصر، وما حاز فى مئات السنين، يجوز فى ملايين السنين. فالغيب لله وحده هو الذى يعلم تقدير السنين حينما أستيقظوا الفتيه.
    0 والناس لايؤمنون إلا بالواقع المشاهد، وكيف يسوق الله إليهم يوم
    ـــــــــــــــ (7) ــــــــــــــــ



    القيامة وقيام الساعة، حتى يروه بأعينهم، ويشهدوا الصورة التى عليها يبعثون.
    وكان يوم القيامة فى غيب الله تعالى جلا وعلا. ولم يحـن حينه، ولم يأت أوانه.
    وكان لابد لهم حتى يؤمنوا، أن يريهم الله دليلاً محسوسـاً، يشاهدونه ويحسونه.
    0والتلطف كما جاء فى الآية الكريمة.
    فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماًً فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً.(1)
    إصتناع اللطف والخفة، وسهولة المدخـل والمخــرج، والتباعــد عما يريب الناس ويثير شكوكهم فى مسلكة وطول لحيتة،وبروز أظافره، وتخلخله فى مشيته، من طول رقاده ونومه،ولا يشعرنَّ بكـم أحداً، إنهم إن يظهروا عليكم،ويعرفوا أمركم، يرجموكم أو يعيديكم فى ملتهــم، ولن تفلحوا إذاً أبداً.
    0 وجاءت كلمة (وليتلطف) فى نصف القرآن الكريم.
    من حيث عدد الكلمات التى وردت به.
    0 وبعد أن هاج الناس وماجوا، وراحوا إلى الكهــف، ليروا الفتية المؤمنين، وليعرفوا خبرهم، وليتحدثوا إليهم.. ولكنهم دخلـوا عليهم،
    ــــــــــــــــ (8) ـــــــــــــــ
    (1) الأية 19 سورة الكهف.





    فوجدوهم قد بدءُوا من جديد، ينامون نومةً نائمة أبدية.
    فقالوا: أبنوا عليهم بنياناً، ربهم أعلم بهم.
    وقال ذوو الرأى فيهم:
    لنتخذنَّ عليهم مسجــداً، نصلى ونسجد فيه، بقـرب هـؤلاء الفتيان الراقدين، حتى نكون أقرب إلى الموعظة.
    0 وذهب الناس مذاهب فى عدد هؤلاء الفتيان.
    فمن قائل: أنهم كانوا ثلاثة، والكلب رابعهم.
    وقال قائل: أنهم كانوا خمسه، والكلب سادسهم.
    وقائل: أنهم كانوا سبعه، والكلب ثامنهم.
    وما الحكمة فى أنهم عددهم فى كل مرة بالعـدد الفردى، فإذا أضيف إليه الكلب كان عدداً زوجياً ؟ لعل ذلك يرمى إلى فكــرة الأزدواج، وإصطحاب الرفيق فى الطريق.
    قل ربى أعلم بعدتهم، مايعلمهم إلا قليل.
    0 وخاطب الله تعالى محمد صلى الله علية وسلم، إياك ان تعد بشئ فى غد من قبل أن تقول.. إن شاء الله، فلعل أحتجاب الوحـى عنك، حتى أخلف وعدك، يعلمك أن تذكر قدرة الله قبل قدرتك ووعده قبـل وعدك.
    ولا تقولن لشئ إنى فاعل غداً إلا أن يشاء الله، وأذكر ربك إذا نسيت،
    ـــــــــــــــــ (9) ـــــــــــــــــ


