زوبعة حب حارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    زوبعة حب حارة

    -شيطان.

    -أنت كذلك، غير أنك شيطان جميل، و مثير أيضا.

    ترنحت على شفتيها ابتسامة غرور، انفلتت معتصرة و ممزوجة ببعض الغضب، حاولت مواراتها بجنونها؛ الذي كاد يتنازل عن حصنه المنيع، ثم انهالت عليه بخنجرها؛ تريد سحب قلبه، تفادى ضربتها، أمسك يدها، و أدارها نحوه بقوة، لتسقط في قبضته، هدأت للحظة، ثم هي تحاول الفرار منه، همس في أذنها: شهية هي النساء التي تحارب.

    كادت تذوب، لولا صراخ العراك، أضاف بلغة نارية، جملة تشبه كرة نار تتدحرج فوق صدرها: عراك مقدس هو شيطنة النساء..

    أرخى ذراعه، و تراخت هي بداخلها، رغم إصرارها على الصمود أمام ضربات الفاتح، ركضت مسرعة جهة عائلتها و هي توزع بعض الشتائم، هي في حقيقتها إغراءات لذيذة: نذل، أحمق.. خبيث

    بعدما أسدل الليل ستائره، و راح القمر يشعل العشاق، و يستدرج الأزواج لحفلة التقلبات و الانهيارات، انكفأت على نفسها، استندت على الوسادة و هي تزحف بعينيها على الجدار، توقفت عند النافذة .. هناك كان يقف أمامها، كشبح يريد أن يزرع فيها لذة الخوف، تضاربت بداخلها المشاعر و الأحاسيس:

    -نذل

    -و لكنه أنيق

    -أليس من أعداء عائلتك؟

    -و لكنه كان يعرف كيف يمسك امرأة.. و كأنه قوس يحاصر جملة..

    -إنه يشبه أفعى

    -كاد يغرز شفاهه في رقبتي، ليته فعل..

    تائهة و حائرة في هذا الرجل الذي قلب كيانها، غير مسار الدم بهمساته الأنيقة، جعله يصب في آنية من حب..

    زاد خوفها، عندما تنبهت أن قلبها تغير إيقاع نبضه، و شيء يهتف من الداخل: هناك نسيم بحري يهب ناحيتك، قالتها و تفتحت كزهرة تنتظر الفراش، تنهدت بعمق و هي تتحسس التغيرات الذي تحدث بجسدها، فليس سهلا أن نغرق في البحر و لا نتبلل، كذلك النار من الصعب أن لا نحترق بداخلها، أشاحت بوجهها نحو المرآة المثبتة بالخزانة، أرادت أن تجد فكرة أخرى لتنسى شكله الأنيق، و حديثه الرقيق جدا، أرادت أن تبتعد عن النار، كان وجهها بالمرآة يزيد من وهجه، تساءلت عن السبب؟ و لما جسدها يرتعش و كأن نسمة باردة لامستها، و كأنها ما زالت مقيدة بذراعيه، يده كانت كبيرة للحد الذي تلتف حولها، حتى لا تترك لها مسافة للانفلات من قبضته... كانت خواطر كثيرة تموج بداخلها و هي كقطرة ماء تفتت على صخرة.. و غاصت عميقا في حلم أنيق مثل كلماته، غامض مثل حديثه،،،

    كيف يمكن لرجل مثله أن يحتلها بكل هذه القوة، و عينه الغامضة تتحسس دواخلها..

    أرادت أن تختبر السراب، فركضت نحوه، هناك خلف الشجرة كانت تطارد مشاغباته و معاكساته للأطفال، لم تكن تريده أن يراها و هي تحتفل برؤيته، قبعت مكانها تلاحق تحركاته، و هو كان غائبا عنها و ربما كان يدعي عدم رؤيتها، كيف لا و هو يحس بنظراتها في ظهره..

