شجرة البلوط.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    شجرة البلوط.

    شجرة البلوط

    شارع طويل، يتحدث عن غياب المارة، و شجرة بلوط صامدة..
    طفل يدحرج قارورة غاز، و ثلج يعاند، يتراكم و تزاداد كثافته، ريح تعوي، مثل ذئب عذبه الحنين...
    يدفع برجله الهزيلة، و لكنها تتراجع للخلف، بصعوبة بالغة تتقدم للأمام، و كأنها ترفض أن تموت ببيت بارد؛ حذاء فمه متشققة، و رجل ترتجف من البرد، يضم يديه إلى بعضهما، ينفخ فيهما عله يبث بهما بعض الصبر..
    الشجرة: سيفعلها، و يرغمها على التقدم..
    حبة البلوط: ليته يتقدم...
    الشجرة: سوف تتقدم .. إنه يدفع بكل قوة..
    حبةالبلوط : لقد تقدمت قارورة الغاز...
    الشجرة: و لكنها بطيئة..تبا لك..
    حبة البلوط: سائق متهور، كيف تردم البراءة بمخلفات عجلاتك، نذل..
    تعزف الريح على أوتار الشجر، و ترقص حبات البلوط غضبا، تنحني الشجرة و كأنها في بروتكول رئاسي، يتقدم بثبات، يشوبه بعض التعب و الإرهاق..
    رجل عند النافذة يراقب المشهد، يتابع تفاصيل الملحمة..
    الشجرة: سوف يخرج؛ ليساعده..
    حبة البلوط: سمعت أنه رجل صالح...
    تدخلت الريح و هي توجه تهديدا للرجل: حذاري من الخروج.. مكانك..
    و رشقت النافذة بثلج تناثر من شجرة قريبة.. تراجع الرجل للوراء قليلا، ثم انصرف للفراش حيث كانت زوجته تحضر لليلة ساخنة..
    تعثر الطفل، و عطست الشجرة فسقطت حبات بلوط، استجمع قواه و عاد للوقوف، لتنفجر عيناه بالدموع، أخرج صورة، بللها ببعض الحب و أعادها لجيبه، حبة بلوط واحدة فقط؛ بقيت متشبثة بأغصان الشجرة، و هي تهمس:
    -أرجوك لا تسقط مرة ثانية، فأمي حساسة جدا،،،
    الشجرة: إنه الزكام،،، و بعض تعب،،،
    تماسك الطفل و واصل الدفع، هذه المرة كان دافعه الحياة، و ربما أعضاؤه أحست بقربه من البيت، فبدأت تطلب الدفء..
    الريح تعبث بردائه الرث، و الأرض متمسكة به، يواصل السير و كأنه يقتلع أرجله من القيود، أصبحت القارورة تسير بسرعة أكبر..
    الشجرة: لقد اقترب..
    حبة البلوط: إنه الباب؛ إنه يفتح...
    امرأة ترتجف من البرد، و شالها يستطلع المكان، شقت الباب قليلا و هي تنتظر وصوله..
    الريح: أين أنت ذاهب؟
    الشجرة: دعيه و شأنه..
    حبة البلوط: أخيرا وصل..
    أمسكت المرأة قارورة الغاز ثم سألت الطفل عن بقية النقود، أخرجها من جيبه و هي مختلطة مع صورة تائهة، أرادت أن تأخذها منه، لم يتنازل عنها..
    المرأة: أحمق.. تماما مثل أمك..
    و صفعته بقوة، سقط على الثلج، و استسلمت حبة البلوط هي أيضا للجاذبية، ثارت الشجرة بوجهها، و الريح صمتت تماما، لم تعرف ما تقوله،،،
    أغلقت الباب بوجهه، و كأنها تغلق الحياة بوجهه، و سلمته لمصيره البارد...
    نفض نفسه من الثلج، و هو يمرر ابتسامة لأمه،،،
    الشجرة: تعالى يا حبيبي..
    و انزوى بداخلها؛ ليحتمي من الثلج..
    الشجرة: أتذكر كيف حفرت أمك بطني، لتطرد عني الدود و تستأصل المرض..
    كبر الفتى.. أراد أن ينسى الماضي؛ فقطع الشجرة، و واصل حياته بعيدا عن الشارع الطويل...
    التعديل الأخير تم بواسطة بسباس عبدالرزاق; الساعة 30-09-2015, 18:28.
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    الله الله .. جمال ناطق
    و سحر يرتكب الغواية جهارا نهارا
    وحماقة لا أدري لها سببا إلا أن يكون شيء عجزت عن فهمه و هي ؟

    هذه منطقة الفن الجميل ، و هذا هو طريقك
    فالق بذارك أيها البسباس في بأس و قوة
    و تأكد أن حقولك خصبة و سوف تحصد منها قمحا كثيرا !

