قصة فتاة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الحميد عبد البصير أحمد
    أديب وكاتب
    • 09-04-2011
    • 768

    قصة فتاة



    زهرة هيلينية ،
    متوردة الوجه , مشرقة الملامح ,ذات بشرة بيضاء ؛ تبرق مقلتاها بين أهداب عينين واسعتين؛ ممشوقة القد أسنان ناصعة البياض مرصوصة كاللؤلؤ ، يتدلى تحت شفتيها المكتنزتين سيماء العذوبة والجمال ، فيبرق محياها بوميض الفرحة..غيداء ذات قوام ممشوق يختال في رشاقته كالآيل ،ينازع في فتنته حسناوات الأوليمبس، هيلينية نُحتت بإتقان ،لايفتأ ثغرها الوضاء أن يسفر عن ابتسامة وضيئة كلما ذهبت إلى النبع تحمل جرتها على رأسها فيتقاطر حولها الشباب والكهول كلا يمن نفسه بابتسامة من تلك الحوراء ، قهرت فينوس بسحنتها الليلكية لاسيما تلك النظرة الساحرة التي تند من عينيها، وذلك البريق اللامع المرتسم على ثغرها الأملس ،فلاتحاول قراءة مابين عينيها عندما يأخذك الفضول لتتبع تلك الشفرات والمعادلات التي نسجت عقلية تلك الفتاة.. فهي تشبه هيباتيا الجميلة عند تتبعها لحركة الفلك ،وأندروميدا في جمالها وحسنها الآخاذ ...تزوجت في مقتبل عمرها عندما كانت على أعتاب العقد الثاني ...كانت تنتمى إلى أسرة فقيرة متمسكة بالعادات والتقاليد أنذاك، كان عليها الإنصياع وتقديس تلك الموروثات الثقافية ،وأن تقدم العزيز والنفيس وتضحى من أجل أسرتها وأن تثابر وتكابد في العمل على إنجاح هذه الصفقة ..الجسد مقابل المال ، الوظيفة ،الثروة إنتشال إسرة من براثن الجوع الفقر ،والإغداق عليهم بالأموال والمناصب ..إجراء عملية لشقيقها المقعد واسترداد بصره ، ...ولو بلغ الأمر أن تتخلى عن مشاعرها وأحلامها ، ومستقبلها ،وأن تلعن جسدها ومشاعرها المتصخرة بويلات السخط والغضب ،إذا سقط زواجها ،في مستنقعات الردى والفشل ..
    في ليلتها الأولى كفكفت دموعها الثقيلة، وهي تجتر ردائها الأبيض المخملي، بعد أن نكصت على عقبيها، وتخلت عن وعودها وفارقت حبها الأول... ندت من عينيها ملامح الأسى والألم ، وغدت عابسة مكفهرة مخافة أن يفتضح سرها بين أهلها وعشيرتها ..فتسير وصمة عار لايغسلها الدهر ..
    بعد مرور أعوام تلعن تلك الزيجة التي أغتالت براءتها ، نقائها عذوبتها، وأشياء أخرى ...إنتهى الزفاف والعروس مستسلمة مضرجة بدمائها على خشبة القصاب ،والقوم يهللون طرباً ..يرتشفون أقداحاً ًويثملون من أخرى يرقصون ويهللون ،ويتناولون لحوماً على شرف تلك الذبيحة ،فقد نذقت العروس براءتها على اردية الحناء التي تخضبت برحيق العذرى..
    لأول مرة يختلي بها رجل غريب. كفنت وجهها المتعب بيديها الصغيرتين . خلع عباءته. استرقت نظرة قصيرة من بين أناملها. لم يسبق لها أن رأت رجلا عاريا. ارتج قلبها. فك الحاج أزرار قميصها. غشيه وميض جسدها. همس بجلال. ركب مطيته الفتية. أذهلته نعومتها.حين هم بها،تحول جسدها إلى قطعة جليد شديدة البرودة،و تصلبت تضاريسه العذراء. همزها بنصله. لم ينل من خميلتها. دافع الجسد عن حرمته، و أغلق كل المداخل في وجه شهوته الرعناء. طعنها مرة ثانية، لم تصطدم طعنته سوى بجسد بارد ، و متحجر.تمعَّنت في وجهه.. هالها احمرار عينيه وهو يتمتم بألفاظ نهمة ، مجنونة، لم تعد تسمعها .
    اصطرختْ شفتاها الورديّتان المرتطمتان بشفتيه الغليظتين، وأسنانه المتآكلة..
    وتسللتْ إلى روحها رائحة أنفاسه الممزوجة برجع طعم التبغ والخمرة المتفاعلين بلعابه .
    تهالكتْ على أقرب أريكة.
    امتدت يده لتقطف ياسمينها بخشونة ذكّرتها بالحطب الغليظ المعدِّ للاشتعال في فناء المنزل
