مـــن شــرب الــــبـــحر ؟ !..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • السعيد مرابطي
    أديب وكاتب
    • 25-05-2011
    • 198

    مـــن شــرب الــــبـــحر ؟ !..


    [read]
    - لديّ أقوال هي على درجة من الأهمية بمكان ؛ أرجوك تأذن بسماعها و تسجيلها في محضر الجلسات يا سيدي الرئيس !..
    لكن الرئيس تفادى ذلك و لم يلق بالا له و راح تحت الأضواء الأرجوانية ينطق بقرار المحكمة القاضي بنفي صاحبيه إلى الثلث الخالي و الإلقاء به هو في قاع بئر بترولية عسى تجيء سيارة فتدلي دلوها.
    كيف خرجت من قصر الدهشة بدهشة القصر لا أذكر؟..!.. وجدتني أطلق ساقيّ للريح وأنا ذاهل ذلك الذهول إلى حين . ولعل للمقادير يد خفية هيأت لي حتى تطأ قدماي قصر عدالة تلك الجزيرة و أخرج منه لأنقب عن سر الحكاية. حكاية هؤلاء المحاكمين على ذلك النحو بالطريقة تلك. ظللت كالتائه بين الأزقة ، ضيقها
    و فسيحها أفتش الواحة البحرية حتى جمعت خيوط القصة واحدا واحدا …
    ... عرفت أن هؤلاء انبعثوا من رحم الأرض، لم يورقوا إلا أنسا وارفا يبدد وحشة الكهوف. بأحضان دفئ إفريقي أخذهم فردوسهم الذي ما لبث أن فقدوه على وجه الكوكب الأزرق جاسوا يفسرون الطلاسم التي صارت بقعر ذواتهم ، تتكور و تنتفخ . أوجسوا في النفس ذعرا ، دفنوا الأذقان في الأسفار!.. تورطوا حتى النخاع في مخزون الإنسانية ثم تجلوا ينفضون الزهد الغامر عن شجن أيامهم الشبيهة بلياليهم. همّوا بإسقاط قليله عبر عدم الاكتراث المفتعل .
    بوجه ضحى ممشوق بتفاعلات زمن خارج عن صيرورة أزمنتهم ، أسند الثلاثة كتلا مضرجة بالعلل إلى جذع نخلة بعمر أبي البشر. تتحدى القهر و الجور؛ تقاوم العوادي مع زمرة النخيل و قد بات منذ عهد يحرس الشاطئ العريض. شاهدوهم يوغلون في التيه ؛ رموشهم يغازلها اللون اللازوردي تأسرهم صفرة عاجية ، تخالطها زرقة عذبة الأشعة المنكسرة .
    شمس أغسطس تقبل صفحة براقة على مرمى عشر دقات قلب . أشلاء أبدانهم تطفح للموج و الملح و أنى لها بذلك . حدقاتهم غائرة ، كأنما غاصت للعمق تصطاد عرائس البحر .
    - ثلاثة قال لي الفران ورابعهم طائرهم المذبوح على صدورهم، منـتف ريشه مقيد الساقين يجلسون، قال، وقت السحر إلى سمار الجزيرة، دوما ينقشون جمرهم على القلوب والثقوب يروون بمرارة قصة طائرهم المذبوح على صدورهم و ذلك قبل أن ترجف الراجفة بالفردوس المفقود.
    أما المداح و يده على قلب ربابه ، استجمع نفسا ، عكف ساقا ومد أخرى بسوق اليتامى واختزل الحكاية في شهقتين وعبرتين : » إثنان كالملائكة و ثالثهم نبي !
    وهج الشمس يؤجج بصدورهم عرقا و ضيما . يضرم بمهجهم ألسنة طوالا ، تفسّـخ السكينة تسبكها فتستحيل صراخا ما انفكت تكتمه القضبان والفؤوس
    و تلجمه المرايا لئلا ينعكس فيحـدث الطوفان .
    كانوا يتملصون مؤقتا بنظرات ضائعة تلاحق قوارب الصيادين و هي تتمايل فوق العباب ، يدفعها أصحابها الميل بعد الميل على أمل الظفر بكنوز الأغوار المائية . ثلاثتهم تـتوارى أحلامهم، تتكسر على الصخور و أعينهم مرشوقة بالقوارب التي شقت بعدُ طريقها، تاركة الساحل مهجورا إلا من أجناس لا تشبه أهله في شيء كانت تبتعد.. تتميع أشكالها ، تتحول شيئا فشيئا إلى نقاط استفهام سوداء ؟؟؟