    محبتي
    sigpic

    تعليق

    • فوزي سليم بيترو
      مستشار أدبي
      • 03-06-2009
      • 10949

      #3
      الشارع والشجرة وحبة البلوط والريح والثلج
      جميعهم شهود على قسوة زوجة الأب
      معروف عن البلوط صلابتة ووفرة ثماره وأنها من الأشجار المعمّرة
      فكيف يهون عليك قطعها ؟!
      نص راق
      تحياتي لك أخي بسباس
      فوزي بيترو

      تعليق

      • لمياء كمال
        أديب وكاتب
        • 26-10-2012
        • 270

        #4
        حبكة رائعة وطريقة سرد محكمة
        تجبرك على متابعتها وحتى تصطك أصابعك وتصفق بحماس

        فعلا أسلوبك جذاب وله قوام العالمية
        أتمنى لك التوفيق
        وشكرا لإحساسك

        تعليق

        • بسباس عبدالرزاق
          أديب وكاتب
          • 01-09-2012
          • 2008

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          الله الله .. جمال ناطق
          و سحر يرتكب الغواية جهارا نهارا
          وحماقة لا أدري لها سببا إلا أن يكون شيء عجزت عن فهمه و هي ؟

          هذه منطقة الفن الجميل ، و هذا هو طريقك
          فالق بذارك أيها البسباس في بأس و قوة
          و تأكد أن حقولك خصبة و سوف تحصد منها قمحا كثيرا !

          محبتي
          الأستاذ الحبيب ربيع اليانع

          كم أرقني الفتى و كم أرقني النص
          و لكن و كما قلت لي أن النص يكتب نفسه بنفسه
          لذلك لم أزعج لا الفتى و لا النص
          و انتظرت شجرة البلوط حتى أينعت و ألقت بروحها


          و هكذا أصبحت أتعامل مع الفكرة
          أتركها تتقلب حتى تنضج تماما و عندها أجدها هي من تبادرني

          هكذا علمتني أستاذي و هكذا أحببتك


          محبتي و تقديري
          السؤال مصباح عنيد
          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

          تعليق

          • بسباس عبدالرزاق
            أديب وكاتب
            • 01-09-2012
            • 2008

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة
            الشارع والشجرة وحبة البلوط والريح والثلج
            جميعهم شهود على قسوة زوجة الأب
            معروف عن البلوط صلابتة ووفرة ثماره وأنها من الأشجار المعمّرة
            فكيف يهون عليك قطعها ؟!
            نص راق
            تحياتي لك أخي بسباس
            فوزي بيترو

            شكرا أخي فوزي لتعقيبك المثري

            و صدقني لو قلت لك أنني حتى أنا لا أعرف لما أصر الفتى على قطع الشجرة
            هكذا أتت الخاتمة رغما عني فكتبتها و أنا مندهش من فعله و تمرده على إرادتي
            فليس لي إلا الإصغاء لإرادة بطل القصة و حرية النص


            شكرا أستاذي لعبق مرورك

            تقديري الكبير
            السؤال مصباح عنيد
            لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

            تعليق

            • بسباس عبدالرزاق
              أديب وكاتب
              • 01-09-2012
              • 2008

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة لمياء كمال مشاهدة المشاركة
              حبكة رائعة وطريقة سرد محكمة
              تجبرك على متابعتها وحتى تصطك أصابعك وتصفق بحماس

              فعلا أسلوبك جذاب وله قوام العالمية
              أتمنى لك التوفيق
              وشكرا لإحساسك

              شكرا استاذتي لجميل حديثك
              سعيد بحضورك و قرائتك
              هذا ما يعنيني من القارئ بالدرجة الولى
              فشكرا لكرم و الحضور

              تقديري الكبير
              السؤال مصباح عنيد
              لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

              تعليق

              • حسن لشهب
                أديب وكاتب
                • 10-08-2014
                • 654

                #8
                هكذا أحب أن أجد النص ، سلسا ،مطواعا،بلغة فاتنة وجذابة...
                راقني أن أقرأ لك صديقي بسباس.
                دم بخير.

