** وردتـــــــان **
كان يوجد في غرفة سلمى وردتان: إحداهما صناعيةٌ، في زهرّيةٍ أنيقة، والثانية وردة طبيعية، تغمرُ ساقها في ماءِ كأسٍ من زجاج..
وجاءَتْ صديقاتُ سلمى لزيارتها، فأخذَتْ كلّ واحدةٍ منهنّ، ترفع الكأسَ، وتشمُّ الوردة، ثم تقول منتشية:
-ما أجمل هذه الوردة، وما أطيبَ رائحتها!! وحينما انصرفتِ الزائراتُ، أصبحت الغرفة خالية، بينما ظلّتِ الوردةُ الصناعية، مملوءةً بالغيظ والحسد، لأنها لم تسمعْ كلمةَ مدح، ولم تلفتْ نظرَ أحد! ودخلَتْ نحلةٌ جميلة، من النافذة المفتوحة، فأرادتٍ الوردةُ الصناعية، أن تجذبها إليها، لتغيظَ الوردةَ الطبيعية، فشرعَتْ تنادي:
تعالي إليّ أيتها النحلة
لن تجدي مثل جمالي
منظري رائع
ألواني حمراء
أوراقي ناعمة
أعيش بلا غذاء
وأحيا بلا ماء
وأبقى ناضرة، لا أعرف الذبول.
ظلّتِ الوردةُ الصناعية، تباهي بجمالها، وتفخر بنفسها، والوردة الطبيعية، تنفحُ العبيرَ صامتة، لا تنبس بكلمة.. وعلى الرغم من ذلك، طارتْ إليها النحلةُ، وعانقَتْها مسرورة، فغضبَتِ الوردةُ الصناعية، وخاطبتها مدهوشة:
-ما الذي جذبكِ إلى تلك الوردة؟!
-جذبني إليها عطرها وجمالها.
-وكيف عرفتِ ذلك، ولم تسمعي منها كلمة واحدة؟!
قالت النحلة:
-الشيءُ الجميلُ لا يحتاج إلى دعاية وكلام.
***
حينما ذبلتِ الوردةُ الطبيعية، شمتَتْ بها الوردةُ الصناعية، وقالت ساخرة:
-أراكِ قد ذبلْتِ سريعاً!
-إذا فارقْتُ أرضي، لا أعيش إلا قليلاً.
-أمّا أنا فأعيش عمراً طويلاً.
-طولُ العمر، لا يدعو إلى الفخر .
-وبأيّ شيء نفخر؟
-بما نعطيه للآخرين.
-وماذا أعطيتْ في عمركِ القصير؟!
-أعطيْتُ الرحيق والعطر، فهل أعطيتِ أنتِ شيئاً في عمركِ الطويل؟
أطرقتِ الوردة الصناعية، تفكِّرُ فيما سمعَتْ، فأدركتْ صوابه، وحينما رفعَتْ رأسها، لتعتذر إلى الوردة الطبيعية، وجدَتْها قد ماتتْ، تاركةً من بعدها، رائحة عطرة لا تموت
كان يوجد في غرفة سلمى وردتان: إحداهما صناعيةٌ، في زهرّيةٍ أنيقة، والثانية وردة طبيعية، تغمرُ ساقها في ماءِ كأسٍ من زجاج..
وجاءَتْ صديقاتُ سلمى لزيارتها، فأخذَتْ كلّ واحدةٍ منهنّ، ترفع الكأسَ، وتشمُّ الوردة، ثم تقول منتشية:
-ما أجمل هذه الوردة، وما أطيبَ رائحتها!! وحينما انصرفتِ الزائراتُ، أصبحت الغرفة خالية، بينما ظلّتِ الوردةُ الصناعية، مملوءةً بالغيظ والحسد، لأنها لم تسمعْ كلمةَ مدح، ولم تلفتْ نظرَ أحد! ودخلَتْ نحلةٌ جميلة، من النافذة المفتوحة، فأرادتٍ الوردةُ الصناعية، أن تجذبها إليها، لتغيظَ الوردةَ الطبيعية، فشرعَتْ تنادي:
تعالي إليّ أيتها النحلة
لن تجدي مثل جمالي
منظري رائع
ألواني حمراء
أوراقي ناعمة
أعيش بلا غذاء
وأحيا بلا ماء
وأبقى ناضرة، لا أعرف الذبول.