    وقل عسى أن يهدينى ربى لأقرب من هذا رشدا.
    0 أما القضية الثانية:التى تعرضت لها السورة، قصة موسى علية السلام مع الخضر.. وهى قصة التواضع فى سبيل طلب العلـم، وما جرى من الأخبار الغيبية التى أطلع عليها ذلك العبد الصالح "الخضر" ولم يعرفها موسى علية السلام حتى أعلمه بهـا الخضــر.. كقصة السفينة، وحادثة قتل الغلام، وبناء الجدار.
    الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى علية السلام، وأن بحـر علمه، قطرة من بحر علم المقربين وأن عباده عبداً صالحاً تلقاه، عند مجمع بحر الروم وبحر فارس، فيما يلى الشرق، وقد آتيناه من لدنا علما.
    وموسى الذى أنه المحظى عند ربه، الأثير لديه دون أنبيائة، لابـد أن يلقى هذا العبد الصالح"الخضر" ويرحل فى طلبـه،ويسعى لصحبنتة، ويلتمس من علمه، حتى لو أمضى حقبة أو أحقاباً من الزمان.
    0 وإذ قال لفتاه، لا ابرح حتى أبلغ مجمع البحرين، او أمضِىَ حقبا.
    وأوصى الفتى، ان يأخذ غداءهما، حوتاَ من حيتان البحر، فى مقطف او مكتل. وساروا إلى الشرق، ودائماَ يرحل إلى الشــرق، ويقتبس النور من الشرق، فالشرق منزل الوحى ومنبع الأديان السماوية.
    يقول الله تعالى: فَوجَداَ عبداً مِن عبَادنَا أتيناهُ رحَمة من عنِدِنا وعلمَناهُ مِن لَدُنا علماً. (1)
    ـــــــــــــــ (10) ــــــــــــــــ
    (1) الأيه 65 سورة الكهف.



    وسارا حتى كدهما السير، وأضناهما الإرتحال، فناما على صخرةفى ظل شجرةعلى شاطئ البحر، ونزل المطر، فبلل الحوت، فصحا وقفز إلى البحر وهما لا يشعران. فلمـا بلغ مجمع بينهما، نسيا حوتهمـا، فاتخذ سبيلةفى البحر سربا.
    ولعل لله حكمه فى أن جعل موعد لقائهمـا عند مجمع البحرين حتى يشبع نفسه فى تمجيد الله فى جلاله، وحتى يغسل ماعلق فى نفسه من زهوٍ فى نسماته وحتى يعـود إلى العبد الصالح وقـد خلص من كل مظاهر الحياة، إلا من الماء وهو أصل الحياة.
    0وما كان العبد الصالح إلا شيخـاً نحيلاً، طوى جسمه الناحـل فى ردائة فجعل بعضه تحت رأسه وغطى جسمه ببعضة فى هذا العراء الذى لا نهاية له، وفى هذه النومه الهادئه، على شاطئ ماءٍ لا حد له، وفى هذه الوحدة الموحشه التى لا مؤنس فيها إلا الإغراق فى بحـر علم الله.
    0 ومال عليه موسى، فصحا الشيخ من هدأته، وسلم موسى فسـلم، وقـدم نفسه إليه فعـرف، وعرض عليه أن يتلمذ عليه، فتأبى عليه، وأستوسع علمه على موسى.
    قال له موسى: هل أتبعك، على أن تعلمنى مما علمت رشدا ؟
    قال: إنك لن تستطيع معى صبرا، وكيف تصبر على مالم تٌحط به خبرا !
    ـــــــــــــــ(11) ــــــــــــــــ



    ويقول:ستجدنى إنشاء الله صابراً، ولا أعصى لك أمرا.
    أشترط العبد الصالح على موسى، أن يصبر ولا يتعجل ؟
    قال العبد الصالح: فإن أتبعتنى فلا تسألنى عن شئ، حتى أحدث لك منه ذكراً.
    فانطلقا، حتى إذا ركبا فى السفينة خرقها العبد الصالح.
    فتلفت موسى إلى أصحاب السفينة، وإلى أستاذه الشيخ، وعجب من فعله، وركاب البحر يخافون الغرق، ويرمُون كل خرقٍ فى سفينتهم، فما بال هذا الشيخ يعكس الآيه ويخرق السفينة ؟
    وقال له موسى : اخرقتها لتغرق أهلها ؟ لقد جئت شيئاً أمرا.
    قال له: ألم أقل : أنك لن تستطيع معى صبرأً ؟
    أعتزر موسى من فعله، وقال: لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا.
    0 فانطلقا، حتى إذا لقيا غلاماً، فقتلة العبد الصالح.
    فانزعج موسى لقتل الغلام، ولم يستطع صبراً على العبد الصالح.
    وقال: أقتلت نفساً زكيةً بغير نفس ؟ لقد جئت شيئاً نكراً.
    قال له العبد الصالح بهدأة الحكماء: ألم أقل لك: إنك لن تستطيع معى صبراً.
    ــــــــــــــــ (12) ـــــــــــــــ






