كما المرمر يعلوه نبات رهيب التعرج تلك السيقان التي كشفت عنها الثياب المنزلية بجانبك في الكرسي على اليمين لما غفلت عن عصفور يطير بعلو منخفض جدا فأرديته و أنت الذي يعز عليه قتل الطيور.
تأوهت من آلام المخاض و ملامحها كسمرة الأرض ،و المسافة الحالكة تذوب تحت هدير العجلات لكنها لا تنتهي ، دواسة البنزين تلامس أرضية السيارة و جنبات الطريق تنساب إلى الخلف بكل مشاهدها ، الاسمنت يتلوى و يتمدد و الأشجار و الفراغ و الربوات تطوى ،و الآهات تمزق صمت الطبيعة و طبلة الأذن لا تستسيغ.
- يا بلارج يا طويل القايمه
ما كنت مهتما بما تبثه الإذاعة المحلية أردت فقط سماع أصوات أخرى تغلب آهاتها. تختلق جوا تفر إليه، فتروح تفكر في أضواء المرور ، أما كان من الأجدى عكسها ، تعلم أن اللون الأحمر مثير ، يوتر الأعصاب ، حافز فعال تناساه بافلوف في الفعل و ردة الفعل ، و ترى الأخضر يدعو للهدوء و السكينة و الطمأنينة بما يعطيه من فسحة جمالية للأعصاب ، أما كان الأجدى جعله للتوقف حيث تصطف السيارات بروية مهما طال أمد اغتصاب الوقت ،و جعل الأحمر للانطلاق إذ تهيج الأعصاب فور إطلالته، فتمد الرسوغ ضاغطة على الدواسات مرعبة المكان بشخير المحركات و قد ترافقها الأيادي إلى جذب عويمدات المنبهات إن تأخر أحد في ردة الفعل.
- ماتسرحش في بحاير لاله مولات الخلخال بورطلين...
لم يسلم المقطع من الاندحار أمام صوتها ، ترمقها و تجد لك مهربا في تصورها ترفل بالخلخال، و تصنع لخيالك مشهدا آخر يقترب فيه زو ج الخلخال من بعض ،و تسرق لك منه رنة تتهادى فوق الروابي فتثير ثغاء خروف ألهته قبلا نبتة الصفصفاء فأوقفه الصوت كمن يستعد لأخذ صورة ، مضى الزمن الجميل حين كان التغزل بصاحبة الخلخال – خلخالك مال يا طفله خلخالك مال- ،و كن حينها يلدن في بيوتهن ، و القابلات يزغردن باستقبالهن المولود الجديد ، فيخرج طائر السنونو من أعمدة السقف متسائلا عن النبأ. و أنت الآن تواجه آهاتها لوحدك ، و رغم ضجرك تلتفت إليها مختلقا نظرة حنو:
- قريبون من الوصول ، اصبري قليلا
- و حين نصل ماذا تراهن يفعلن ؟ سيقفن يتفرجن علي و على غيري و يمطرننا لوما : لم تفكري في محنة اليوم حينما أردت الحمل ، تحملي إذن..
