المسيري.. سيرة أمة في سيرة رجل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد عمر أمطوش
    عضو الملتقى
    • 24-01-2008
    • 482

    المسيري.. سيرة أمة في سيرة رجل

    روابط من إسلام أون لاين
    المسيري.. رحيل أمة وسقوط منارة
    المسيري.. قصة لقاء لم يتم
    المسـيري.. والموت(د.هبة رؤوف)
    أجمل ما كتب جمهور "إسلام أون لاين" في رثاء المسيري
    يَا مَوْتُ خَفِّفْ غُرُورَكْ

    المسيري.. سيرة أمة في سيرة رجل

    السروتي محمد




    أطفال مغاربة يطالعون كتب المسيري
    بعد صراع مرير مع مرض عضال توفي العالم الموسوعي الدكتور عبد الوهاب المسيري، أحد أهم الأعلام الفكرية في العالمين العربي والإسلامي، والمرجع الرئيسي في الدراسات الصهيونية والصراع العربي الإسرائيلي.
    رحل الدكتور المسيري بعد حياة حافلات بالعطاءات والانجازات التي قل نظيرها، جعلته أحد الرموز الثقافية العربية والإسلامية الكبيرة، فكان أبرز المفكرين العرب قاطبة، وأكثرهم غزارة وإنتاجا، إذ أصدر على سبيل المثال في عام 2002 وحده: "العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة"، ، و"انهيار إسرائيل من الداخل"، و"الإنسان والحضارة والنماذج المركبة:دراسات نظرية وتطبيقية"، و"اللغة والمجاز: بين التوحيد ووحدة الوجود"، و"مقدمة لدراسة الصراع العربي-الاسرائيلي:جذوره ومساره ومستقبله"، و"الفلسفة المادية وتفكيك الانسان"، وديوان شعر للأطفال.

    فضلا عن عدد كبير من المقالات والدراسات، في العديد من المجلات والصحف في الوطن العربي، إضافة إلى انشغالاته السياسية، إذ يعد من مؤسسي حركة "كفاية" المعارضة ورئيسها حتى وفاته رحمه الله تعالى.

    سيرة أمة

    قدم الدكتور المسيري سيرته الفكرية في كتاب بعنوان:"رحلتي الفكرية – في البذور والجذور والثمر.. سيرة غير ذاتية غير موضوعية". (2001)صورة مفصلة عن كيف ولدت أفكاره وتكونت والمنهج التفسيري الذي استخدمه، خاصة مفهوم النموذج المعرفي التفسيري، إذ يذكر بداية اهتمامه بالموضوع اليهودي والصهيوني، حيث كان أول كتبه هو: "نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني" (1972)، وفي نهاية "الرحلة" يعطي عرضًا لأهم أفكاره...

    ويعد هذا الكتاب "يوغا للعقل" –إذا صح التعبير- ، إذ أن كل مقطع من مقاطعه ليدفع القارئ للتأمل وسبر أغوار العبارات، وما تحمل من أبعاد إنسانية، وأفكار فلسفية عميقة، لا يضجر ولا يمل منها القارئ.

    ورغم ضخامة الكتاب الشكلية، إلا أنه من أخف الكتب الفلسفية والتأملية، وهذا راجع بالأساس للقدرة المعرفية المدهشة التي انفرد بها المسيري، من خلال قدرته العجيبة على صياغة سيرته وإخراجها من ذاتيتها وموضوعيتها لتكون نموذجا لسير ذاتية قابلا للتعميم، يكاد يجد فيه كل باحث ذاته الفكرية وطموحه العلمي، وهو التنبيه الأول الذي يحمله عنوان السيرة :" سيرة غير ذاتية غير موضوعيةّ"، فكانت ذات عمق حميمي خاص، خرجت أو بالأحرى وضعت قطيعة مع ما ألفناه في السير الذاتية الأخرى، التي تكون عادة مفاصلها السردية خاضعة بشكل كبير لأدبيات النقد والتنظير السير الذاتي، بل استطاع أن ينفلت من كل تعقيدات الأجناس النظرية للآدب، وكذا المقاربات النقدية الشكلية.