    قال موسى: إن سألتك عن شئ بعدهــا، فلا تصاحبنى، قد بلغـت من لَدُنى عُذراً.
    0 فانطلقا، حتى إذا آتيـا أهل قرية، أستطعمــا أهلها، فأبــوا أن يضيفوهُما.
    ثم سارا فوجــدا فى هذه القرية جداراً مائلاً، يريد أن ينقض، فيقـع متهدماً.
    فأخذ العبد الصالح يقيمه، ويدعَّمه ويسَّنده، وقضى فى ذلك وقتاً، وبذل جهداً، وأستحق على ذلك شكــراً وأجـراً، ولم يتقدم أحد بأجر ولا بشكر.
    ويمضى الشيخ مطمئن النفس، مرتاح البال والضمير، ويعجب موسى وينفذ صبره.
    وقال الخضر فى أدب وتواضع، لو شئت لا تخذت عليه أجراً .
    قال: هذا فراقُ بينى وبينك، سأنبئك بتأويل مالم تستطع عليه صبراً.
    0 يا موسى. أما السفينة، فكانت لمساكين، يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها، وكان وراءهم ملك، يأخذ كل سفينة غصبا.
    0 وأما الغلام، فكان أبواه مؤمنين، فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاةً وأقرب رحُما.
    ـــــــــــــــ (13) ــــــــــــــــ





    0 وأما الجـدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة، وكان تحته كـنزُ لهما، وكان أبوهما صالحاً، فأراد ربُك أن يبلغا أشدُهما ويستخرجـا كنزهما رحمة من ربك، وما فعلتهُ عن أمرى، ذلك تأويل مالم تسطع عليه صبرا.
    بين الخضر لموسى أنه مافعل ذلك مما أستنكره عليه بإجتهاده وإنما فعله بتوجيه من الله تعالى. وما أتيتم من العلم إلا قليلاً .
    0 وَيَسَئلونُكَ عن ذى القَرنيِن قُل سأَتلُوا عَليَكُم مّنُه ذِكراًً . (1)
    0 ويسألونك فى الثانية يامحمد عن ذى القرنين، قُل سأتلو عليكم منه ذكرا.
    ذو القرنين.. قيل أنه "الإسكندر الأكبر المقدونى" وهو ملك مشارق الأرض ومغاربها، وكان مسلماً عادلاً.
    وقيل : أنه ملك مسلم من ملوك اليمن.
    وقيل : أنه رجل من أهل مصر، أسمه : مزربان بن مزربه اليونانى من ولد يونان بن يافث بن نوح.
    أسكندر الأكبر المقدونى، كانت له خصلتان من شعر خشن ملتفتان على جانبى جبهته، وربما كان أعزاه منظره، فأعجب بهما وتركهما حتى كانتا كحربتين فى جانبى رأسه، وكأن يقف على شاربه الصقر.
    ــــــــــــــ (14) ــــــــــــــــ
    (1) الآية: 83 سورة الكهف.




