مفاهيم العَلمانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    مستشار أدبي
    • 23-05-2007
    • 5434

    #31
    [align=justify]أخي الحبيب الغالي الأستاذ بلقاسم علواش سلمه الله،

    السلام عليكم،

    أعتذر أشد الاعتذار لحضرتك على التأخر في الرد على مشاركتك الطيبة وإضافتك القيمة. وما أخرني في قراءاها أولا ثم الرد عليها ثانيا إلا السفر المتواصل، فاعذرني أيها الأخ الغالي.

    العلمانية، في مفهومها التاريخي الأول (= laïcism) هي فك ارتباط عضوي وتشابك بنيوي بين طبقة الكهنة وطبقة العامة في الديانية المسيحية، فهي مرتبطة بها ولا يمكن تخيلها - أي العلمانية - بدونها - أي الديانة المسيحية. أدى فك التشابك هذا إلى نشوء دين يصفه المفكر الفرنسي غوشيه (Gauchet) بأنه "دين الخروج من الدين". أدى هذا الخروج من الدين، بدوره، إلى نشوء ثقافة إلحاد علماني حدت بالفيلسوف الماركسي الفرنسي إرنست بلوخ (Ernst Bloch) إلى اعتباره - أي الإلحاد العلماني - منتجا نصرانيا بامتياز، وهو الذي يفسر مقولته الشهيرة: "فقط المسيحي الحقيقي يمكن أن يكون ملحدا ممتازا، وفقط الملحد الحقيقي يمكن أن يكون مسيحيا ممتازا". وهذا يعني أنه لا يمكن لغير المسيحي أن يعتنق مبادئ العلمانية ويتذوق لطائفها لأنها مرتبطة ارتباطا بنيويا ببنية الديانة النصرانية.

    ولقد كانت العلمانية، وما زالت، حلا مناسبا للكثير من مشاكل أوروبا الدينية. أما مشاكل المسلمين الدينية فهي مختلفة وتحتاج إلى حل لها يُسْتَلهم من الينابيع العقلانية في الثقافة العربية الإسلامية، وهي الينابيع التي تحاول الدكتاتوريات السياسية الجاهلية من جهة، والتطرف الديني الجاهلي من جهة أخرى، أن يجففاها إلى الأبد.

    تحياتي العطرة مع اعتذاري مرة أخرى في التأخر في الرد على حضرتك[/align].
    عبدالرحمن السليمان
    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
    www.atinternational.org

    تعليق

    • بلقاسم علواش
      العـلم بالأخـلاق
      • 09-08-2010
      • 865

      #32
      بل أنا الذي يشكرك أخي الحبيب الغالي الدكتور عبد الرحمان السليمان على تجشمك عناء الرد، فلك كل التقدير والاحترام، وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة.
      خالص المودة والتقدير
      لا يَحـسُـنُ الحـلم إلاّ فـي مواطـنِهِ
      ولا يلـيق الـوفـاء إلاّ لـمـن شـكـرا

      {صفي الدين الحلّي}

      تعليق

      • السعيد ابراهيم الفقي
        رئيس ملتقى فرعي
        • 24-03-2012
        • 8288

        #33
        الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السليمان
        استمتعت واستفدت ببحثكم القيم،
        تقبل تحياتي وشكري،
        دمت ودام العطاء
        وجزاكم الله كل الخير

        العَلمانية أو العِلمانية،
        تظل عِلكة بعض السياسيين العرب،
        ليهربوا من هويتهم،
        وليجادلوا، حتى يجادلوا ثم يجادلوا، ليجادلوا
        ----
        استمتعت واستفدت ببحثكم القيم،
        تقبل تحياتي وشكري،
        دمت ودام العطاء

        التعديل الأخير تم بواسطة السعيد ابراهيم الفقي; الساعة 28-06-2017, 22:23.

        تعليق

        • عبدالرحمن السليمان
          مستشار أدبي
          • 23-05-2007
          • 5434

          #34
          المشاركة الأصلية بواسطة السعيد ابراهيم الفقي مشاهدة المشاركة
          الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السليمان
          استمتعت واستفدت ببحثكم القيم،
          تقبل تحياتي وشكري،
          دمت ودام العطاء
          وجزاكم الله كل الخير

          العَلمانية أو العِلمانية،
          تظل عِلكة بعض السياسيين العرب،
          ليهربوا من هويتهم،
          وليجادلوا، حتى يجادلوا ثم يجادلوا، ليجادلوا
          ----
          استمتعت واستفدت ببحثكم القيم،
          تقبل تحياتي وشكري،
          دمت ودام العطاء

          الأستاذ الفاضل السعيد ابراهيم الفقي،
          شكرا جزيلا على مرورك العطر وتعليقك الطيب على النص.
          العلمانية تجربة غربية غنية جدًا ومعقدة جدًا ونشأتها وتطورها مرتبطان بالغرب وبالديانة النصرانية ارتباطًا سببيًا كما هو معروف للباحثين في تاريخ العلمانية، بحيث لا يستطيع غير النصراني أن يتعلمن وأن يتذوق لطائفها. وإذا أراد المسلم أن يتعلمن حقًا فعليه أول أن يخرج من الإسلام ثم يدخل في النصرانية ثم يصطدم بالكهنوت فيشعر بالحاجة إلى التعلمن وفصل الكَهَنُوت عن العَلَمُوت، والتَّدَيُّن عن الفَقَهُوت. أما إن ادعى التعلمن وهو مسلم - أو لنقل: وهو غير نصراني - فاعلم أنه يشعر بشيء لا يعرف ماهيتَه!
          تحياتي الطيبة.
          عبدالرحمن السليمان
          الجمعية الدولية لمترجمي العربية
          www.atinternational.org

          تعليق

          • السعيد ابراهيم الفقي
            رئيس ملتقى فرعي
            • 24-03-2012
            • 8288

            #35
            الحمد لله الحمد لله الحمدلله الحمد لله
            الذي هدانا .. بالفطرة .. وبالعلم
            ----
            العبارة التي ذكرتها حضرتك هي نواة معتقدي وفهمي تقريباً- بفضل الله - قبل أن أبحث أو أقرأ عن العلمانية:
            "لا يستطيع غير النصراني أن يتعلمن وأن يتذوق لطائفها. وإذا أراد المسلم أن يتعلمن حقًا فعليه أول أن يخرج من الإسلام ثم يدخل في النصرانية ثم يصطدم بالكهنوت فيشعر بالحاجة إلى التعلمن وفصل الكَهَنُوت عن العَلَمُوت، والتَّدَيُّن عن الفَقَهُوت. أما إن ادعى التعلمن وهو مسلم - أو لنقل: وهو غير نصراني - فاعلم أنه يشعر بشيء لا يعرف ماهيتَه!"
            ----
            ولكن لم أكن مهتماً اهتماماً علمياً،
            وكات معظم ما أكتبه عن العلمانية، نابعاً من عاطفة وانفعال وبعض العلم غير الأكاديمي،
            الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السليمان،
            أشكرك وأحييك وأدعو الله أن يجازيك عنا خيراً،
            واسمح لي أخي الفاضل أن أنشر البحث في المواقع والمنتديات التي أشرف عليها،
            طبعاً موسومة باسمكم الكريم،
            حفظكم الله وبارك فيكم