أعمدة إسمنتية حديثة تطل برؤوسها، و أشباه أعلام يعاتب الريح تواجدها فيشدها و تعود لترتخي ،و البناية الرهيبة تضيء كقلعة باهتة الجمال. تسارع بفتح الباب و تساعدها على المشي تجاه المدخل ، و يزعمون أنهم يهرعون إليكما ، و تسارع في الشرح لهم كأنها الحالة الوحيدة التي تصلهم بمثل هكذا عجلة ، و تبدأ طقوس الانتظار. بعد ساعة لا بل أكثر ، بعد دهر تنزل إليك الطبيبة شخصيا و بلغة غير التي تتقنها تخبرك بضرورة إجراء العملية لزوجتك ،و أنت :
- العملية ليست الخيار الأول
تستدير عنك إليهم بأن يتدبروا أمر إفهامك فمثلك قد مر من هنا الكثير من الممانعين لكنهم في الأخير رضخوا لرغبة الأطباء و قبلوا الدفع و التقطيع. تحاول أن تشرح لهم حال زوجتك و أنها ولادة عادية ليست في حاجة إلى عملية فيعطونك الكثير من اللا اهتمام:
- أنت لا تفهم
- و أنتم لا ترحمون
يرمقونك شزرا و أنت تحاور زوجتك:
- أريدك أن تتأكدي أن مبلغ العملية ليس ما يجعلني أتحفظ ، يمكنني تدبر المبلغ
- قالوا لك يجب إجراء العملية؟
- كعادتهم يسارعون إلى المقص
- لا، لا لا أريد إجراء عملية
تخرجان و الليل قد عسعس أكثر ، و إلى عيادة ثانية كنت تسابق آهات خفيفة هذه المرة ، و العجلات تطوي المسافة عودة ، هي كما التاريخ لا يتكرر ، حتى و إن سارت على نفس الطريق لن تكون السرعة نفسها و لا مكان الاحتكاك ، و هذا طائر آخر قد اصطدم و مر تحتها و أنت تتساءل الليلة لما العصافير التي تعيش في الجو تموت تحت العجلات ، و أعمدة أخرى و أشباه أعلام و مدخل و إجراء العملية ليس خيارا بل أوشك أن يكون جبرا هذه المرة ، لولا انك رفضت الإمضاء بالتصريح لهم ، و تخرجان ثانية مطرودين من جشع دراكولا بمآزر بيضاء ، و وجهة أخرى فكما الفطر هذه العيادات تزداد و هزيع الليل يتغنى بالصباح صبابة و شوقا ، و مشاهد أخرى تختلقها لتفر من معاناتها المخاض ، لما أن بدت أعشاش بلارج على الأعمدة القديمة ، و ما وجدت بعد تفسيرا لاختيار هذا الطائر الأعمدة العتيقة لبناء أعشاشه ، قد تكون التي أتت بعد عقد من الزمن غير مؤتمنة ، لما أن دعست بقوة على مدوسة التوقف ، و قد تحول الهواء داخل السيارة إلى ما يشبه رائحة الطلع ممزوجة بتعكر أوراق الخريف بمياه راكدة ، و انزلق إلى أرضية السيارة و عينا الأم مغمضتان و صوت بكاء يعلن الميلاد الجديد يتغلب على صوت المذياع الذي سارعت إلى إطفائه.
تأوهت من آلام المخاض و ملامحها كسمرة الأرض ،و المسافة الحالكة تذوب تحت هدير العجلات لكنها لا تنتهي ، دواسة البنزين تلامس أرضية السيارة و جنبات الطريق تنساب إلى الخلف بكل مشاهدها ، الاسمنت يتلوى و يتمدد و الأشجار و الفراغ و الربوات تطوى ،و الآهات تمزق صمت الطبيعة و طبلة الأذن لا تستسيغ.
- يا بلارج يا طويل القايمه
ما كنت مهتما بما تبثه الإذاعة المحلية أردت فقط سماع أصوات أخرى تغلب آهاتها. تختلق جوا تفر إليه، فتروح تفكر في أضواء المرور ، أما كان من الأجدى عكسها ، تعلم أن اللون الأحمر مثير ، يوتر الأعصاب ، حافز فعال تناساه بافلوف في الفعل و ردة الفعل ، و ترى الأخضر يدعو للهدوء و السكينة و الطمأنينة بما يعطيه من فسحة جمالية للأعصاب ، أما كان الأجدى جعله للتوقف حيث تصطف السيارات بروية مهما طال أمد اغتصاب الوقت ،و جعل الأحمر للانطلاق إذ تهيج الأعصاب فور إطلالته، فتمد الرسوغ ضاغطة على الدواسات مرعبة المكان بشخير المحركات و قد ترافقها الأيادي إلى جذب عويمدات المنبهات إن تأخر أحد في ردة الفعل.
- ماتسرحش في بحاير لاله مولات الخلخال بورطلين...