    كانت الكرة تزغرد لا تتدحرج ناحيتها، و كأنها تدشن اللقاء الأول، و هو لم يمتلك إلا تلبية رغبة القمر، ركض ناحية الشجرة، تاهت و هي تراه يقترب، اضطربت و اهتزت و كأنها أرض تنتظر قطرة المطر الأولى، تماسكت قليلا و لكنه الوحش بداخلها كان ينهشها، و هو يحرضها على الإرتباك، تسمرت عندما قال لها: الحرب تعلن بدون مواعيد، كذلك الحب؛ لا يعترف بالتريتبات المسبقة..

    تأففت و لاذت بالصمت و قليل من الثبات، و ابتسامة معلقة على زاوية شفتها اليسرى، و كادت تتعثر شفتها اليمنى فتنزلق شعلة النار..

    مسافة من النار كانت تفصلهم، و جملة كبريت كادت تترجل لتعلن الحب،،،

    يومها أدركت أنها تعشقه بقدر كرهها لعائلته، ربما كانت تحبه حتى قبل أن يضبطها بذراعيه...

    عادت للبيت تركض، تجري و هي خائفة و حائرة، أحست أن شيئا سقط منها، تحسست الثياب، خصرها و صدرها، كل شيء في مكانه، و لكنها تعرف أن شيئا قد سقط، إنه قلبها، سرقه الخبيث، قالت و هي تبتسم ابتسامة متحررة من شفاهها...

    استقبلتها أمها باتسامة عريضة جدا، ما سر الابتسام هذا اليوم؟ تساءلت بعفوية عن سر ملامح أمها البشوشة جدا هذا اليوم، و لم تدرك ما يختفي خلفها، حتى اختلت بها و هي تطلق زغرودة في فضاء الغرفة؛ بعد كلمات قليلة..

    -مبارك ابنتي، إنه شاب مشهود له بصلاحه و هو معروف أيضا بمكانته بين الناس..

    انطفأت الجذوة التي بداخلها و اختفت الابتسامة، هل كان ينقص هذا التوتر إلا بعض الشوائب من هنا و هناك..

    اقترب موعد زواجها و أحشاؤها تضطرب بالحياة و الموت معا، ما هذا الكائن الذي بداخلها، و كيف تفعل به، كان جسدها مكون من ثلاثة، و كأنها وعاء من أرواح، حبيب و روحها المعذبة و بقايا حب لن يطول الوقت حتى تنكشف الكارثة.. فنار مثل تلك لا يمكن أن تبقى مخفية عن العيون، خاصة و العالم ممتلئ بالصقيع..

    -كيف نفعل؟

    سؤالها جرده مما كان يهرب منه، تشجع قليلا و هو يقول بصوت متقطع:

    -سأخطبك من والدك..

    -سيقتلك إن تجرأت..

    -سنهرب إذن..

    -ليس سهلا يا حبيبي أن نختفي في جسد الفراغ..

    تفرقا و هما يعلنان الوفاء، غادرا الشجرة التي جمعت بينهما ذات لعب و مكر، ابتعدا قليلا و اختفت الشجرة عن عينيهما، حيث كان الزيف في أعلاها، نزل و هو يتمتم: لابد أن أخبر أباها..

    استيقظت على صوت أمها و هي تكيل لها وابلا من الشتم، صفعتها و ألبستها خيمة من السواد و جرتها للخارج نحو جهة غير معروفة،،،

    هو استيقظ في غرفة من أربع جدران لا توجد بها نافذة، هناك أطلق زفرة عميقة و هو يقول : أيمكن أن تلحقني،،

    مر الشهر و الشهران و العام و بطنها لم ينتفخ، كانت في بيت زوجها، و هو يحضر لتعديد الزوجات، لم تقاوم، فقد أرادت أن تتخلص من رائحة الخداع،