    - جلست إليهم ، قال لي الملاح ، مستعذبا حديثهم مصفقا له بالجوارح. في يقظة وفي حلم لم أزل أحفظ لهم آخر صورة قبل أن تنسل أرجلهم من الطريق، قال ، وتطأ حصايات الرمل. كان في أعصابهم ثمة زوبعة عصماء تعصف. تعلقت أبصارهم عنوة برأس نخلة ؛ و لأن لا ذنب لهم سوى أنهم ورثوا عن قامتها الشموخ وسعفاتها الطموح وعن عراجينها العطاء .
    درجت أقدامهم مثل الريح تنتهك حرمة محمية وحوش الحضارة . بخرق جوارح ، يلوذون بها رثة ، شابكت أصابعهم مثلثات السياج النحاسي المضروب على امتداد الشاطئ الغاص بشقراوات بلاد الجن الكاسيات بآدمية رقطـاء. تلطخ مياهه نجاسة عشاقهن و ميوعة بعولتهن . المشهد ظل طويلا يستنفر حواسهم ، يدق نواقيس أفـئدتهم.. يصيرها في الحلق.
    هكذا طلعوا يرمقون الزبد و حرائق الحنين . صمتهم ينـزل ثقله على المكان كأنما هم بين برزخ و بعث !.. إلى أن انفرجت شفاه صاحبهم المؤرخ عن جمر
    و رماد :
    - أواه !.. تحصلوا على شاطئنا الجميل ثلثا بعد ثلث ، إثر عمليات التقسيم المقدسة . لهم أن يستحموا بالنهار و يقيدوا عليه شموع عنابرهم بالليل . ما أشقانا
    و ما أتعسنا ! ..لم يلبث أن سبح السينمائي بين سياق هتول :
    - أهل الجزيرة يا صديقيّ ما انفكوا يشاهدون البحر في الخرائط وعلى كارتات المناظر . هم يهربون لون الموج إلى أحلامهم ليعرضونه بالديابوزيتيف *
    في تلك الآونـة ، الجزيرة تحت الكيـّي تأوهت .. و الحديث فيها بدأ يعلوه حديث آخر وينـتفخ... أفواه الأهالي تنفخ على الجذوة، يتـقد جمر غضب يرغب
    في حريق.
    على قاب قوسين من ذلك تململ المؤرخ بحشرجة صوته ثم استطرد :
    - لم أعد أذكر منذ متى كان لنا اصطيـاف ؛ أو حتى بقت للأهالي قـدرة على لمس السيـاج اللهم إلا خلسة و إلا لقوا ما لقـيه سيزيف .
    كأنما يدون يوميات سجين تحامل الأديب على السياق:
    - إن آباءنا حين خلصوا واحتنا البحرية من الأشباح ، ظنوا المساكين أنهم طردوهم إلى غير رجعة ، وذلك بعد أن استرجعوا طقوسها و تقـاليدها الأصيلة ، هاهم يفـقدون البهجة بفعل فاعل.
    قبل تخفّي الراوي، سمعت من ردد أنه أخبرهم بأن الجزيرة هبـّـت ، تعاظم انتفاخها فاستحال منطادا بحجم هيليوم الشمس، أوشك على الانفجار
    أو لربّـما على الإقلاع.

    أما الثلاثة فظلوا قابعين هناك كأنما يضربون الموعد المؤكد.
    هكذا استفهمهما السينمائي وعيناه عدستان بالأبيض و الأسود :
    - من يعـمّـر الديار غير أهلها ؟
    الأديب و في صوته نبرة الطفولة والكهولة:
    - ما بقي وجه منا إلا وقد سرقوه. أغرقوا طفولتنا في الدموع. قطعوا علينا حبل تفكيرنا . شاطئ كشاطئنا هذا أبدا لن أقايضه بسعة قارون .
    المنطاد حالـئذ أقـلع من الجزيرة صوب شاطئ البحر، يغلّف هيـئـئه صمت ثـقـيل ضاج
    وطالع ما عاد بظهر الغيب …
    أمـا هم فلقد تورطوا في حيز الـمجال وحدسهم يسبق مغناطيس الشمس أن يدرك المد و الجزر. في لحظة عارية عارمة ،لا تنفلت من بين أصابع القدر
    شعر ثلاثتهم بحفيف كحفيف الطير بهدير كهدير النهر ، بضيق كحرج البحر .
    مالـوا ركبـوا الحشـد وقد حط المنطـاد دونما تأخيـر . وقفوا عليه . شمـّروا سراويلهم .. قمصانهم.. عمالقة راحوا يشربون ماءه من ضحاهم إلى
    أصيلهم حتى بلغوا القاع ولم يعـد ثمت للزرقة أثر غـير زرقة السماء . ثم عادوا إلى بيوتهم في سكينـة الأئمة و الرهبان .

