إيمان
عند حلول المساء، هبت نسمات السحر، ورق جلباب الظلام ،وتدلت غيمة ماطرة كانت عالقة في جو السماء،سرت منها نسمة باردة مُنعشة، سرعان ما إنثنت وعلقت ذوائبها ببردة صافية ندية فلمعت مثل اليراع ،وشقت طريقها وسط الحقول والمروج ،ثم حلقت كالفراش فوق مسرح الليل، تومض مثل الزهر ، إلى أن دنت من شرُفة عالية ناتئة في منزل قائم على سفح رابية، يرمُق إلى البحر، ضاربة جذوره العميقة وسط الأعشاب والألفاف ،منصوصة حوافه بالحجر الأصفر، وتلتف حوله
عند حلول المساء، هبت نسمات السحر، ورق جلباب الظلام ،وتدلت غيمة ماطرة كانت عالقة في جو السماء،سرت منها نسمة باردة مُنعشة، سرعان ما إنثنت وعلقت ذوائبها ببردة صافية ندية فلمعت مثل اليراع ،وشقت طريقها وسط الحقول والمروج ،ثم حلقت كالفراش فوق مسرح الليل، تومض مثل الزهر ، إلى أن دنت من شرُفة عالية ناتئة في منزل قائم على سفح رابية، يرمُق إلى البحر، ضاربة جذوره العميقة وسط الأعشاب والألفاف ،منصوصة حوافه بالحجر الأصفر، وتلتف حوله
أشجار من النارنج تحتضن ثمرها كعذراء تحمل فطيمها ,و الياسمينة تنبثق من قيعانها , لتستلقى على جدران النوافذ ,وأسراب البلابل والسنونو ،تصطف فوق أغصانها تصدح بصوت بالغ العذوبة والجمال ...
شُرفات مرمرية مكللة طبقاتها بالقرميد الأحمر القانى ،قوائمها من الفضة النقية وأعمدتها من ذهب الغار، ستائرها من حرير الصين .وبعدما نهلت وارتوت من ينابيع الجمال، حطت قرب نافذة بيضاء مزدانة بألوان الحسن الآخاذ، ثم ولجت داخل الشرفة ،تستقصي حروف الجمال، قرب فاتنة غيداء، ناشرة جدائلها السوداء الفحمة الحريرية على أطراف وسادتها البيضاء المخملية المرصعة برسومات مذهبة ومطرزة بالدرر والياقوت، وقد تناثرت علي وسادتها عيون "هيرا" ورموشها الحادة، وكأن "مارسيوس" المسكين ،يعزف بريشته أبجديات الجمال وعذوبة مفرداته ،فوق خوان أبيض مسبغ بالحرير ،تتسامق فوق سطحه شتائل الغاردينيا، الحسن والفتنة كانا يرقصان في زوايا المكان ،باقةٌ جميلةٌ من الياسمين الأبيض تُزين زوايا الغرفة ،ثم أطل القمر في أبهى حليته يختال بردائه الفضي، يختلس النظر إلى تلك الغيداء، كأنه استحال أميراً يبحث عن حذاء سندريلا الفضي ، فالتمع قرطها الذهبي، وازداد توهجاً وأضفى رونق وبريقاً داخل الغرفة ،ونثرت نسائم الفجر وميضها البراق ،المشع من سلال الحور، كنفحات عطر شذا ،فعبق المكان كبستان ينثر الآقاح والأقحوان، إلى أن خبيء ضوئها ملياً وتلاشت كلياً ،لاسيما عند أول طلعة لبذور الصباح الندية .. ثم تسللت الشمس من خدرها الأرجواني ، والتحفت أشعتها المرمرية بستائر الفضة في عناق زمني، فارتسمت على صفحة وجهها الأملس، شواهد الفرح والسرور، وند من صاع وجنتيها الوردية إحمرار ملتهب ،مستعر يكاد يقطر قطوفاً من التوت والعنب ، يلاحق في تألقه وميض عينيها وبريق ثغرها القد..