ظلّتِ الوردةُ الصناعية، تباهي بجمالها، وتفخر بنفسها، والوردة الطبيعية، تنفحُ العبيرَ صامتة، لا تنبس بكلمة.. وعلى الرغم من ذلك، طارتْ إليها النحلةُ، وعانقَتْها مسرورة، فغضبَتِ الوردةُ الصناعية، وخاطبتها مدهوشة:
-ما الذي جذبكِ إلى تلك الوردة؟!
-جذبني إليها عطرها وجمالها.
-وكيف عرفتِ ذلك، ولم تسمعي منها كلمة واحدة؟!
قالت النحلة:
-الشيءُ الجميلُ لا يحتاج إلى دعاية وكلام.
***
حينما ذبلتِ الوردةُ الطبيعية، شمتَتْ بها الوردةُ الصناعية، وقالت ساخرة:
-أراكِ قد ذبلْتِ سريعاً!
-إذا فارقْتُ أرضي، لا أعيش إلا قليلاً.
-أمّا أنا فأعيش عمراً طويلاً.
-طولُ العمر، لا يدعو إلى الفخر .
-وبأيّ شيء نفخر؟
-بما نعطيه للآخرين.
-وماذا أعطيتْ في عمركِ القصير؟!
-أعطيْتُ الرحيق والعطر، فهل أعطيتِ أنتِ شيئاً في عمركِ الطويل؟
أطرقتِ الوردة الصناعية، تفكِّرُ فيما سمعَتْ، فأدركتْ صوابه، وحينما رفعَتْ رأسها، لتعتذر إلى الوردة الطبيعية، وجدَتْها قد ماتتْ، تاركةً من بعدها، رائحة عطرة لا تموت
** القلم والممحاة **
كان داخل المقلمة، ممحاة صغيرة، وقلمُ رصاصٍ جميل..
قالت الممحاة:كيف حالك يا صديقي؟.
أجاب القلم بعصبية: لست صديقك!
اندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟..
فرد القلم: لأنني أكرهك.
قالت الممحاة بحزن :ولم تكرهني؟.
أجابها القلم: لأنكِ تمحين ما أكتب.
فردت الممحاة: أنا لا أمحو إلا الأخطاء .
انزعج القلم وقال لها: وما شأنكِ أنت؟!.
فأجابته بلطف: أنا ممحاة، وهذا عملي.
فرد القلم: هذا ليس عملاً!.
التفتت الممحاة وقالت له: عملي نافع، مثل عملك.
ولكن القلم ازداد انزعاجاً وقال لها: أنت مخطئة ومغرورة .
فاندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟!. أجابها القلم: لأن من يكتب أفضل ممن يمحو
قالت الممحاة: إزالةُ الخطأ تعادل كتابةَ الصواب.
أطرق القلم لحظة، ثم رفع رأسه، وقال: صدقت يا عزيزتي!
فرحت الممحاة وقالت له: أما زلت تكرهني؟.
أجابها القلم وقد أحس بالندم: لن أكره من يمحو أخطائي.
فردت الممحاة: وأنا لن أمحو ما كان صواباً.
قال القلم: ولكنني أراك تصغرين يوماً بعد يوم!.
فأجابت الممحاة: لأنني أضحي بشيءٍ من جسمي كلما محوت خطأ.
قال القلم محزوناً: وأنا أحس أنني أقصر مما كنت!
قالت الممحاة تواسيه: لا نستطيع إفادة الآخرين، إلا إذا قدمنا تضحية من أجلهم.
قال القلم مسروراً: ما أعظمك يا صديقتي، وما أجمل كلامك!.
فرحت الممحاة، وفرح القلم، وعاشا صديقين حميمين، لا يفترقانِ ولا يختلفان..
قالت الممحاة:كيف حالك يا صديقي؟.
أجاب القلم بعصبية: لست صديقك!
اندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟..
فرد القلم: لأنني أكرهك.
قالت الممحاة بحزن :ولم تكرهني؟.
أجابها القلم: لأنكِ تمحين ما أكتب.
فردت الممحاة: أنا لا أمحو إلا الأخطاء .
