المهمة الاخيرة
قصة قصيرة احمد حمزة طمبل [align=justify]
علي الرغم من تخرجه في كلية الهندسة بتفوق ،الا انه فشل في الحصول علي فرصة عمل ، وبدأت تراود ذهنه فكرة الهجرة إلي الخارج ، وبينما كان في طريق عودته إلي المنزل بعد ان قدم اوراقه إلي إحدي الشركات الخاصة .استوقفه احد الاشخص واعطاه كارت وقال له: هذا عنوان شركة لديهم وظائف شاغرة. وقبل ان يفتح فمه كان ذلك الشخص قد انصرف وسط غمرة زهوله واندهاشه. اسرع الخطي نحو الشركة ، اجروا معه مقابلة قاسية ، غير معهودة ... ومنذ ذلك الوقت وهو يمارس هذا العمل . دلف إلي المقهي ، تنفس الصعداء عندما وجد ان طاولته التي اعتاد الجلوس اليها شاغرة، جلس ،وضع الجريدة فوقها ،اشعل سيجارة وارسل بصرة الي الشارع عبر النافذة الزجاجية. ينتابه قلق شديد عندما يكلف بمهمة جديدة،. الا انه ومنذ فترة ارتفعت وتيرة القلق بداخله وهو ماجعله لايسطيع النوم لساعات طويلة من شدة الارق ، واذا غَفَا قليلاً ، داهمته الكوابيس والاحلام المزعجة ، يصحو مكتئباً ويظل يدخن سيجارة وراء سيجارة ، حتي يرسم ضوء الفجر مستطيلاً رمادياً علي ارضية الغرفة .. احضر الصبي قهوته المعتادة وانصرف، اشعل سيجارة وبدأ يرتشف القهوة ويفكر في المهمة . . الدقة اهم شيء في عمله وهو يعي ذلك جيداً ، حيث لامجال لاية هفوة ، في البداية يفاضل بين عدة اماكن، وعندما يقع اختياره علي احدهم ، يرصده جيداً ، يلتقط له الصور من كل الزوايا ، يدرس مداخله ومخارجه ، تضاريسه وجغرافيته ، حتي احوال الطقس يضعها في الحسبان . يخضعونه كل ستة اشهر لفحص بدني ونفسي شديدبن كي يتأكدون انه يستطيع اداء عمله علي اكمل وجه، راودته الرغبة في التقاعد من قبل ولكنه لم يستطيع مصارحتهم بذلك ، وحدهم من يقررون متي وكيف يتقاعد . نظر في ساعة معصمة، نهض بهدوء شديد ، أطفأ ماتبقي من سيجارة ، واخرج من جيبه بضعة جنيهات وضعها اسفل كوب القهوه وانصرف. ، ادار محرك السيارة وانطلق ، عبر طرق جانبية كما اعتاد طوال اسبوع ، اوقفها في المكان الذي حدده من قبل . سلك ممراً ملتوياً بين البنايات ، اجتاز الكبري القديم وواصل السير عابراً الطريق الكورنيشي ، ثم اتجه يساراً بخطي ثابتة ، صوب البيجو السوداء ودلف الي داخلها . في تمام الثانية عشر والنصف ادار محرك السيارة وانتظر. بعد خمسة عشرة دقيقة وعلي ضوء عامود الانارة الشاحب ، شاهده يترجل من سيارة ابن اخيه عند طرف الشارع . جسده النحيل ، يميل الي الامام في انحناءه طفيفة ، كعادته كل يوم يحمل كتب بيده اليمني ، ويقبض بالاخري علي عصا يتكأ عليها ، يقطع المسافة القصيرة الي منزله مشياً علي الاقدام . وضع يده علي عجلة القيادة متحفزاً ، اتسعت دوائر عينيه ، تلفت يمنة ويسرة وفي لحظة محددة ضغط علي دواسة البنزين وانطلق بسرعة كبيرة ... كان الاندفاع قويا وصوت الارتطام جد مرتقع ، هوت السيارة الي النهر صاحبة معها جزء من سور الكورنيش المتهالك ومخلفة وراءها علامات استفهام ، تحسس العجوز جسده بيده المرتعشة وهو يحملق في زهول الي السيارة التي ظلت طافية لثوان علي سطح المياه قبل ان يبتلعها النهر.انحني بصعوبة ، لملم كتبه المبعثرة ، جرجر قدميه وجلس فوق الرصيف، دعك جبهته براحة يده وهو غير مصدق انه قد نجي من الموت. [/align]
تعليق