    لقد استطاع المسيري إخراج نص سيرة ذاتية خارج مواصفات الأجناس الكلاسيكية، مما يلهم النقد الأدبي العربي أفكارا ورؤى جديدة عن جنس أدبي جديد، في حين رأى آخرون أنه ليس بالضرورة أن يكون جنسا أدبيا، بقدر ما هو تجربة فكرية وحياتية تصلح لأخذ العبر والدروس، وتجسيدا حيا للفكرة التي تتحول إلى رسالة إنسانية تلامس آمال وأشواق الحيارى.

    وعليه يمكن القول أن المسيري لم يكتب في الحقيقة سيرته وحده، بل كتب سيرة الأمة ككل، فالنص لم يعرف تمركزا أنانيا حول الذات، بقدر ما عرف تمركزا للفكرة في نموها وتطور مسارها عبر مراحل حياة المتكلم.

    حب خاص

    لهذه الأسباب لما نزلت السيرة إلى السوق المغربية في طبعتها الأولى تسابق إليها المغاربة؛ حتى نفذت طبعتها الأولى. وهذا نابع من حب خاص يكنه المغاربة عموما لهذا المفكر، وأتذكر جيدا الإقبال المنقطع النظير وحرارة الاستقبال الذي خصه به الباحثون والطلبة في مدينة وجدة بالمغرب، أثناء مشاركته في الندوة الدولية سنة 2005، التي كانت في موضوع: "إشكالية العلاقة بين الفكري والسياسي: مقاربات متعددة"، حيث شارك بموضوع علاقة الديني بالسياسي.. علمنة السياسة".

    وقبل أن يستهل محاضرته حرصت أن يوقع لي الدكتور أحد كتبه، وهو كتاب: "من هو اليهودي؟" فابتسم ابتسامة ذات مغزى، وحين أحيلت له الكلمة تحدث عن الكتاب، وقال بطرافته المعهودة أن هذه النسخة من الكتاب سجلت أدنى المبيعات في فلسطين، وسأل الحاضرين أتعرفون السبب؟ ليضيف أن الفلسطينيين كانوا يقولون إننا نعرف الجواب عن السؤال المطروح : "دا حا يكون مين يعني، دا ابن الكلب"، لذا كانوا يعتقدون بأنه ليس هناك داع لشراء الكتاب، فارتجت بالضحك أرجاء قاعة المؤتمرات الغاصة بالجمهور الذين ضاقت بهم جوانبها.

    لقد امتدت حفاوة الترحيب حتى خارج أسوار الجامعة، حيث وقف المسيري رحمه الله تعالى في إحدى الصيدليات لشراء دواء خاص، إذ ما أن وطئت قدماه المكان حتى نطقت الطبيبة :"أنا لا أصدق عيني، الدكتور المسيري عندنا". رغم اندهاش الدكتور المسيري أجابها: "بلى صدقي"، فرفضت بشكل قاطع أخذ ثمن الدواء منه تعبيرا منها عن تقديرها وترحيبها بالضيف الكريم.

    لقد كان لهذا الموقف بالغ الأثر في وجدان المسيري وظل مرتبطا بالمدينة حتى أخر يوم من حياته، إذ قبل ثلاثة أيام من رحيله تلقى مركز الدراسات والبحوث الإنسانية بوجدة مكالمة هاتفية من الدكتور يعبر فيها عن رغبته الحضور في إحدى الفعاليات العلمية التي ستعقد هذا الصيف بالمغرب، وسعدنا بالأمر كثيرا... لأنه كان يعني تجدد اللقاء به في المغرب... لذا حين وردتنا رسالة إخبارية برحيله لدار البقاء، لم نصدق الخبر حقيقة... فقد كان الخبر صدمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

    تكريم بالفرنسية

    يرجع السبب في اختيار السيرة الفكرية للدكتور المسيري لترجمتها إلى الفرنسية دون غيرها من الكتابات، إلى ما يحويه الكتاب من مفاتيح للعالم الفكري للمسيري، المتدفق في سرد نابض وآسر، كما تعد السيرة مدخلا حقيقيا إلى فهم مؤلفاته النظرية الكثيرة.