            تعليق

            • نورالدين لعوطار
              أديب وكاتب
              • 06-04-2016
              • 712

              #36
              الأستاذ عبد الرحمن السليمان شكرا على هذا العرض القيم

              وجدت هنا ما كنت طلبته البارحة وأقصد النص المكتوب فلكم جزيل الشكر كما انوه ان المداخلات أغنت النقاش. لا يساوني شك أن المنهج العلمي حاضر في العرض، و ارتكز على التاسيس لمفهوم العلمانية بفتح العين ومن هناك الوصول إلى خطأ ربطها بالعلم وهنا تم الإستشهاد بالأصل الأرمي خاصّة لصلة القربى بينها وبين العربية ولكون المعربون الأوائل ينهلون من موروثها من هناك اتجهتم إلى الفرنسية والأنجليزية للحصول على المعنى العامي والدهري لإقامة الصّلة مع المصطلح العربي ثم عرجتم على الثورة الفرنسية و بينتم الحمولة الحديثة للمفهوم الفرنسي بالذات كفك ارتباط الدين بالشأن العام، مستندا على مقاربة الأستاذين الكبيرين الدكتور عبد الوهاب المسيري و"الحكيم" الدكتور طه عبد الرحمان.

              ما مدى معقولية توظيف المنهج:

              كملاحظة أولية ما وجدت تأصيلا لكلمة العلم عربيا ولا أوربيا لأزالة قيام شبهة إمكانية ارتباط العلم بالعلمانية وهذا سيقود فعلا إلى حقول متشعبة منها علاقة العلم بالمعرفة و بالعلامة "الرمز" و علاقة العلم بالإدراك و هكذا تستمر المتواليات لتصل إلى إشكالية العقل و الحس وعلاقتهما بالعالم و معرفة العالم وربما تناولت الكوجيطو و إفرازاته و مأسسة العقل عند كانط وعلاقته بالتجربة.
              من هناك ربما وجدت الضرورة الأخلاقية التي تقر بنوع من النفعية الانجليزية كمنظومة قيم حاضرة بشكل قوي في بلورة العلمانية لذلك تجد العلمانية لم تسحب البساط من الدين اجتماعيا بشكل راديكالي كما هو مسلم به عند الاستاذين طه عبد الرحمان و عبد الوهاب المسيري و سلطة روما الروحية حاضرة إلى اليوم كما الطقوس الدينية والكنائس و المؤمنون و معاهدهم العلمية و الزواج الكنسي و الجمعيات الخيرية بل أكثر من ذلك لايزال نعت المسيحية مقرونا ببعض الهيئات السياسية في الغرب بل جورج بوش صرح مباشرة بالحرب المقدسة تعبيرا عن عقيدة المحافظين الجدد في أمريكا.

              نتيجة ثالثة وبعيدا عن سجال "دينية أو علمانية" السائد بشكل مؤسف كمذهبية. هل العلمانية مرتبطة بالمسيحية ؟ هل هناك بعض إشارات علمانية في ثقافتنا الإسلامية؟
              فلسفيا هذا لا يخفى على أحد وجود نقاش بين أصحاب العقل و النقل كما ظهر ذلك بشكل ما في فلسفة ابن رشد.
              حتى مجرد وجود تعددية فقهية فذلك يدل على وجود الرأي والرأي الآخر وجود أهل الذّمة مؤشر على وجود حقوق الاقليات، بقاء اللّغة الفارسية والتركية وغيرها مؤشر على تعدد ثقافي و عرقي. هذه المنظومة من القيم موجودة في ثقافتنا و تشكل أعمدة العلمانية، أما سياسيا فلعل الشورى لها الكثير من المعاني المؤسسة للديمقراطية ولعلك سمعت بمصطلحات من قبيل غزوة الصناديق، و لعل حراك الريف يحمل بعض ملامح اصطدام بين ماهو ديني واجتماعي و سياسي.
              أكتفي بهذا القدر

              وشكرا كبيرة على موضوعك القيّم

              تعليق

              • عبدالرحمن السليمان
                مستشار أدبي
                • 23-05-2007
                • 5434

                #37
                الأستاذ الفاضل نورالدين لعوطار،

                شكرا جزيلا على ملاحظاتك القيمة وتساؤلاتك.

                مسافر الآن بالسيارة، فلا يسمح المجال بالإجابة الوافية فعسى أن يتيسر ذلك في المساء أو يوم الاثنين حيث أستقر.

                تحياتي الطيبة.
                عبدالرحمن السليمان
                الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                www.atinternational.org

                تعليق

                • نورالدين لعوطار
                  أديب وكاتب
                  • 06-04-2016
                  • 712

                  #38
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن السليمان مشاهدة المشاركة
                  الأستاذ الفاضل نورالدين لعوطار،

                  شكرا جزيلا على ملاحظاتك القيمة وتساؤلاتك.

                  مسافر الآن بالسيارة، فلا يسمح المجال بالإجابة الوافية فعسى أن يتيسر ذلك في المساء أو يوم الاثنين حيث أستقر.

                  تحياتي الطيبة.
                  طريق السلامة أستاذي عبدالرحمن السليمان

                  وشكرا

                  تعليق

                  • عبدالرحمن السليمان
                    مستشار أدبي
                    • 23-05-2007
                    • 5434

                    #39
                    المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                    ما مدى معقولية توظيف المنهج؟

                    كملاحظة أولية ما وجدت تأصيلا لكلمة العلم عربيا ولا أوربيا لأزالة قيام شبهة إمكانية ارتباط العلم بالعلمانية وهذا سيقود فعلا إلى حقول متشعبة منها علاقة العلم بالمعرفة و بالعلامة "الرمز" و علاقة العلم بالإدراك و هكذا تستمر المتواليات لتصل إلى إشكالية العقل و الحس وعلاقتهما بالعالم و معرفة العالم وربما تناولت الكوجيطو و إفرازاته و مأسسة العقل عند كانط وعلاقته بالتجربة.
                    من هناك ربما وجدت الضرورة الأخلاقية التي تقر بنوع من النفعية الانجليزية كمنظومة قيم حاضرة بشكل قوي في بلورة العلمانية لذلك تجد العلمانية لم تسحب البساط من الدين اجتماعيا بشكل راديكالي كما هو مسلم به عند الاستاذين طه عبد الرحمان و عبد الوهاب المسيري و سلطة روما الروحية حاضرة إلى اليوم كما الطقوس الدينية والكنائس و المؤمنون و معاهدهم العلمية و الزواج الكنسي و الجمعيات الخيرية بل أكثر من ذلك لايزال نعت المسيحية مقرونا ببعض الهيئات السياسية في الغرب بل جورج بوش صرح مباشرة بالحرب المقدسة تعبيرا عن عقيدة المحافظين الجدد في أمريكا.