    يومها لم يـعِ الساسة ما حدث !.. لا دونت الصّـحافة الخبر ببنطها العريض ، ولا علق عن الحدث مراسل أمين . غير جدة وأنا بإحدى الأمسيات كنت
    مـارّا بحارة يتيمة ، سمعتها تغزل لأحفادها الحكاية تقول:

    - لو مرة بالليل يا صغاري
    فاجأكم الغول و العنقاء بالسؤال
    لو مرة بالليل يا صغاري
    فاجأكم الغول و العنقاء بالسؤال
    - من شرب البحر أب الأهوال ؟!..
    لا تهلعوا أحبتي ، أيا صغاري ..
    قولوا فقط للغول ..
    قولوا للعنقاء في إكبار :
    من غير البحر قد شرب البحر ؟ !.
    [/read]
    [read]
    بقلم/ السعيد مرابطي
    [/read]
    [read] ....................
    - الديـابـوزيـتـيف : الحـركة السـاكـنة
    [/read][read]
    [/read]










    ...................................
    - الديـابـوزيـتـيف : الحـركة السـاكـنة -
    التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 17-02-2015, 20:33.
    [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    #2
    فعلا يا أخي السعيد
    من غير البحر قد يشرب البحر ؟
    راق لي النص لغةً وسردا .
    تحياتي
    فوزي بيترو

    تعليق

    • السعيد مرابطي
      أديب وكاتب
      • 25-05-2011
      • 198

      #3
      [read]فوزي سليم بيترو

      فعلا يا أخي السعيد
      من غير البحر قد يشرب البحر ؟
      راق لي النص لغةً وسردا .
      تحياتي
      فوزي بيترو
      ---------------------


      الأستــاذ الــكبير إبداعا واحتــراما
      صــديق الجميع..فــوزي بيتــرو.

      كدت أيأس أن النص، لا يشكل في مجمــله رغبة قــراءة وتتبع.
      ذا أنت تــطل بــشأو خاص ..ذاك أنت الذي يقــرأ بمتعاليات عالية.
      كــم أبهـجني مرورك سيدي الأستاذ القدير! وكـم ذا أفــرحني تــعليقك الشامل!
      تعليقك رصع حول النــص بنفسجة عند خصــره.

      تبجيلي وتقــديري[/read]



      [/read]
      [/read][/read]
      التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 04-03-2015, 11:34. سبب آخر: خطأ
      [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]

      تعليق

      • بسباس عبدالرزاق
        أديب وكاتب
        • 01-09-2012
        • 2008

        #4
        الله الله على هذا النص الرائع و الملفت بلغته و عمقه

        لن أدعي الفهم لأن نصا مثل هذا يحتاج لقراءة متأنية و ذلك لربط الأحداث و تتبع الحوار
        اللغة ذات مستوى عال و راق أيضا
        شدتني بقوة لأفهم أكثر

        لابد لي من عودة أخرى

        تقديري أستاذي السعيد مرابطي
        السؤال مصباح عنيد
        لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

        تعليق

        • السعيد مرابطي
          أديب وكاتب
          • 25-05-2011
          • 198

          #5
          ا[read]لله الله على هذا النص الرائع و الملفت بلغته و عمقه

          لن أدعي الفهم لأن نصا مثل هذا يحتاج لقراءة متأنية و ذلك لربط الأحداث و تتبع الحوار
          اللغة ذات مستوى عال و راق أيضا
          شدتني بقوة لأفهم أكثر

          لابد لي من عودة أخرى

          تقديري أستاذي السعيد مرابطي


          ------------
          العزيز بسباس عبد الرزاق

          أحييك على هذا المرور الشيق والذي يهب النص مقدارا من البهجة،
          حيث ظهر لك كقارئ متبصر بشأن القص أن اللغة هي إحدى ركائز هذا النص.فضلا على مراميه
          وغاياته.
          ممتن لمرورك البهي.
          لك التقدير والاحترام.[/read]

          التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 07-03-2015, 18:25.
          [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]

          تعليق

          • ادريس الحديدوي
            أديب وكاتب
            • 06-10-2013
            • 962

            #6
            "ما بقي وجه منا إلا وقد سرقوه.
            أغرقوا طفولتنا في الدموع. قطعوا علينا حبل تفكيرنا .
            شاطئ كشاطئنا هذا أبدا لن أقايضه بسعة قارون . "
            جميلة هذه القولة التي قالت الكثير و عبرت و أغنت ..
            فعلا السرد جميل و اللغة متقنة و سلسة ..

