لماذا !؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سامر عبد الكريم
    أديب وكاتب
    • 22-11-2010
    • 95

    لماذا !؟

    كانت كفي تقبض بإحكام على أصابعه الرقيقة فيما عيناه ترصدان بنهم حركة الشارع..وحين انحنيت بنظراتي إليه..تساءلت بقلق بالغ " إلى أين يقودني هذا الرأس الصغير!!"
    سحبني شرودي إلى ذلك المساء.حين أردت أن أشعل سيجارة. أطفئ بها بعض توتري.
    " ابتعد قليلاً" قلت له وأنا أخرج السيجارة من علبتها.
    " لماذا؟" سألني وهو ينظر إلى السيجارة المتدلية من فمي.
    " الدخان سيؤذيك" قلت له فيما كانت يدي تمتد إلى علبة ثقاب.
    " وأنت؟" سألني .
    " أنا..! ماذا..!" قلت له حين كانت أصابعي تنبش عود ثقاب.
    " ألا يؤذيك الدخان!!؟" سألني مستغرباً .
    " بالتأكيد..الدخان يضر بالصحة.." قلت له بنبرة تعليمية حاسمة مترافقة مع سحب السيجارة من فمي وإخفائها بين أصابعي.
    " الدخان يضر بالصحة..إذا لما تدخن!؟" سألني بدهشةٍ . لم أجد رداً مناسباً على سؤاله غير الهروب إلى الشرفة ونفث دخاني.
    حين انعطف بنا الشارع.. كانت الذاكرة تلقيني إلى ذلك الصباح. الذي رافقني فيه إلى مكان عملي.و كان جالساً إلى جواري في مكتب يغص بالموظفين حين رن هاتفي.
    " المدير يريد مقابلتي" قلت لهم وأنا أهمُّ بالوقوف.
    " المدير الفاسد.. السارق." قال كلماته بطريقة واضحة ومباشرة جعلت الصمت يخيم على الجميع وهم يتبادلون النظرات والابتسامات.
    " ماذا قلت..؟؟" سأله أحدهم فيما كانت ابتسامة صفراء تتأرجح على وجهه .
    " المدير فاسد وسارق..أليس كذلك يا أبي !؟" كرر عبارته وهو يرتقي بنظراته نحوي.
    " لا..لا..بالتأكيد لا .." قلت له وأنا أضغط على رأسه وعيناي معلقتان بالوجه المبتسم.
    " أنت تقول هذا كل يوم يا أبي." قال لي وهو يبعد كفي عن رأسه.
    لم أجد مخرجاً غير سحبه خارج المكتب.لم تمض غير أيام قليلة، حتى وجدت نفسي مضطرا لقطع مسافة مائة كيلو متر يومياً،إلى مكان عملي الجديد في فرع ناءٍ للشركة.
    كانت المدرسة هادئة،حين دخلنا عبر باب عريض،مجتازين باحتها الفارغة إلى مكتب مديرها، والذي لا تزال لهجته المتوترة التي وصلتني عبر الهاتف مساء الأمس، تقلقني.وحين جلسنا ،على كرسيين متقابلين، أمام طاولة عريضة ،ووجه متجهم يطل علينا، ازداد توتري وقلقي.
    " ما هو الأمر المهم الذي أردت مقابلتي بسببه؟؟" سألته بلهجة شبه ناحبة.
    " ألم يخبرك بما فعله؟؟" قال لي وهو يشير بيد مرتجفة نحو ولدي .
    " لم يقل لي شيئاً!! " أجبت وأنا انظر نحو وجهه الهادئ، بغضبٍ، قبل أن التفت إلى المدير متسائلاً: " هل ضرب أحد زملائه ؟؟ هل يتغيب عن المدرسة ؟؟ هل.." " يا ليته فعل كل ذلك ولم يقم بما فعله بالأمس!!" قال المدير وهو يضع كفه على جبينه بأسىً.
    " ماذا فعل؟؟" سألته بصوت أكثر نحيباً .
    " مصيبة..كارثة..!!" ردَّ المدير بانفعال، فيما كان ولدي ينقل نظراته بيننا بفرح غريب ، بدا مستمتعاً بما يراه .
    " قل لي..ماذا فعل..؟" قلت له وأنا أشعر بأن جسدي كله ينبض .
    " لقد جمع طلاب صفه في باحة المدرسة" همس بتوتر.
    " لماذا؟" سألت ونظراتي معلقة بوجه صغير يبتسم.
    " مظاهرة !!" همس المدير بصوت كالفحيح.
    " مظاهرة !!" رددت باستغراب. " لماذا !؟" سألته .
    " يريد إسقاط مدرس الرياضيات!!" قال لي بينما كانت ضحكة خفيفة تفر من شفتي ولدي، قبل أن يقول بلهجة واثقة " ألم تقل يا أبي بأن التظاهر حقٌّ لنا !؟". شعرت وأنا أسمعه بأن قلبي صار بين كفي وخصوصاً حين اقترب فاه المدير من أذني وبدأ بفحيح مرعب: " اليوم مدرس الرياضيات، وغداً المدير ، وبعدها..".
    كانت كلماته،دعوة مباشرة لفصل رأس الصغير عن جسده لأنتهي من مشاكله التي لا تنتهي. "لقد أبعدني إلى الشرفة قبل أن يلقيني في مكان عمل ناءٍ ، والآن ماذا يريد؟؟" فكرت في نفسي وأنا أنظر إليه.
    بدت عيناه الهادئتان كأنهما تسألان: " أنت ماذا تريد!!؟؟"
    التعديل الأخير تم بواسطة سامر عبد الكريم; الساعة 22-05-2015, 19:30.
    http://shurofat.blogspot.com
  • عبد الحميد عبد البصير أحمد
    أديب وكاتب
    • 09-04-2011
    • 768

    #2
    رائعة أستاذي ..
    شكراً لك
    الحمد لله كما ينبغي








    تعليق

    • سامر عبد الكريم
      أديب وكاتب
      • 22-11-2010
      • 95

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة احمد فريد مشاهدة المشاركة
      رائعة أستاذي ..
      شكراً لك
      شكرا لمرورك و ردك المميز
      تحية لك
      http://shurofat.blogspot.com

      تعليق

      يعمل...
      X