الآمال العظيمـة : سلسلة "منفصلـة ، و متصلـة "
بقلمي " أحمد خيري "
1 - فرج لكل مواطـن ؟!
بقلمي " أحمد خيري "
1 - فرج لكل مواطـن ؟!
جلستي المعتادة ، وفي نفس المكان الذي أدمنته .. منذ ان أحضروني إلى هذا " المنزل الكبير " قبيل قرابـة العشر سنوات ، والذي يسمونـه كذلك " مستشفى الامراض العقليـة "
يقولون "
اننا مرضى ، ولهذا رفضنا مجتمعنا .. أو أننا اصبحنا خطرا عليـه ..
، واعتبرت وجودي هنا .. هو فرصـة لـ التأمل .. أو ربما للتعلم من سلوك الآخرين " الاصحاء اقصد " سواء كانوا اطباء أو ممرضين ..
،
ولكن .. ولـ الاسف لم يزيدنا التعامل معهم الا " مرضا فوق مرض "
كان سلوكهم أقرب إلى الحيوانات المفترسة .. التي نراها كل يوم " في القناة العلمية التي نشاهدها في فسحة العنابـر "
فظاظتهم ، وعنفهم الشديد ، و هجو مهم الدائم بـ " آقراني المرضى " جعلهم اشبه إلى الضباع ..
ينهشون فرائسهم قبل أن يقتلوها ..
والقتل هنا ..لم يكن " بمعنى قتل الجسد أو تصفيته
وإنما كان قتل لــ الروح بـ تعذيبها ، وإهانتها ..
وكانت هناك وسيلة واحدة لـ مثل هذا النوع من القتل " الكهرباء "
كانت هى العصى الغليظة التي جعلتنا " أكثـر من مجرد مستأنسين "
من مكاني .. انظر عبر النافذة .. تجاه الاسلاك الشائكة التى تعلو " السور القصيـر " الذي يفصلنا عن " عنابـر النساء "
أتسرق النظر بين حين ، وآخـر .. لـربما أخطتف لحظة ارى فيها جسد أنثى أو وجهها ..
كانت القناة " التلفزيونيـة " قد تغيرت " وها هو فيلم عربي شهيـر " بعنوان باب الحديد "
عن مريض مثلنا أسمه " قناوي "
اعرف هذا الفيلم فقد شاهدته كثيرا .. واعرف كذلك مخرجه ، واسماء ابطالـه .
من بعيد يظهر جسد " انثى " من الجانب المقابل " الذي تفصله الاسلاك ، والاسوار .. فـ تستحوذ إهتمامي .. فـ أترك ما بيدي ، وأتجـه لـ النافذة .. فـ يوقفني الممرض " فرج " ويدفعني بـ عنف فـ اعود مستسلما لـ مكاني ..
لكن " فـرج " غضب لـ استسلامي السريع ، والذي لم يرضي " نزعته الحيوانية " فـ أخذ يلوح بـ عصاته " الكهربائية " ويقربها مني .. فـ انكمش في نفسي .. لـ تعلوا التهكمات من حولي ..
احاول أن اتفاده أكثـر .. فـ أجعل نفسي بين " قلم ، و ورقة " أدون فيها ما جاء في خاطري ..
و بين لحظة ، واخرى .. كان " فرج " يلتهمني بـنظراته ..
ينتبه إلى نظراتي " تجاه النافذة ، وصوب السور .. فـ يعاود ضحكاته الساخرة ، وهو يشير لـ الفتاة أن تقترب من الحاجز .. وما أن تقترب .. حتى ترتفع عصاه وتلامس السور .. فـ تسقط المسكينة " من جراء الصاعقة الكهربائية "
وفي الفيلم " كان قناوي يحاول إلتهام هنومـه ، وهى في جلبابها البلدي الضيق ، والمبتل بالماء .. فصار وجسدها قطعة واحدة .. اثارت شهوة " قناوي " الحيوانية " وكاد أن يفترسها "
لم يكن " قناوي " هو الذي يفترس هنومه .. وإنما هو " يوسف شاهين " كان يريد اغتصاب " هند رستم " أو هكذا خيل لي ، و " فرج " يكهرب السور ...
يقاطع هذا الطبيب السادي افكاري ، وهو يتسائل في غضب :
- أنت بتكتب ؟! " بتكتب إيـه " قلنا الكتابـة هنا ممنوع ...
" يا فرج ... الحيوان ده مين إللي وصله لـ القلم ، والورقـة .. لـ يكون بيكتب منشورات ، ويودينا في ستين داهية تقفلنا المستشفي "
فـيرد " فرج " في غلاظة بعد صفعي وسبابي :
- هيكون بيكتب إيـه يا باشا .. ده واحـد مجنون ، وجبان كمان ..مـش ده إللي يكتب منشورات .. ده اخره يكتب جواب للبنت إللي هناك دي في عنبر " الستات "
فـ يرمقه الطبيب بـ إحتقار وهو يسألني :
- بتكتب إيـه يا بني ؟!
وارد في همس :
- قصـة .. مجرد قصة .
فـ تقهقه الجدران حولي ساخرة من " أديب المستشفى الواعد "
والطبيب يتسائل في خبث :
- قصـة ... عظيم .. قصة عن إيـه مثلا .. عن الجنس ولا ...
فـ اقاطعـه بشيء من التوتر ، والخوف ..
- إللي بيكتب عن الجنس مكانه مش هنا .. مكانه أكيد معاكم فوووووق في المكاتب ...
،
و ....
- مكاتب .. فووووووووق ..انت شايف كده .. طيب يا جميل براحتك ..
" يا فرج " هاااات الكهربا "
فـ ارتد لـ قناع العصفور، وأنا أهمس في ضراعة ..
- كهربا لأ .. بلاش كهربا .. بلاش كهربا
،
و ....
" زززززززززززز ززززززززز "
...
تعليق