العصا البيضاء/ قصة لابراهيم درغوثي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابراهيم درغوثي
    نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسيين
    أبو غسان
    مستشار في ملتقى الترجمة
    • 22-06-2008
    • 356

    العصا البيضاء/ قصة لابراهيم درغوثي


    العصا البيضاء
    قصة قصيرة جدا .

    ابراهيم درغوثي / تونس





    تمر بك السيارات مسرعة وكأنها تهرب من عصاك التي كنت تلوحين بها .
    كنت تستمعين لطشيش الماء تحت العجلات فتقولين لنفسك : ما أوسع رحمتك يا الله .
    وتعود السيارات إلى عدوها المجنون لا تحفل بطول وقفتك على الطوار .
    ويمر الزمن . يلاطفك تارة ، فيمسح عن وجهك الأسى ، وطورا يهطل على رأسك مدرارا .
    هاهي سيارة تقف بالقرب منك . يأتيك صوت لطيف : ها ، أنت يا امرأة، إلى أين تريدين الذهاب ، فالليل على الأبواب ؟
    تقولين للصوت انك ذاهبة لمبيت الطالبات ، وانك هنا واقفة وقد تعاقبت عليك فصول السنة. وان أمطار الخريف بللت ثيابك ، وأن هجير الصيف مر من أمام وجهك وان السيارات التي مرت من هنا كانت كلها عمياء .
    وتضعين في يده العنوان .
    فيرد عليك : محضوضة أنت ، فطريقنا من هناك .
    وتنزوين في المقعد الخلفي ، والسيارة تهدر ، وصوت مطربة الشباب يصدح بأغاني عبد الحليم حافظ ، وأنت تحبين كثيرا هذه الأغاني ( جانا الهوى جانا ، ورمانا الهوى رمانا ) . وتقولين لنفسك : لماذا يصمت هذا السائق ، وأمثاله في العادة كثيرو الكلام ؟ ويتغير صوت الطريق تحت العجلات . يصير الضجيج أكبر ، والسيارة تخرج من حفرة لتدخل في أخرى .
    وتقولين حين تمتد يد تريد قطف التفاح النافر فوق صدرك :
    - اللي شبكها ايخلصها .
    وتزجرين اليد السارقة :
    - يا آدم ، هذا التفاح أخرجك من الجنة ، فلا يغوينك الشيطان .
    ويسكت المحرك ، فيضج قلبك في الصدر . وتبحثين عن النجدة . لكن صوتك تكتمه يد غليظة . وتحسين كأن شيئا يلامس جنبك . شيء كنصل السكين . وتحاولين العودة إلى الصراخ فيضيع صوتك في الحلق الذي أصبح يابسا كسبخة ملح .
    وما اكتفى الغزاة بالتفاح . استباحوا القلعة بعدما دكوا أسوارها المنيعة ... وكانت يداك تتحسسان الوجوه .تبحثان عن قرون الشيطان . وكنت تتقين عزلاء الرماح الهائجة .
    حين همدوا سمعتهم يتهامسون :
    لا تخافوا ، فلن تعرف هذه المرأة الطريق إلى مفاتيح وجوهنا .
    وتفر الطريق تحت عجلات السيارة الهادرة ، فتعودين من جديد إلى الوقوف على الطوار تلوحين بعصاك البيضاء في وجه الظلام ...

    dargouthibahi@yahoo.fr
  • م. زياد صيدم
    كاتب وقاص
    • 16-05-2007
    • 3505

    #2
    اخى الرائع ابراهيم درغوثى ..

    ** ابراهيم...............

    ((...فتعودين من جديد إلى الوقوف على الطوار تلوحين بعصاك البيضاء في وجه الظلام ...))
    ؟؟
    ؟
    اعتقد بانها نهاية قاسية جدا حلت بها.
    لاحول ولا قوة الا بالله.

    تحياتى العطرة.............
    أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
    http://zsaidam.maktoobblog.com

    تعليق

    • اشرف الخريبي
      عضو الملتقى
      • 25-08-2008
      • 57

      #3
      صديقي العزيز
      تحياتي لنصك الماتع المكثف الذي يحمل الدراما في جوانحه

      لا تخافوا ، فلن تعرف هذه المرأة الطريق إلى مفاتيح وجوهنا .وتفر الطريق تحت عجلات السيارة الهادرة ، فتعودين من جديد إلى الوقوف على الطوار تلوحين بعصاك البيضاء في وجه الظلام

      اشرف الخريبي
      [URL="http://asherfalkorpay.jeeran.com/index.html"]http://asherfalkorpay.jeeran.com/index.html[/URL]
      شكرا لتواجدك

      تعليق

      • ابراهيم درغوثي
        نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسيين
        أبو غسان
        مستشار في ملتقى الترجمة
        • 22-06-2008
        • 356

        #4
        عزيزنا زياد
        شكرا على القراءة و التعليق

        تعليق

        • ابراهيم درغوثي
          نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسيين
          أبو غسان
          مستشار في ملتقى الترجمة
          • 22-06-2008
          • 356

          #5
          العزيز أشرف الخريبي
          سعدت بوجودك بيننا
          كل التقدير و المودة

          تعليق

          يعمل...
          X