انزعج القلم وقال لها: وما شأنكِ أنت؟!.
فأجابته بلطف: أنا ممحاة، وهذا عملي.
فرد القلم: هذا ليس عملاً!.
التفتت الممحاة وقالت له: عملي نافع، مثل عملك.
ولكن القلم ازداد انزعاجاً وقال لها: أنت مخطئة ومغرورة .
فاندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟!. أجابها القلم: لأن من يكتب أفضل ممن يمحو
قالت الممحاة: إزالةُ الخطأ تعادل كتابةَ الصواب.
أطرق القلم لحظة، ثم رفع رأسه، وقال: صدقت يا عزيزتي!
فرحت الممحاة وقالت له: أما زلت تكرهني؟.
أجابها القلم وقد أحس بالندم: لن أكره من يمحو أخطائي.
فردت الممحاة: وأنا لن أمحو ما كان صواباً.
قال القلم: ولكنني أراك تصغرين يوماً بعد يوم!.
فأجابت الممحاة: لأنني أضحي بشيءٍ من جسمي كلما محوت خطأ.
قال القلم محزوناً: وأنا أحس أنني أقصر مما كنت!
قالت الممحاة تواسيه: لا نستطيع إفادة الآخرين، إلا إذا قدمنا تضحية من أجلهم.
قال القلم مسروراً: ما أعظمك يا صديقتي، وما أجمل كلامك!.
فرحت الممحاة، وفرح القلم، وعاشا صديقين حميمين، لا يفترقانِ ولا يختلفان..
- **النقطة الصغيرة**
سامرٌ تلميذ صغير، في الصفِّ الأوَّل.. يقرأ جيِّداً، ويكتبُ جيّداً.. لولا النقطة!
يراها صغيرة، ليس لها فائدة.. فلا يهتمُّ بها، عندما يكتب
وينساها كثيراً، فتنقص درجته في الإملاء
يعجبُ سامر، ولا يعرف السبب! يأخذ دفتره، ويسأل المعلِّمة:
أين أخطأت؟! فتبتسم المعلِّمةُ، وتمدُّ إصبعها، وتقول: -هذه الغين.. لم تضع لها نقطة وهذه الخاء.. لم تضع لها نقطة
وهذه، وهذه.. يغضب سامر، ويقول: من أجل نقطة صغيرة، تنقصين الدرجة؟!
قالت له:النقطة الصغيرة، لها فائدة كبيرة قال سامر كيف؟!
قالت المعلمة هل تعرف الحروف؟ قال: أعرفها جيداً ... قالت المعلِّمة: اكتب لنا: حاءً وخاء
كتب سامر على السبّورة: ح خ .... قالت المعلِّمة: ما الفرق بين الحاء والخاء؟
تأمّل سامرٌ الحرفين، ثم قال: الخاء لها نقطة، والحاء ليس لها نقطة ... قالت المعلّمة: اكتبْ حرفَ العين، وحرف الغين
كتب سامر على السبورة: ع غ ... قالت المعلمة ما الفرق بينهما؟
الغين لها نقطة، والعين بلا نقطة ... قالت المعلّمة: هل فهمْتَ الآن قيمَةَ النقطة؟
ظلَّ سامر صامتاً، فقالت له المعلّمة: اقرأ ما كتبْتُ لكم على السبورة
أخذ سامر يقرأ: ماما تغسل
ركض الخروف أمام خالي وضعَتْ رباب الخبزَ في الصحن... قالت المعلِّمة:اخرجي يا ندى، واقرئي ما كتب سامر
أمسكَتْ ندى، دفترَ سامر، وبدأَتْ تقرأ، بصوت مرتفع: ماما تعسل
ركض الحروفُ أمام حالي
وضعَتْ ربابُ الحبرَ في الصحن
ضحك التلاميذ، وضحك سامر .... هدأ التلاميذ جميعاً، وظلّ سامر يضحك.. قالت المعلِّمة: هل تنسى النقطة بعد الآن؟
قال سامر: كيف أنساها، وقد جعلَتِ الخبزَ حبراً، والخروفَ حروفاً
ثلاث قصص منتقاة تستحق القراءة الكاتب " محمد اقبال" المصدر: منتديات فرسان الثقافة.
تعليق