            الأديب و الأستاذ /السعيد مرابطي .. تحياتي و تقديري
            ما أجمل أن يبتسم القلم..و ما أروعه عندما تنير سطوره الدرب..!!

            تعليق

            • السعيد مرابطي
              أديب وكاتب
              • 25-05-2011
              • 198

              #7
              [read]ادريس الحديدوي
              "ما بقي وجه منا إلا وقد سرقوه.
              أغرقوا طفولتنا في الدموع. قطعوا علينا حبل تفكيرنا .
              شاطئ كشاطئنا هذا أبدا لن أقايضه بسعة قارون . "
              جميلة هذه القولة التي قالت الكثير و عبرت و أغنت ..
              فعلا السرد جميل و اللغة متقنة و سلسة ..
              الأديب و الأستاذ /السعيد مرابطي .. تحياتي و تقديري
              ---------------
              الأستاذ المقتدر/ إدريس الحديدوي

              أسعد بتعليقك الراقي ونبشك في النص واستكناه ما يبطن.
              هنالك بعض النصوص تأتينا "كوحي" ولا نتعافى منها إلا بعد طول زمن.
              وإن اللغة الواصفة جاءت من جنس الموضوع الذي يتفرع على مناخات مختلفة.
              دعني أحييك كما تجب التحية والمقام ،وقد رقش اسمك هنا زهرات فيروز لا أبهى ولا أجمل!
              تــقديري وتبجــيلي
              [/read]
              التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 13-03-2015, 11:04.
              [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #8
                يا الهي...نصّ بعمق البحر !!!
                يحتاج إلى استجماع كل الحواس للغوص فيه..
                نصّ يؤرّخ قهر الإنسان الباحث عن مكان عادل، كريم تحت الشمس..في زمن أجوف..لا يعير للحرية اهتماماً
                زمن وأد الروح..وقتل الإبداع، والطموح، والتحليق
                زمن قتل الطيور على صدور أصحابها لتتوحد الصورة بين طير بشري، وآخر فضائي..مهشم الجناح..كل ذنبه أنه قد حاول عبور ماوراء جدران الصمت، والإذلال، ورفض القبح، ونشر روح السلام بفكر طليق لا يعرف الأسوار..يعبر بكلمته جزر الأشباح علّها من سباتها تفيق..
                ورأيت أن الكاتب المبدع: / السعيد / ..قد حاول الربط بين قهر الإنسان، وقهر الأوطان..حين تبتلعها سياسات قميئة..تتحكم في مصائر الشعوب المستنيرة، ذات التوجه الحضاري، الساعية نحو ترسيخ سيادتها، الباحثة عن مكانتها الكريمة بين الأمم..من غير تبعية..
                تبتلعها حيتان المال الأسود..الذي ينتفخ في الجيوب المفلسة من الضمائر..فتسعى إلى الخراب، والتقسيم، وتعين على تفتيت البشر، والأرض، والحضارة..لتقيم بدائل بلا جذور، ولا أصالة..
                ولكن في النهاية..لايصحّ إلا الصحيح..رغم كل شيء..فالجذور الضاربة في العمق التاريخي..لا تموت..والبحر العميق الهادر بأمواجه سيبقى محتفظاً بموقعه، بمائه، بدرره، ومراكبه، وكنوزه..مهما كان البذل كبيراً..المهم ألا تموت الروح الوثابة، المقاومة للموت بعيون مفتوحة..وحواس ترفض الذل، حتى وإن تعطّلت...ستفسح الطريق للغد الآتي..
                نص ممتاز.. سرداً، ولغة، وفكراً... ..ثريّ ..ألهمني الكثير من الرؤى المتعددة..
                وهي سمة أراها دائماً في نصوص أديبنا المبدع..الإنساااان /السعيد مرابطي/
                نصوص مفتوحة على التأويل..كلوحة تجريدية تراها العين ارتداداً لعوالمها..
                لك احترامي..ومودتي..أيها الفاضل..وسجّل إعجاباً ماله حدود في كلّ ما تكتبه..حيااااااااك.