                    نتيجة ثالثة وبعيدا عن سجال "دينية أو علمانية" السائد بشكل مؤسف كمذهبية. هل العلمانية مرتبطة بالمسيحية ؟ هل هناك بعض إشارات علمانية في ثقافتنا الإسلامية؟
                    فلسفيا هذا لا يخفى على أحد وجود نقاش بين أصحاب العقل و النقل كما ظهر ذلك بشكل ما في فلسفة ابن رشد.
                    حتى مجرد وجود تعددية فقهية فذلك يدل على وجود الرأي والرأي الآخر وجود أهل الذّمة مؤشر على وجود حقوق الاقليات، بقاء اللّغة الفارسية والتركية وغيرها مؤشر على تعدد ثقافي وعرقي. هذه المنظومة من القيم موجودة في ثقافتنا و تشكل أعمدة العلمانية، أما سياسيا فلعل الشورى لها الكثير من المعاني المؤسسة للديمقراطية ولعلك سمعت بمصطلحات من قبيل غزوة الصناديق، و لعل حراك الريف يحمل بعض ملامح اصطدام بين ماهو ديني واجتماعي و سياسي.
                    الأخ الكريم الأستاذ نورالدين لعوطار،

                    هذه الدراسة لغوية تستقرئ المصطلح ومفاهيمه وتفككها وفق آليات علم المصطلح وعلم اللغة التاريخي وهي مناهج وصفية تصف الظاهرة وتفككها. فالمصطلح - كما تعلم أخي الكريم - دال يدل على مدلول أو مفهوم واحد. هذه هي القاعدة. إلا أنه قد يدل على أكثر من مدلول أو مفهوم واحد كما في حالة مصطلح (العَلمانية) الذي يدل على خمسة مدلولات أو مفاهيم مختلفة كما رأينا. واشتقاق المصطلح (عَلمانية) من (العَلم) بمعنى (العالَم) وعدم علاقته بالعِلم أمر واضح لغويا وعِلميا وتاريخيا بحيث لم تكن ثمة ضرورة لتحليل كلمة العِلم وارتباطها بالعالَم فهما أصلان لغويان مستقلان في اللغة العربية. وأنا أميل إلى الاعتقاد أن نطق العَلمانية بكسر العين (هكذا: عِلمانية) ضرب من التدليس اللغوي وتوزير الدلالات لتمرير مفاهيم لا تستسيغها البيئة الإسلامية لتسويقها فيها. لكني لا أجزم بذلك لأن ذلك بحاجة إلى بحث مفصل في المجلات العربية التي كانت تصدر في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين والتي كان يقوم عليها نصارى هم الذين نقلوا الفكر العلماني الغربي إلى البيئة الإسلامية مثل بطرس البستاني وإبراهيم اليازجي وغيرهما. وقد عالج ذلك المستشرق المعروف برنارد لويس في أحد كتبه المذكورة في دراستي ونصص على ذلك بصريح العبارة.

                    العَلمانية كما ذكر منتج نصراني بامتياز لأنها مرتبطة ارتباطا سببيا وتاريخيا بالديانة النصرانية التي كانت تسيطر على المجتمعات النصرانية للحيلولة دون التعدد الفكري والديني والعقدي وحتى الاثني فيها. وهذا ما يفسر نشأتها بعد الحروب الدينية الطاحنة التي وقعت في الغرب نتيجة لمنع التعدد. وإذا قارنا ذلك بالإسلام فنحن لم نعرف مؤسسات إسلامية مشابهة للكنيسة كانت تسيطر على المجتمعات الإسلامية وتحول دون التعدد الفكري والديني والعقدي وحتى الاثني فيها. لذلك لا تكاد تجد أثرا للتعدد في الغرب قبل الثورة الفرنسية، بينما تجده حاضرا بقوة في المجتمعات الإسلامية (خذ العراق والشام وتركيا وإيران وغيرها مثلا). فلا تزال لدينا ديانات ومذاهب وملل كثيرة (اليهودية والنصرانية والشيعة والنصيرية والمرشدية والدرزية والإسماعيلية والصابئة والمندعية والزردشتية والمجوس والإيزيديين والنساطرة واليعاقبة والموارنة والسريان والملكيين والكلدان والشركس والشيشان والأكراد بالإضافة إلى شعوب كالأمازيغ والأكراد والتركمان ...). كما نص الإسلام على التنوع الإثني واللغوي بصريح العبارة وجعله إرادة إلهية، وفسح مجالا - سياسيا واجتماعيا وثقافيا - لليهودية والنصرانية وحتى المجوسية كي تستمر في البقاء بله وتزدهر في المجتمعات الإسلامية، واعترف بها، وبإثنيات أتباعها ولغاتهم. وهذا الاعتراف بالتنوع وتقنينه وازدهار العلوم والمعارف خصوصا الفلسفة والزندقة التي كانت في الأصل حركة تفكير حرة أكثر منها انحراف عقدي لأن مفهوم الانحراف العقدي طغى على مفهوم التفكير الحر في الزندقة فيما أتوهم، هو أساس الفكرة العلمانية الغربية. لذلك يحتاج هذا المصطلح - أقصد الزندقة - إلى تحليل وتفكيك دقيق لمفاهيمه كي نصل إلى مفاهيمه الأصلية وتلك التي نشأت فيما بعد. فهذا الاعتراف بالتنوع إذن هو جوهر العَلمانية الغربية التي نشأت عن جدلية العلاقة بين الكهنوت والعامة في الديانة النصرانية التي لم تكن تبيح وجود التعدد (انظر مثلا في مذابح اليهود في الغرب عبر التاريخ لأن النصارى فيه كانوا يعتبرون بقاء اليهودية بعد ظهور النصرانية شوكة في عين الكنيسة لأن يسوع نسخ اليهودية عقيدةً، فسعت الكنيسة في إبادتهم).

                    بخصوص حراك الريف: أعتقد أنه ذو دوافع تتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية - التي هي مطلب لجميع المواطنين المغاربة والعرب في كل مكان - أكثر منه اصطداما بين المعتقدات والقيم والتيارات .. فمن نعم الله على المغرب الكبير (المغرب الأقصى والجزائر وتونس وليبيا) بأن التعدد الديني والمذهبي وحتى الفقهي غير موجود. شخصيا أعتبر التعدد نعمة، لكنه نقمة في بيئات عربية متخلفة ويشكل فيها ثغرات كبيرة يدخل منها الأجنبي لإحداث فتنة ورهن البلاد للأجنبي كما حدث في سوريا والعرق الموضوعتين الآن تحت الوصاية الروسية والأمريكية بالوكالة عن إسرائيل. وعلى الرغم من أني أحب الشعب الأمازيغي حبي للعرب لأسباب كثيرة أهمها أن أخوال أبنائي أمازيغ وأني لي أصدقاء وإخوة وطلابا كثيرين من الأمازيغ وأني أعتبر مطالبهم في تحقيق العدالة الاجتماعية مشروعة، إلا أني في الوقت نفسه أعي بوجود أيادٍ خارجية تتحرك بين صفوف جالياتهم في الغرب، خصوصا في هولندا وبلجيكا وفرنسا، منها اليد الإيرانية شلّها الله، تحاول أن تستغل مطالبهم المشروعة لزعزعة استقرار المغرب العزيز. لذلك موقفي من حراك الريف موقف الناصح المشفق: ثمة تطور إيجابي في المغرب - قياسا بالدول العربية الأخرى - تجعل من المغرب أفضل من الدول العربية الأخرى في معظم المجالات خصوصا مجال الحريات الشخصية. وثمة قطاعات في المغرب (كالطب والإدارة والعمل) بحاجة إلى اهتمام من الدولة. ومن شأن الحراك السلمي ضمن حدود القانون أن يعجل من وتيرة التطور - لكن الصدام - لا سمح الله بوقوعه - الذي قد يأتي نتيجة لتدخل الأجنبي ومد أطراف الخلاف بأسباب الفتنة فإنه قد يؤدي إلى تخريب المغرب مثلمت خربت دول عربية كثيرة. لذلك نحن نراهن على حكمة الدولة المغربية وعلى وعي الشعب المغربي في تلبية المطالب وحل المشاكل وحفظ المغرب وازدهاره لأن له حسادا كثيرين يحسدونه على استقراره وتطوره الاقتصادي والعمراني. وقد كنت عبّرت عن رأيي هذا في مقابلة مطولة أجراها معي تلفزيون المواطن المغربي في بروكسيل قبيل أشهر من الآن، منها هذا المقطع المتعلق بحراك الريف:



