اجمل ما في تلك الأميرة الحسناء، أنها لم تزل منذ الأزل، ترقب التائقين لها من برجها العاجي الذي ابتنته لنفسها: تهزأ بهذا، وتشفق على ذاك، وتضحك في سرها إن رأت متهوراً يحاول الامساك بلؤلؤ نورها بأطراف أنامله. وما هي إلا دقائق حتى تسرع الخطو لاستقبال آتٍ من بعيد، على صهوة دمعة أو تحت ظل بسمة...يذعوه الناس شاعراً، فيما تفضل هي ان تسميه عازف العطر، صانع المطر، او غازل الضياء....بنظرة واحدة، وبمجرد ان يلامس أول أوتار شَعرها، تبدأ دندنة خفيفة، تتصاعد رويداً رويداً... لتنتهي بعناق ثم قبلة يذوب معها كلٌ في الآخر هنيهات، ليعودا خلقاً جديداً:
ها هي أميرة الأميرات وقد حاك نديمها من حروفها أثواباً طرزتها الآفاق، ووشتها الأحلام والأمنيات، وتراقصت بكلماتها مزهوة، كاتمة شهقة تتأرجح بين الدهشة والدلال، وبلغ من زهوها وخيلائها أنها لم تعد ترضى بأن تسمى "اللغة"... وطفقت تبحث لها عن اسم يليق بما اعتراها من خدر وسكر،،،،وغير بعيد، اتذكرون ذاكم العاشق الذي عاد لتوه إلى الأرض وقد زرع صدره بالنسرين وعرش ملء صوته الياسمين؟ ها هو الآن تائه في كنه ما اصبح عليه: فلا هو شاعر ولا نبي... بل يتخطفه شيء من هذا وذاك...ما همَّ من هو، وقد اصبح قادراً على معانقة النجوم متى شاء، ومزج ألوان الطيف وإعادة تشكيلها كما يشتهي، بعد ان ائتمنه الكائن النوراني الذي لما يزل يبحث له عن اسم، على كل ما أوتي من غموض وإشعاع....
تعليق