( نص عابر للأجناس الأدبية)
تحت شال الغرام جمعنا الحب والمطر وأشياء أخرى
كم هاجست البحر وهاجسني وناجيته وناجاني , القمر قنديل يبثنا همسه الساحر
كم لمستُ قلب البحر الدافء وهو يُسري بحديثه إلي .. وجهه ذاك , أغنية سعيدة تدشن العالم بثوب من فرح , كلما أطل على المساء .
هذا المساء يتقافز بيننا كحلم اسطورة إغريقية , كنت أعلم أن ل الليل سطوة في البوح بين الأحبة , لكن لم يكن بحسبان القصيدة لهذه الليلة الرائعة أن تنفتح الأبواب القديمة كلها دفعة واحدة
وكأن العناق الذي كان بين روحينا , قبل قليل ما هو ألا انعتاق جامح على غير توقع لدفق مد عميق جداً يجتاحنا بغتة , أضاحكه وقلبي متعرق بالشوق لسماع أناغيمه وهو شراع يسافر في المدى .
ـ لا عليك أيها البدر كن ما تشاء , فأن قلبي شاء أن تكون ما يشاء
ـ ومن قال لكِ أنكِ , لستِ ذاكَ النبضُ الذي يختصرني داخله بقبلة وبعض حروف تسرق الطفل داخلي , لقلب الطفلة داخلكِ
كان الحديث كرقص الجمان , يدفق على شواطىء الليل يفتح الأبواب الساحرة للكون في قلب البحر و قلبك يحضرني بكل أحاديثه الأرجوانية , وما زال يخطفني من الكون بأسره
ـ تمتد فيوضاته الداخلية فجأة , بعد سريان طويل بالبوح اللذيذ بيننا.. وأنا أتطلع في عينيه أرقب تقافز النجوم
موجة من رعشة باردة من ذكريات داهمتني , أجتاحت البحر وأوقدت بركانا هادئاً لحديث آخر
وقفت على رؤوس أطاريفها حواسي تستمع من منحى آخر
ـ كان الليل بهيجاً كأسطورة
ووجه ملائكي أبيض كبدر سعيد
و فستان العرس أبيض أبيض كعرس ثلج
وعينان سكنتها زرقة أقيانس
وكم كان الحب بينمها نشواناً , كرقصة صيف استوائي على الشواطىء البكر
بينما هو كان قلبه يتقافز , ينتعل الفرح وينسى من خلفه عيون الكون , أخيراً بعد كل المعارضين جمعهم حلم الزوجية , فهو الطير المهاجر للدراسة لبلدها , وهي النورسة الغريبة عن أهله
حلم وثب لأرض الواقع بعد عناء طوبل
كان قلبه كمدينة اسطورية , تحتفل على شواطىء برازيلية ذات كرنفال
لكن هذه الليلة بدل أن تكون جزء من هذه المدينة السعيدة , ألم بحبيبته
ما لم يكن بالحسبان , راحت أيدي الألم تعتصرها كقطعة غسيل صغيرة لم تبقي في جوفها رحيق , استفرغت واستفرغت حتى استفرغت عشبة كبدها .. وراحت تعتذر لعريسها , وكأنها المسؤولة عن العاصفة التي أوقعتها فريسة المرض فجأة
بينما هو كان يلتهمه الألم بجنون .. لماذا تحولت هذه الليلة البيضاء لكابوس
ـ وبعد
لم يفلح الأطباء بحصد الألم من جسدها الرقيق , ولم يفلح السفر لمدن كثيرة بأبعاد وحشية المرض
وراح المرض يلتهمها ساعة بعد ساعة
ـ وأنا استمع إليه وقلبه ينهمر ألما , وقلبي يتصدع على ذاك النورس البعيد وعروس غدرتها يد سوداء, كأنه رأني وأنا على شراشف الموت منذ سنين غدت . غير معقول هو يحكي قصة من فينا أي صدفة هذه يا حياة ؟!
لماذا تصر الحياة أحياناً أن تصفعنا بالخيبة في قمة الفرح ؟!
