وذهب الجمل بما حمل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • توفيق بن حنيش
    أديب وكاتب
    • 14-06-2011
    • 490

    وذهب الجمل بما حمل

    وذهب الجمل بما حمل
    نزلتَ من السيارة و أغلقتَ الأبواب بعد أن تأكدتَ من إغلاق زجاج النوافذ. مشيتَ خطوات و إذا بالحاسوب يطير أمامك يسبقك إلى المقهى أو الى الرصيف الآخر أو حيث لم تكن تَقصد... حاولتَ اللحاقَ به وطِرتَ وراءَه في الهواء تحفُّك قطَعُ الحديد و النار و جعلتَ تَسبَح في الفضاء وأنتَ لا تتوقف عن طرح الأسئلة المنفلتة من القمقم الصدئ... لا أمان... لا حزام يشدك إلى الكرسي ووسط هذا الغبار ضاع صوتُ الانفجار و من شدة قوته كان لا يزيد عما تحدثه علبة الطماطم يقذف بها الصبي على المُعَبّد...ذهبَ الحاسوبُ مع النوارس التي تحولت فَجأة إلى قطع من قماش رثيث تكفكف به الأشلاء الآدمية عواطفها.
    عندما تلاشى الصدى الأخيرُ من ترددات عُلبةِ الطماطم على الإسفلت. وجدتُني على الرصيف المقَابل لمربض السيارات. لم أكن وحدي كنت محاطا بقطع الزجاج و الحديد المنصهر و أشياء تشبه المسامير و بقايا حرارة قُدّت من جَهنم حفرت في جبهتي و يدي ما يشبه ثقب المسامير في علبة الطماطم... لم أكن أنزف أو هكذا خُيّل إلي و لم يكن يشغلني إلا مصيرُ حاسوبي... أين هو؟ وحاولت أن أصيح طالبا حاسوبي لكنني لم أكن أجد الكلمات... تراء لي حاسوبي ملقى على بعد أمتار مني و كان ينزف... ينزف و يوشك أن يغرق الشارع بالدماء. كان دمه حارا يتدفق بسخاء... لا أحد يمكنه أن يسعف الحاسوب فالجميع في وضع الانبطاح يتبعون حواسيبهم التي طارت من على أكتافهم ومن أيديهم ومزقت الحقائب ...
    جلستَ أو هكذا خيل إليكَ و رفعت بصركَ فإذا قاليلي الذي كان يزورك في المنام قد حل بالمكان و جعل يلح عليك قائلا{كن شيخا و حاكمني... كن شيخا و حاكمني فروحي على الأبواب لا يؤذن لها بالدخول... كن شيخا وحاكمني...} و كنت تلبس بردة التاريخ و تضع العمامة الاصفهانية و تدير أصابعك في الظلام لتثبت لنفسك و لقاليلي أنك مالكي المذهب أشعري العقيدة .لا شيء كان يغريك بالمحاكمة الا تلك اللزوجة التي تجدها حينما تحرك اصبعك بالشهادة. قلت لنفسك و لقاليلي {عليك بالكنيسة و ائتني منها بصك توبة و مر على أرسطو و اعتذر منه و اصعد الى زويس و استغفره و ارجع البصر الى الأرض و السماوات فهل ترى الأرض و الجبال و السهول و الهضاب و الأرواح و الأحقاد و العرق و النوايا. هل ترى كل هذا يدور حول الشمس ؟" ... نزل قاليلي الى الجحيم و كنت تدور حول الأرض و حول الحاسوب و حول نفسي... أدور أدور أدور... و الأرض ثابتة و الحمد لله.
    سألتموني {ما الذي حدث؟ و كنتم تنظرون الي بأعين زجاجية .و أيديكم الحديدية تجوس خلال تفاصيل الواقعة و جسدي ,و سألتكم هل وجدتم حاسوبي ؟}و فكرتم جميعا في الضحك و كنتم تلتقطون صغائر البسمات و تعيدونها الى القمقم الصدئ و تحكمون إغلاقه..
    و جعلتم تتسابقون في لهاث وجهد متقطع لتغيير الضمادات.. نظرتم الي بأعينكم الميتة و قلتم في صوت واحد تردد في أرجاء الجراح {اذا عاش الى الغد نجا}و سألتكم والحواسيب؟؟؟ هل تُؤتمن على جهد؟ و سخرتم مني كما لو كنتم رجلا واحدا و أغلقتم الباب و غادرتم ...
    وعاد اليه قاليلي في آخر النفق و جعل يخط على الجدار معادلاته التي تسبب الدوار و ترفع من حرارة الطقس و ما ان أتم درسه المستعجل حتى حضر الكهنة و الشيوخ و الرهبان و الأحبار و كانوا بوجوه متعددة متقابلة "وجوه رجال من الأمام ووجوه نساء من الخلف و جعلوا يرتلون و يترنمون بالأناشيد و يذبحون القرابين و لكن الارض زادت من دورانها أكثر و أكثر وأكثر ثم انطفأوا جميعا كما تنطفئ شاشة الحاسوب و سحبوا الغطاء على وجهه و ارتفع الآذان و دقت النواقيس و نفخ في القرون . و كانوا ثلاثين بحواسبهم تحمل زبدة أعمالهم و بحوثهم
    توفيق بن حنيش 8ماي 2015
    التعديل الأخير تم بواسطة توفيق بن حنيش; الساعة 08-05-2015, 19:31.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    توفيق بن حنيش
    أحب أن اقرأ لك
    قلتها لك سابقا وأقولها اليوم وسأقولها غدا
    أنت لاتكتب من فراغ ولا لغو ولا لأنك تشعر بالوحدة ولا لمليء الفراغ
    أنت تكتب لأن رأسك المجنون لاينفك يدور بين اروقته ليسخرج الافكار وينظم السير داخل جمجمتك
    الحواسيب
    الرؤوس
    المسامير
    الدم
    غاليلو
    الجحيم
    يااالله كانت رائعة فقط..العنوان
    ارجوك توفيق غيره لأنه كارثي ولايمكن أن يكون استهلالا لهذا النص الرهيب مطلقا أرجوك
    كن بخير ومساء بعطر الورد
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • توفيق بن حنيش
      أديب وكاتب
      • 14-06-2011
      • 490

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      توفيق بن حنيش
      أحب أن اقرأ لك
      قلتها لك سابقا وأقولها اليوم وسأقولها غدا
      أنت لاتكتب من فراغ ولا لغو ولا لأنك تشعر بالوحدة ولا لمليء الفراغ
      أنت تكتب لأن رأسك المجنون لاينفك يدور بين اروقته ليسخرج الافكار وينظم السير داخل جمجمتك
      الحواسيب
      الرؤوس
      المسامير
      الدم
      غاليلو
      الجحيم
      يااالله كانت رائعة فقط..العنوان
      ارجوك توفيق غيره لأنه كارثي ولايمكن أن يكون استهلالا لهذا النص الرهيب مطلقا أرجوك
      كن بخير ومساء بعطر الورد
      شكرا سيّدتي ...أسعدتني ملاحظاتك كلها. سأفكّر في تغيير العنوان. دومي بالودّ كلّه.

      تعليق

      يعمل...
      X