                    تحياتي العطرة مع شكري الجزيل على تفاعلك مع الموضوع وملاحظاتك القيمة.
                    عبدالرحمن السليمان
                    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                    www.atinternational.org

                    تعليق

                    • زحل بن شمسين
                      محظور
                      • 07-05-2009
                      • 2139

                      #40
                      وأسرة اللغات الجزيرية أسرة لغوية قديمة تتكون من فرعين الفرع الشرقي (ومنه الأكادية والأوغاريتية والآرامية والعبرية والفينيقية والحبشية والعربية وغيرها)
                      ما رأيك بهذه الحقائق التا ريخية ...؟؟؟


                      اما عن لغة اهل الحضر فكانت اللغة الارامية الرهاوية حيث وجد اكثر من ثلاثمائة نص كتابي في المدينة بالارامية والديانة كانت عبادة اله الشمس

                      المعبد الكبير



                      ابرز واضخم بناء في الحضر مشيد بألواح من الحجر والجص وواقع في وسط المدينة، حيث تؤدي اليه الشوارع الرئيسية، وهو متجه نحو الشرق لانه مخصص لعبادة الشمس ويعرف لدى الحضريين باسم (هيكلاربا) أي المعبد الكبير

                      وهذا المعبد كان مكعب الشكل وكان ثاني كعبة تحج اليها قبائل العرب الوثنية بعد كعبة ابراهيم الخليل في مكة قبل ظهور الاسلام

                      ميزتها



                      وكان للحضر ميزة تجارية حيث ان موقعها يعتبر ملتقى القوافل حيث يربط بين الجزيرة العربية والخليج العربي إلى الشام والبحر الأحمر

                      وجدت كتابة على أحد المباني تقول:"سنطروق هو ملك العرب وسنطروق يسمى في التاريخ العربي بالساطرون المشهور بقصة خيانة ابنته له ,
                      ==============================================

                      الخلاصة من ذلك بان الارامية هي اللغة العربية ولكنها تختص بمنطقة الشمال لسوريا الطبيعية ..؟!
                      وكذلك السريانية والفينيقية والحاتورية الخ الخ ....فانها تسميات محلية ،، كما نقدر ان نقول على لهجة قريش لغة مضر اي اللغة العربية ؟؟!!!
                      لان كلمة عربي لا تخص اهل الجزيرة وحدهم ....لان الامبراطورية الاشورية كانت مترامية الاطراف وكان الاشوريون يطلقون كلمة عربي على كل المجتمعات التي تسكن غربي نهري الفرات ودجلة ؟!

                      البابلي يقرؤكم السلام
                      التعديل الأخير تم بواسطة زحل بن شمسين; الساعة 23-07-2017, 15:45.

                      تعليق

                      • نورالدين لعوطار
                        أديب وكاتب
                        • 06-04-2016
                        • 712

                        #41
                        أستاذي عبد الرحمان السليمان

                        كما لا يخفى عليكم سيّدي أنّني لا أتحدث عن علم الألسنيات كعلم ولكن عن تفسير مخرجاته ، أنا لا أقول أن اللسنيات بحدّ ذاتها ليست علما وصفيا، لكن توظيف نتائجها خاضعة لنوع من البراغماتية، فكل يحاول توظيف منتجها لصالح قضيته" لا أقصد بالضرورة بحثكم ، بل هذا بشكل عام "، فليس اعتباطا أن تقوم العلمانية "كفلسفة "مع ازدهار العقل أو الثورة العلمية وأنتم سيد الميدان في الدراسات التزمنية، التي لا تولي كبير اهتمام لهذه التعاقبية التاريخية، فرغم أن للدال تحولا معينا، لكن حقيقته التداولية هي الأسمى. مثلا "رغب" قد يحمل الكثير من الدلالات قد تصل إلى حد النتناقض لكن عندما أقرنه مثلا مع "في" تتضح الدلالة مباشرة، وعندما ألصقه ب "عن" أوظفه للتعبير عن قصد آخر مخالف. هنا لا اقول أن التاريخ ليست له أهمية ـ فمن المفيد مثلا أن نعرف أن كسر رابطة الدّال والمدلول عمل بها "الحشّاشون" في البيئة الإسلامية ـ بل له أهمية بالقدر الذي نستطيع به بناء مستقبل أكثر رقيا و ليس بالضرورة إعادة الإنتاج وفقط، لا أنكر أن التأصيل يوجد في الدراسات العربية القديمة، لكن أن نعتبر الألسنيات علما عربيا ففي الأمر مبالغة ما قد تصل إلى مبالغة قضية "الإعجاز العلمي"، التي أراها لا تخدم النهضة بل توحي بحالة ضعف وجودية في الحاضر و نوع من الهروب للوراء وليس حتى للأمام.
                        هل العلمانية منتج تديّني؟
                        هل التدين يحتمل الفكر العلماني، مادامت المسيحية كدين في أصلها لا تبغي الولاية بمعنى السياسة واتجهت صوب الروحانيات، ورغم ذلك وصلت في وقت ما للتكحم في الإمبراطورية و توجهها الثقافي ومارست الاضطهاد والتهجير، فما بالك يمن يعتقد أن الولاية أصل ثابت في تديّنه، فمظاهر توظيف الدين في الحياة السياسية في عالمنا العربي والاسلامي واضحة وجلية، وإن كان العلمانيون العرب ينادون بالعلمانية فلاستشعارهم وجود ثقافية إقصائية قاهرة في أسلوب التديّن، فإذا كان الدّين بريئا فالتديّن يصعب تبرئته من الانحراف ـ الدين والتدين "عبد الجواد ياسين "ـ هناك رابطة ما بين الحضارة والعقلانية في حضارتنا الاسلامية و فترة التدوين شاهدة على ذلك، وهناك بذور كما قلت علمانية في ثقافتنا و توّجتها الفلسفة الرشدية، و هذا كله كان له بالغ الأثر في ظهور العلمانية الغربية، فالتاريخ الانساني ما لم يكن هناك ظرف قاهر جيولوجيا أو بيولوجيا يخضع لنوع من التراكمية.

