بين المدينة و الكتاب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    بين المدينة و الكتاب

    كرهته
    حيث كان علىّ أن أحبه
    فلولاه ما كانت هزائمي
    و لولاه ما صرت أنا بكل ضلالاتي
    كان قيدا لم أرغب إزاحته
    عالما استمرأت هذيانه
    وغرقت في بئره سنين عددا
    مطاردا حنيني لدلو
    تأتي به صحاف سيارة
    كلما طال الوقت
    غشاني الوجد و استطابت الريح
    فما انتبهت إلي بلوغ عطنه مكامن الرؤية

    لم يكن هاهنا
    و لا أدري أكان هنا صدفة
    أم في شجون الليل شقيا يحن لفريسة
    أم مختبئا في سنين تفصلنا مذ أشبعني حليب الذل
    زرقة و انهزاما ؟
    كنت أعرفه
    و كالريح أغاضبه
    آلاحق المدينة بآخر
    لأكسر شعوذاتها البليدة
    ونبوءات أساطينها الشاردة
    و ظننت أني بالغ سماءها
    ولم أر في أي أرض تركتني

    حين وعيت حضوره
    في تجني الغلظة
    و انفراط جدائل الحكمة
    في المواريث
    على مذاهب الأب و العم و الخال و الحجر الدائر في ظلمة النفط وخبز النخالة
    أشفقت علىّ
    و أشفقت على الحائط من تصدعات رأسي
    نزقي المحاصر بالحكايات و سير العطوف
    و أساطير جدي الظامئة للشهادة
    فغلقت عليه المواجع
    وتسللت مني !

    المدينة بغلة شقية
    تجر عربة متهالكة
    حمالة الحواة و بائعي الحظ
    شوادر الأموات و الأحياء
    الرجال الفحول القابضين على سرجها وسراجها
    رجال الظل القابضين على المناسج و المغازل و الفؤوس
    و الضائعين ما بين المساجد و الكنائس
    و النازحين بنكبتهم
    ليس كما رأيتها في الكتاب
    وأناشيد الصباح
    و كتب جدي التي تسيل فرقا على شرفته
    خيول الطريق وحشية
    و البغال تربكها الخديعة
    فتغفو مفتوحة الجفون على أعتاب المتاجر

    الكتاب يغرس شجر الحلم
    في صبر المدينة النافق
    فيشرقها شموسا تركض خلف السحب
    و يشرق حبة الخردل فرحا يأتي على هزائمها
    يلون بعثها
    يأخذني إليها
    حتى إذا افتضح أمرها
    جردها من زيفها
    أعادها لعهرها الموروث
    تجر عربة متهالكة
    و أعادني إليه
    إلي ذاك الريفي الساكن بئري
    ألف سنة بين الكتاب و المدينة
    و اللغز يغلق أبوابه علىّ
    فلا أراه
    و لا أراني .. سوى غبار تحمله الريح !
    sigpic
  • صهيب خليل العوضات
    أديب وكاتب
    • 21-11-2012
    • 1424

    #2

    بديع هذا النص يا شاعري
    كنت تلتهم اللغة بشراهةٍ غزيرة
    بين المدينة و الكتاب أثقال شعر و قمح أخضر
    رصاص للصديق
    ورد للعدو الأخير
    صحائف ذكرى و دمع
    مطارات مريضة بالأمل
    صوت عناد يتقدّم،


    فلتحيا أيها الربيع



    كأخر جندي في ساحة المعركة أحارب هذا الحزن وحدي،

    تعليق

    • آمال محمد
      رئيس ملتقى قصيدة النثر
      • 19-08-2011
      • 4507

      #3
      .
      .