دمعي المتساكب لم يفتح لي بابا للخروج من الوجع , وخيوط الحديث تتساقط على قلبي كالجمر
ألمٌ ينفتح على ألم , ولا قلب يسند النورسين في ليلة العمر الأغلى .. يبتلعني الدهش كنقطة في فراغ عميق
الخيبة المتلاطمة .. هي أن أن تتخطى كل السدود وتصل الحبيب وحين تصل , يصفعك القدر في منتصف ناصيتك , بأن يكسر حلمك على صخرة الألم وأنت تنظر بعين الدهش , أي وجع هذا
أنه احتراق شقي يلسع الروح بالتوالي . وأنت الذي كنت تظن أن اللحظة ستكون خرافية
ـ وبعد يا حب
ـ كانت تلك النورسة تعشق المطر , في المشوار , توقف السيارة وتنزل تداعب حبات المطر رقصاً .
ألم تعرف أن المطر للبعض هو فضاء يهبنا جنون التعقل , فضاء تعقل يهبنا تعقل الجنون . يد ندية تفصلنا عن هرطقة الكون
لنرى روعة الروح العظمى .. سؤال ينطرح في أروقتي البعيدة عمن تتحدث أنت ؟!
أو تدري يا عبق الجنون
ما زلت لا أفهم , كيف وقف بيننا قوس قزح منشداً و تفرقنا كيف عقدتك على قلبي , ولم نغرق إلا في السماء السابعة , كيف قطفنا عناقيد العمر و لم نلتقي إلا في اللامكان واللازمان
أعلم كما تلك الفراشه سحرته , كم كان يقبل ذاك الخال البهي بين الحمائم البيضاء التي تعتلي قمة الحلم
ـ نعم . كم فعلّتُ.. أقصد . هو كم فعلَ
ـ أأخبرُكَ شيئاً ؟!..أحياناً كلما نظرت لذاك الخال في صدرها , تذكرت ذاك النهر الذي كان يغسلها بالجنون القاتل .. تتذكر وتتنهد وتبتسم .
هناك خال ثاني على ظهرها .. أليس كذلك ؟!
ـ كم كانت تحب أن يحضنها من الخلف أحياناً , حين كان يحضر فجأة .. فقط لأن هذا الحضن كان يشعرها . بأنه أروع ظهر يحميها من عواصف المجهول , وأن غمرتها وجها لوجه , كانت تكتفي بذاك من الكون
ـ وكأنك كنت معهم ؟!
ـ بل أراهم الآن لا تسألني كيف .. الصور تمر من أمامي ولا أعرف كيف
ـ ألم تحضى بالشفاء ؟!
ـ لم يستطع كل الأطباء من اجتثاث الألم من جسدها الغض , فأشاروا عليه أهلها بكاهن طيب في منطقة بعيدة عن المدينة
حين تضيق سبل الطب أحيانا , يبحث الأهل والأحبة عن أي جهة تجلب الشفاء , أي أمل يبذر في الوقت السعادة
كان مستعد لعمل أي شيء لتحضى بالشفاء , وكانت تريد لفرحها أن يكتمل ..
سحائب سوداء من الألم , كانت تثقل روحها بشدة وروحه معها
ووصلوا الكاهن .
ـ كان الكاهن منتهى الطيبة .
بينما هو كان كإله إغريقي يتكهن المسافات , يتكهن الفجر القادم ويهجس بما في صدر الكاهن , كل اللوحات داخله كانت متناثرة على المدى تداخلت فيها المساحات فيما بين بعضها , واللوحة الأغلى , انسكب عبثا فوقها اللون الأحمر , صارخاً بأن كل شيء صار في خطر , بينما اللون الأسود , كان ينثال على ستائر شرفات القلب , بينما الحلم الوردي راح يتعثر بخيبة الواقع على أرصفة الأماني
أي ضباب بارد جداً هذا الذي أعدم رؤية طريق الفرح
ـ هي الحياة ياحبيبي تداهمنا من حيث لا ندري
بينما عيناه راحت تنظر لعيني الكاهن كان في داخله ألف سؤال ..
