على المفترق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آمال محمود كحيل
    أديب وكاتب
    • 19-05-2007
    • 141

    على المفترق

    على المفترق
    بقلم
    آمال محمود كحيل

    ليس أول مفترق طرق أجدني فيه مستسلمة لهجمة التيار وعاجزة عن المقاومة والمواجهة
    وكيف لي أن أواجه الحياة بصدر مهترئ وقلب ضاقت به الأحزان ونهشته بأنيابها الآلام

    وثقبته معاول الصمت وتنازعته مشاعر التمزق والضياع ... ؟!

    أتلفت يمنة ويسرة فلا أجد غير الوحدة والفراغ ومهامه التيه والشرود
    ،
    ومن أمامي ذلك الساتر الضيابي الكثيف وذلك الخوف من المستقبل المجهول

    ومن خلفي هدير الذكريات يحفزني على الفرار أو القفز إلى هاوية العدم

    إلى أين قد تقودني خطاي وقد فقدت بوصلتي في لجة حياة رسم أحداثها الكثيرون

    ولم يتركوني فيها سوى أشلاء محطمة على كل شاطئ وواد .. !!؟

    كم منحت بلا مقابل ولا ثمن لأجدني اللحظة خاوية الوفاض بلا هدف ولا عنوان

    وكم عشت حيوات من حولي وأحداثها بكل تفاصيلها المأساوية الحزينة

    وكم حاولت أن أجعل من قلبي الكسير واحة للمتعبين في الوجود ، ومأوىً لأحبة وخلان

    أثخنتني جراحاتهم وانكساراتهم المتتالية وتركتتني في معترك الألم أبحث عن الخلاص بلا جدوى

    تتأوب صدري الآهات ، وتثقل كاهلي أعباء الزمن وأحمال عمر هدرته هدرًا

    تحت أنقاض مسميات فارغة تجلت لي عبثيتها الآن ولكن بعد فوات الأوان ... !

    ... التضحية والإيثار والرضا والقناعة والصبر والجلد والتنازل والتشبث بالأوهام
    ...
    هل ذلكم فقط ما أتقنت ممارسته وأدمنته في حياة تجرعت غصصها يومًا بعد يوم دون بارقة من أمل !

    حياة استهلكت كل قواي وأودت بي إلى هذا المصير وإلى مرحلة غدا فيها الموت لي حلمًا وأمنية

    عشت ما عشته أرزخ تحت عجلات القدر وما بين مطرقة وسندان ...

    أحاول جهدي التملص من خوفي القابع في أعماقي والتخلص من كل مشاعري السلبية

    وهزائمي المتكررة ، وعجزي المستمر عن خلق واقع معقول ولكن ... !

    من منا بمقدوره الفرار من سطوة القدر

    أحاول اللحظة وكما كل مرة أجدني فيها على مفترق طرق ما بين اليأس والرجاء

    أن أكف سيل دموعي المنهمرة على وجنتي ولكن ... !

    أشفق على نفسي من المزيد من القهر ومن مشاعر الندم ووخز الضمير

    فأترك العنان للدموع ، وأطلقها من ربقة الكبت في حنو وتحنان
    ... !
    تختلج في صدري آهة تتلوها آهات ترتج لها الروح والحنايا وترتعش لها قدماي ومفاصلي

    فينتابني الدوار ، لأصحو من سكرة الأنين والألم وأنا على ذات المفترق لكن .. !

    يلوح لي بين سحب الضباب قبس من نور يطل على ظلمة داخلي سناه

    بينا لساني يلهج بالتبتل والدعاء وبينا فؤادي يضطرب بين جانبي كعصفور بلله المطر

    أهتف : يا ألله أغثني لتعود السكينة إلى خافقي التعيس ولأعاود التشبث بالأمل وبقناعاتي البالية

    وبتلك المسميات الفارغة التي أعلم أنها لن تروي ظمئي ، ولن تغنيني من جوع

    أعلم أنني أخدع نفسي ، ولكنها الحياة بكل ما فيها من نصب ومن صخب ومعاناة
    ... !!
    إنها الحياة بكل ما فيها من عبث ولا مبالاة وقسوة ووحشية وسطحية وهراء واجتراء
    ...
    ستمضي بنا رغم كل شيء ورغم أنوفنا شئنا أم أبينا فمن بإمكانه الرفض والاعتراض .. ؟!

