- لم تبق إلا ثلاث دقائق للإمساك. آتنا بالماء ياصديقي.
دخلت البيت، فيما بقي صديقي محمد و نورالدين جالسين على عتبة الباب خارجا. أشعلت مصباح المطبخ. كان الضوء ساطعا وقويا. من دهشتي، رفعت عيني للسماء التي تظهر ، عبر زجاج السقف. الضوء يغمر كل مكان. ضوء غريب وعجيب.. امتداد لا نهائي .. و كتاب نوراني يغلق بسرعة، كما انفتح. أخدت قارورة الماء وكأس الشرب، وعدت إلى صديقي. بادرني نورالدين قائلا:
- هل رأيت الضوء الذي سطع من السماء؟
حركت رأسي مؤكدا ذلك، فسارع محمد للقول:
- لم نفهم شيئا. لقد تبدلت السماء للحظات. . أقل من دقيقة أكيد..
شربنا الماء.. أذن الفجر.. ثم افترقنا.
في الصباح، حكيت الواقعة لوالدتي.. كانت جدتي تتابع حديثي باهتمام كبير.. قبلتني بين عيني قائلة:
- أنت محظوظ يا ولدي. لم يسبق ﻷي أحد من عائلتنا أن رأى باب السماء المفتوح في ليلة القدر.
ابتسمت في وجهها، وقلت:
- لا أعرف أن للسماء بابا يا جدتي العزيزة.
سارعت أمي بتأنيبي غاضبة من قولي.
- مرة أخرى ستتفلسف علينا. هي باب السماء ، ولو كنت طلبت أي شىء من الله لاستجاب لك..
لم أستطع أن أضيف أي شيء.. كان الصمت خير ملاذ لي.
لم تكن أمي، وﻻ جدتي، تعرفان شيئا عن جلساتي الطويلة مع صديقي ديكارت. صديقي الذي أخبرني :"أن العقل أعدل قسمة بين الناس".
مرت أعوام، وأصبحت معلما في أحد دواوير جبال الريف، بالشمال المغربي. كان منهج صديقي ديكارت يحثني على الفصل بين العقلي والواقعي. فالتناقضات كانت تستعصي عن كل فهم أو تحليل.. المتعة الوحيدة كانت في الساعات التي أقضيها مع اﻷطفال. وخاصة أثناء الاستراحة، حيث كانوا يستمتعون بلعب كرة القدم معي. كنا فريقين دائمي المواجهة، إلى أن جاءت تلك اللحظة التي رأيت فيها التلميذ عبد السلام يطير في الهواء. كان اصطداما قويا بين كتلين مختلفتين حجما و طولا. طرت وراءه، وأحطته بذراعي معا، و نزلنا على اﻷرض مثل صخرين حطا من عل. كان عبد السلام منكمشا على صدري. لم يصب أينا بأذى. عدنا إلى القسم، وانتهت الحصة على خير. في الليل عدت إلى المدرسة. كانت مجموعة من الشباب تتابع معي حصصا ليلية لمحاربة اﻷمية. فجأة، لم يعد حذائي يتسع لقدمي اليمنى. كان اﻷلم فظيعا. . لم أعد قادرا على الوقوف، ولا حتى على الجلوس. توقفت الحصة الليلية. تناوب الشباب على حملي لإيصالي إلى البيت. أحدهم أعطاني مرهما قويا، وتركوني لأرتاح. طبعا لم يكن لي أي مجال للراحة مع ذلك اﻷلم القاتل. نمت بصعوبة، في ساعة متأخرة من الليل، بعد أن تلويت وبكيت من شدة اﻷلم. استيقظت فجأة على صوت عظمة كاحلي: طق.. وصوت يقول: الله أكبر الله أكبر، معلنا آذان صلاة الفجر.. و تبدد اﻷلم إلى اﻷبد..
دخلت البيت، فيما بقي صديقي محمد و نورالدين جالسين على عتبة الباب خارجا. أشعلت مصباح المطبخ. كان الضوء ساطعا وقويا. من دهشتي، رفعت عيني للسماء التي تظهر ، عبر زجاج السقف. الضوء يغمر كل مكان. ضوء غريب وعجيب.. امتداد لا نهائي .. و كتاب نوراني يغلق بسرعة، كما انفتح. أخدت قارورة الماء وكأس الشرب، وعدت إلى صديقي. بادرني نورالدين قائلا:
- هل رأيت الضوء الذي سطع من السماء؟
حركت رأسي مؤكدا ذلك، فسارع محمد للقول:
- لم نفهم شيئا. لقد تبدلت السماء للحظات. . أقل من دقيقة أكيد..
شربنا الماء.. أذن الفجر.. ثم افترقنا.
في الصباح، حكيت الواقعة لوالدتي.. كانت جدتي تتابع حديثي باهتمام كبير.. قبلتني بين عيني قائلة:
- أنت محظوظ يا ولدي. لم يسبق ﻷي أحد من عائلتنا أن رأى باب السماء المفتوح في ليلة القدر.
ابتسمت في وجهها، وقلت:
- لا أعرف أن للسماء بابا يا جدتي العزيزة.
سارعت أمي بتأنيبي غاضبة من قولي.
- مرة أخرى ستتفلسف علينا. هي باب السماء ، ولو كنت طلبت أي شىء من الله لاستجاب لك..
لم أستطع أن أضيف أي شيء.. كان الصمت خير ملاذ لي.
لم تكن أمي، وﻻ جدتي، تعرفان شيئا عن جلساتي الطويلة مع صديقي ديكارت. صديقي الذي أخبرني :"أن العقل أعدل قسمة بين الناس".
مرت أعوام، وأصبحت معلما في أحد دواوير جبال الريف، بالشمال المغربي. كان منهج صديقي ديكارت يحثني على الفصل بين العقلي والواقعي. فالتناقضات كانت تستعصي عن كل فهم أو تحليل.. المتعة الوحيدة كانت في الساعات التي أقضيها مع اﻷطفال. وخاصة أثناء الاستراحة، حيث كانوا يستمتعون بلعب كرة القدم معي. كنا فريقين دائمي المواجهة، إلى أن جاءت تلك اللحظة التي رأيت فيها التلميذ عبد السلام يطير في الهواء. كان اصطداما قويا بين كتلين مختلفتين حجما و طولا. طرت وراءه، وأحطته بذراعي معا، و نزلنا على اﻷرض مثل صخرين حطا من عل. كان عبد السلام منكمشا على صدري. لم يصب أينا بأذى. عدنا إلى القسم، وانتهت الحصة على خير. في الليل عدت إلى المدرسة. كانت مجموعة من الشباب تتابع معي حصصا ليلية لمحاربة اﻷمية. فجأة، لم يعد حذائي يتسع لقدمي اليمنى. كان اﻷلم فظيعا. . لم أعد قادرا على الوقوف، ولا حتى على الجلوس. توقفت الحصة الليلية. تناوب الشباب على حملي لإيصالي إلى البيت. أحدهم أعطاني مرهما قويا، وتركوني لأرتاح. طبعا لم يكن لي أي مجال للراحة مع ذلك اﻷلم القاتل. نمت بصعوبة، في ساعة متأخرة من الليل، بعد أن تلويت وبكيت من شدة اﻷلم. استيقظت فجأة على صوت عظمة كاحلي: طق.. وصوت يقول: الله أكبر الله أكبر، معلنا آذان صلاة الفجر.. و تبدد اﻷلم إلى اﻷبد..
تعليق