إستيقظت بيسان وداعبت جدائلها في تصنع ودلال ثم عقدت أذياله وأرسلتها إلى نحرها البراق ، نفحات من النسيم تلف المكان فاغترفت بعضا منه وملئت رئتيها بعبقه ..استلت ردائها الأبيض الشفاف في غنج ودلال ودلفت من غرفة لأخرى حتى لاتوقظ والدتها، وأعدت سريعاً قهوتها الصباحية ،ثم قفلت إلى غرفتها مرة أخرى، وأطلت من شرفتها، فغضت طرفها ،وتورد محياها بحمرة الخجل ،لاسيما عندما خدشا بريق وجنتيها نسيم الصباح الدافيء ،وكأن الطبيعة تراودها عن نفسها ..أحتست بيسان قهوتها على إيقاع المطر في تأنى وسلام.. ثم رمقت بهاء الأفق الممتد تحت قبة السماء، ودلفت لذاكرتها صور وملامح ،أصوات صاخبة وعينان تبرق بالدفء والحنان تداعب حنايا شعرها ..فارتجفت واهتزت أناملها وهوى القدح من بين يديها فارتطم بسور حديدي ،فشطر نصفين ثم هوى إلى الأرض ،تتناثر قطعه في الثرى ،فشبت في مخيلتها صور ومشاهد ، وتجسدت ملامحه وتراءت صورته في مخيلتها..تهالكت بجسدها الغض الطري إلى أقرب كرسي ..، حزينة تمخر بقارب الذكريات ردهات الذاكرة،. أخذت تجول بذكرياتها ،تطوي المسافات الفاصلة ، تستعيد بريق الأيام ..أمواج البحر تعلو والماء يضطرب من حولها ..والقارب يمخر عباب الماء ..تلوذ بوثير صدره الدافيء المترع بالحنان ..ضحكاته تنطلق الى الفضاء تعانق الغيم الرابض عند الأفق، يترقب القطيع الشارد الملتف حول حواشي السماء ..زخات المطر تسح على وجهها وتلثم بريق محياها ..فيسفر ثغرها عن ابتسامة وضيئة تبددها ومضات الخجل المصطبغة على خدها الأرجواني ..يخرج والدها من سلة الطعام زجاجتين من الكولا ويحتسيانها في مرح وسرور ..يشتد المطر وتهرق السماء براميل الماء من مصفاة الغيوم ..فيتهلل وجه الوالد ويطيح بقبعته ..
- لقد حان موسم الصيد ..
يستخرج ،صنارتين ..ويشرعان في إصطياد الأسماك ..وصوت عليل يتناهى إلى سمعهما ..فيتراءى شبح نحيل يزرع الشاطيء ذهابا وإياباً تتدرع بمظلة تقيه المطر المتهاطل ..كانت تشير إليهما بحلول طعام الغداء..استدار القارب في طريقه إلى الشاطيء واجتره الوالد، تساعده إبنته في دفعه وسحبه إلى الصخور الناتئة ..ثم تأبط ذراع ابنته وشرع يلقيان النكات ويسردان النوادر وضحكاتهما تنطلقان تمتطيان أعراف الموج وذوائبه ..كانت متعلقة بوالدها ،شديدة الحب له ،فظل في نظرها هو الرجل الأول ،لايستطيع أحد إزاحته ، حسن التدبير، فطن ,متقد الذهن ،واسع الأطلاع ، قوي الشكيمة ،شديد البأس ، مرهف الحس ،كلاسيكي ،رجل لكل الأزمنة ..