    .فلم تشفع توسلاتها في أن يرق قلبه ويمهلها إلى الغد حتى تعتاد عليه وتكتسب قليلاً من التماسك لكنه تعلل بالتقاليد الصارمة التي يتقيد بها المجتمع في إختبار شرف العروس ولابد للدماء أن تُهرق الليلة ،إنقض عليها كالذئب فارغاً أشداقه الجائعة مسفراً عن أنيابه القاطعة هشم جسدها الغض تلك الركلة التي أطاحت بها فوق الفراش المرمري ، صارت ترتجف كعرنوس ذرة أصفر تهزه رياح عاتية.نشب مخالبه في جسدها البض الطري فأطلق عواء الظفر فسكنت واستسلمت،ثم شرع يطعنها بنصله الحاد متلذذا بافتراسها اقترب من سريرها، صلبها على مهد السكنى والرحمة والرأفة .
    باعد يديها عن جسدها لأعلى رأسها يربطهما، وهيّأ بحباله ما تبقّى من بقاياها..
    لكي يفوز بجولته على حلبة تشاركه فيها امرأة مخنوقة العبرات والكلمات والخلايا.،ثم يلعق مقارضه كالذئب منتشياً يطلق عواءه في الفضاء ، ثم يحتسي أقداح السكر والعربدة يتلذذ بمقاومتها ثم إذلالها .كالفاتح لايشعر بالمجد إلا عند دك الحصون المنيعة ،تصخرت مشاعرها ولم تبد أي مقاومة في صده ودحره بعد انكسار الألم على عتبة الأرادة ،كانت مسلوبة الحس ، تقدم نفسها طواعية ممددة على الفراش وقد نزعت ملابسها وتهيأت حتى ينتهى الذئب من وجبته ، شعر بالأحباط والملل فلم تعد اللعبة تثيره ولم يعد يصله ذلك الأحساس بالشغف واللذة فهجرها وانتقل الى مصاحبة العاهرات والمومسات ..ليال عسيفة تجرعت فيها مرارة الأسر في شبق الذئب....أعوام منصرمة طويت صفحاتها في غفلة من حياتها لم يلطف جحيمها سوى تلك الصغيرة التي تلعق في أناملها لتسكن روحها الضائعة بحنايا تلك النظرة الحالمة .. لتفض ذلك الصندوق المكتنز بإسرارها ،ذكرياتها وهي تحكي لطفلتها عندما تلتصق بصدرها الحاني ..كم المآسي والأحداث المروعة ،التي تركت الدموع أخاديد ملتوية في روحها البائسة وكيف أن حبيبها الأول أعتل وسالت نفسه وضنيت حتى أصابه الهذيان والوهن فوجدوه ملقياً على قارعة الطريق يلفظ أنفاسه الأخيرة..أغرورقت عينيها نائحة وهي تلتع من صبابة تلك الذكريات الجاثمة على فؤادها الجريح ..
    والتي شوهت معالم دروبها فتصخر فؤادها بعدما نفقت مشاعره في أتون الذكريات ..ضلت طريق العودة لاسيما عندما حط قاربها قرب مرافيء النسيان..لحظات وجع قاسية حفرت في أعماقها أخاديد ألم لن تنمحي أبدا...وقفت أمام المرآة تستعيد شريط الأحداث ،اغرورقت عيناها بالدمع ثم شالت بخصلات شعرها المتفق على ناصيتها بانسياب حريري. بدا وجهها المستدير ذو البشرة البيضاء أكثر شحوبا ؛ حدقت في المرآة ففزعت لعينيها الذابلتين وتداعت إلى أريكة بجسدها المحطم ..جالت ببصرها في أرجاء الغرفة ،لم تحتمل نظرات المرآة مسحت الطلاء المنسكب على شفتيها وخديها ، دخلت في نشيج مرير ممزوج بالصراخ والنحيب المتقطع استشاطت غضباً ،تناولت إناء نفيس مزخرف برسوم فرعونية وألقت به في وجه المرآة فتكسرت وتناثر زجاجها ..حطمت صورتها الضعيفة التي سجنها داخل المرآة ..دلفت إلى خزانة الملابس ، مزقت قمصانها وسراويلها الداخلية بأسنانها ،
    دهست أدوات التجميل بأرجلها ،أصابتها هيستريا فدخلت في وصلة من الضحك ، تناهى إلى سمعها وقع أقدام



    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد عبد البصير أحمد; الساعة 09-08-2016, 14:38.
    الحمد لله كما ينبغي








  • سحر جبر
    أديب وكاتب
    • 09-03-2009
    • 667

    #2
    قصة كل يوم، هكذا آراها من كثرة ما لمحت تفاصيلها تتوارى فى الوجوه.
    مع خالص ودى وتحياتى
    الثقافة هي ما يبقي بعد أن ننسي ما تعلمناه

    تعليق

    يعمل...
    X