غفران الحب
هيام ضمرة
ذنب الحبيب مغفور.. مغفور.. مغفور.. وكيف يأتيك العقل بما هو غير مبرر للغفران، والنفس تنظر بعين القلب فلا ترى الأمر مجزوءاً أو منبوذاً، وكأنما العقل ينتشل الرؤيا من مخزن الرضا، تصرف عفوي الخاطر يكتنفه سحر الاحساس وفيض المشاعر،تتخلله روائحاً عطرية غير عصية على ايجاد المخارج والمعابر، وللحبيب دوما أكثر من معنى يولده عمق وشفافية الاحساس، فلا تجوسة أقدام الظنون ولا تعكر هدوءه فوضى الحناجر، يختزن في قواقع القلب صدىً لأجمل وأرق إحساس، فليس يُحاسبُ بسوء الظن كمثل كل الناس، ولا تشربه النفس معكوراً أو ممجوجاً يثير التقزز والارتكاس، هو الحب كيفما يصنع الهوى وكيفما يلون الإحساس بأروع وأجمل إحساس، هو الحب حينما يتحول شفيعا وحين يكون كالوليد اللين تربت عليه بيد النسيم كأنما تخشى عليه عين الناس، هو الحب المثير لأجمل الرؤى والمثير لكل فضفضات النبض في أوردة الحياة، وفي كل منعتقات التجلي للانتشاء بصبر المنى والانتظار، هي أنظار تلمع في عيون القلب لتمتلئ بصور الأحلام، ترسمها لوحات من أصداف، تهامسها موجات تترحل بين أكنان الماء وملح فجاج، إلى أن تتعرف موقع محطة الأحباب، لتذوب على رمل اشطآنه دون أدنى تردد أو استهتار، تتلهف أن يتشربها الرمل كأس أسرار، يسكره منها غيبة الحصار.
فكم من حب أعتق نفوس وأثار كوامن تتخير نبضها من زروع نبتت في أعماق الاحساس، وكم من حب ثبَّت سلطان وعمَّر بيوت وقصور وخيم تشد وثاق أوتدتها لأبسط الناس، فالحب زرع يُبذر بكل تربة وكل زمن وبكثير مراس، لتحصد سعادة زاخرة بالعشق الرؤوف غير المدان بغش أو زيف وبأس، هو هذا الذي يخيم على النفس فيمنحها ظلال السكون والهناء من كل بد وكل مساس، أنامل حرى تثير الانبجاس، فيا إحساسًا إذا ما تولد أضاء منارات الرشد وأغدق فيض السعادة بكل الحواس.
هو هذا الحب حين يبتني مسلات وجد تمتشق عنان السماء، يحتلب مفعمات النشوى على أسوار ذلك الملاذ المحتكر لفيافي القلب، هو السكينة كيفما وصفت وكيفما تشكل الود بأحرف الشعراء والكتاب وملازم الورق والأحبار وعطر يثير عبق الطبع وتوقيع الإنشاء، فيا مقاعد الود اجمعي شمل الأحبة دون أوراق عبور وبلا توقيعات تتوسم هوية راضخة لقلب تعبأ بالوداد.. نعم ذنب الحبيب مغفور وإن اجتمعت على اتهامه جلسات القضاة العُتاة، وإن اعتبرته مذنباً يتنصل من تهمة الطغاة، تشير عليه أنامل الكائدين وتهتك حرمة براءته وتثير عليه غضب الجمع والرعاة، هو الحب حين يتعني داخل النفس وحين يصبح لصيقا بالعقل كاختلاط السكر بالماء، لا يعود له فكاكاً ولا تغالبة فكرة الانفصال، حين يُحْدِث فوضى العقل والفكر ويمحور كل الاهتمامات بالحبيب فيمرض به حد الموت.
عجيب غريب عقل هذا الانسان.. كيف يخرج عن طوع العقل إلى اللا عقل، فيطوعه كما خيل الصحراء حين يطوعها من يعرف لغة التخاطب والاقتراب الحنون، يا لعقل هذا الانسان حين يصبح يسير كالمسحور بلا وجهة ولا بوصلة تعدل الاتجاه، حين تتكالب عليه مشاعره فتغير في ذهنه صورة الأشياء والمعاني والألوان، حين تتملكه هالات الاحساس وتحاصره كما السجين في عقر أضيق الأماكن، لا يرى غير ذات الحبيب يقف قبالته وكل شيء فيه يتوهج كما شمس النور والاحساس، كيف تؤثر به مشاعره وأحاسيسه حد التمكن من تلافيفه، فتغدو كيماوياته خليطاً خاصاً من التفاعلات، لا تحتكم قانوناً ويختلف فيها إنسان عن إنسان، فيصير مسحوراً يسير بلا هدى ولا دليل يأخذه باتجاه عنوان، يعمى عنده النظر فيرى الألوان بغير حالاتها من أصل ما هو معروف من الألوان، ولا تعود مدركاته تفرق بين أهل لهم عنده واجب ولا إخوان، تصير عنده الحياة زخما من وجه الحبيب تلتقطه عينه بكل مكان، حتى يرى في الناس كلهم ذات وجه الحبيب، فصدق قول القائلين أنه مريض بالحب بل مريض بالحبيب.