    ستمضي على حطامنا غير عابئة بما يعترينا فيها من ألم ، وبما نقاسيه من عذاباتها الجسام

    يا ألله ... تتردد حروفها في عروقي وتستشعرها جوارحي التي خدرها الألم لأنتفض من جديد

    ولأعاود المضي ثانية متوكئة على عصا الرجاء ومستأنسة بذلك الوميض الخافت البعيد

    إنها رحمة الله التي تحيي النبض في القلوب ...
    ،
    وتطرد اليأس من صدور عششت فيها الخفافيش والغربان لأعوام طوال

    أغلق جفوني مستسلمة لذلك الشعور الوليد ، منتشية بنسمة أمل

    .... وعازمة على الوصول إلى نهاية النفق رغم كل شيء ... !

  • أبوقصي الشافعي
    رئيس ملتقى الخاطرة
    • 13-06-2011
    • 34905

    #2
    ما خاب من طرق باب الكريم
    و توكل على العزيز الرحيم
    فإن خير زاداً التقوى ..


    نص روحاني يشع بكل البهاء
    حياك الله و بياك أديبتنا البصراء
    أمال كحيل ..
    تقديري و كل الاحترام.



    كم روضت لوعدها الربما
    كلما شروقٌ بخدها ارتمى
    كم أحلت المساء لكحلها
    و أقمت بشامتها للبين مأتما
    كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
    و تقاسمنا سوياً ذات العمى



    https://www.facebook.com/mrmfq

    تعليق

    • جلال داود
      نائب ملتقى فنون النثر
      • 06-02-2011
      • 3893

      #3
      تحياتي أستاذة آمال

      نص يبحر في لجة الحياة بكل صدق وبلغة رصينة.

      أما بعد
      هنا :

      التضحية والإيثار والرضا والقناعة والصبر والجلد والتنازل والتشبث بالأوهام ...
      هل ذلكم فقط ما أتقنت ممارسته وأدمنته في حياة تجرعت غصصها يومًا بعد يوم دون بارقة من أمل !


      ***
      الحياة يا أستاذة آمال قارب في لجة غير معروفة الأهواء.
      أحيانا تصفو السماء فينساب القارب يمخر العباب، ولكن لا بد من الحذر ، وأخذ الحيطة ، فبحر الحياة لا أمان له ، والعواصف تعربد دونما سابق إنذار.
      أحيانا تكون كل الذي ذكرتيه من تجارب مريرة ، عبارة عن إمتحان من العلي القدير. وقديما قالوا : الذي لا يقتلك يجعلك أكثر قوة.
      أو إنها التجارب التي تصقل وتشذب الروح.
      إنها دروس ، قد تجرح ولكنها لا بد أن تجعلك أقوى وأكثر إستعدادا لمواجهة هذه الضربات بمختلف أنواعها.

      أعجبتني نهاية حديثك ، أعتبرها خلاصة نابعة من إيمان قوي :


      ****

      ألله ... تتردد حروفها في عروقي وتستشعرها جوارحي التي خدرها الألم لأنتفض من جديد
      ولأعاود المضي ثانية متوكئة على عصا الرجاء ومستأنسة بذلك الوميض الخافت البعيد
      إنها رحمة الله التي تحيي النبض في القلوب ... ،
      وتطرد اليأس من صدور عششت فيها الخفافيش والغربان لأعوام طوال
      أغلق جفوني مستسلمة لذلك الشعور الوليد ، منتشية بنسمة أمل
      .... وعازمة على الوصول إلى نهاية النفق رغم كل شيء ... !



      لله درك
      واصلي هذا الألق
      دمتم

      تعليق

      يعمل...
      X