    فأصبحت الخصلتان كالقرنين. ومن أجـل هذا غلـبت عليه التسميه فسُمىَّ: ذا القرنين.
    0 وكان سؤال اليهـود عنه، ليختبروا محمداً فيما يخبر به فى هـذه المسألة، فجاء القرآن معجباً فى أختياره، مبيناً أوضح علامه فيه، تدل على قوة نفسه وجسمه وشجاعته وعزمه.
    وهـو رجـل صالح طيب، مكن الله له فى الأرض، بالعقـل الحكيم، والصحه والقـوة والغنى والعـدد الكبير، والجيش الكثير، والهيبــة والرهبة، فاجتمع له العلم والقوة وعُدة القتال.
    وسار بجيوشه نحو الغرب، حتى أطل على المحيط الأطلنطى، وحتى لم يبق أمامه شبر من الأرض لم يستولِ عليه.
    وماذا بعد غزو الأرض؟
    لقد رأى قرص الشمس العظيم، يصغر ويتضاءل ثم يهـوى ويسقـط غارقاً فى الماء والطين.
    وفكر الأسكندر وتأمل:
    أهذه الشمس ذات الضوء الوهاج، تذوى فى عين ماء؟
    أهكذا تنطفئ شعلة الحياة، أهكذا يكون مصيرى فى عظمتى وقوتى.
    وأشياء عديده فى الكون تامل أسكندر من اجلها، وعرف أن الكـون فانى ولا يبقى إلا قدرة الله، ووجهه الله.
    ـــــــــــــــ (15) ــــــــــــــــ





    وهناك الف دليل ودليل على صخة عقيدة البعث.
    0 وألتفت ذو القرنين فوجد قوماً همجاً، يعيشون بلا دين ولا خلـق، كما يعيش الوحوش على وجهها : فلما دعاهم إلى الله، لم يستجيبـوا فسلطه الله عليهم.
    قلنا ياذا القرنين. إمَّا أَن تعذب هؤلاء على كفرهم، وإمَّا ان تتخذ فيهم حُسنا، بأن تصايرهم فى الدعوة: كما يفعل الدعـاة المصابرين، وأن ترشدهم إلى ما فيه خيرهم، وتنهاهم عما فيه فساد مجتمعهم.
    فقال ذو القرنين:ًأما من ظلم نفسه بإتباعها هواها، وأصرارها على كفرها فسوف نعذبه، ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً.
    وأما من آمن بدعوتى، وعمل عملاً صالحاً، وأتبع ماأمرنا به، وأجتنب مانهيناه عنه، فله جـزاءَ الحسنى، فى الدنيـا، نعامله معاملة الصالحين وفى الآخرة يدخله ربه جنة النعيم.
    وسنقول له من امرنا يُسرا، فنستحسن منه إحسانه، ونكافئه عليه، ولا نكلفه شططا، ولا نعنتُه ولا نرهقه ولا نشقُ عليه.
    0 وأدار أسكندر بوجهه نحو الشرق، بجيوشة وحيله ورَجلهِ، وسـار وأبعد فى السير، حتى خُيل إليه أنه وصل إلى أول العالم من شـرق، كما كان وصـل غلى آخـره من غربه، ووقف على حافـة المحيط الأعظم، ماذا بعد الماء؟
    ـــــــــــــــ (16) ــــــــــــــــ




    لقد رأى الشمس تشرق من الماء. فوقف يتأمل صنع الله.
    وعرف الأسكندر أن الشمس تشرق وتغرب لتجعل الليل نهار والنهار ليل، ثم جعل يفكر فى نفسه وفى قوتة، وجعل نفسه تهيم فى ملكـوت الله.
    وأتــم الأسكندر صلاته وتسبيحه.ثم إلتفت فرأى قومـاً هائمين فى الفلوات لازرع ولا ضرع ولا سقف ولا ظل، الريح بعصفها والشمس بوجهها، قد دبغت جلودهم، وسودت وجوههم، وقست عليهم طبيعتهم، فدعاهم الأسكندر إلى ربهم، فلم يستجيبوا لدهوته.
    فسلطه الله كذلك عليهم، إما أن يعذب، وإما أن يتخذ فيهم حُسنا.
    والله قد وكل إليه أمر هؤلاء الناس، لأن الله يعلم ما أنطــوى عليه صدر الأسكندر من العدل فى الناس، وحب الخير، وهـداية الضالين، وإصلاح مجتمعهم.
    كذلك وقد أَحَطَنا بما لديَه خُبرا.
    0 وعاد الأسكندر الطواف، فواصل زحفه بجيوشه متجهــاً نحـو الشمال، وسار وأبعـد فى الســير حتى بلغ بين السَّدين، بين جبلين عاليين فى أقصى الشمال، فوجـد فى الوادى المحصور بين الجبلين ناساً ولا كالناس، كانوا ليسوا من بنى آدم بنى الإنسان، وأنما أشبـاه الحيوان، ولا يكادون يفقهون قولا.
    ـــــــــــــــ (17) ـــــــــــــــ




