في السّنوات السّتّ الأولى من حيـاتي، تعلمتُ طريقة الأكل و الشّرب و كيفيّة الوقوف
و المشي، و عرفتُ أمّي و أبي و أقاربي، و تعرّفت على المحيط الذي أعيش فيه.
في السّنوات العشر الموالية، عرفتُ المدرسة و المعلميــن، و أتقنتُ القراءة و الكتابة
و الحساب، و فهمتُ الفَرْقَ بين حياة المدرسة و حياة العائلة في الدار، ثم عرفتُ المعهد و الأساتذة، و تقدمتُ في العلم أشواطا. . .
و في العـام السّادس عشر، أصبحتُ على عتبة الشباب، و اكتشفتُ المرأة و ما فيها من سحر و غموض، و بدأتُ أحسّ أنّني رجل.
و في العشرين من عمري، زاد شغفي بالمرأة لكنّني بدأتُ أنسى طفولتي و ما تعلمته في المدرسة و المعهد. فقد تشوّشَ ذهني، و لم يعد يقبل أيّة معلومة جديدة إلا بمشقّة.
و عندما بلغت الثلاثين من عمري، زاد هُيامي بالمرأة أكثر، و أصبحتْ غاية لا تُدرَك، أصبحتْ ملاكا، كائنا نورانيّــا يعيش في مملكة الخيال، ملكتْ كلّ حواسّي، و استأثرتْ بكلّ اهتمـامي، فنسيـتُ أبي و أمي و عائلتي، نسيتُ مدرستـي و معهدي و الكليّة التي أدرس فيها، نسيتُ ما تعلمتُه من قراءة و كتـابة و حسـاب، نسيــتُ اسمي و عنواني
و تـاريخ ميلادي، نسيـتُ ذكرياتي و حاضري، و لم أعُدْ أهتمّ بمستقبلي. لقد أصبحتُ شبحا هائما في ظلمة الليل بين قبور الموتى بلا هوية، أو طيفا ضائعا بين النّاس لا يرى أحدا و لا يفطن لوجوده أحد. نسيتُ كلّ شيء إلا دفترا أضعُه في جيبي، و قد سجّلتُ فيه أهمّ المعلومات عني لأستعملها عند الحاجة.
و عندما تعرّفتُ عليكِ خرجتُ من غيبـوبتي، و تذكرتُ كلّ شيء. عادتْ إليَّ إنسانيتي
و عادتْ إليَّ القدرةُ على التّفكيـر، و لم تعد المرأة طيفـا من الخيـال بل تجسدتْ فيك فأصبحتِ المرأةَ بكل صفـاتها. و منكِ عرفتُ أنّ الملائكة حقيقة تعيش بيننـا. عدتُ إلى الحياة بروح جديـدة، و أصبحتْ الدّنيـا كحديقة مُزهرة زاهية الألوان، و أصبح لحياتي معنًى، و اتّضح أمامي طريق المستقبل، و نسيتُ الدّفتر الذي كان في جيبي لأنني لم أعُدْ في حاجة إليه.
أمّا اليوم، فقد حدث لي شيءٌ غريب عجيب: فقد نسيـتُ كلّ شيء مرة أخرى. فأنا الآن لا أعرف من النّاس غيركِ و لا أحفظ من الأسماء إلا اسمكِ و لا أرى من الوجوه سوى وجهكِ المشرق و لا أسمع من الأصوات عدا صوتكِ الرخيـم و لا أذكر من الماضي إلا تلك الأوقات التي جمعتْـنا معا.
فأنتِ الماضي العزيز و الحاضر السعيد و المستقبل المشرق.
أنتِ حياتي و دُنيايَ.
أنـتِ كل شيء . . .
المنجــــي السّـالمــي ميـدون في 12 /07 / 2004
و المشي، و عرفتُ أمّي و أبي و أقاربي، و تعرّفت على المحيط الذي أعيش فيه.
في السّنوات العشر الموالية، عرفتُ المدرسة و المعلميــن، و أتقنتُ القراءة و الكتابة
و الحساب، و فهمتُ الفَرْقَ بين حياة المدرسة و حياة العائلة في الدار، ثم عرفتُ المعهد و الأساتذة، و تقدمتُ في العلم أشواطا. . .
و في العـام السّادس عشر، أصبحتُ على عتبة الشباب، و اكتشفتُ المرأة و ما فيها من سحر و غموض، و بدأتُ أحسّ أنّني رجل.
و في العشرين من عمري، زاد شغفي بالمرأة لكنّني بدأتُ أنسى طفولتي و ما تعلمته في المدرسة و المعهد. فقد تشوّشَ ذهني، و لم يعد يقبل أيّة معلومة جديدة إلا بمشقّة.
و عندما بلغت الثلاثين من عمري، زاد هُيامي بالمرأة أكثر، و أصبحتْ غاية لا تُدرَك، أصبحتْ ملاكا، كائنا نورانيّــا يعيش في مملكة الخيال، ملكتْ كلّ حواسّي، و استأثرتْ بكلّ اهتمـامي، فنسيـتُ أبي و أمي و عائلتي، نسيتُ مدرستـي و معهدي و الكليّة التي أدرس فيها، نسيتُ ما تعلمتُه من قراءة و كتـابة و حسـاب، نسيــتُ اسمي و عنواني
و تـاريخ ميلادي، نسيـتُ ذكرياتي و حاضري، و لم أعُدْ أهتمّ بمستقبلي. لقد أصبحتُ شبحا هائما في ظلمة الليل بين قبور الموتى بلا هوية، أو طيفا ضائعا بين النّاس لا يرى أحدا و لا يفطن لوجوده أحد. نسيتُ كلّ شيء إلا دفترا أضعُه في جيبي، و قد سجّلتُ فيه أهمّ المعلومات عني لأستعملها عند الحاجة.
و عندما تعرّفتُ عليكِ خرجتُ من غيبـوبتي، و تذكرتُ كلّ شيء. عادتْ إليَّ إنسانيتي
و عادتْ إليَّ القدرةُ على التّفكيـر، و لم تعد المرأة طيفـا من الخيـال بل تجسدتْ فيك فأصبحتِ المرأةَ بكل صفـاتها. و منكِ عرفتُ أنّ الملائكة حقيقة تعيش بيننـا. عدتُ إلى الحياة بروح جديـدة، و أصبحتْ الدّنيـا كحديقة مُزهرة زاهية الألوان، و أصبح لحياتي معنًى، و اتّضح أمامي طريق المستقبل، و نسيتُ الدّفتر الذي كان في جيبي لأنني لم أعُدْ في حاجة إليه.
أمّا اليوم، فقد حدث لي شيءٌ غريب عجيب: فقد نسيـتُ كلّ شيء مرة أخرى. فأنا الآن لا أعرف من النّاس غيركِ و لا أحفظ من الأسماء إلا اسمكِ و لا أرى من الوجوه سوى وجهكِ المشرق و لا أسمع من الأصوات عدا صوتكِ الرخيـم و لا أذكر من الماضي إلا تلك الأوقات التي جمعتْـنا معا.
فأنتِ الماضي العزيز و الحاضر السعيد و المستقبل المشرق.
أنتِ حياتي و دُنيايَ.
أنـتِ كل شيء . . .
المنجــــي السّـالمــي ميـدون في 12 /07 / 2004
تعليق