                        أخي الفاضل نعم قد يكون مصطلح الزندقة له دلالة ما قديما كما الهرطقة في النصرانية كذلك مصطلح البربر، لكن الشحنة الزائدة من السلبية التي تحملها هذه المصطلبحات "كجندر" هي التي تجعلها غير مقبولة و لن تستطيع استرجاع موروثها القديم، فسياقها التداولي يجعلها منفرة و ألصقت بها حمولة منحطّة، ولن تستطيع الدراسات زرع الألفة بين الدال و ما يثيره من ردود نفسية سلبية على المدى المنظور.

                        لا أشك في اجتماعية مطالب الحراك و لا أريد لبلدي إلا الأمن والسلام والطمأنينة وكان الله في عون إخواننا في البلدان التي طالها الخراب، لكن هل هناك توظيف للدّين في الحراك، هذا شيء واضح فقارئ خطاب "قائد" الحراك يلاحظ أنه يمتح من الخطاب الديني المفرط الذي تعج به الفضائيات وخطب المساجد، وفيه من التسطيح ما فيه، كما أن الحكومة بدورها وظفت خطب الجمعة والمجالس العلمية بشكل ما مما أجّج الموقف، أما السياسة فهي حاضرة بقوة كتاريخ المنطقة ورموزها. و المؤامرة قائمة ولا أحد ينكرها وليست حتى مؤامرة بمعنى الدسائس السرية، بل هناك استغلال واضح للضعيف من طرف القويّ و هناك ابتزاز متواصل منذ سقوط الأندلس. لكن كل هذه التبريرات لا تكفي، ما دامت بلداننا لا تملك مشروعا حقيقيا. فيصعب الحديث عن مستقبل آمن واللهم اجعل في قضائك اللطف.

                        وشكرا على سعة صدرك.

                        تعليق

                        • زحل بن شمسين
                          محظور
                          • 07-05-2009
                          • 2139

                          #42
                          الملاحظة الثانية عن الغرب والعلمانية ....انه النفاق بعينه،،
                          كما جمعت روما بين الوثنية والمسيحية لتوحيد قوى القيصر على الانقسام التاريخي بقيادة روما واندلاع حرب اهلية فيها؟!
                          الملكة اليزبت ملكة بريطانيا هي راس الكنيسة الانكلوكانية وبنفس الوقت راس الدولة،،
                          الغرب يوظف الدين بل الاديان كلها لسياسته،،،
                          بعكس مرحلة ماقبل الثورة الفرنسية ،،، توظيف السياسة والشعوب بخدمة الدين؟!
                          البابلي يقرؤكم السلام

                          تعليق

                          • زحل بن شمسين
                            محظور
                            • 07-05-2009
                            • 2139

                            #43
                            الملاحظة الثالثة : عن الاب لوسيان جميل - تلكيف العراق
                            ابن الديرة يقول عن كلمة أمة انها مشتقة من السريانية من كلمة العامة من الناس ،،،
                            وانتقال الكلمة من لهجة السريان الى لهجة مضر لُفظت أمة ومنها الامة ؟؟؟!!!
                            اذو وجدت البحث للاب لوسيان جميل بهذا المضمار سانشره هنا ؟!

                            البابلي يقرؤكم السلام

                            تعليق

                            • عبدالرحمن السليمان
                              مستشار أدبي
                              • 23-05-2007
                              • 5434

                              #44
                              المشاركة الأصلية بواسطة زحل بن شمسين مشاهدة المشاركة
                              الخلاصة من ذلك بان الارامية هي اللغة العربية
                              البابلي يقرؤكم السلام
                              وعليك السلام أيها الشيخ البابلي!
                              اللغة العربية واللغة الآرامية لغتان مختلفتان مثل اختلاف العربية والحبشية، واختلاف الكردية والفارسية!
                              وتحيات طيبات وشكرا على الإضافة الجميلة.

                              المشاركة الأصلية بواسطة زحل بن شمسين مشاهدة المشاركة
                              الملاحظة الثالثة : عن الاب لوسيان جميل - تلكيف العراق
                              ابن الديرة يقول عن كلمة أمة انها مشتقة من السريانية من كلمة العامة من الناس ،،،
                              هذا الأب، أيها الشيخ البابلي، يهرف بما لا يعرف. وإخاله من الشعوبيين المحدثين.

                              كنت عالجت هذه النقطة في دراسة لي صدرت هذه السنة في مجلد خاص بالمعجم التاريخي للغة العربية، اقتبس منها ما يتعلق بما أثرتَ:


                              2.3. من أجل إثبات أصالة الكلمة في اللغة:
                              إن ظاهرة الشعوبية المحدثة والشطط الحاصل في نسبة ألفاظ عربية بعينها إلى هذه اللغة الجزيرية أو تلك لأسباب تتعلق بأسبقية التدوين، ظاهرة أصبحت ملحوظة في المجلات والمواقع العنكبية .. وأسبقية التدوين لا يقول بها عالم. وأكثر من يقول بها الشعوبيون وبعض الكتاب الذين يكتبون "على البركة" مثل الأب رافائيل نخلة اليسوعي في كتابه (غرائب اللغة العربية. المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1959)، حيث يرد كل كلمة عربية ذات أصل جزيري مشترك إلى السريانية لأنها أقدم تدوينا من العربية .. وهذا مذهب فاسد لأنه يقتضي بالمنطق رد جميع الكلمات السريانية ذات الأصول الجزيرية إلى العبرية لأن العبرية أقدم تدوينا من السريانية. كما يجوز وفقا لذلك المذهب رد العبرية إلى الأوغاريتية لأنها أسبق تدوينا من العبرية، والأوغاريتية إلى الأكادية وهلم جرا. والباحث العربي الذي تفطن إلى هذا الأمر هو الأب أنستاس ماري الكرملي الذي يقول في هذا الصدد: "ولا تكون الكلمة العربية من العبرية أو الآرامية إلا إذا كانت تلك الكلمة خاصة بشؤون بني إرم أو بني إسرائيل. أما الألفاظ العامة المشتركة بين الساميين جميعا، فليس ثم فضل لغة على لغة".[1]
                              ثم إن البحث العلمي أثبت أن العربية الشمالية – على الرغم من أنها أحدث تدوينا من سائر اللغات الجزيرية – أقدم من سائر اللغات الجزيرية أصواتا وصرفا ونحوا ومعجما، بما في ذلك الأكادية التي دونت ابتداء من مطلع الألفية الثالية قبل الميلاد. ونستأنس في هذا السياق بقول النحوي السرياني أقليميس يوسف داود مطران دمشق على السريان في كتابه اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية: "وأشهر اللغات السامية هي العربية والعبرانية والسريانية والحبشية بفروعهن الكثيرة [..] وإنما ذكرنا العربية أولا بين اللغات الجزيرية لأن العربية باعتراف جميع المحققين هي أشرف اللغات السامية من حيث هي لغة وأقدمهن وأغناهن. ومعرفتها لازمة لمن يريد أن يتقن [إتقانا] حسنا معرفة سائر اللغات السامية ولا سيما السريانية".[2] ويضيف: "ثم إننا لا نعتقد أن الآرامية هي أقدم اللغات السامية كما زعم قوم، وأقل من ذلك أنها أقدم لغات العالم كما زعم غيرهم بلا بينة ولا أساس. بل نثبت مع العلماء المحققين أن اللغة العربية هي التي تقرب إلى أم اللغات السامية أكثر من أخواتها".[3] ويقصد أقليميس يوسف داود بالعلماء المحققين المستشرقين الذين قالوا بهذا الرأي الذي ينقله، ونذكر منهم شخولتنز ونولدكة وبرغشتراسر وبروكلمان ورايت ودي لاسي الذين أثبتوا هذه الحقيقة بالدرس المقارن للغات الجزيرية.
                              وللتمثيل على أهمية هذا الباب نتوقف قليلا عند الكلمات التالية: (لغة) و(أمة) و(هوية) و(قانون) التي قد يزعم زاعمون أنها من هذه اللغة الأجنبية أو الجزيرية أو تلك.
                              يشير الاستقراء في الجذور الجزيرية إلى أن الجذور كانت الأصل ثنائية كما ذكرنا، يضاف إليها حرف ثالث لتحديد المعنى. مثلاً: الجذر الثنائي /ج م/ يفيد ـ في أكثر اللغات الجزيرية ـ معنى "الجمع"، ثم أضيفت إليه حروف أخرى لتحديد المعنى فكانت الجذور الثلاثية /جمع/ و/جمم/ و/جمل/ الخ التي تفيد معاني فرعية دقيقة تدور كلها في المعنى العام ألا وهو "الجمع" كما مر معنا.
                              وإذا نظرنا في الجذر الجزيري الثنائي /لغ/، وجدنا أن المعنى العام له هو: "الكلام غير المفيد؛ الثرثرة؛ الكلام المبهم". وإذا أمعنا في الاستقراء وجدنا أن الشعوب الجزيرية أضافت إليه حروفا ثالثة للحصول على جذور ثلاثية مثل /لغط/ و/لغو/ و/لغز/ و/لغم/ و/لغي/ الخ. وتفيد هذه الجذور كلها في اللغات الجزيرية معاني تدور حول المعنى العام للجذر الثنائي /لغ/ ألا وهو "الكلام غير المفيد؛ الثرثرة؛ الكلام المبهم". لنتأمل هذه الجذور في اللغات الجزيرية:
                              1. /لغز/: يفيد هذا الجذر في العربية معنى "اللغز" المعروف، وهو الشيء المبهم والغامض. ويجانسه في العبرية: לעז = /لَعَز/ [وأصله: لَغَز بالغين] "تحدث بلغة مبهمة ومن ثمة أجنبية". والكلام الأجنبي غير المفهوم هو بمثابة "اللغز" على الجاهل به كما هو معلوم. ومنه في العبرية: לעז = /لُغِز/ "اللغة الأجنبية". ويجانسه في الآرامية القديمة: לעוזא = /لَعُوزا/ [وأصله: لغوزا] "التحدث بلغة أجنبية". ويجانسه في السريانية: ܠܥܙ = /لِعَز/ [وأصله: لِغَز] "تحدثَ بلغة أجنبية أيضاً"، وكذلك ܠܥܙܐ = /لَعْزا/ [وأصله: لَغزا] "اللغة الأجنبية". ومنه في العبرية أيضاَ לעז = /لَعَز/ [وأصله: لغز] بمعنى "غمزَ، لمزَ".[4]
                              2. /لغط/: يفيد هذا الجذر في العربية معنى "اللغط" المعروف، وهو الشيء السري. ويجانسه في العبرية: לעט = /لَعَط/ [وأصله: لغط بالغين أيضا] "بلعَ الكلام بَلعاً (أي تحدث بصوت غير واضح)". الأكادية /لَعاطُ/ مثله؛ والسريانية: ܠܘܥܛܐ = /لُوعاطا/ "ثرثرة".[5]
                              3. /لغو/: يفيد هذا الجذر في العربية معنى "اللغو" المعروف، ومنه اشتقت /لغة/ وأصلها /لغوة/ وهو اسم المرة من "اللغو". ويجانسه في العبرية قطعا: לעע = /لَعَع/ [وأصله: لَغَغ] "لغا يَلغُو".[6]
                              أما "لوغوس" (λόγος) فتذكر المعاجم اليونانية أن المعنى الحسي لها هو "اختار". أما معنى "تحدث" فهو مجازي فيها لأنه جاء فيها بمعنى "اختار الكلمات" ومن ثم "الكلام المختار" أي "الكلام المنطقي" (logic/logique). وعليه: فلا علاقة بين "لوغوس" اليونانية و"لغة" العربية، لا من قريب ولا من بعيد، لأن "لغة" عربية قحة تشترك العربية في أصولها مع أكثر أخواتها اللغات الجزيرية.

                              جاء في اللغات الجزيرية: (أُمُّم) "الأُمُّ"، وهي كذلك في كل اللغات الجزيرية، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كلا من الأكادية /أُمُّم/؛ الأوغاريتية /أُم/؛ الفينيقية /أم/ والعبرية אם = /إِم/؛ الصفوية واللحيانية /أُمّ/ والسريانية ܐܡܐ = /إِمّا/ وكله "الأم". واشتق من هذا الجذر أيضا (أمَّت) وهي "القبيلة، الشعب، الأمة"، وهي كذلك في الأكادية /أُمّانُم/ ومعناها في الأكادية "شعب، جيش"؛ وفي الأوغاريتية /أُمْت/ "عائلة"؛ وفي العبرية والآرامية القديمة אםא = /أُمّا/ "أُمَّة؛ جنس؛ شعب"؛ وفي السريانية ܐܡܐ = /أُمّا/؛ وفي الحبشية /أمَّة/ "أُمَّة؛ قبيلة؛ شعب". ومن هذا الجذر كلمتنا (إِمَّةٌ) بمعنى "القاعدة؛ القانون" وهي كذلك في الحميرية /إمّ/ "قانون؛ قاعدة" وكذلك في الحبشية /أمَّة/ "طبيعة؛ نية؛ قاعدة" وكذلك في السريانية ܐܡܘܡܐ = /أَمُوما/ "شكل؛ هيئة" وهي في العربية "أََمَّة" وهي كذلك من هذا الجذر. وجاء أيضا (أَمَّ) بمعنى "تصدر؛ تقدّمَ" ومنه (إمام) وهو أيضا معنى مشترك في اللغات الجزيرية. فهذه جذور مشتركة ذات معان مشتركة ولا تفسير للزعم بأن (أُمَّة) من هذه اللغة أو تلك، إلا الشطط.