    ويقول الدكتور سيمر بودينار رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، والذي يتولى إصدار الترجمة"، إن السيرة الفكرية تشكل معلمة المشروع الفكري للمسيري في كافة أبعاده، فهي تصور المسيري الإنسان في مسارات تكوينه: جذورها وبذورها كما يسميها، قبل أن تكون انعكاسات لآرائه ومواقفه الفكرية من قضايا الإنسان والمجتمع والكون، أو الثمر كما أطلق عليها في عنوان هذه السيرة، واقتناعه أنه ليس بالإمكان نقل هذا المشروع الفكري ذي الطابع الإنساني إلى مجال تداولي لغوي مغاير كمجال الثقافة الفرنسية اعتمادا فحسب على ترجمة الكتب أو الدراسات المختارة للمسيري رحمه الله...

    أما اختيار الفرنسية فنابع من اعتبارات عدة أهمهما أنها ثاني أهم لغة قراءة في منطقة المغرب العربي، فضلا عن قرب فرنسا كمجال جغرافي وثقافي قارئ بالفرنسية، والسبب الآخر هو إدراك المركز لما ستشكله السيرة الفكرية بغناها المعرفي الإنساني من إضافة في المجال الثقافي للقارئ بالفرنسية، خاصة عند النخبة المثقفة، ويراهن المركز أن صدور النسخة الفرنسية من السيرة الفكرية، بالتزامن في المغرب وفرنسا سيكون حدثا ثقافيا.

    ويرتقب أن تصدر الترجمة الفرنسية في ذكرى ميلاد الدكتور المسيري رحمه الله تعالى السبعين في أكتوبر من السنة الجارية، على هامش فعالية علمية وطنية تستحضر عطاءات هذا المفكر الموسوعي الفذ.

    واهتمام المركز بمشروع المسيري، يندرج أساسا في إطار اهتمامه بالمجالات الثقافية والحضارية المختلفة في عالمنا، وعنايته بنشرها يمثل إضافة نوعية سواء على المستوى المعرفي النظري أو المنهج الابستيمولوجي لثقافتنا أولا ولمختلف الثقافات مجال تواصلنا.

    فعاليات تكريمية

    ما أن تناهى إلى الأسماع خبر وفاة الدكتور المسيري، حتى بادرت مجموعة من الفعاليات العلمية والثقافية لعقد مجموعة من الأنشطة العلمية التعريفية والتأبينية لهذا العالم الموسوعي، حيث نظمت مدرسة البعث الإسلامي بمدينة وجدة، مساء يوم الأحد: 06 يوليوز 2008، حفلا تأبينيا أحياه طلبة المدرسة بقراءات قرآنية وأدعية ترحما على روح الفقيد، وتوجت بمحاضرة علمية حول الحياة الفكرية والمسار العلمي للدكتور المسيري، حيث تم التأكيد على أن الدكتور المسيري واحد من الأعلام الفكرية التي أفنت عمرها في خدمة الأمة، ولم يكن لهم من الحياة الدنيا إلا المتاع الزهيد، كما لم يكن لهم إلا ذكر قليل بين الناس في إعلامهم ومنتدياتهم، ولعل أقل الواجب المفروض على أبناء الأمة لمثل هؤلاء الأعلام أن يذكروا في محافلها ومنتدياتها، واستحضار سيرهم وأعمالهم، لجعلها سراجا ومنارا للاحتذاء لشباب الأمة وباحثيها.

    كما تمت الإشارة إلى المحطات الرئيسة في حياته رحمه الله تعالى، حيث بدأها بعيدا عن حياة الإسلام بيد أن فطرته السليمة وبحثه الدائم وعمله الدأب، جعله يعلن تحوله الفكري إلى رحاب الفكر الإسلامي، فكان بتحوله من أكثر من خدموا الإسلام وفكره، أما الميزة الثانية في حياته رحمه الله، ويدركها من قدر له أن يعرفه عن قرب فقد كان رجلا لا يتوقف عن العمل أبدا، رغم أن الداء العضال هد بدنه ونال من جسده، بيد أنه لم ينفذ إلى روحه ولم ينل من عزمه ولم يثن من إصراره، بشكل يجعل المرء يحار أمام هذا العزم الشامخ في مثل هذا السن المتقدم.