كثيراُ ما كان يستقلان القارب وينطلقا بهما يمخر عباب الماء ، يلتقطان الصور لقرص الشمس الأحمر وهو يدس وجهه القاني في لحاف البحر ،يعب غليونه بحشو التبغ، ثم يشعله بقداحته ،فيتلمظ التبغ ويتلظى بالشرر،يُعدل من وضعية قبعته ،فيطرح الكاب إلى مقدمة رأسه ، ثم يتمدد ويضع مؤخرة رأسه فوق ناصية القارب ، وتشرع الفتاة في مصارعة الأمواج بمجدافها ..كانت ترى في والدها أنه الرجل الوحيد على الأرض ،تأثرت به حتى وصل بها الأمر أن تقلده في إختياره لملابسه ،طريقة تناوله للطعام ،لكنته الأرستقراطية المترفة أحياناً، والشعبية ،الهزلية ،كلما تهيأت له المزاجية ..عند النوم تتصنع اليقظة ولا تنام إلا عندما يكون صوته أخر ما تفارقه ..يقتعد بجوارها يرجل من شعرها بأطراف أنامله ،يحكي لها عن البحر وأعاجيبه وأسراره الدفينة التالدة في الأعماق البعيدة ..وأن هناك سر عجيب يستعصي عليه إكتشافه ..كلما غابت الشمس وسكبت حمرتها فوق الموج .. عندما يتوقف الموج ويلتقط أنفاسه تحت ظلال الممر العابر ..حاول مراراً الغوص الى تلك المنطقة ،والبحث عن كنز القراصنة في سفينة ميدوسا الغارقة منذ 4 عقود،كان لا ينفك يحدثها عن جمال السفينة وشكلها الهندسي الرائع حيث لم يكن يعنيه الكنز بل التحفة الفنية للصورة المتقنة التي تحملها السفينة كونها أفضل سفينة عابرة للمحيطات ..كونه يعمل مهندساً ،أراد دراستها على هيئتها حيث كان مولعا برسم التصاميم الهندسية للسفن بالإستعانة بالتصاميم القديمة ثم إضفاء الحداثة والعصرية بأسلوب تقني مترع بالتكنولوجي ..وفي يوم استطاع معرفة إحداثيات السفينة عبر وسائل البحث والتقصي ،والغوص إليها ،وتصويرها ،كان يبدي سعادته عبر وسيلة الفيديو من خلال كاميرا إتصال بأسرته في بث مباشر ،ساروهم القلق عندما تغيرت ملامح وجهه أسفل الماء لاسيما عندما حدق النظر إليهم ..
- لا تقلقوا ..!!
- ماذا حدث ..؟
- لا أدري ؟..لكننى أشعر بحقل طاقة يدنو قريباً منى
- طاقة .. ! إذاً فلتخرج على الفور ،سنأتيك بالمساعده حالا
- أجل ..حقل طاقة ..طاقة حية ..ثم غشى وجهه ضوء كثيف
- نظر إلى أُسرته في غرفة المراقبة
- تذكروا فقط..أنني أحبكم جميعا
ثم انقطع الأتصال ..بحثا عنه شهور عديده، ولم يعثروا على شيء ،وظلت تلك الفتاة تخرج إلى البحر تنتظر عودة الدها الذي طالت غيبته ..وذات مساء أطلت من شرُفتها ،ترمق إلى الأمواج العاتية ،فبصرت طيف يحلق قرباً منها
،فتشكلت صورته، فبسطت اناملها ، وعندما حاولت لمسه تبددت ملامح الخيال، وأملس الطيف بعيدا ، فرصعت في أهدابها لأليء الدمع ..تنهدت تنهيدة حارة لفحت خديها الأسيلين. ومسحت عينيها المخضلتين بالدموع.
- لقد حان موسم الصيد ..