    0 وعجب ذو القرنين، يفكر فى شـأن مجموعـات وخلائق من بنى آدم، تعيش هائمه سائمه كما تعيش العجماوات، ولا تدرى حلـواً من مر، ولا حلالاً من حرام، ولا سعاده من شقاء، ولا نعيماً من جحيم.
    0 وسرح الأسكندر يناجى ربه، وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا؟ وسأل عنهم جيرانهم، فقال:ياذا القرنين، إنَّ يأجوج ومأَجوج مُفسدون فى الأرض، فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعـل بيننا وبينهم سـدا، يكفينا شرهم، ويعيشون من خلفه وحدهم.
    0 قال: مامكننى فيه ربى خـيرُ، فأعينونى بقوة، وأمدونى بالعمـال والفعله، وبأدوات البناء، وأنا بجيشى، ومن معى، من أهـل الخـبرة والصناعة، أجعل بينكم وبينهم رَدماً وسداً. أتونى زُبَرَ الحديد، وقطع المعادن وأصهرُوها، وأجعلوها ذوباً، وأبنو معى.
    حتى إذا إرتفع البناء إلى أعلى إلى سفح الجبلين، قال: آتونى أُفـرغ عليه قِطرا، من هذا الحديد المصهور، وصبوُه عليه، وأتركـوه يبرد ويجمد .
    وكان ذلك سداً من فولاذ، أملس لا يستطيع أن يتسلقه إنسـان ولا أن تخرقه أو تنقبه قوة.
    فلما أطمأن عليه، وأمنَ غوائل هؤلاء الهمج، يأجــوج ومأجـوج، والطيب والخبيث، وبين الحق والباطل.
    ـــــــــــــــ (18) ــــــــــــــــ




    وَتَركنَابعَضَهُم يَوَمئذِ يَمُـوجُ فِى بَعضٍ ونُفخَ فِى الصّوُرِ فَجمعناهـم جَمعاً.(1)
    0 لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم حريصاً على إيمان من يدعوهم إلى الله، ولشـدة حرصة كان يحزن على المشركين ويتألم، لتركهـم الإيمان وبعدهم عنه، وفى هذا يقول الله تعالى تسليـة للنبى صلى الله عليه وسلم: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً.
    أى لا تهلك نفسك يامحمد أسفاً عليهم، بل أبلغهـم رسالة ربك، فمـن أهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، ولا تذهب نفسك عليهـم حسرات.
    0 النذير والبشير بالقرآن.
    أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلـم.. أن يتلـو القرآن على الناس، لينذر الغافلين الكافرين بالله ورسوله. بان مصيرهم جهنم وما بها من عذاب، ويبشر المؤمنين الذين يخلصـون فى أعمالهم ويحسونهاالجنه ونعيمها الدائم.
    ونرى هذا فى قوله تعالى: واَتَلُ ما أُوحَى إلَيكَ من كتَابِ ربَكَ لا مُبدَلَ لكلمَاته وَلَن تًجَد من دُونِه مَلتحَداً. (2)
    ــــــــــــــــ (19) ـــــــــــــــ
    (1) الآية 99 من سورة الكهف.
    (2) الآية 27 من سورة الكهف.