                              أما كلمة (الهوية) فهي كذلك عربية الأصل وليس مستعارة السريانية كما قد يزعم، لا جدال في ذلك بين أحد من اللغويين المحققين. فهي مشتقة من (هُوَ) مكررة هكذا: (هُوَهُوَ) للدلالة على التطابق والتماثل والتجانس. وهي بهذا المعنى ترجمة مستعارة (loan translation) من كلمة يونانية تدل على التطابق والتماثل والتجانس. والترجمة المستعارة ليست استعارة. ثم إن الكلمة الدالة على (الهوية) في السريانية هي ܗܳܝܟܰܕܗܝܽܬܳܐ = /هيكديوتا/، وشتان ما بين الكلمتين.
                              وقد أضاف الفلاسفة العرب إلى (هُوَهُوَ) أداة التعريف وضموا /الهاء/ فيها لتصبح الكلمة كما يلي: (الهُوهُو)! ويطلقونها على ما يطابق الشيء من كل وجه أي على الشيء المماثل والمطابق والمجانس لشيء آخر. وقد ترجم هذا (الهُوهُو) العربي كما ورد في كتب ابن سينا وابن رشد التي ترجمت إلى اللاتينية بـ (identicus) يعني identical بالإنكليزية و identiqueبالفرنسية. ثم اشتقوا من هذا (الهُوهُو) مصدرا صناعيا هكذا: (الهُوهُوية) ثم جعلوه (الهُوية) لخفة انذلاق هذه الأخيرة على اللسان. ومما يؤيد هذا القول ويعضده، قول الفيلسوف ابن رشد في تفسيره الكبير: "وإنما اضطر إليه بعض المترجمين، فاشتق هذا الاسم من حرف الرباط، أعني الذي يدل عند العرب على ارتباط المحمول بالوضع في جوهره، وهو حرف /هو/ في قولهم: زيد هو حيوان أم انسان [...] واضطر إلى ذلك بعض المترجمين لأنه رأى دلالته في الترجمة على ما كان يدل عليه اللفظ الذي كان يستعمل في لسان اليونانيين بدل الموجود في لسان العرب بل هو أدل عليه من اسم الموجود وذلك أن اسم الموجود في كلام العرب لما كان من الأسماء المشتقة وكانت الأسماء المشتقة إنما تدل على أعراض خيل إذا دل به في العلوم على ذات الشيء إنما يدل على عرض فيه كما عرض لابن سينا فتجنب بعض المترجمين هذا اللفظ إلى لفظ الهوية إذ كان لا يعرض فيه هذا العرض".[7]
                              وللهوية معان اصطلاحية كثيرة لكن معناها هنا (الهوية/identity) تطابق الذوات أو – كما يقول ابن رشد في الصفحة 560 من المصدر ذاته: (الهوية التي تدل على ذات الشيء). ومن ثمة أصبحت تدل على أناس يلتقون على مبادئ معينة ويتحدون بها وهي إما الجنس (مثلا الجنس الآري في القومية الألمانية/النازية) أو (الدين مثلا الديانة الكاثوليكية في القومية الإيرلندية) أو اللغة والثقافة (مثلا اللغة الفرنسية في القومية الفرنسية واللغة العربية في القومية العربية) أو الجنس والدين معا (الجنس اليهودي واليهودية في الصهيونية). ومن الجدير بالذكر أن تفسير ابن رشد الكبير هذا ترجم إلى العبرية فترجمت /الهوية/ إلى العبرية ترجمة مستعارة هكذا: הואהות = /هُوهُوت/.

                              من جهة أخرى، ثمة كلمات عالمية مشتقة من اللغات الجزيرية أو من جذور جزيرية مشتركة قد نوفق في تحديد الأصل الجزيري لبعضها (مثل شك مساج)[8] وقد لا نوفق دائما في تحديد الأصل الجزيري لبعضها الآخر لعدم وجود قنوات واضحة دخلت عبرها الكلمة الجزيرية إلى هذه اللغة الأجنبية أو تلك. من ذلك كلمة (قانون). فكثيرا ما نسمع أن كلمة (قانون) معربة عن اليونانية (κανόν = kanόn) التي تعني فيها "قاعدة"، وفي الأصل: "خط للقياس". وبالنظر في أصل الكلمة يتضح أنها مشتقة من اليونانية (κανόν = kanόn) التي تعني فيها "قصب". وقد انتقلت هذه الكلمة اليونانية إلى اللاتينية (canon) ومن اللاتينية إلى أكثر لغات الغرب. وعند التدقيق في الكلمة اليونانية يتضح أنها مستعارة من اللغات الجزيرية، إذ جاء في الأكادية (مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد): /قَنُو/ "قصب"، وكذلك في العبرية קנה = /قانِه/ "قصب" أيضا. أما في الحبشية فتعني /قنوت/ =qanōt "عصا وخز" (لوخز الماشية في مؤخراتها وحثها على المسير). وأما في الفينيقية (= قنا) وفي الآرامية والسريانية (ܩܢܝܐ = /قَنْيا/) وأخيرا في العربية (= قناة، قنا) "الرمح". وأصل القناة: "العصا" المستوية. قال في اللسان (مادة /قنا/): "وكل عصا مستوية فهي قناة". والعصا المستوية هي العصا التي يقاس بها ويرسم بها الخط المستقيم، وهذا معنى "قانون" الأصلي في اليونانية، أي "خط للقياس"، ثم استعمل مجازا ليدل على "القاعدة"؛ فثبت أخذ اليونان لها عن اللغات الجزيرية، ذلك أن اليونان جاؤوا ألفي سنة بعد الأكاديين الذين جاء في لغتهم: /قَنُو/ وهي القصبة المستقيمة.


                              [1] انظر الكرملي (67:1938).

                              [2] انظر (داود (10:1896).

                              [3] انظر (داود (13:1896).

                              [4] ولا يحتج بتفسير بعض الاشتقاقيين الشعبيين من اليهود لـ לעז = لعز على أنه منقحر من לשון עם זר = /لَشون عَم زَر/ أي "لسان شعب أحنبي"، فهذا اشتقاق شعبي لا أساس له.

                              [5] ومن ܠܘܥܛܐ = /لوعاطا/ "ثرثرة" في اللهجات الشامية ـ التي هي من بقايا الآرامية التي كانت تحكى في الشام قبل تعريبها: لَعَّ أي "ثَرثَرَ" وكذلك قول الشاميين: حاجِه تْلِعّْ أي "كفاك ثرثرة" وكذلك لَعْلُوع أي "ثرثار")!

                              [6] وذلك بعد رد هذا الجذر إلى أصله الثنائي وذلك بإسقاط لام /لغو/ العربي ولام /لَعَع/ العبري ليصبح لدينا: /لغ/ وهو الجذر الثنائي لكل من /لغط/ و/لغو/ و/لغز/ و/لغم/ و/لغي/ الخ!

                              [7] ابن رشد (1983:557). وانظر أيضا باب (القول في الهوية) الصفحة 552 وما يليها.

                              [8] (شك): من العربي (صك)؛ (مساج): من العربي (مسد) ومثله كثير.
                              عبدالرحمن السليمان
                              الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                              www.atinternational.org

                              تعليق

                              • عبدالرحمن السليمان
                                مستشار أدبي
                                • 23-05-2007
                                • 5434

                                #45
                                المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                                لا أنكر أن التأصيل يوجد في الدراسات العربية القديمة، لكن أن نعتبر الألسنيات علما عربيا ففي الأمر مبالغة ما قد تصل إلى مبالغة قضية "الإعجاز العلمي"، التي أراها لا تخدم النهضة بل توحي بحالة ضعف وجودية في الحاضر و نوع من الهروب للوراء وليس حتى للأمام.
                                أخي الكريم وأستاذي الفاضل نورالدين لعوطار،

                                اسمح لي أن أعبر لحضرتك عن إعجابي بسعة اطلاعك ودقة مرماك في الطرح. لذلك أبيح لنفسي تجزئة الرد على ما أثرت سعيا مني في مجاراتك في الدقة.