يستخرج ،صنارتين ..ويشرعان في إصطياد الأسماك ..وصوت عليل يتناهى إلى سمعهما ..فيتراءى شبح نحيل يزرع الشاطيء ذهابا وإياباً تتدرع بمظلة تقيه المطر المتهاطل ..كانت تشير إليهما بحلول طعام الغداء..استدار القارب في طريقه إلى الشاطيء واجتره الوالد، تساعده إبنته في دفعه وسحبه إلى الصخور الناتئة ..ثم تأبط ذراع ابنته وشرع يلقيان النكات ويسردان النوادر وضحكاتهما تنطلقان تمتطيان أعراف الموج وذوائبه ..كانت متعلقة بوالدها ،شديدة الحب له ،فظل في نظرها هو الرجل الأول ،لايستطيع أحد إزاحته ، حسن التدبير، فطن ,متقد الذهن ،واسع الأطلاع ، قوي الشكيمة ،شديد البأس ، مرهف الحس ،كلاسيكي ،رجل لكل الأزمنة ..كثيراُ ما كان يستقلان القارب وينطلقا بهما يمخر عباب الماء ، يلتقطان الصور لقرص الشمس الأحمر وهو يدس وجهه القاني في لحاف البحر ،يعب غليونه بحشو التبغ، ثم يشعله بقداحته ،فيتلمظ التبغ ويتلظى بالشرر،يُعدل من وضعية قبعته ،فيطرح الكاب إلى مقدمة رأسه ، ثم يتمدد ويضع مؤخرة رأسه فوق ناصية القارب ، وتشرع الفتاة في مصارعة الأمواج بمجدافها ..كانت ترى في والدها أنه الرجل الوحيد على الأرض ،تأثرت به حتى وصل بها الأمر أن تقلده في إختياره لملابسه ،طريقة تناوله للطعام ،لكنته الأرستقراطية المترفة أحياناً، والشعبية ،الهزلية ،كلما تهيأت له المزاجية ..عند النوم تتصنع اليقظة ولا تنام إلا عندما يكون صوته أخر ما تفارقه ..يقتعد بجوارها يرجل من شعرها بأطراف أنامله ،يحكي لها عن البحر وأعاجيبه وأسراره الدفينة التالدة في الأعماق البعيدة ..وأن هناك سر عجيب يستعصي عليه إكتشافه ..كلما غابت الشمس وسكبت حمرتها فوق الموج .. عندما يتوقف الموج ويلتقط أنفاسه تحت ظلال الممر العابر ..حاول مراراً الغوص الى تلك المنطقة ،والبحث عن كنز القراصنة في سفينة ميدوسا الغارقة منذ 4 عقود،كان لا ينفك يحدثها عن جمال السفينة وشكلها الهندسي الرائع حيث لم يكن يعنيه الكنز بل التحفة الفنية للصورة المتقنة التي تحملها السفينة كونها أفضل سفينة عابرة للمحيطات ..كونه يعمل مهندساً ،أراد دراستها على هيئتها حيث كان مولعا برسم التصاميم الهندسية للسفن بالإستعانة بالتصاميم القديمة ثم إضفاء الحداثة والعصرية بأسلوب تقني مترع بالتكنولوجي ..وفي يوم استطاع معرفة إحداثيات السفينة عبر وسائل البحث والتقصي ،والغوص إليها ،وتصويرها ،كان يبدي سعادته عبر وسيلة الفيديو من خلال كاميرا إتصال بأسرته في بث مباشر ،ساروهم القلق عندما تغيرت ملامح وجهه أسفل الماء لاسيما عندما حدق النظر إليهم ..
- لا تقلقوا ..!!
- ماذا حدث ..؟
- لا أدري ؟..لكننى أشعر بحقل طاقة يدنو قريباً منى
- طاقة .. ! إذاً فلتخرج على الفور ،سنأتيك بالمساعده حالا
- أجل ..حقل طاقة ..طاقة حية ..ثم غشى وجهه ضوء كثيف
- نظر إلى أُسرته في غرفة المراقبة
- تذكروا فقط..أنني أحبكم جميعا
ثم انقطع الأتصال ..بحثا عنه شهور عديده، ولم يعثروا على شيء ،وظلت تلك الفتاة تخرج إلى البحر تنتظر عودة الدها الذي طالت غيبته ..وذات مساء أطلت من شرُفتها ،ترمق إلى الأمواج العاتية ،فبصرت طيف يحلق قرباً منها
،فتشكلت صورته، فبسطت اناملها ، وعندما حاولت لمسه تبددت ملامح الخيال، وأملس الطيف بعيدا ، فرصعت في أهدابها لأليء الدمع ..تنهدت تنهيدة حارة لفحت خديها الأسيلين. ومسحت عينيها المخضلتين بالدموع.
تعليق