    0 بينت الآيات من 29 إلى 31 من سـورة الكهـف، أهل النــار ومايكونون فيه من عذاب أليم، فقـد بينت أن الله هيـأ للكافرين ناراً حاميه شديدة، أحاط بهم سورها، وإن إستغاثوا من شدة العطش فطلبوا الماء، أغيثوا بماء شديد الحرارة كالنحاس المذاب، يشوى الوجوه إذا قرب منهم من شدة حره.
    كما بينت الآيات أهل الجنه من المؤمنين الصالحين، بأن لهم جنـات إقامه، إقامه دائمه لا تزول، تجرى من تحت غرفهم ومنازلهم أنهـار الجنة، وأنهار الجنة كثيرة، ويحلون فى الجنة بأساور الذهب والفضه واللؤلؤ، ويلبسون ألوان الحرير، ويتكئون فى الجنة على السرر الذهبية بالثياب والستور والدر والياقوت.
    0 أما يوم القيامة ومايكون فيها.
    فقد ذكرت الآيات الكريمات من 47 إلى 49 من نفس السورة، أن يوم القيامة وما يكون فيها، فإن الله تعالى جلت قدرته، يزيل الجبـال من أماكنها، ويسيرها كما يسير السحـاب، فيجعلهـا هباء منثوراً، وتبرز الأرض للعيان ليس عليها مايسترها من جبل أو شجر أو بنيان.
    ويجمع الله تعالى الناس، الأولين والآخرين، لموقف الحسـاب، فـلا يترك أحدأً منهم، ويعرضون على رب العالمين، لا يحجب أحد أحداً،
    ــــــــــــــ (20) ـــــــــــــــــ





    ويقال للكفارعلىوجه التوبيخ والتقريع :لقد جئتونا حفاة عراه لاشئ معكم من المال والولد، كهيئتكم حين خلقكم الله أول مره، وقد زعمتم أنه لابعث ولا جزاء ولاحساب ولاعقاب0
    وفى يوم الحساب، وتوضح صحائف أعمال الشر، وتعرض عليهم، وهنا يخاف المجرمون الكافرون مما فى صحفهم من إثم وذنــوب وخطايا00 ويقولون:
    يا حسرتنا ويا ويلتنا ويا هلاكنا على ما فرطنا فى حياتنا الدنيا0
    لقد سجلت كل أعمالهم فى هذه الكتب التى لاتترك كبيرة ولاصغيرة،
    ويرون نار جهنم التى لا مفر لهم منها0وفى يوم القيامه لا يعاقب الله سبحانه وتعالى إنساناَ بغير جرم، ولا ينقص من ثواب المحسن شئ0
    وأن الصالحين مع الابرار، والكافرين مع الفجار0
    0وتعرضت السوره الكريمه لمحاورة بين كافر ومؤمن 00
    يقول الله تعالى: وًأضرٍب لًهُم مَثلاً رجًلُينِ جَعَلناَ لأَِحدِهمَا جَنتَّينِ مِن أعنَابٍ وحَففنهَمُاَ بنِخلٍ وَجَعلنَا بََنهُماَ زَرَعًا0(!)
    كان الكافر منكر للبعث، والمؤمن معتقد فى البعث0
    والكافر أطغاه غناه، والمؤمن قانع بما قسم الله0
    فقال الكافر لأخيه المؤمن: أنا أكثر منك مالا وأعزُ نفرا0
    ــــــــــــــــ (21) ـــــــــــــــ
    (1) آية: 32 سورة الكهف0




    وأجتمع على هذا الكافر طغيانه، وأعتقاده أن غناه كان عن إستحقاق وجداره، وأعتقــاده أن المحظى فى الدنيا محظى فى الآخرة، وأن نعيهم الدنيا مخلد ومقيم لا يزول ولا يبيد0
    0وأنه لا قيامة ولا بعث ولا ساعه ولا حشر ولا نشر، وأنه لو حتى لو كان هناك بعث وحياة أخرى، بعد الموت فإنه سيجد هناك نعيمـاَ خيراَ من نعيم الدنيا0
    ودخل جنته، وهو ظالم لنفسه، قال: ماأظن أن تبيد هذه أبداَ، وماأظن الساعة قائمة، ولئن ردُدتُ إلى ربى لأجدنًّ خيرا منها منقلباَ0
    0كان كلام الكافر فيه غرور وعمى للبصيره والبصر، متحدى حكمة الله سبحانه وتعالى الذى يقول: نحن قسمنا معيشتهم فى الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات، ليتخذ بعضهم بعضا ســخرياَ، ورحمة ربك خير مما يجمعون0
    0 قال له أخوه المؤمن: وهو يحاوره،خائفاَ عليه، حٍذراَ على نعمته أن تزول بسبب كفره فى لمح البصر، ياأخى، تذكر أن الله الذى وهب لك هذه الجنه، وهذ الغنى والنعمه، وهذه العزُوه من الأولاد، هو الذى خلق أبانا آدم من تراب، وهو الذى خلقك من تراب، وكنت نطفه وهو الذى صورك فأحسن صورك، وأنشأك وسواك رجلاَ غنياَ وافر الثراء
    ــــــــــــــــ (22) ـــــــــــــــ





