( الكاتب الكبير )
قصة قصيرة للأديب / محمد شعبان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
يطالع الصحف كعادته اليومية ليرى قصته الجديدة .. يجلس على مكتبه الفخم يقلب الجريدة بشغف .. القصة هذه المرة مختلفة ليس في مضمونها لكن في طريقة تناولها .. ينظر ويدقق النظر في صورته على رأس الصفحة وعنوانها " من الواقع " التي يكتبها ويشرف عليها ..
حقيقةً القصة اليوم مختلفة عن كل أسبوع .. لأول مرة أستمع للقصة من صاحبتها .. كل القصص التي أكتبها إما عبر البريد المكتوب ، أو الإلكتروني .. لأول مرة تكون من خلال حساب ( إسكيب ) .. تحدثنا عن كل شيء وفي كل التفاصيل ، أمور لم تكن تتضح من خلال رسالة مكتوبة .. هذه البنت استطاعت برقتها وصدقها أن تجعلني أفتح لها قلبي وأنا الكاتب الكبير الذي يحل كل المشكلات ويحلل الشخصيات ويبلور كل ذلك في قصة مؤثرة كل أسبوع .. قصتها مع حبيبها الذي عشقته حد الجنون ويود الزواج منها والعائلة تقف حائلا في سبيل تحقيق حلم العمر وهي بنت الحسب والنسب والجاه والغنى وهو الفقير المعدم ، لم تفارقها دموعها أثناء الحَكْي ... لم أكن أعلم أن مباشرة القصة من فم صاحبها له هذا الأثر البالغ في فهمها بعمق وإعطاء الحلول المناسبة .. كما أنني لم أكن أعلم أن لهذا ( الاسكيب ) مردوده السحري لدرجة أنني تفاعلت مع البنت وفتحت لها كتاب حياتي أنا الآخر بلا حدود أو قيود ... " تلك الطالبة التي كنت أدرس لها بالجامعة و التي تزوجتها عرفيا دون علم أهلها ".. شيء غريب حقا أن أحكي لها هذا الأمر ، لكنه حدث ،ورأيتني ولساني يسبق عقلي كطفل عائد بعد يوم مشحون بالضغوط ليرتمي في أحضان أمه الرؤوم ويحكي لها كل ما تعرض له من هموم ، شعرت براحة نفسية عجيبة وأنا أحكي وأفضفض معها .. و "والدها الذي هددته ـ عندما علم الأمر وأخبرني أنه سيفضحني ـ فتوعدته بنفوذي وصلاتي وتدمير حياته الوظيفية في لمح البصر إذا تحدث في الأمر ، كما أنني مزقت العقد العرفي أمامها عندما طلبت مني أن أتزوجها شرعيا ، فهددتها بصورها وفيديوهاتها مع ذلك الشاب الذي كانت تقابله في شقتي التي استأجرتها لها في أيام غيابي عنها ، واستطعت أن أخرس الجميع ... وزوجتي التي تزوجتها طمعا في سلطة أبيها الحكومي البارز ، وأنني لم أحبها يوما من الأيام ، وعشت معها ، وأنجبت منها ، ولولا وصول أبيها لمراكز القرار لما أصبحت أنا رئيسا لتحرير الجريدة ومشرفًا على أهم أبوابها ، والذي يعد منظارًا يطلع على كل خبايا وأسرار المجتمع " .
قصة مثيرة حقًّا وتبرز سلبيات عديدة في المجتمع ، ويبدو أنها ستلفت انتباه عدد كبير من قرائي ، وستحسب هذه السابقة في تارخي المهني الطويل ، وسيزداد عدد قرائي ... حقا إن القصص التي تأتي من رحم الحياة تصل لقلب القارئ وقد تنكأ بعض جراحاته .. لم أكتب في حياتي قصة واقعية كهذه .. اختراع ( الاسكيب) هذا ينبغي أن أركز عليه في الأيام المقبلة لأجني القصص من أفمام أصحابها ناضجة على أكمل وجه ، ولضمان عدم الحرج سأترك مطلق الحرية لمن يريد أن يظهر صورته أو لا .
الباب يدق ..
:ـ ادخل .. هااا .. صباح الخير يا مدير تحريرنا العزيز .. تفضل .. اجلس .
:ـ هل قرأت صحف اليوم ؟ !
:ـ لا .. لم أقرأ سوى صفحتي فقط ـ قالها بفخر مسندًا ظهره إلى الكرسي ـ .
:ـ مصيبة .. مصيبة .
:ـ ماذا حدث ؟ .. خذ نفسك .. اهدأ .
:ـ هذا خراب بيوت مستعجل .. لقد قُضي علينا .