هل هذا النوع من الحب هو من ضروب الجنون؟.. يتمكن من العقل تماماً تمكن فوضى الشؤون، فالعقل ملايين من الخلايا وملايين من التفاعلات فهل تصبح كلها دائرة مغلقة تدور حول نفسها؟
هيام ضمرة
ذنب الحبيب مغفور.. مغفور.. مغفور.. وكيف يأتيك العقل بما هو غير مبرر للغفران، والنفس تنظر بعين القلب فلا ترى الأمر مجزوءاً أو منبوذاً، وكأنما العقل ينتشل الرؤيا من مخزن الرضا، تصرف عفوي الخاطر يكتنفه سحر الاحساس وفيض المشاعر،تتخلله روائحاً عطرية غير عصية على ايجاد المخارج والمعابر، وللحبيب دوما أكثر من معنى يولده عمق وشفافية الاحساس، فلا تجوسة أقدام الظنون ولا تعكر هدوءه فوضى الحناجر، يختزن في قواقع القلب صدىً لأجمل وأرق إحساس، فليس يُحاسبُ بسوء الظن كمثل كل الناس، ولا تشربه النفس معكوراً أو ممجوجاً يثير التقزز والارتكاس، هو الحب كيفما يصنع الهوى وكيفما يلون الإحساس بأروع وأجمل إحساس، هو الحب حينما يتحول شفيعا وحين يكون كالوليد اللين تربت عليه بيد النسيم كأنما تخشى عليه عين الناس، هو الحب المثير لأجمل الرؤى والمثير لكل فضفضات النبض في أوردة الحياة، وفي كل منعتقات التجلي للانتشاء بصبر المنى والانتظار، هي أنظار تلمع في عيون القلب لتمتلئ بصور الأحلام، ترسمها لوحات من أصداف، تهامسها موجات تترحل بين أكنان الماء وملح فجاج، إلى أن تتعرف موقع محطة الأحباب، لتذوب على رمل اشطآنه دون أدنى تردد أو استهتار، تتلهف أن يتشربها الرمل كأس أسرار، يسكره منها غيبة الحصار.
فكم من حب أعتق نفوس وأثار كوامن تتخير نبضها من زروع نبتت في أعماق الاحساس، وكم من حب ثبَّت سلطان وعمَّر بيوت وقصور وخيم تشد وثاق أوتدتها لأبسط الناس، فالحب زرع يُبذر بكل تربة وكل زمن وبكثير مراس، لتحصد سعادة زاخرة بالعشق الرؤوف غير المدان بغش أو زيف وبأس، هو هذا الذي يخيم على النفس فيمنحها ظلال السكون والهناء من كل بد وكل مساس، أنامل حرى تثير الانبجاس، فيا إحساسًا إذا ما تولد أضاء منارات الرشد وأغدق فيض السعادة بكل الحواس.
هو هذا الحب حين يبتني مسلات وجد تمتشق عنان السماء، يحتلب مفعمات النشوى على أسوار ذلك الملاذ المحتكر لفيافي القلب، هو السكينة كيفما وصفت وكيفما تشكل الود بأحرف الشعراء والكتاب وملازم الورق والأحبار وعطر يثير عبق الطبع وتوقيع الإنشاء، فيا مقاعد الود اجمعي شمل الأحبة دون أوراق عبور وبلا توقيعات تتوسم هوية راضخة لقلب تعبأ بالوداد.. نعم ذنب الحبيب مغفور وإن اجتمعت على اتهامه جلسات القضاة العُتاة، وإن اعتبرته مذنباً يتنصل من تهمة الطغاة، تشير عليه أنامل الكائدين وتهتك حرمة براءته وتثير عليه غضب الجمع والرعاة، هو الحب حين يتعني داخل النفس وحين يصبح لصيقا بالعقل كاختلاط السكر بالماء، لا يعود له فكاكاً ولا تغالبة فكرة الانفصال، حين يُحْدِث فوضى العقل والفكر ويمحور كل الاهتمامات بالحبيب فيمرض به حد الموت.
عجيب غريب عقل هذا الانسان.. كيف يخرج عن طوع العقل إلى اللا عقل، فيطوعه كما خيل الصحراء حين يطوعها من يعرف لغة التخاطب والاقتراب الحنون، يا لعقل هذا الانسان حين يصبح يسير كالمسحور بلا وجهة ولا بوصلة تعدل الاتجاه، حين تتكالب عليه مشاعره فتغير في ذهنه صورة الأشياء والمعاني والألوان، حين تتملكه هالات الاحساس وتحاصره كما السجين في عقر أضيق الأماكن، لا يرى غير ذات الحبيب يقف قبالته وكل شيء فيه يتوهج كما شمس النور والاحساس، كيف تؤثر به مشاعره وأحاسيسه حد التمكن من تلافيفه، فتغدو كيماوياته خليطاً خاصاً من التفاعلات، لا تحتكم قانوناً ويختلف فيها إنسان عن إنسان، فيصير مسحوراً يسير بلا هدى ولا دليل يأخذه باتجاه عنوان، يعمى عنده النظر فيرى الألوان بغير حالاتها من أصل ما هو معروف من الألوان، ولا تعود مدركاته تفرق بين أهل لهم عنده واجب ولا إخوان، تصير عنده الحياة زخما من وجه الحبيب تلتقطه عينه بكل مكان، حتى يرى في الناس كلهم ذات وجه الحبيب، فصدق قول القائلين أنه مريض بالحب بل مريض بالحبيب.
هل هذا النوع من الحب هو من ضروب الجنون؟.. يتمكن من العقل تماماً تمكن فوضى الشؤون، فالعقل ملايين من الخلايا وملايين من التفاعلات فهل تصبح كلها دائرة مغلقة تدور حول نفسها؟
تعليق