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                • السعيد مرابطي
                  أديب وكاتب
                  • 25-05-2011
                  • 198

                  #9
                  [read][read]عــلقت :
                  إيمان الدرع

                  يا الهي...نصّ بعمق البحر !!!
                  يحتاج إلى استجماع كل الحواس للغوص فيه..
                  نصّ يؤرّخ قهر الإنسان الباحث عن مكان عادل، كريم تحت الشمس..في زمن أجوف..لا يعير للحرية اهتماماً
                  زمن وأد الروح..وقتل الإبداع، والطموح، والتحليق
                  زمن قتل الطيور على صدور أصحابها لتتوحد الصورة بين طير بشري، وآخر فضائي..مهشم الجناح..كل ذنبه أنه قد حاول عبور ماوراء جدران الصمت، والإذلال، ورفض القبح، ونشر روح السلام بفكر طليق لا يعرف الأسوار..يعبر بكلمته جزر الأشباح علّها من سباتها تفيق..
                  ورأيت أن الكاتب المبدع: / السعيد / ..قد حاول الربط بين قهر الإنسان، وقهر الأوطان..حين تبتلعها سياسات قميئة..تتحكم في مصائر الشعوب المستنيرة، ذات التوجه الحضاري، الساعية نحو ترسيخ سيادتها، الباحثة عن مكانتها الكريمة بين الأمم..من غير تبعية..
                  تبتلعها حيتان المال الأسود..الذي ينتفخ في الجيوب المفلسة من الضمائر..فتسعى إلى الخراب، والتقسيم، وتعين على تفتيت البشر، والأرض، والحضارة..لتقيم بدائل بلا جذور، ولا أصالة..
                  ولكن في النهاية..لايصحّ إلا الصحيح..رغم كل شيء..فالجذور الضاربة في العمق التاريخي..لا تموت..والبحر العميق الهادر بأمواجه سيبقى محتفظاً بموقعه، بمائه، بدرره، ومراكبه، وكنوزه..مهما كان البذل كبيراً..المهم ألا تموت الروح الوثابة، المقاومة للموت بعيون مفتوحة..وحواس ترفض الذل، حتى وإن تعطّلت...ستفسح الطريق للغد الآتي..
                  نص ممتاز.. سرداً، ولغة، وفكراً... ..ثريّ ..ألهمني الكثير من الرؤى المتعددة..
                  وهي سمة أراها دائماً في نصوص أديبنا المبدع..الإنساااان /السعيد مرابطي/
                  نصوص مفتوحة على التأويل..كلوحة تجريدية تراها العين ارتداداً لعوالمها..
                  لك احترامي..ومودتي..أيها الفاضل..وسجّل إعجاباً ماله حدود في كلّ ما تكتبه..حيااااااااك.

                  ------------------------
                  الــبارعة..الصــديقة المتألقة /إيــمان الدرع.

                  مــا أسعدني وما أسعد نــصي بتــعليقك الــهتول! إنه كمطر الربيع الجميل.
                  وقد نبشت النص من الجهات الأربع وتأولت المعاني المبثــوثة في المتن ، وكنت خير من يقرأ
                  ويستفهم ويجلي ما تخفى بين طــيات السرد والوصف وما استأثره الحوار.
                  حري بي أن أصفق للقراءة الموفقة إلى حد بعيد! Bravo!
                  حقــا هذا النص ترجع كتابته إلى سنوات خلت وهو أقرب نصوصي إليّ.. حاولت من خلاله أن أشكل
                  منه نقلة في نصوصي ، وإذ أنشره اليوم هنا فــرغبة منــي كي يطلع عليه القراء وخاصة كتاب القصة
                  وبخاصة الأصدقاء،لأعرف عن قرب ما الصدى الذي سيتركه في النفوس.
                  يبدو أن أثره طيب ويستحق القراءة.
                  صديقتي إيمـــان...حديثك من حول ما أخط يبهج النفس ويثلج الصدر.
                  وإن ما جاء هنا من طرفك في شأني شخصي المتواضع ،له وسام أعتز به
                  إنه يصدر من كاتبة أومن بعمق رسالتها الأدبية وحرفها الذهبي.
                  فليعش الأدب الــحق ولتستمر الصداقة المبهجة على الدوام.
                  لا يرقى التعبير الذي يفي بما يستحق شخصك المتأدب والمثقف ، وقد يخفق أي كاتب أحيانا في الظفر بالعبارة التي تؤدي المعنى التام..
                  ولكني أقول...لك ألتقدير جله والتبجيل والاحتــرام.
                  [/read][/read]
                  التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 15-03-2015, 11:54.
                  [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X