      تفاوتت جدائل الحكمة ولكنها ما انفرطت
      ورأيتني في الشفقة.. أنظر من سقفها المطمور
      واعية لما تأنى من ابتسامة على طرفها المعقود بالثابت والمنحل

      ولم أتسلل مني
      إلا لأدخلني

      وقت تنام عين الحياة على غفلتها
      وتصحو غاية القصد على هرمها الوقتي
      وقد ارتفع بالتجربة والوجع

      وكل حرف قابض على رفة الرمش


      تقديري

      تعليق

      • رجب عيسى
        مشرف
        • 02-10-2011
        • 1904

        #4
        أجلت ردي ............لتشبع عيني
        فحالة الطمع تلازمني .
        ربما في عرف الادب يجوز أن تغرف من النص ما يحلو .

        أنا غرفت منه الحياة .


        نص يريد أن يطير ..
        نص سما .
        وحلق بنا.

        ليس غريبا أن تجتاحك الحكمة في زمن لا يحتاج إلا لمن يستحق .

        الربيع تقديري لهذا العلا

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة صهيب خليل العوضات مشاهدة المشاركة

          بديع هذا النص يا شاعري
          كنت تلتهم اللغة بشراهةٍ غزيرة
          بين المدينة و الكتاب أثقال شعر و قمح أخضر
          رصاص للصديق
          ورد للعدو الأخير
          صحائف ذكرى و دمع
          مطارات مريضة بالأمل
          صوت عناد يتقدّم،


          فلتحيا أيها الربيع



          حين ظننتني بمنأى عنه
          كانت خيول الأسئلة تطاردني
          و تصهل في بأس : فكيف كان انكسارك بكل هذا البأس ؟
          فاكتشف أنه لم يغادرني و أن محاولاتي كلها كتب عليها الفشل
          و أن لؤمي كان بالنسبة لهم أرضا خصبة يرتعون فيها ويؤسسون فيها هزائمي
          فطوبى لهذا الريفي الساذج
          بل أنت البديع أخي ..
          كل سنة و أنت طيب و عيد سعيد عليك و على أمتنا الجريحة

          محبتي
          sigpic

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة آمال محمد مشاهدة المشاركة
            .
            .


            تفاوتت جدائل الحكمة ولكنها ما انفرطت
            ورأيتني في الشفقة.. أنظر من سقفها المطمور
            واعية لما تأنى من ابتسامة على طرفها المعقود بالثابت والمنحل

            ولم أتسلل مني
            إلا لأدخلني

            وقت تنام عين الحياة على غفلتها
            وتصحو غاية القصد على هرمها الوقتي
            وقد ارتفع بالتجربة والوجع

            وكل حرف قابض على رفة الرمش


            تقديري
            لحديثك ظل سدرة يقي الروح قيظ العمر المهدور
            في تجارب الحياة و دروبها الشائكة
            أسعدني ما رأيت من تلوين الرؤية باللون الحي و الوجه الآخر للسكينة !

            شكرا أستاذة و كل عام و أنت بخير و سعادة
            sigpic

            تعليق

            • منار يوسف
              مستشار الساخر
              همس الأمواج
              • 03-12-2010
              • 4240

              #7
              و أشفقت على الحائط من تصدعات رأسي
              نزقي المحاصر بالحكايات و سير العطوف
              و أساطير جدي الظامئة للشهادة
              فغلقت عليه المواجع
              وتسللت مني !
              نفس الوجع المسافر من وريد لحرف
              و ذاكرة التاريخ لا تتوقف عن الدوران
              و نحن من يحمل الخطايا من البدء حتى نقطة الفصل

              أبدعت ربيعنا في هذا النص الغزيز بالصور الشعرية المدهشة و الإحساس العميق
              تقديري و احترامي

              تعليق

              • أحمد الخالدي
                أديب وكاتب
                • 07-04-2012
                • 733

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                كرهته
                حيث كان علىّ أن أحبه
                فلولاه ما كانت هزائمي
                و لولاه ما صرت أنا بكل ضلالاتي
                كان قيدا لم أرغب إزاحته
                عالما استمرأت هذيانه
                وغرقت في بئره سنين عددا
                مطاردا حنيني لدلو
                تأتي به صحاف سيارة
                كلما طال الوقت
                غشاني الوجد و استطابت الريح
                فما انتبهت إلي بلوغ عطنه مكامن الرؤية

