انْكِسَارَات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعيدة الرغوي
    أديب وكاتب
    • 04-10-2009
    • 228

    انْكِسَارَات

    " انْكِسَارَات"

    كَعَادَتِهِ يَجْلِسُ " حَمُّو " حَوْلَ الْمَائِدَةِ الخَشَبِيَّةِ ذات الأرجل العرجاء المَحْشُوَّةِ إحداهَا في حذاءٍ منزنك،وكأنَّها مُحاربٌ قديم صِنْديد مايزال يُقاومُ وحيداً في ساحة الْمَعْرَكَةِ بَعد انْسِحَابِ كل الفُرسانيَلْتَهِمُ الأَكل بِعُجَالَةٍ ،ثُمَّ يَخْرُجُ لاَهِثاً إلى
    الْمَقْهَى التي تَقَعُ فِي نِهَايَةِ الزقاق المُفضِي إلَى دُرُوبِ المدينة العتيقة ..حيث الزقاقات تعبق بروائح
    السَّرْدِينِ وَرَائِحَةِ الطعام الذي يُطهى على نار " المجمر" أو في الفرن البَلَدي الوحِيد
    ِ
    الذي مايزال يُقَاوِمُ الأفرنة العصرية التي نبتت في الأحياء المُجاورة كأشواك طُفَيْلِيَّةٍ تعْمَلُ على قتل كلَّ
    الأكلات التقليدية" الْبَلْدِيَّةِ" .
    يَنْزَوِي " حَمُّو" فِي زَاوِيَّةِ المقهى على كرسيه المُعتاد
    الْمَصْنُوعِ مِنْ الْقَصَبِ والمغلف بالبلاستيِكِ ،يَتَسَمَّرُ بَعْدَهَا فِي مَكَانِه الذي يشْكُو من ضجيج المتقاعدين
    الذين يَلْعَبُونَ بالْحِجَارَةِ الصغيرةِ لُعْبة " الضامة" ، يُحاوِلُونَ تزجية الوقت والضَّحك رغم ماَيطْبَعُ حَيَاتَهُمْ
    منْ قَسْوَةٍ ومُعانَاةٍ
    ..هِيَ وُجُوهٌ تُعَبِّرُ عن واقِعِهِمْ ،نظراتهم ناطقة بالكثير...يَبدُو أَنَّ الْوَقْتَ تَوَقَّفَ لَدَى " حَمّو" مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيد
    أُصِيبَ بالخمول ،يُراقبُ بِعُيونٍ ذَابِلَةٍ ناعِسَةٍ مواكب المارة التي تعبر زقاق المقهى وكأنها مطاردة
    من أحد ما ..وَسُرْعان مايَهُمُّ باستخراج لُفَافَة سَجَائِر من جيبه المهترئ ..يُمَرِّرُهَا بين أصابعه المُتعبة،
    ثُمَّ يُدَخِّنُها بِعُجَالَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ سُمَّهَا مُعْلِناً عنْ سُخْطِهِ وغَضَبِهِ من الْعَالم ،يَتَأَمَّلُ الْوُجُوهَ الْمُتَبَايِنَةِ ،تَبَايُنَ اللَّيْلِ
    والنَّهَارِ ،تَبَايُنَ الأَلْوان والفصول الحياتية ..إنَّها رِحْلَتهُ الْيَوْمِيَّة الْمُنْكَسِــرةِ.
    التعديل الأخير تم بواسطة سعيدة الرغوي; الساعة 27-01-2016, 17:28. سبب آخر: تداخل في الكتابة
  • محمد الصحراء
    أديب وكاتب
    • 11-09-2012
    • 764

    #2
    قبل قليل قرأت قصة لمحمد محضار بطلها أيضا .. حمو
    لا أدري حمولات الاسم الاسقاطية و الدلالية و الايحائية التي يقصدها الكاتب
    و لكن كونه مسمى واسعا في أوساط الاطلس المتوسط فلابد يحيل على الهشاشة و القهر الاجتماعي برغم إشعاع موحا أوحمو الزياني الشجاع و داحر الاستعمار
    و هي قصة تكسر هالة الجمال و العبق العطر التي تسوقه النشرات السياحية لمدينة قديمة اريد لها أن تبقى منسية عمدا لكي تخدم فقط عدسات السواح المترهلين اليجوبون دروبها و يتندرون فيما بينهم بنكت تسخر من انكسارت الناس و تآيل الجدران و حصر توقف الزمن في نقاط عبورهم و مرآى شرفات الفنادق الفخمة المطلون منها و هم يحتسون أفخر الشراب و يتنعمون بألذ الاطباق

    و هي قصة خلاقة و موفقة و رائعة تقول الكثير
    الاستاذة سعيدة الرغوي
    اسمحي لي على قرائتها هكذا و مكوثي برواق تتكاثف فيه الدهشة من إدهاش الكلمات
    تقديري لكم
    إذا لم توجه الناس سبل السلامة ... فلا توضح لهم سبل المهالك

    تعليق

    • رقية عبد الرحمن
      أديب وكاتب
      • 07-02-2016
      • 145

      #3
      لقطة مفصلة
      تصوير دقيق للمدن العتيقة في بلادنا العربية
      وادخلت احاسيس( حمو ) في قراءة تعابيره
      لتجعليه وجها من وجوه الانكسارات العديدة
      التي اصيب بها المواطن البسيط
      ممتع النص
      امتناني استاذة سعيدة الرغوي

      تعليق

      يعمل...
      X