                تعليق

                • بسباس عبدالرزاق
                  أديب وكاتب
                  • 01-09-2012
                  • 2008

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة حسن لشهب مشاهدة المشاركة
                  هكذا أحب أن أجد النص ، سلسا ،مطواعا،بلغة فاتنة وجذابة...
                  راقني أن أقرأ لك صديقي بسباس.
                  دم بخير.

                  أخجلتني و مكنت مني هذا المغرور بداخلي
                  طبعا سأهزمه

                  سرني مكوثك و رأيك و تقييمك للنص

                  محبتي و تقديري أستاذي
                  السؤال مصباح عنيد
                  لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                  تعليق

                  • محمود عودة
                    أديب وكاتب
                    • 04-12-2013
                    • 398

                    #10
                    أروع ما في النص محاكاة الطبيعة الممثلة بشجرة البلوط المعمرة وكيف تمكن الكاتب بقدرة فائقة على ربطها بأم الطفل المغلوب على أمره وعلاقته بزوجة الأب الفاقدة ا؟لأنسانية وعدم ولوج العطف والرحمة في قلبها الحجري ولكن ما اذهلني هو الحبكة المحيرة كيف قطع شجرة البلوط وسار بعيدا في طريق حياته الطويل ولكني استدركت ان الشجرة هي أمه فهو لم يقطعها ولكنه تعبير عن موت أمه وربما أكون مخطئاً
                    لك خالص مودتي وتحياتي

                    تعليق

                    • بسباس عبدالرزاق
                      أديب وكاتب
                      • 01-09-2012
                      • 2008

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمود عودة مشاهدة المشاركة
                      أروع ما في النص محاكاة الطبيعة الممثلة بشجرة البلوط المعمرة وكيف تمكن الكاتب بقدرة فائقة على ربطها بأم الطفل المغلوب على أمره وعلاقته بزوجة الأب الفاقدة ا؟لأنسانية وعدم ولوج العطف والرحمة في قلبها الحجري ولكن ما اذهلني هو الحبكة المحيرة كيف قطع شجرة البلوط وسار بعيدا في طريق حياته الطويل ولكني استدركت ان الشجرة هي أمه فهو لم يقطعها ولكنه تعبير عن موت أمه وربما أكون مخطئاً
                      لك خالص مودتي وتحياتي
                      تصرفه في نهاية القصة
                      حيرني أنا أيضا استاذي و لكن كما يقال أن اللاوعي يتدخل أحيانا فيرغمنا على أفعال لا نفهم سببها
                      و ربما ذاك ما حصل معي

                      رد مبهج و قد استطاع تفكيك النص
                      أسعدني حضورك و قرائتك
                      محبتي الكبيرة استاذي القدير محمود عودة
                      السؤال مصباح عنيد
                      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                      تعليق

                      • وفاء أمريكا
                        محظور
                        • 10-09-2015
                        • 24

                        #12
                        امطرنا قلمك .. أستاذ: بسباس
                        هذا النص الجميل بأسلوب رشيق سهل ممتنع


                        قلت: و كأنها ترفض أن تموت ببيت حقير

                        لم قلت بيت حقير!
                        مع انه كان يعيش فيه.. والانسان يرتبط عادة بكل ما يشير لماضيه سواء كان جميلا أو العكس
                        للفقر وجه آخر دائما لا ينظر إليه الفقير!

                        في تصوري الفقر كله في عدم الرضا بما قسم وكتب الله
                        الراضي يعيش ملكا ولو لم يملك شيئا !
                        هنا رفض وعدم انتماء للماضي وكأنه لا يرى من الماضي كله غير سلبياته
                        التمرد جميل إذا لم يكن فيه تخلي!
                        قطعه للشجرة هو سقوط في وحل العالم المادي الخالي من الجوهر
                        الغرب يشتري التاريخ بالملايين ونحن نتخلى عنه
                        مع ان القيمة والثراء الحقيقي في التاريخ
                        الذي لم نحميه ولم نعرف قدره

                        هتلر كان يعشق شجرة اعتقد الزيزفون وهناك شارع في المانيا بهذا الاسم
                        كان يأخذ من التراب ويخلطه بالشاي ويشرب !

                        ليته مضى على الدرب الطويل
                        وترك رأس تاريخه
                        لم يقطعه!