    والصحه0
    أفلا تشكره وتتقه خوفاَ من غضبه؟
    أفتجعل الكفر بدل الإيمان 0
    إن كنت تكفر بالله، وتتحدى الإحسان الذى جعلك هكذا، فأنا أشهدك وأشهد نفسى، على أنه ليس لى ربُ سواه، ولا شريك له0
    ياأخى: إتق الله، ولا تعيرنى بفقرى، ولا تتحدنى بغناك0
    إن ترنى أنا أقــل منك مالاَ ولا ولالداَ، فعسى ربى أن يًتًقًبل منى إيمانى ورضاى بما قسم لى0
    0 ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، تطرق أبواب السماء فتفزع لها الملائكة، فيجأرون بالدعاء معه، فيستجيب الله تعالى وقـد أستجاب0
    وقد أحاط الغضب الإلهى بجنته وشجرها وعرشها وثمارها ومائهـا وعزها وخيرها، فأصبحت خاوية خراباَ يبَاَبا 0
    ورأى الكافر جنته، وما نزل بها، فجُنِّ جنونه، وطــار صـوابه0
    وأصبح يُقلب كفيه ندماً وفجيعه، وحســرة وأسفاَ وتوبة تقُبل أو لا تقُبل0
    ويقول الكافر، ياليتنى لم أًشركٍ بربى أحداَ، ولم تكُن له فِئة ينصرونه
    ــــــــــــــــ (23) ـــــــــــــــ





    من دون الله، وما كان منتصراً0
    فأين غناه، وجنته، وثمره، وماؤه، وعزوته0
    بل أين كفره وشركه، وإنكاره للبعث، وتماديه فى الطغيان وتحديه لله تعالى0
    لقد ذهب عنه كل أولئك، ولم يبق إلا رحمة الله الواسعه، برحمته التى يلقاها على عباده الصالحين0
    هنالك الوَلايَة لله الحق، هو خير ثواباً وخيرَ عُقبىَ0
    0 علم الله _ تعالى_ وكلماته التى لاتنفذ0
    يقول الله تعالى: قُل لو كَاَن البَحرُ مَداداً لكلِمَات رَبىّ لَنفَدَ الَبحرُ قَبَل أَن تَنفَد كَلماَت رَبِى ولو جَئنَا بمثلِه مَدَداً0 (1)
    وهذا تمثيل لسعة علم الله تعالى، والمعنى: لو كانت بخار الدنيا كلهـا حبراً ومداداً، وكتبت به كلمات الله وحكمـه وعجائبه، فى البحــار والسماء والأرض والصخور وكل الأشيــاء فى الأولين والآخرين لفنيت مياه البحارعلى كثرتهاوأنتهت، أما كلام الله عز وجل فلا ينفد، لأنه غير منتاه، كعلمه _ جلا وعلا _ ومهما كثرت مياه البحــار وزادت وأضيف إليها مثلها0
    فإن كلام الله لا يتناهى0
    ــــــــــــــــ (24) ـــــــــــــــ
    (!) الآية: 109 سورة الكهف0




    فإن كلام الله فى السموات والأرض لا تحصى ولا تعد، ولا يعلــم بعددها بشــر إلا الله سبحانه وتعالى، وهذه الآية الكريمة تشير إلى أن كلام الله سبحانهوتعالى هو يعلم بالأشياء كلها، لأنه الآله الواحـد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يكن له كفواً أحد0