                                لم أقصد قط أن اللسانيات علم عربي كله. أفضل مصطلح (علوم اللغة) وهي كثيرة أهمها النحو (بمهومه الأوسع أي القواعد اللغوية)، وصناعة المعجم، والنحو التاريخي، وعلم اللغة المقارن. وما صنف من هذه العلوم بالعربية كان الأساس لكل ما نشأ لاحقا فيها. وهذا الكلام ليس لي، بل لمؤرخي العلوم المنصفين مثل جورج سارتون وغيره. أما علم اللغة المقارن فكان مقتصرا على مقارنة العربية بالعبرية بالسريانية وأول من مارسه اليهود المستعربون وهو أساس علم اللغة المقارن في الغرب. وهذه عينة منه (وإن شئت أمددتك بمصادر علمية كثيرة تؤكد كلامي):


                                4.2. كتاب الموازنة بين اللغة العبرانية واللغة العربية لابن برون:
                                تطور علم اللغة العبرية وعلم اللغة المقارن بعد ابن جناح كثيرًا، وكان كتاب الموازنة لابن برون بمثابة التتويج لجهود سابقيه من النحاة واللغويين والمقارنين. يتكون كتاب الموازنة من قسمين اثنين الأول في النحو والصرف والآخر معجم. يقارن القسم الأول من الكتاب الأسماء العربية والعبرية ببعضها ويسرد تصاريفها وحالات إعرابها، ثم يقارن الأفعال العبرية والعربية ببعضها أيضًا ويذكر تصريفها ويتطرق إلى أهم ما يعتورها في اللغتين من لزوم وتعدٍ وإعلال وما إلى ذلك. أما القسم الثاني، وهو معجم مقارن، فيحتوي على كل الأصول العبرية التي لها ما يجانسها اشتقاقيًا من العربية، ويذكرها كلها ويشرح الغريب والنادر منها مستشهدًا على معانيها من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر الجاهلي. ويستدل من كتابه أنه كان عالماً كبيرًا في اللغتين واثقًا من علمه، فهو النحوي العبري الوحيد من العصور الوسطى الذي تعرض لمروان بن جناح ـ سيبويه النحاة اليهود وخليلهم ـ بالنقد. والكتاب مهم جدًا وهو أول كتاب شامل في تاريخ علم اللغة المقارن مبني على أصول المقارنة العلمية التي يثبتها علم اللغة الحديث وهي علم الأصوات وعلم الصرف وعلم النحو وعلم المفردات، وذلك في زمن كان الأوربيون يعتقدون فيه أن كل لغات الأرض مشتقة من العبرية وأن اللغات القريبة منها (مثل العربية والآرامية) هي لغات حافظت على قرابتها من الأم، وأن اللغات البعيدة منها (مثل اليونانية واللاتينية والصينية مثلاً)، هي لغات لم تحافظ على قرابتها من الأم. وقد أشار هؤلاء العلماء، وسبقهم إلى ذلك ابن حزم الأندلسي،[i]إلى أن هذه اللغات (العربية والعبرية والآرامية) مشتقة من لغة واحدة يسميها علم اللغة الحديث "باللغة الجزيرية الأولى" أو The Proto-Semitic Language.

                                مثال على المقارنة النحوية:
                                "القول على الخواص التي تلحق الاسم: الخواص التي تلحق الاسم في اللغتين هي النعت والبدل والإضافة والنداء والاستثناء ودخول علامة التعريف وحروف الخفض. ويلحقه عند العرب زيادة على ما ذكرته الخفض والتنوين والتصغير، وليس عندنا شيء من ذلك. وأنا مبينٌ هذه الخواص أولاً فأولاً.
                                النعت عند العرب تابع للمنعوت في حال إعرابه وفي معناه. أما عندنا فلا إعراب لنا والنعت تابع لمنعوته في معناه أعني أن يُنعت المفرد بالمفرد والجمع بالجمع والمؤنث بالمؤنث والنكرة بالنكرة والمعرفة بالمعرفة. هذا هو القياس في اللغتين إلا أنه قد خولف عندنا فتنعت المعرفة بالنكرة والنكرة بالمعرفة في قولهم הכבש ×گחד، הדוד ×گחד، הרי×‌ הגבהי×‌، وهو خارج عن القياس ولا يستعمل مثله ...".

                                مثال على المقارنة المعجمية [وما بين قوسين إضافة من عندي للتوضيح]:
                                "×گבח [= أ ب ح = الجذر: ب و ح ].×گבח×? חרב (سفر حزقيال، 21:20). هذه اللفظة لا نظير لها في النص [= التوراة، أي نادرة]، وترجمها الحكيم أبو الوليد [مروان بن جناح] رحمه الله "بلمعان السيف وبريقه" بحسب المعنى، وأشار يهوذا بن بلعم إلى أن معناها "خوف السيف" دون دليل. وهي عندي مجانسة للعربي وترجمتها "استباحة السيف"، والاستباحة الانتهاب والاستئصال، قال عنترة:
                                حتى استباحوا آل عوف عنوة، بالمشرفي والوشيج الذبل.
                                فجعل [كتاب التوراة] الاستباحة بالسيف والرمح وجاز أن ينسب الفعل نفسه إلى السيف فيقال "استباحه السيف" كما يقال "ضربه السيف وطعنه". وقد جاء عندنا مثل ذلك ו×گכלה חרבו שבעה (سفر إرميا، 10:46) فنسب الفعلين إلى السيف. ومما يؤيد هذه الترجمة ويعضدها قوله על כל שעריה×‌ ××?×? ×™×گבח×? חרב (سفر حزقيال، 21:20) أي "جعلت على أبوابهم سيفًا يستبيحهم ويستأصلهم"، وأنه ذكر البريق بلفظة ברק التي حقيقته [كذا]، ثم ذكر في آخر الآية لفظة ×?בח الذي هو الفعل المختص بالسيف ويؤدي إلى الاستباحة والاستئصال اللذين إياهما يريد [كتاب التوراة]، ولا معنى لظهور لمعان السيف على أبوابهم [كما قال ابن جناح] فيمكن أن [يكون] ذلك لهم وعليهم، والنص لا يقتضي إلا أحد القسمين [= الوجهين]. فإذا لم نجد لهذه اللفظة اشتقاقا [في العبرية] وألفينا لها هذه المجانسة [في العربية] وهي لائقة بالمعنى وسائغة فيه، فأخلق بحمل الترجمة عليها ونسب اللفظ إليها. وقد نحا هذا المنحى وإن لم يكن إياه المترجم [في "الترجوم"] في قوله [بالآرامية] ×§×?ולי חרב×گ. وأما רב×ו ×”×گ×™×™ فجعله مثل ×گבע×? بإبدال العين".


                                [i]وعندي أن ابن حزم كان عارفـًا ببعض تلك اللغات كما يبدو من رسالته "الرد على ابن النرغيلة اليهودي" وكما يستشف من كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل". وانظر أيضا ابن حزم (ابن حزم 1929، جزء 1 صفحة 30). ثم إن ابن حزم اعتمد على ترجمة التوراة العربية لسعيد بن يوسف الفيومي وهي ترجمة عربية بالأبجدية العبرية، وهذا يقتضي معرفة ابن حزم للكتابة العبرية على الأقل.
                                عبدالرحمن السليمان
                                الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                                www.atinternational.org

                                تعليق

                                يعمل...
                                X