    فقدان الأعلام

    كما نظم المجلس العلمي بالتنسيق مع مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، يوم السبت 12-07- 2008 بمسجد الأمة، فعالية علمية في موضوع:" كلمة عن المسيري المفكر والإنسان"، حيث تم التأكيد على أن فقدان الأعلام الكبار الأمة، هي لحظة تستدعي وقفات للتأمل والاعتبار، لأخذ الدروس والعبر... وأحد هؤلاء الأعلام الذين يستحقون أكثر من وقفة هو الدكتور المسيري الذي كان علما في الحقول المعرفية التي سبر أغوارها، وقد دخل رحمه الله تعالى رحاب الفكر الإسلامي من باب الأدب، وهو باب تزل فيه الأقدام كثيرا، واستعرض المشاركون جوانب من أعماله الموسوعية الرائدة، سواء تلك المتعلقة بالحداثة الغربية، وعمله الجبار عن اليهود واليهودية والصهيونية، ودراساته عن العلمانية، ثم أعماله حول قضية التحيز.

    كل هذه الأعمال الفكرية لم تزد العالم الموسوعي سوى ثقة وصمودا وعزة بانتمائه الحضاري والفكري، رغم مختلف الإغراءات والجوارف التي اعترضت سبيله، ويذكر للمسيري محاورته للمفكر الحداثي لويس عوض في الستينات، والتي وصفها فيها بأنه سيكون له مستقبل كمنظر لليمين الذكي، وهي صفة كانت بمثابة السبة والإهانة في تلك المرحلة.

    وجدير بالذكر أن المسيري رحمه الله ظل مفتخرا أواخر عمره بوصفه من التراثيين الجدد، وللإشارة أنه رفع دعوى قضائية منافحا فيها عن اللغة العربية مطالبا بإنصافها، حيث كان يقول:" إن قطع الأمة عن هويتها اللغوية، هو قطع عن ثرات حضاري بالغ الغنى والثراء".

    شعر لروح المسيري

    وختم اللقاء بقصيدة شعرية ألقاها الشاعر محمد الشركي يقول فيها:

    أيا عيني وبالدماع سيلي -*-*-*- ألا سيلي لقد رحل المسيري

    أفي رمز الكفاية قد فجعنا-*-*-*-وديدننا الفواجع في العشير

    بكت أرض الكنانة فتى -*-*-*- يبكى و يندب بالزفير

    فتى حطت يراعاته سجالا -*-*-*- به ماز العزيز من الحقير

    فتى فضح المطامع في عدو -*-*-*- ينافسنا السيادة في السدير

    فإن تبغي الحضارة في يهود -*-*-*- فسل صحفا يرقشها المسيري

    لقد داسوا كرامتنا بقدس -*-*-*- وسيناء وجولان أسير

    وما كانت لتغزونا يهودا -*-*-*- بلا وهن يعشش في العشير

    وفي أرض المعز وفي ربوع -*-*-*- بها تدعوا العروبة بالثبور

    فإن باعوا الكرامة في مزاد -*-*-*- فقد نالوا من الخزي الوفير

    كفانا يعرب الذل الهوان-*-*-*- إذا نصح العروبة ذا المسيري

    فحاز بنصحه فضلا علينا -*-*-*- وريحان وروحا في المصير

    سقى دمع السحاب ظلم قبر -*-*-*- به سكن السميدع كالمسيري

    وقد تخلل هذه الفعالية العلمية معرض تعريفي بجميع إصدارات الدكتور المسيري، كما يرتقب أن ينظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة إضافة إلى الندوة التي ستقدم فيها السيرة الفكرية المترجمة الآنفة الذكر، ندوة وطنية سيسعى المركز لتنظيمها بتنسيق مع عدد من المؤسسات الفكرية بالرباط أواسط العام المقبل إن شاء الله.


    --------------------------------------------------------------------------------

    أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور- مسئول الأنشطة العلمية بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، وجدة، المغرب.
    [size=3][font=Arial][color=#000000]د/ محمد عمر أمطوش[/color][/font][/size]
  • محمد عمر أمطوش
    عضو الملتقى
    • 24-01-2008
    • 482

    #2
    أسف لم أجد الرابط،
    أعرف انه فتح ملف خاص بالأستاذ أرجو من المشرف نقل النث للتابع الفكرة
    [size=3][font=Arial][color=#000000]د/ محمد عمر أمطوش[/color][/font][/size]

    تعليق

    يعمل...
    X