ارتسمت إشارات الصباح على بقع الظلال الباهتة، فانسلت إلى قلب عمي سعيد شظايا البؤس مثخنة بكل ألوان الألم كأنها مخلفات قنابل الزمن وجراحه صدى الأنفاس الجائعة في تخمة البؤس تفتت عزمه وتكسر كاهله، ونظرات زوجته البائسة تنسل إلى قلبه كسهام تمزق قلبه وتذميه ،كلماتها زفيرعسير من الفقر المدقع يتنفسه مع كل نفس ، ككل يوم صباحا ينطلق عمي سعيد في رحلة شاهقة إلى الرصيف حيت تصطف الأجساد المفتولة بحتا عن عرض عمل ، ...حمال يصرخ أحدهم فتجيبه قوافل الأجساد في قتال صامت للظفر بالعمل الذي يكفي صاحبه ليقيه الجوع وعياله،عمي سعيد امتهن هذا العمل الشاق مند سنوات طويلة وغدا شبه لوحة زيتية تحكي تفاصيل التعب والشقاء ،جراحات بارزة على جسده المفتول تروي قصص الحرب الضروس مع السلع ،التي قد تتسبب إن سقطت على احدهم بالوفاة كما وقع مع صديق عمي سعيد مند سنوات لم تزل محفورة في قلبه ،فقد طلب من عمي سعيد أن يحمل سلعة لوجهة بعيدة فعرض على صديقه صالح أن يساعده ويقتسم كلاهما المال ،كان هذا الأمر قليلا في عالم البؤس حيت الحرب على رغيف تعني الدوس على كل القيم التي ولدت مع أولئك البؤساء ،ولا مكان في حياتهم لغير الاستيلاء على العمل والظفر بفرصة لشخص واحد، لكن عمي سعيد كان رجلا لم تزل تعيش فيه القيم والأخلاق فطلب من صديقه أن يساعده على العمل ويقتسما ما كسباه بالتساوي ،كان ذالك اليوم طاعن في الشقاء فقد كان العمل صعبا ووقعت الكارثة بسقوط كيس كبير على رأس صديق عمي سعيد فأرداه قتيلا صمت الحلم وتعالت صيحات الفزع وغادر طير الفرح غصون تساقط ورقها كخريف حزين، لم يعد عمي صالح كما كان من قبل علته غيمة حزن وغيرت حياته لم يعد يعنيه من الحياة غير كد وشقاء لا ينتهي إلى ليبدأ حتى دعابته ومرحه غرقت في بحرالفاجعة ،كان ضميره يحمله مسؤولية ما جرى، في عالم الفقراء كل شيء يقع له عواقب قاسية لا تنمحي كوصم يعلوا وجوههم الصدئة، مرت السنوات مسرعة لكن عمي سعيد بقي يعيش بين شقى الرحى الندم على فقد صديقه والكد لسد رمق الأفواه الجائعة ، في العمل كان الصراع شديدا بين الأجساد والعمل أصبح شاقا قليل الفائدة ،في احد الأيام مرض عمي سعيد ولم يقوى على مغادرة الفراش نظر في وجه زوجته وأبنائه كان الخوف والوهن كغيمة سوداء تكاد تمطر دمعها والصمت يعم المكان ،فجأة يصرخ ابنه الأكبرأبي لن تعمل بعد اليوم استرح سوف أخلفك في العمل وقع الكلام كالصاعقة على الرجل ابنه البكر كان يحلم بأن يراه طبيبا أو مهندسا أو طيارا هطلت دموع الأب لم يجد ما يقوله غير الصمت الصارخ ودموع انكسار مدوي ،الابن يخرج تاركا الأب والأم في دوامة حزن عارمة فهم لن يستطيعوا منع ابنهم من ترك الدراسة لأنها أصبحت مكلفة ومع مرض الأب لم يعد شيء يكفيهم لسد رمق الأفواه المنتظرة ، الابن الأكبر كان حلم الأب والأم في عالم شرس لا يعرف الرأفة كانا يحلمان بيوم يصبح فيه الابن رجلا مهما يحمل عنهم أعباء الزمن الجارف ويدفئ برد حياتهم الصعبة، كل هذا مات في لحظة مرض الأب،تناثرالحلم وعصفت به رياح الزمن ، مر اليوم طويلا بعمر الأسى حين حل الظلام نامت العيون ورحلت الأرواح في رحلة الاحلام الجميلة بعيدا عن حياة البؤس،
هلا الصباح فخرج الابن باكرا يصارع مرارة الانكسار بعيدا عن أحلامه بأن يصبح طبيبا يداوي جراح الزمن الغائر هتف منادي العمل حمال فانجرف الابن في أول الطابور محطما كل من وقف في طريق بدايته الجارفة، الأمر نفسه مر به أبوه من قبل فقد أزاح هو بدوره أجسادا خذلت أصحابها بعد زمن متعب كثير الألموالحلم ،مر الزمن مسرعا وغدا الابن حطام حلم ينساب قبل الفجر ليركب بحر العمل الشاق بعيدا عن شاطئ حلمه الذي رحل بلا رجعة
هلا الصباح فخرج الابن باكرا يصارع مرارة الانكسار بعيدا عن أحلامه بأن يصبح طبيبا يداوي جراح الزمن الغائر هتف منادي العمل حمال فانجرف الابن في أول الطابور محطما كل من وقف في طريق بدايته الجارفة، الأمر نفسه مر به أبوه من قبل فقد أزاح هو بدوره أجسادا خذلت أصحابها بعد زمن متعب كثير الألموالحلم ،مر الزمن مسرعا وغدا الابن حطام حلم ينساب قبل الفجر ليركب بحر العمل الشاق بعيدا عن شاطئ حلمه الذي رحل بلا رجعة
تعليق