يتساءلون ... !!!ما بال الجوهرة السندسية تنساق دون تردّد لتقف هناك بين الوضيع والمتهوّر ؟؟كيف تمزّق وشاحا كان يحفظها من نظرات لا تليق بشأنها و يطيب لها الهبوط لتجالس أبناء الرصيف !؟ كيف تتخلّى عن مملكة العزّ و عرش يحيطه الشرف الرفيع و تتخذ قافلة الخلطاء لتحتكّ بحطّتهم !؟ أين هي من تلك العفّة و الكبرياء .. أين هي من ذاك الشأن العالي فإذا بها بين سفتسفة الناس و سفهائهم و بين رذيلهم و نذلهم .. فمن تكون لتجعل من عابثهم إنسانا و من صعلوكهم سلطانا !؟هذا ما كان يطوف بخيال أهل الحارة و تلوكه ألسنتهم بين الحين و الآخر .. غير آبهين إن كان هذا يجدي نفعا أو ضرّا .. و حسبهم أن يملؤوا صدورهم على اتساعها و ينشروا ذلك بأشداقهم ليتخموا النفس بما يزيدها وهجا.واضطرم حقد ذات الوشاح حين جاءتها الأنباء على ألوانها .. و أطرقت برأسها فكرة ترى كيف تبلغ الغرض المنشود؟؟ بل كيف تنقّي الأفكار الصّدئة من غمرتها لتجعل منها ينبوعا جارفا بتيّار المؤانسة و الالتئام ... و تاهت بأرجاء أحاسيسها مرارة الأسى و لكنها كابدت ذاك اللّهيب الذي غزا سجاياها و أشبع شجونها بنفحات اللظى فغادرت استهتارهم متسلّلة لجمهرة الرصيف غير آبهة بهؤلاء و تمكنت بلباقتها ثمّ جرّدت قلمها و ألقت خطابها كان هذا ..يا أهل الوجاهة و السلطان .. كيف يطيب لكم إهمال رعيّتكم و انتم أرباب الرعيّة .. ألستم الأقلام و هؤلاء مخطوطاتكم؟ كيف يتسنّى لكم رمي هذه المخطوطات على حافة الطّريق؟ يا أهل الرّفعة و الشرف .. ما رابني من أمركم و زاد من همّي حين تنعمون بهذا الغباء و هذه الجهالة فتسيئون لهؤلاء و هم فلذّات أكبادكم و تقذفون بهم للشارع و تلحقوا بهم التّهم و تكدّسوا عليهم عبء الخسة و ثقل الخيبة.. و التطفّل .. أيها النّبلاء .. ماذا كتبت أيديكم في خبايا نفوس هؤلاء حتى جعلتم منهم الطريد و الوضيع و المنبوذ من جوانب الحياة .. فباؤوا يغضب منكم حتى اشمأزّت لهم النفوس و سخرت منهم العيون و تبرّأتم منهم فلا تستأنس بهم روحا و لا تعتصم بهم عقلانية و لا وجدان .. نبذتموهم فنبذتهم الحياة و طرحتموهم من خارطة الرأي فصدّوا عنكم و أصبحوا الفئة المستقلّة عن هيكل الإنسانيّة .. سحبتموهم من سلك المجد و الهمّة فراحوا يرتاعوا بساحة تعانقها خلطاء السّوء و عشائر السماجة .. فبات الملل يتسرّب لحياتهم حتى خمد بجوهرها و غزاهم الإحباط من كلّ الجهات.يا ذوي الألباب.. أرى في كل أسرة سلطانا يزمجر ساخطا ناقما كأنه يصرع هزبرا متمردا .. فمن قصر العقول ان ان جردتموهم من كساء العفة وجلابيب الأماني حتى طغت بنفوسهم ثعلبة الشر وتسللت بأعماقهم وخباياهم بشاعة السلوك ولمت بهم الحسرة وكمدها . يا ذوي العفة والنبل هب ان الحياة قاسية وما أسعفتهم حظا فرمت بهم في المتاهات والأغوار الساقطة وألقت عليهم من جلابيب القهر والدمار ورمتهم بالضوارب والحصى ..فذهبت بالألباب والنوايا وظلوا يدورون في فلك غامض ترى من منكم اتخذ طريقهم بمدارج الاستعطاف والاسترحام ؟ وهلا اطلعتم عما يدور بين حنايا تلك الضلوع ففتكتم بهم كل فتك حتى اختلت موازينهم واندكت إرادتهم وتبعثرت قواهم وانشلّت عزائمهم وعربدت بهم مفاتن جمة .هلا اتخذتم بما يسدي نفعا بدل المجادلة الهدامة .فما أقسى حكمكم عليهم وهم صنع أيديكم فكيف تعيبون ما تصنعون ؟وانهم لفنكم الجدير باعتباركم فكيف تضربون على جيتارة ليس بها أوتار وما زودتم هؤلاء سوى سواد حبركم القاتم وما أحبرتم على سجلاتكم سوى سوى أشباح مبهمة ... فما عرفوا من الحياة سوى العثرات لان طريقهم وعر وغير معبّد..بل كان يعرقل خطواتهم كلما اتخذوه سبيلا ,,فمتى يحين لكم ان تتناولوا مفاهيمهم بحواسكم وبكل دراية لتبينوا الغامض من الجلي والظاهر من الخفي .فان كانت هذه الفئة من الناس مبغوضة تحيط بها لفتات السخرية ونظرات الاستخفاف فكيف يكبون لغاية او يجتهدون لوسيلة ؟بل يتفانون في ضياع الوقت تحت قناع الستر وينغمسون في بوتقة دامسة لا يتخلّلها شعور ولا حيوية ولا هم خاضعون لاي منهج او نظام وحتى طبائعهم لا تخضع ولا تلجا لأيّ منهج أو تحليل وبذلك عرفوا بالإطار المغلق ...ليس به نفوذ يطل على مدارك الحياة ونمط المعيشة ,,وبهذا فقد جمعتم بعقولهم غمرة العصبية وفوضى الهمجية وزمجرة الاستقطاع وحب التسلط والغلبة والاستيلاء .كان خليق بنا ان نحيل بينهم وبين جرعة الندم التي جعلتهم أسرى الخنوع مصفدين الأحداث حتى تمردت بهم الحسرة فأفرطوا في الانطواء عليها ولو أننا رعيناهم بعين الفضيلة لما ارتد طرفهم بتلك الرذيلة ...فلنشاطرهم أحزانهم ولنقاسمهم الهموم مهما كان الدأب بعيدا ومهما بدى المشوار مديدا ...فلنجعل لهم من رحيق الفكر مخطوطة جديدة توحي لعقيدة راسخة بالامل الزاخر عساهم يمتطون قافلة العقول النابغة ويسلكون شوط الحياة مهما بدت الوعار .فالثبات الثبات يا أبناء الرصيف لتفيقوا من غمرات الحائر الولهان واعتصموا بحبال المجد والجد والمثابرة لتبلغوا ذاك الهرم الشامخ واعتقادي في ذلك راسخ ..وقولوا معي ..يا من جعلتم من العفة رداءا ومن الشرف وشاحا هلا جعلتم من سنائكم هذا الا وهنا اختلت به تلك النفوس البريئة وتضاهيتم بالمقدرة على بناء شخصية هؤلاء ونسيج بنيتهم ......هيهات ان اوهن البيوت لبيت العنكبوت ...لا أقول لكم تخلوا عن الرفعة والترفع بشأنكم فمن شيم المروءة أن تتباهى بذلك ولكني أقول رفقا بمن تركتموهم تصطخب الأفكار باذهانهم و تتململ بحواسهم ينابيع الشكوى فتخرج متلاطمة كزبد البحر ثم تذوي في فناء الأسماع فهذا يأخذها بواقعية واتزان وذاك ينصت لها فتذوب حشاشته من شرارة الأحزان .لقد أسبغ الله علينا من نعمة الكبد المفعم بالحنان وبعث فينا من فيض الجوارح والوجدان الغذاء المستديم والمنهج القويم ونباهة الادراك وفطنة الخواطر الا لنضفي بها على من ضاق ذرعا ولمت به نكبات الدهر ومصارعة الحياة فتقاذفته الارزاء كما تتقاذف الرياح شظايا الأوراق وبقايا المخضلات
القاعدون على الرّصيـف
تقليص
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 97027. الأعضاء 5 والزوار 97022.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 409,257, 10-12-2024 الساعة 06:12.