حين تتصفح تلك الرواية او هذه القصة التي بين يديك فأنت تقلّب بين يديك ذبذبات المشاعر و تفتّش بنظراتك عمّا يخالج قلب ذاك الكاتب الذي أبحر في عالم من الخيال أو الرومنسيّة و ما حول تلك الرواية أو تلك القصة التي تنبع من جوارحه كالفيض الزاجر إنّما هي تتمثل في شخصيته و ميولاته فيجتهد و يتعذب و يهِمّ إلى قلمه و قد ثارت ثائرته تهزّ صدره فرحة غامرة أو نشوة مضطرمة ليُحبِكَ ما سجّلته جعبته من أنين أو شوق أو وصف. فالنقد بحمده و ذمّـــه يبقى نقذَا في نظر المُنتقَـــد أما اذا حلّ من باب الهيكلة و المقياس أصبح له وزنا في ميدان الأدب لانه سيضع الموضوع في موضعه الاصلي و هذا سر جماله و ما على الكاتب الا ان يسعد بذلك و بوجود هذه البصمة التي تنطلق لمُحاكاة الواقع أما اذا كان الناقد هدفه الاحباط لمعنويات الكاتب او الكتاب فنستطيع ان نسمي نقده هجوما ام زوبعة حادة تهدف الى الاسقاط من هيبة الرواية و بذلك يتخلى عنها القارئ و بالتالي قد يشوبه القدر أعزائنــا الناقدين نريد أن نلفت انتباهكم لشيء قد تغفَـــلون عنه و انتم تمارسون لغة النقد ألّا تجعلوا الشدّة تتفاقم و ان تنتبهوا لما هو اعظم من الكاتب و الكتاب ذاك الرحيق الفكري الذي ينساب من حنايا الشعور بل ذاك الهدير الذي يغلي بين جوانبه ليَسكُبَ ما شاء من صنيعه. و في هذا الصدد لسنا بحاجة لنــتّــهم الناقد الذي يعترض الرواية الكلاسيكية و لكن من حقّــنا ان نطالبه بالرّدّ على هذا السؤال: *هل الجمهور الكلاسيكي انقطع عن بِكرة أبيه ؟؟ طبعا لا و مستحيل .. لذا فالكاتب الذي لا يزال يعتقد بأنّ هناك جمهورا ينتظر كتاباته فما عليه الّا أن يرافق قلمه على درب العمل و على الناقد أن يحترم سنّ الكاتب لأنّ السنّ له شأنٌ عظيم في عالم الكتابة فالكاتب الذي يتمتع بســنّ مبكّرة لا يزال بطبيعته ينشط في عالم الرومانسية و الكلاسيكية فالخيال عنده مُجــنّح و شاسع عكس الكاتب الذي اجتاز هذه المرحلة من العمر. إنّ الكلاسيكية بذوقها المميّز لا يعني أنها تفتقد للحداثة و انما هي صانعة لروابط الحداثة تتناغم بشيء من لمسات الماضي والحاضر. أما الحداثة التي يُناشدُها القرّاء اليوم أو بعضهم فهي ترنو لسيء من الحاضر الذي ينتمي اليه هذا الجيل على شتّى أفكاره و تعاليمه و مع ذلك لا تخلو من بعض الهمسات و النفحات الكلاسيكية . نحن عشاق التجديد و لكن نريد تجديدا لا يشوبه كدر الفساد .. نحن أحباء الفكر و تحرير الكلمة . انّ الروح الأدبية التي يتمتع بها الكاتب أيّـــا كان نمطه فهي روح تناشد الرعاية و الاحتضان حتى تتألّق بمكاسبها و كس لا نطمس تلك الافكار فلا بدّ أن نثق بأنّ هناك جمهور لابدّ أن تصله رسالة من ذويه و خاصّته و أما الناقد الذي يسعى لــتوجيه الكاتب من نمط كان قد رسخ بذهنه او تعلّق به لفترة ما الى نمط اخر فهذا خطأ و ليس من المعقول أن تجعل من الكاتب آلة الكترونية تشغّــلُها على هواك و على النمط الذي يُرضيك لأنّ ميول الفرد لا يمكن ان يرتبط بغاية العامّــة و انّمــا لديه فئة خاصّة تتميز بهذا النمط القويم ... لذا ف من الصعب اقتحام هذا الجدار. لن تستطيع أن تمحي شيئًا هو من مصدر التاريخ و كان و لا يزال له جمهور يعشقه و ينتمي اليه. عزيزي الناقد: لا تُخرِس صوتي و لا تلْــجِم لساني و لا تخنق عبرتي و لا تُكبت في نفسي ذاك الشعور الجيّاش .. لا تُعرقل معطياتي و لا تعطّل رسالتي فإنّها أمانة بين يديك و أداة وصلٍ بيني و بين قارئي .. فكن لي سُلطانا حميما و رفيقا كريما و ناقدا بنّاءا.
كلمة الى معشر الناقدين
تقليص
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 87207. الأعضاء 6 والزوار 87201.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 409,257, 10-12-2024 الساعة 06:12.