    أخيرا تحررت و عادت لبيت والدها، و أمها تعتذر: آسفة، أقسم لو علمت هذا ما فعلتها، فكيف لي أن أجعلك عاقرا...
    التعديل الأخير تم بواسطة بسباس عبدالرزاق; الساعة 26-09-2015, 13:08.
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    الاسم أربكني
    و جملة الأم الأخيرة أنهت على ما بقى من اتزاني
    نعم كان اجهاض
    ولكنه لم يكن متكررا إلا في حال ضياع الحب و انتصارالوقت في عداوته
    وجملة الام أتت لتدخل بي مفازة ما لم أكن قد أعددت نفسي لولوجها
    وهي قدرتها على الخداع و الغش التي خانتها في ارتكابها القبول
    رغم أنف الواقع الذي كان هناك بين خلايا ابنتها !

    أسلوب التناول كان جميلا لغة و بناء و قدرة على الانزياح و الاثراء
    لكن الاسم مقلق و شاق في تقبله لهذه الجميلة !

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • فوزي سليم بيترو
      مستشار أدبي
      • 03-06-2009
      • 10949

      #3
      إجهاض متكرر هو وصف لحالة وأد علاقة حب بين حبيبين
      الحالة تتكرر زمانا ومكانا وشخوصا ...
      السرد جاء متفقا مع حالة البطلة المقهورة إرادتها في البيت وخارج البيت حتى مع طبيعتها الأنثوية .
      تحياتي لك أخي بسباس عبد الرزاق
      فوزي بيترو

      تعليق

      • السعيد مرابطي
        أديب وكاتب
        • 25-05-2011
        • 198

        #4
        [read]
        العــزيز عبد الــرزاق.

        نص منجــز بحرفية ظاهرة!
        اللغــة الــواصفة ذكــية ومتجــانسة مع نفــسية امرأة تــحب ..تــعشق
        وتــرجو توازنا من الــرجل .
        الــمرأة المثقلة بأشــجانها وتقاليد بيــئتها في مجتمعاتنا العربية الذكورية.
        أنثى لا تــتمتع بحرية اختيار ..تســلك مسارات بائسة.
        الأخطاء واردة في علاقات لزجة تقنص أشخاصها من واقع لم يتزحزح كثيرا عن تقلصات متزايدة في وعي الأفراد.
        ربما درجة الوعي هنا تقلب الأوضاع في كل مرة ،حيث الحيل سمة التمشي والسلوك.
        نص لا يفقد حرارته مع مناسبة كــ:08 مارس.
        أهنــؤك على هذا النص الجميل لغة وسردا.
        تقديري .[/read]

        التعديل الأخير تم بواسطة السعيد مرابطي; الساعة 08-03-2015, 17:08.
        [read]أنـزوة غرور هي أن يـكون لي مفتـاح تـصور؟ ![/read]

        تعليق

        • ادريس الحديدوي
          أديب وكاتب
          • 06-10-2013
          • 962

          #5
          أسلوب جميل و سرد أنيق .. القصة جميلة و معبرة
          تحياتي أستاذي الأنيق
          ما أجمل أن يبتسم القلم..و ما أروعه عندما تنير سطوره الدرب..!!

          تعليق

          • بسباس عبدالرزاق
            أديب وكاتب
            • 01-09-2012
            • 2008

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            الاسم أربكني
            و جملة الأم الأخيرة أنهت على ما بقى من اتزاني
            نعم كان اجهاض
            ولكنه لم يكن متكررا إلا في حال ضياع الحب و انتصارالوقت في عداوته
            وجملة الام أتت لتدخل بي مفازة ما لم أكن قد أعددت نفسي لولوجها
            وهي قدرتها على الخداع و الغش التي خانتها في ارتكابها القبول
            رغم أنف الواقع الذي كان هناك بين خلايا ابنتها !

            أسلوب التناول كان جميلا لغة و بناء و قدرة على الانزياح و الاثراء
            لكن الاسم مقلق و شاق في تقبله لهذه الجميلة !