:ـ يا أخي اهدأ ، وقل لي ماذا حدث ؟
:ـ قصة حياتك .. قصة حياتك يا أستاذ تملأ تفاصيلُها وفضائحُها كل الصحف المنافسة اليوم !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأربعاء ( 30/ 6 / 2015 )
قصة قصيرة للأديب / محمد شعبان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
يطالع الصحف كعادته اليومية ليرى قصته الجديدة .. يجلس على مكتبه الفخم يقلب الجريدة بشغف .. القصة هذه المرة مختلفة ليس في مضمونها لكن في طريقة تناولها .. ينظر ويدقق النظر في صورته على رأس الصفحة وعنوانها " من الواقع " التي يكتبها ويشرف عليها ..
حقيقةً القصة اليوم مختلفة عن كل أسبوع .. لأول مرة أستمع للقصة من صاحبتها .. كل القصص التي أكتبها إما عبر البريد المكتوب ، أو الإلكتروني .. لأول مرة تكون من خلال حساب ( إسكيب ) .. تحدثنا عن كل شيء وفي كل التفاصيل ، أمور لم تكن تتضح من خلال رسالة مكتوبة .. هذه البنت استطاعت برقتها وصدقها أن تجعلني أفتح لها قلبي وأنا الكاتب الكبير الذي يحل كل المشكلات ويحلل الشخصيات ويبلور كل ذلك في قصة مؤثرة كل أسبوع .. قصتها مع حبيبها الذي عشقته حد الجنون ويود الزواج منها والعائلة تقف حائلا في سبيل تحقيق حلم العمر وهي بنت الحسب والنسب والجاه والغنى وهو الفقير المعدم ، لم تفارقها دموعها أثناء الحَكْي ... لم أكن أعلم أن مباشرة القصة من فم صاحبها له هذا الأثر البالغ في فهمها بعمق وإعطاء الحلول المناسبة .. كما أنني لم أكن أعلم أن لهذا ( الاسكيب ) مردوده السحري لدرجة أنني تفاعلت مع البنت وفتحت لها كتاب حياتي أنا الآخر بلا حدود أو قيود ... " تلك الطالبة التي كنت أدرس لها بالجامعة و التي تزوجتها عرفيا دون علم أهلها ".. شيء غريب حقا أن أحكي لها هذا الأمر ، لكنه حدث ،ورأيتني ولساني يسبق عقلي كطفل عائد بعد يوم مشحون بالضغوط ليرتمي في أحضان أمه الرؤوم ويحكي لها كل ما تعرض له من هموم ، شعرت براحة نفسية عجيبة وأنا أحكي وأفضفض معها .. و "والدها الذي هددته ـ عندما علم الأمر وأخبرني أنه سيفضحني ـ فتوعدته بنفوذي وصلاتي وتدمير حياته الوظيفية في لمح البصر إذا تحدث في الأمر ، كما أنني مزقت العقد العرفي أمامها عندما طلبت مني أن أتزوجها شرعيا ، فهددتها بصورها وفيديوهاتها مع ذلك الشاب الذي كانت تقابله في شقتي التي استأجرتها لها في أيام غيابي عنها ، واستطعت أن أخرس الجميع ... وزوجتي التي تزوجتها طمعا في سلطة أبيها الحكومي البارز ، وأنني لم أحبها يوما من الأيام ، وعشت معها ، وأنجبت منها ، ولولا وصول أبيها لمراكز القرار لما أصبحت أنا رئيسا لتحرير الجريدة ومشرفًا على أهم أبوابها ، والذي يعد منظارًا يطلع على كل خبايا وأسرار المجتمع " .
قصة مثيرة حقًّا وتبرز سلبيات عديدة في المجتمع ، ويبدو أنها ستلفت انتباه عدد كبير من قرائي ، وستحسب هذه السابقة في تارخي المهني الطويل ، وسيزداد عدد قرائي ... حقا إن القصص التي تأتي من رحم الحياة تصل لقلب القارئ وقد تنكأ بعض جراحاته .. لم أكتب في حياتي قصة واقعية كهذه .. اختراع ( الاسكيب) هذا ينبغي أن أركز عليه في الأيام المقبلة لأجني القصص من أفمام أصحابها ناضجة على أكمل وجه ، ولضمان عدم الحرج سأترك مطلق الحرية لمن يريد أن يظهر صورته أو لا .
الباب يدق ..
:ـ ادخل .. هااا .. صباح الخير يا مدير تحريرنا العزيز .. تفضل .. اجلس .
:ـ هل قرأت صحف اليوم ؟ !
:ـ لا .. لم أقرأ سوى صفحتي فقط ـ قالها بفخر مسندًا ظهره إلى الكرسي ـ .
:ـ مصيبة .. مصيبة .
:ـ ماذا حدث ؟ .. خذ نفسك .. اهدأ .
:ـ هذا خراب بيوت مستعجل .. لقد قُضي علينا .
:ـ يا أخي اهدأ ، وقل لي ماذا حدث ؟
:ـ قصة حياتك .. قصة حياتك يا أستاذ تملأ تفاصيلُها وفضائحُها كل الصحف المنافسة اليوم !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأربعاء ( 30/ 6 / 2015 )