                        تحية وتقدير

                        تعليق

                        • بسباس عبدالرزاق
                          أديب وكاتب
                          • 01-09-2012
                          • 2008

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة وفاء أمريكا مشاهدة المشاركة
                          امطرنا قلمك .. أستاذ: بسباس
                          هذا النص الجميل بأسلوب رشيق سهل ممتنع


                          قلت: و كأنها ترفض أن تموت ببيت حقير

                          لم قلت بيت حقير!
                          مع انه كان يعيش فيه.. والانسان يرتبط عادة بكل ما يشير لماضيه سواء كان جميلا أو العكس
                          للفقر وجه آخر دائما لا ينظر إليه الفقير!

                          في تصوري الفقر كله في عدم الرضا بما قسم وكتب الله
                          الراضي يعيش ملكا ولو لم يملك شيئا !
                          هنا رفض وعدم انتماء للماضي وكأنه لا يرى من الماضي كله غير سلبياته
                          التمرد جميل إذا لم يكن فيه تخلي!
                          قطعه للشجرة هو سقوط في وحل العالم المادي الخالي من الجوهر
                          الغرب يشتري التاريخ بالملايين ونحن نتخلى عنه
                          مع ان القيمة والثراء الحقيقي في التاريخ
                          الذي لم نحميه ولم نعرف قدره

                          هتلر كان يعشق شجرة اعتقد الزيزفون وهناك شارع في المانيا بهذا الاسم
                          كان يأخذ من التراب ويخلطه بالشاي ويشرب !

                          ليته مضى على الدرب الطويل
                          وترك رأس تاريخه
                          لم يقطعه!

                          تحية وتقدير
                          السلام عليك استاذة وفاء

                          رائع جدا ما تفضلت به
                          فليست القراءة مجرد قفز فوق السطور بل تجاوب و تفاعل

                          بالنسبة لملاحظتك الأولى فصراحة لست املك إلا أن أذهب رأسا إليها و أبحث للجملة عن مخرج لها

                          أما ما تفضل منك بعد ذلك عن الخاتمة
                          و هي حمولة النص التي ألقيتها

                          فهي ما كان يهمني طوال كتابة القصة

                          بمعنى أن ما تفضلت به هو ما كنت أريده أن يضطرب في وجدان القارئ
                          و هو ان هذا الطفل و تلك السلوكيات التي تنتهج ضده ستنتج ذاك الشاب الذي سيقطع صلة بماضيه
                          و إلا بما يمكننا تفسير حالة شبابنا اليوم الذي ضرب شكلا من القطيعة التامة مع ماضيه و ضرب بكل ثوابته و عاداته الطيبة و الثابتة

                          طبعا كنت استطيع أن أكتب: كبر الفتى، و احتفل بعيد شبابه مع الشجرة

                          و لكن هذا سيكون مناقضا لأرضية القصة و ما تقتضيه واقعية و محيط القصة من داخلها، و ليس خارجها..
                          ((تصوري أننا نعيش داخل القصة، و من خلال ما تقدم فيها يمكن استنتاج نفسية الطفل التي ستكون معقدة و تتعقد مرة عن مرة حتى يصل سن معينة و لذروة التأزم النفسي.. عندها سينتقم لا إراديا من مجتمعه)

                          و أول من اشار لي بذلك كانت زوجتي، فهي أول من تقرأ لي

                          و كنت أعلم أنني سألاقي نقدا بشأن خاتمتها
                          و لكنني لم استطع إلا أن أذعن لرغبة بطل القصة...

                          إن التربية السليمة تنتج شابا سويا سليما
                          و عكسها تنتج شابا معوجا، جافا مريض نفسيا

                          هذا هو ما أردته
                          فمعاناة الطفل مع الثلج و قارورة الغاز تحصل يوميا لآلاف الأطفال، و حصل معي، و لكننا نجد بالبيت من يخفف عنا تلك المعاناة فنشب و عودنا صلب و نحن جاهزين لمواجهة الحياة بتصرفات سليمة
                          و لكن سلوك زوجة أبيه هو ما أردت له الحضور في مخيلة القارئ و كذلك سلوك (الرجل الصالح)..

                          لنخلص لحقيقة أن الطفل عندما شب رأى في الشجرة رمزا لماضيه البائس و سبب مآسيه و وجودها

                          شكرا لبذخ الحضور
                          و شكرا للملاحظات القيمة التي لم أختلف معها بل هي من صلب العمل و ما دلت إنما دلت عن دقة و عمق في التفكير و الرؤية

                          كبير تقدير و احترام
                          السؤال مصباح عنيد
                          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                          تعليق

                          يعمل...
                          X