نظر الكاهن الطيب إليه , بعيون فيها من الحيرة , بقدر ما فيها من اليقين بصوت تملؤه الطيبة
قال له .. لتعيدها لسيارة المرسيدس السوداء , التي في الخارج ولتبقى أنتَ هنا .. لي معك بضع كلمات
وكأن كلماته التي تسبق الكلمات , كانت حبلا طويلا من القلق يلفها ويلف عريسها
كانت اللحظات تمر ببطىء ثقيل قبيل أن يتكلم
فراح يتكلم بتأني ولطف شديد
فأخبره بالكثير الكثير عنهما الأثنين , وقال له لن تستمروا بالزواج ستنفصلوا , قد أذى جوفها سحر هناك من كاد لها
ربما دراستهم العلمية كليهما لم تقر بما سمعوا , وربما أقرت .. لكن مع عجز الطب كانت هذه القصة تبدو كحقيقة , هو لم يكن يؤمن بتلك الأشياء , لكن هذا ما جرى معه ..
الطب عجز عن إيجاد مخرج لحالتها , التي راحت تسوء وتسوء ساعة بعد ساعة
ـ كنت أستمع لكلماته بينما كنت أرى من فعل ذلك , راحت الصور تتزحلق بتتابع على خيط أمامي .. كانت قريبتها , شكلها يرتسم أمامي بشعرها الأسود , وصور الجميع تمر أمام عينيَّ لا أعرف كيف , وفنجان قهوة سكب به قليل جدا جدا من سم وشيء آخر وغجرية رتبت الموضوع , وخاتم بيع ليدفع أجراً للعمل وبيت بسيط فيه تلك القريبة .. هل أنا أحلم في اليقظة أم هي يقظة في حلم .. أم ليس هذا ولا ذاك ؟
أي ألم هذا فتح أبوابه
لماذا لا يغادرنا الألم مع الأيام , حتى حين نشفى منه تظل الذكريات تنهش بقلوبنا حين تحضر , ربما الحاضر قد يشغل النفس , لكن الأنا الداخلية تطوف للأعلى كلما وجدت الأبواب , مواربة
ونعود نحن حافين من النسيان ننتعل ألم قديم . يلفحنا ببرودة بليدة
ـ أشعر به , يلفه صمت ثقيل وكأنه ينتقل لتلك السنوات البعيدة
أتعلم حين قبلتكَ روحي هذا المساء قبل قليل , لم أشم عبقك الساحر كالعادة , كنت أعلم أن روحك مشغولة بمكان آخر .. تحدثني نفسي لماذا علينا
أن نلتهم أحجية ألم قديم حتى بعد ردح من الزمن , هي ذاكرتنا التي تحتفظ بندبة الجرح
وبعد ماذا جرى لهما أكمل
استمرت حالتها تسوء يوما بعد يوم . والطب عجز عن شفائها وكذلك السفر لتغير وهن النفوس .. لم تكن نفسها متعبة , بل كانت روحها كذلك وكل جزء من كيانها
كانت تكثر من الأعتذار , وتقول سامحني ليس بيدي ما صار سامحني
لا يوجد ما أسامحها عليه بل كنت أتألم من أجلها بشدة بشدة ...
حاولت كثيرا التخفيف عنها بالحب والوقوف لجانبها في محنتنا , لكن لم ينفع كل ذلك فذات يوم على سهوة
طلبت شيئا لم أتوقعه ..
كنت أتلمس قلبها فأجده مسفوحاً بالحزن البارد جداً , لا عجب فالألم يلويه منذ دخلنا بيت الزوجية . وعينيها شاردتين في غابات من الثلج والنار الصامتة
بينما قلبي , كان أشبه بصخرة تتفتتُ تحت عوامل الخيبة , التي لوت قلبي عليها وعلي وعلى حبنا الكبير , وما بيدي أمر أستطيعه من أجلها ألا وفعلته لكن محاولاتي كلها طارت أدراج الريح
أسوأ الألم أن ترى قلبك يتفت أمامك , كرماد حطب حار يتفت بين يديك , وأنت تصهل في صحراء خاوية تبحث عن طريق لبئر ولا معين ..
هكذا فجأة
طلبت .. الطلاق وبقوة كانت عيناها تائهتين كأغنية حزينة تتبعثر في ليلة سريالية الحزن , أما روحي فكنت أراها كقارب تائه في شرود بحر غريب
أكتسحتني اللحظة , أشبه بأنهيار جبل ثلجي
قالت ..لتعش هانئاً ,وليكن لديك أسرة سامحني لن أستطيع أن أهبك حياة سعيدة جسدي يتداعى .
