جعفر لن يأتي أبدا..بقلم:رشيد شرشاف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رشيد شرشاف
    أديب وكاتب
    • 24-06-2015
    • 246

    جعفر لن يأتي أبدا..بقلم:رشيد شرشاف

    قصة قصيرة:جعفر لن يأتي أبدا..بقلم:رشيد شرشاف

    قال إبن جالس:أسف كلها الحياة
    قال إبن باك:إن معاناتها شديدة،كم يؤلمني ذلك
    قالت إبنة منكسرة:المسكينة لثالث مرة هذا اليوم،نغير لها الحفاظات،إنها ليست على ما يرام.
    قال إبن واقف:ألم يأت جعفر بعد،إنه أعز أحفادها،لابد أنها تتوق لرؤيته
    على السرير أم عجوز،نحيلة،جسد مستكين من قماش و جلد و عظام،تلهث كعصفور صغير،جسد يكاد لا يكون فيه حياة ولا روح،يئن مرة بعد مرة و يتوجع،لا يستدير لا يمينا و لا شمالا،تفوح منه رائحة الموت و الألم،تتنفس بصعوبة،وتحاول أن تنطق ببضع أحرف،تقترب منها الآذان وتحاول أن تنسج منها كلمات تشي بمكنون هذا الصدر الرحيم.
    تنبعث من الغرفة المقابلة آيات من الذكر الحكيم،كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة..يتذكر الجسد النحيل جعفرا و هو صغير،يتلو سورة الفاتحة بحماس طفولي.تبتسم له،وتحمله على ركبتيها ،وتضمه وتقول له:بارك الله فيك.ثم تنظر ضاحكة إلى إبنتها الكبرى،وتضيف وهي تربث على رأسه:سأجعل من حفيدي مؤنسا لي في وحدتي،وسبعا يحميني في شيخوختي،ويعوضني عن بعدكم عني،وجريكم وراء ملذات الدنيا و مطامعها.
    ترتعش عيناها للحظة و تتأوه،فتمص الإبنة المنكسرة شفتيها للحظة،وترفع حاجبيها ،وتنظر إلى الإبن الواقف،وتدعوه لمساعدتها في تعديل وسادة الأم الرؤوم.
    قال إبن جائع:لم آكل شيئا منذ البارحة،هل من شيء يؤكل؟
    قال إبن باك:أين هي أوراق ملكية الأرض،يجب أن توضع في مكان آمن.تفهمون ما أعني!
    قالت إبنة متوترة:ماذا تعني؟
    تزداد الأم تأوها،و يبرد جسدها شيئا فشيئا،تنبعج الشفة العليا مع الشفة السفلى،فيقف الإبن الجالس،ويقدم لها رشفة ماء،وينظر إليها بحزن.تطوف بمخيلتها في رمشة عين،ضحكات جعفر،وقفزاته فرحا بهداياها يوم العيد،طفولته وصباه وشبابه،سفره المباغث إلى ماوراء البحار،إشتياقها له وإنقطاع أخباره،كل أصوات أبنائها موجودة إلا صوته هو..
    وراء المخيلة، خلف الباب،بعد سبعة بحور،بعد شارعين من المرفإ،بين بنايتين،جسد مكوم قرب حاوية قمامة،يتقيأ خمرا لزجا،شرطي يدون:
    الإسم:جعفر.
    السن:خمسة و عشرون خريفا.
    الحالة:سكر علني.
    كن ابن من شئت واكتسب أدباً يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ فليس يغني الحسيب نسبته بلا لسانٍ له ولا أدب إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي
  • منار يوسف
    مستشار الساخر
    همس الأمواج
    • 03-12-2010
    • 4240

    #2
    قصة مؤثرة و بها شجن بين الموت و الطمع و اليأس من الحياة

    أرى مكانها المناسب ملتقى القصة
    لكن ربما الكاتب له رؤية مختلفة
    عموما مرحبا بالكاتب دائما في ملتقى الساخر
    و كل عام و أنت بخير أستاذ رشيد
    تقديري لك

    تعليق

    • رشيد شرشاف
      أديب وكاتب
      • 24-06-2015
      • 246

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة منار يوسف مشاهدة المشاركة
      قصة مؤثرة و بها شجن بين الموت و الطمع و اليأس من الحياة

      أرى مكانها المناسب ملتقى القصة
      لكن ربما الكاتب له رؤية مختلفة
      عموما مرحبا بالكاتب دائما في ملتقى الساخر
      و كل عام و أنت بخير أستاذ رشيد
      تقديري لك
      الأستاذة المحترمة منار يوسف
      سلام الله عليك
      شكرا على مرورك الكريم ووفقك الله ورعاك
      بخصوص ردك أعتقد أن الأدب الساخر لا يلبس ثوب الكوميديا في كل حين
      يقال :شر البلية مايضحك،هذا صحيح لكن ليس دائما ،فعندما تزيد الأمور عن حدها تنقلب إلى ضدها ،وفي هذه الحالة ينقل الأديب الواقع بسخرية مريرة.
      وضع الأم في هذه القصة رغم قداستها في قلب كل مسلم ورغم منزلتها الرفيعة في ديننا الحنيف فهي تموت تحت عين و أطماع أبنائها وجحود حفيدها و هذا في إعتقادي واقع مرير تعيشه جل الدول العربية إن لم يكن عند الوفاة فبعد أسابيع قليلة منه إلا من رحم ربي وهذا من سخرية القدر
      جزيل شكري لك سيدتي
      رمضان كريم
      وكل عام وأنت بخير
      كن ابن من شئت واكتسب أدباً يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ فليس يغني الحسيب نسبته بلا لسانٍ له ولا أدب إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي

      تعليق

      يعمل...
      X