كنت اهوى ميول اللوز في عينيك, انت لا تدري كم كنت على مقربة من الجنون في سبيلهما. كانت امي عزيزة, ما انفكت تردد على مسامعي ان احذر, فللرجل الشرقي سحر اسود. لم انصت لأمي وقتها, فقد كانت تقلق كثيرا. وها أنا هنا اليوم, العن ظلك الاسود كالفحم, ظلك اضخم منك يا رفيق. اشكو كبريائي الذي سمح لكلمة منك ان تُغني فيها عالمي, كنت ابتسم لوحدي فيظنني الناس مجنونة, كنت أقرأ الكتب لكي أحب, واحلم بأطفال لم يولدو بعد. كنت أدندن أغاني الحب, وأفيق كل صباح وأقع من جديد في حب الشارع من شرفة منزلنا, وشجرة التين في حاكورتنا, وبرائحة القهوة والخبز. أحببت سماءنا الواسعة, وكنت على يقين بأنني سأطير يوما. أما سماءنا اليوم, فهي تمطر غبارا احمر, كلون الدم الذي كنت بزلة طيشٍ شبابيّ سأسكبك اياه في قدح من اقداح الهوى المثقوب. كنت تلهو بأنوثتي كما تلهو بألعابك. تدق بعظامها المسامير وترحل, تاركا اياها تنزف في موت بطيء. أذكر امي جيدا حين قالت لي أن الاطفال تلهو لكي تلعب, اما الرجال, فتلهو لتلامس قبة السماء. تمر امامي بمشيتك المنمقة وعينيك القاسيتين, فيختنق هوائي بعبق تفوح منه رائحة الالم, ويمتلئ فمي بكاءا مالحا أبلعه على مضض. سطحك الجاف وسلامك البارد يخدش مرآة قصتنا التي كُسرت منذ الخريف الماض خدشا عميق. ركعت لعينيك خريفا طويل وبكيتك علنًا وسرًا, اما اليوم, فقد دقت الساعة منتصف الحرية, وأنا عازمة على أن أكسر أصفادي بنفسي وأتحرر من لعنة أكثر وهمًا من لعنة الفراعنة. سأكفر بالحب من النظرة الاولى, لن أقرأ الشعر, ولن أشاهد الأفلام وأبكي حبا أسطوريا مات سبيل وصاله, لن أسهر مع القمر بعد الان, وان خذلتني ارادتي, فساخذ اقراصا منومة. لن أرقص حافية القدمين بالفستان الصيفي المورد الذي اهديتني اياه في عيد ميلادي العشرين, وسأقتلع شجرة السنديان حيث حفرنا اسمينا, سأرمي القصائد وأحرق مخدتي التي أوت طيفك عشرين شتاءا. سأكون أنا بطلة قصتي. أما قصتنا المكسورة, فسأصلبها وأهيل عليها التراب, عل حرقتي حين أعود لمملكتي تخبو وتنطفئ.