"آه ...هذه أنت ؟؟...مرحى مرحى ...هذه أنت "وارتميت عليها ألثمها وأبكي ...لقد غسلتها بدموعي وأجلت في تفاصيل وجهها بأنفي والعبرات تستبدّ بي .."هذه أنت ؟؟؟أين كنت ؟؟ ما لهذه الغيبة التي طالت ؟أه يا للوحشة التي ذبحتني بعدك ..." كانت صامتة تتلألأ كما في الحلم وكانت ثابتة في مكانها كأنها الشجرة الضاربة في الأرض بجذورها ..."أين كنت طوال هذه المدة ؟ أه ..تذكّرت لقد متّ منذ أكثر من عامين ...أتذكّر أنني أخذتك إلى المستشفى على سيارتي وكنت جالسة في المقعد الخلفي مع أختي وكنت تسألين باستمرار :هل وصلنا يا وليدي هل وصلنا ؟؟؟. وكنت كلما سمعت توسلك أسرعت أكثر وأكثر ...إييه لو تذكرين ...كنت تطلبين شيئين متناقضين :الإسراع والماء وأنا اخترت الإسراع ظنا مني أن الموت في إيقاف السيارة .هل تذكرين قبلاتي وأنت على سرير المستشفى وكنت تقولين لي "يَعيّش ولدي ...قال لي الأطباء :الحالة خطرة ولا مناص من إدخالها إلى وحدة العناية المركزة . ولكنك متّ في الليل ... أريد أن أغسل قدميك فالرجال لا يعرفون أمهاتهم إلاّ إذا شاخوا .." كنت متأكّدا أن أمي التي أجالسها قد ماتت ...نعم ماتت وأنا من عاد بها من المستشفى في النّعش وأنا من تقبلت فيها العزاء ...سألتها وألححت في السؤال :" كيف عدت ؟؟كيف بعثت من بعد موت ؟؟ " ولكنها كانت تبتسم دون جواب وكانت تغوص في المقعد تدريجيا وتذوب في الفضاء وتتحوّل إلى فراشات ملونة صغيرة .ووجدتني أحتضن الطيف الصامت وأنا أنشج .
ساقية الخادم في 2 جويلية 2015
تعليق