            محبتي

            مرحبا بك أستاذي الرائع

            في الحقيقة القصة كتبت حتى منتصفها و هي مشروع قصة عادية و لكنني بعد المنتصف و تماما بعد اللقاء عند الشجرة مع حبيبتي الكرة
            عندها ساورتني أفكار عدة و هنا ربما ما لم يتنبه له الجميع : الصراع العائلي و الذي كنت أريد التأسيس عليه للوصول للعديد من القضايا
            عندها فقط هجمت فكرة ما فسارعت في الأحداث حتى بدت نوعا ما سريعة جدا و مجتزأة و ذلك حتى لا تفر الفكرة
            و كتمتها في قلبي و قلت هي مشروع رواية
            و تحولت لمسودة رواية بالضبط بعد قراءتي لقصة الحبيب عبدالرحمن الخضر و ما شجعني ردودك الرائعة
            حيث وجدتني أنطلق من نقطة مخالفة و لكنني أنتهي معه في الخاتمة
            عندها ساورتني أفكار عدة
            و خاصة النهاية حيث ستكون مخالفة تماما لما هنا


            بالنسبة للعنوان حتما سيكون رأيك نبراس و دالة للآتي


            محبتي الكبيرة استاذي
            السؤال مصباح عنيد
            لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

            تعليق

            • بسباس عبدالرزاق
              أديب وكاتب
              • 01-09-2012
              • 2008

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
              إجهاض متكرر هو وصف لحالة وأد علاقة حب بين حبيبين
              الحالة تتكرر زمانا ومكانا وشخوصا ...
              السرد جاء متفقا مع حالة البطلة المقهورة إرادتها في البيت وخارج البيت حتى مع طبيعتها الأنثوية .
              تحياتي لك أخي بسباس عبد الرزاق
              فوزي بيترو
              شكرا صديقي و أستاذي فوزي

              كم سعدت أن النص نال إعجابك و ربما شجعتني على المواصلة فيه و المغامرة مع البطلة

              محبتي أستاذي فوزي
              السؤال مصباح عنيد
              لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

              تعليق

              • بسباس عبدالرزاق
                أديب وكاتب
                • 01-09-2012
                • 2008

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة السعيد مرابطي مشاهدة المشاركة
                [read]
                العــزيز عبد الــرزاق.

                نص منجــز بحرفية ظاهرة!
                اللغــة الــواصفة ذكــية ومتجــانسة مع نفــسية امرأة تــحب ..تــعشق
                وتــرجو توازنا من الــرجل .
                الــمرأة المثقلة بأشــجانها وتقاليد بيــئتها في مجتمعاتنا العربية الذكورية.
                أنثى لا تــتمتع بحرية اختيار ..تســلك مسارات بائسة.
                الأخطاء واردة في علاقات لزجة تقنص أشخاصها من واقع لم يتزحزح كثيرا عن تقلصات متزايدة في وعي الأفراد.
                ربما درجة الوعي هنا تقلب الأوضاع في كل مرة ،حيث الحيل سمة التمشي والسلوك.
                نص لا يفقد حرارته مع مناسبة كــ:08 مارس.
                أهنــؤك على هذا النص الجميل لغة وسردا.
                تقديري .[/read]

                الصديق الأديب و الجار القريب

                السعيد مرابطي

                ردك منير و مضيء مثلك و أنت كنت هنا تدخل عمق النص

                محبتي الكبيرة أستاذي و كامل تقديري و احتراماتي
                السؤال مصباح عنيد
                لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                تعليق

                • بسباس عبدالرزاق
                  أديب وكاتب
                  • 01-09-2012
                  • 2008

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ادريس الحديدوي مشاهدة المشاركة
                  أسلوب جميل و سرد أنيق .. القصة جميلة و معبرة
                  تحياتي أستاذي الأنيق
                  أستاذي الأنيق ادريس الحديدوي

                  يشرفني دومـــــا أن تكون من الحاضرين عندي
                  فطوبى للنص بك

                  محبتي الكبيرة و تقديري
                  السؤال مصباح عنيد
                  لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                  تعليق

                  يعمل...
                  X