                لم يكن هاهنا
                و لا أدري أكان هنا صدفة
                أم في شجون الليل شقيا يحن لفريسة
                أم مختبئا في سنين تفصلنا مذ أشبعني حليب الذل
                زرقة و انهزاما ؟
                كنت أعرفه
                و كالريح أغاضبه
                آلاحق المدينة بآخر
                لأكسر شعوذاتها البليدة
                ونبوءات أساطينها الشاردة
                و ظننت أني بالغ سماءها
                ولم أر في أي أرض تركتني

                حين وعيت حضوره
                في تجني الغلظة
                و انفراط جدائل الحكمة
                في المواريث
                على مذاهب الأب و العم و الخال و الحجر الدائر في ظلمة النفط وخبز النخالة
                أشفقت علىّ
                و أشفقت على الحائط من تصدعات رأسي
                نزقي المحاصر بالحكايات و سير العطوف
                و أساطير جدي الظامئة للشهادة
                فغلقت عليه المواجع
                وتسللت مني !

                المدينة بغلة شقية
                تجر عربة متهالكة
                حمالة الحواة و بائعي الحظ
                شوادر الأموات و الأحياء
                الرجال الفحول القابضين على سرجها وسراجها
                رجال الظل القابضين على المناسج و المغازل و الفؤوس
                و الضائعين ما بين المساجد و الكنائس
                و النازحين بنكبتهم
                ليس كما رأيتها في الكتاب
                وأناشيد الصباح
                و كتب جدي التي تسيل فرقا على شرفته
                خيول الطريق وحشية
                و البغال تربكها الخديعة
                فتغفو مفتوحة الجفون على أعتاب المتاجر

                الكتاب يغرس شجر الحلم
                في صبر المدينة النافق
                فيشرقها شموسا تركض خلف السحب
                و يشرق حبة الخردل فرحا يأتي على هزائمها
                يلون بعثها
                يأخذني إليها
                حتى إذا افتضح أمرها
                جردها من زيفها
                أعادها لعهرها الموروث
                تجر عربة متهالكة
                و أعادني إليه
                إلي ذاك الريفي الساكن بئري
                ألف سنة بين الكتاب و المدينة
                و اللغز يغلق أبوابه علىّ
                فلا أراه
                و لا أراني .. سوى غبار تحمله الريح !
                ]

                الاستاذ والاديب الرائع ربيع .. شيق كما ودوما موسوعة من الهواجس التي تركب خيول النهضة بواقع المدينة المتعبة وترمق الكتاب بسهام الاستغراب والعجب ..
                هكذا هو الحال دوما اننا لم نفهم الكتاب ولم نحمي المدينة من كيد المشعوذين وذئاب الظلام .. ولكن تبقي الروح الطيبة والعفوية والأمل مغروسين في القلوب ما بين المدينة والكتاب ... احييك ايها الرائع ودما لك باقات من الجوري وكل عام وانت بالف خير ...

                تعليق

                • أبوقصي الشافعي
                  رئيس ملتقى الخاطرة
                  • 13-06-2011
                  • 34905

                  #9
                  لله درك
                  شاعرنا القدوة ربيع عقب الباب
                  نص فخم و صور قمة في البهاء
                  لا عدمناك يا ملهمنا القدير
                  كل الحب و العرفان
                  و كل عام و أنت ربيع الكلمة و الصور
                  مودة لا تبيد و سماء تقدير..



                  كم روضت لوعدها الربما
                  كلما شروقٌ بخدها ارتمى
                  كم أحلت المساء لكحلها
                  و أقمت بشامتها للبين مأتما
                  كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
                  و تقاسمنا سوياً ذات العمى



                  https://www.facebook.com/mrmfq

                  تعليق

                  يعمل...
                  X