    * * *








    ـــــــــــــــ (25) ــــــــــــــــ








    وقد وردت أحاديث نبوية بشأن سورة الكهف مثل:
    0 قال النبى صلى الله عليه وسلم: كان رجل يقرأ سورة الكهـف، وإلى جانبـه حصان مربوط بشطنين، فتغشتة سحابه، فجعلت تدنـو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبى فذكر ذلك له0
    فقال: تلك السكينه نزلت بالقرآن0(1)
    0 وقال: من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نوراً يـوم القيامة من مقامه إلى مكه ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه ومن توضأ ثم قال سبحانك اللهم وبحمـدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليككتب فى رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يــوم القيامة0(2)
    0 وقال: من حفظ عشر آيات من أول سـورة الكهـف، عصــم من الدجال0(3)
    ـــــــــــــــــ (26) ــــــــــــــــــ
    (1) رواه البخارى فى الجامع الصحيح رقم: 5011
    (2) صححه الآلبانى فى رواية الغليل، الصفحه: 3/ 94
    (3) رواه مسلم فى المسند الصحيح رقم: 809







    0الأعجاز الرياضى فى سورة الكهف:
    1- أن قصة أهل الكهف تبدأ فى سورة الكهف فى الآية (9) فى قوله تعالى: أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانو من آياتنا عجبا(9)
    2-وأن مدة مالبث أهل الكهف جاءت فى الآيه (25)
    فى قوله تعالى: ولبثوا فى كهفهم ثلاثة مائة سنين وازدادوا تسعــاً (25).
    3- وإذا بدئنا نعد عدد كلمات قصة أهل الكهف فى سورة الكهــف إبتداء من الآيه الأولى نجد كلمة (أم) تكون الكلمة رقم (1) وكلمــة (حسبت) من الآيه رقم (2) .. وكلمة (أن) تكـون الكلمة رقم (3)..
    وهكذا حتى نهاية الآيه الأولى نجد أن كلمة (حجباً) هى الآيه رقــم (10) كما هو واضح فى نص الآيات.. وهكذا حتى أول الآيه رقــم (208) ..
    4- فى الآيه رقم (25) نجد أن كلمة (ولبثوا) تكون هى الكلمة رقـم (206) وأن كلمة (فى) تكون هى الكلمـة رقم (307) .. وأن كلمـة (كهفهم) تكون الكلمة رقم (308).
    5- سوف تكون كلمة (ثلاث) هى الكلمة رقم (309).
    6- وأن رقم (309) لايمكن وصفه فى كلمة عربيه واحده .. ولكـن
    ــــــــــــــــ (27) ـــــــــــــــ






    بوصف فى عبارة (ثلاث مائة وتسعه) وقد وصفه الله تعالى بقوله:
    ثلاثة مئة سنين وازدادوا تسعا..
    7- هذا الرقم (309) بالطبع الكمية الأكبر فيه هى (300) وليست (9) .
    8- وبالطبع فإن الرقم(300) يوصف بأنه (ثلاث مــائة) ولا يمكن وصفه بأنه (ثلثمائة) لأن ذلك يعنى (1/3) مائة وليس ثلاث مائة.
    9- والكمية الأكبر فى ثلاث مائة هى (الثـلاث) وليس (المائة) لأن الثلاث هى 300وليست مائة واحده.
    10- إذن الكلمة الوحيده فى قوله تعالى التى تفيد المدة التى لبثوهـا
    (ولبثوا فى كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعاً)
    هى كلمة (ثلاث)
    11- وإذا حسبنا أن كل كلكة فى قصة أهل الكهف تساوى عام، فإن عدد الكلمات حتى كلمة (ثلاث) فى الآية (25) – (309) وهو إشارة إلى المده التى لبثوها والتى تساوى 309 عاماً .
    وهذا هو ما أراد الله سبحانه وتعالى أن يخبر عنه وليس أن يخبر أنهم لبثوا 300 سنه .. لأنه لو كان الأمر كذلك لا كتفى سبحـانه وتعالى بقوله (ولبثوا فى كهفهم ثلاث مئة سنين.. فقط)..
    ــــــــــــــ (28) ـــــــــــــــــ





    للتواصل مع الكاتب :
    ــــــــــــ
    فوزى يوسف إسماعيل
    موبايل : 01009482481
    ميت غزال – السنطة – غربية.





    * * *
يعمل...
X