لم يسلم المقطع من الاندحار أمام صوتها ، ترمقها و تجد لك مهربا في تصورها ترفل بالخلخال، و تصنع لخيالك مشهدا آخر يقترب فيه زو ج الخلخال من بعض ،و تسرق لك منه رنة تتهادى فوق الروابي فتثير ثغاء خروف ألهته قبلا نبتة الصفصفاء فأوقفه الصوت كمن يستعد لأخذ صورة ، مضى الزمن الجميل حين كان التغزل بصاحبة الخلخال – خلخالك مال يا طفله خلخالك مال- ،و كن حينها يلدن في بيوتهن ، و القابلات يزغردن باستقبالهن المولود الجديد ، فيخرج طائر السنونو من أعمدة السقف متسائلا عن النبأ. و أنت الآن تواجه آهاتها لوحدك ، و رغم ضجرك تلتفت إليها مختلقا نظرة حنو:
- قريبون من الوصول ، اصبري قليلا
- و حين نصل ماذا تراهن يفعلن ؟ سيقفن يتفرجن علي و على غيري و يمطرننا لوما : لم تفكري في محنة اليوم حينما أردت الحمل ، تحملي إذن..
أعمدة إسمنتية حديثة تطل برؤوسها، و أشباه أعلام يعاتب الريح تواجدها فيشدها و تعود لترتخي ،و البناية الرهيبة تضيء كقلعة باهتة الجمال. تسارع بفتح الباب و تساعدها على المشي تجاه المدخل ، و يزعمون أنهم يهرعون إليكما ، و تسارع في الشرح لهم كأنها الحالة الوحيدة التي تصلهم بمثل هكذا عجلة ، و تبدأ طقوس الانتظار. بعد ساعة لا بل أكثر ، بعد دهر تنزل إليك الطبيبة شخصيا و بلغة غير التي تتقنها تخبرك بضرورة إجراء العملية لزوجتك ،و أنت :
- العملية ليست الخيار الأول
تستدير عنك إليهم بأن يتدبروا أمر إفهامك فمثلك قد مر من هنا الكثير من الممانعين لكنهم في الأخير رضخوا لرغبة الأطباء و قبلوا الدفع و التقطيع. تحاول أن تشرح لهم حال زوجتك و أنها ولادة عادية ليست في حاجة إلى عملية فيعطونك الكثير من اللا اهتمام:
- أنت لا تفهم
- و أنتم لا ترحمون
يرمقونك شزرا و أنت تحاور زوجتك:
- أريدك أن تتأكدي أن مبلغ العملية ليس ما يجعلني أتحفظ ، يمكنني تدبر المبلغ
- قالوا لك يجب إجراء العملية؟
- كعادتهم يسارعون إلى المقص
- لا، لا لا أريد إجراء عملية
تخرجان و الليل قد عسعس أكثر ، و إلى عيادة ثانية كنت تسابق آهات خفيفة هذه المرة ، و العجلات تطوي المسافة عودة ، هي كما التاريخ لا يتكرر ، حتى و إن سارت على نفس الطريق لن تكون السرعة نفسها و لا مكان الاحتكاك ، و هذا طائر آخر قد اصطدم و مر تحتها و أنت تتساءل الليلة لما العصافير التي تعيش في الجو تموت تحت العجلات ، و أعمدة أخرى و أشباه أعلام و مدخل و إجراء العملية ليس خيارا بل أوشك أن يكون جبرا هذه المرة ، لولا انك رفضت الإمضاء بالتصريح لهم ، و تخرجان ثانية مطرودين من جشع دراكولا بمآزر بيضاء ، و وجهة أخرى فكما الفطر هذه العيادات تزداد و هزيع الليل يتغنى بالصباح صبابة و شوقا ، و مشاهد أخرى تختلقها لتفر من معاناتها المخاض ، لما أن بدت أعشاش بلارج على الأعمدة القديمة ، و ما وجدت بعد تفسيرا لاختيار هذا الطائر الأعمدة العتيقة لبناء أعشاشه ، قد تكون التي أتت بعد عقد من الزمن غير مؤتمنة ، لما أن دعست بقوة على مدوسة التوقف ، و قد تحول الهواء داخل السيارة إلى ما يشبه رائحة الطلع ممزوجة بتعكر أوراق الخريف بمياه راكدة ، و انزلق إلى أرضية السيارة و عينا الأم مغمضتان و صوت بكاء يعلن الميلاد الجديد يتغلب على صوت المذياع الذي سارعت إلى إطفائه.
تعليق