كم كانت تطلب المسامحة , على شيء ليس لها ولا له يد فيه .
ـ ولماذا طاوعها ؟!
ـ حاول كثيراً لكنها أصرت على الطلاق , فحالها تردى جدا , ذوت كتفاحة ألتهمتها حرارة الصحراء , و راح الألم يلتهمهما معاً . فكل محاولاته لتشفى كانت عبث , وهي أصرت بقوة على موقفها
ما أصعب أن تنام على الألم , وتصحو وروحك طافحة به على من تحب , أن تكتشف بأن أحلامك فجأة سرقتها الريح , بينما أنت تقف على حافة هاوية , وبعد ساعات شئت أو أبيت سوف تتدحرج .
أربط الجأش يا صديقي وأطلب العون من السماء .. فقد حانت اللحظة , وأطفأت قنادل النهار , والسعادة باتت أمنية يتامى على أبواب المحال .
أصرت على طلبها بشكل عجيب
بعد ستة أشهر تم الطلاق , وأوصلها لبيت أهلها بسيارته , وقلبه يتداعى حزناً على وصل إليه الحب الكبير
ـ هذا كثير جدا علي بهذه الليلة بعد طول غيابك عني , قلبي جمرة تشتعل وعيناي كقدح النار
هاتي روحك أشمها فلدي همس قديم .
ـ الحياة تكرر نفسها معنا شئنا أم أبينا , فقط لتخبرنا بطريقة أخرى بأنها قادرة علينا كيفما تحب
قد رأيت صورته وهو يجلس خلفها في الدرس
فما زالت اللحظات محلقة والصور تسير الهوينى أمامي ..
كان يجلس خلفها في الدروس العملية , ليستنشق رائحة شعرها السابحة إليه مع ذرات الهواء
أتساءل بيني وبيني , أي حب صارخ هذا , أنتهى هذه النهاية لماذا تقسو علينا الحياة , في حين نأمل أن تربت علينا بالحنان .. الحكاية تعاد أمامي بطريقة أخرى
ـ نعم .. كان شعرها جميلاً للغاية كشعركِ بشكله ولونه تماماً
أي تداخل للخطوط والألوان والكلمات , ذاك الذي أشرع ذاته واسعاً استمع إليه بشغف .. يهمني جدا أن أراه سعيداً
ـ كانت اللحظات حينها , أشبه بالجنون اللذيذ يداعب هامات الروح , منطلاقاً عبر الفضاءات الرحيبة
يُكمل .. وذات مرة في الجامعة أثناء الدرس , ضحّكَتْ وسألتهُ , لماذا تجلس خلفي ؟! فأخبرها لأن رائحة شعرها طاغية تغزو قلبه بقوة
في الحب .. كل شيء فينا يغدو , رهيفاً , شفيفاً .. محلقاً كضوء يخترق جنح الكون برقة طاغية
دون أن ندري , في الحب تصير حواسنا مجسات شفافة , تلحق بمن نحب
فقوة الاستشعار بمن يسكننا , تتضاعف عشرات المرات نعم
كان بين الفينة والفينة يقول لها أقتربِي أثناء الدرس ليشم عطر شعرها , فتقترب ضاحكة بهدوء بجسدها الرشيق , بينما تعلو وجهها الملائكي سعادة خجولة , تقترب بسرعة على كرسي الدرس المدولب فيشم رائحة شعرها الناعم , وتعود لطاولتها ضاحكة بهدوء .. كانا أشبه بريشتين محلقتين
ومن لحظتها راحت تغير ألوان شعرها الكستناوي , وتسريحته جاءها سهم كيوبيد , فيما قلبه كان متيماً دون أن يدري , لم يكن يعلم أن رائحة شعرها , كرائحة كيانها كله راحت تستعمره بشراسة , وتتوغل قلبه كطوفان شهي وتجتاز كل حصونه
ـ أراهما دون أن تخبرني عنهما بدقة , شئياً ما لا أفهمه كيف تتداعى أمامي الصور , وقلبي يتداعى بحزن شديد , القصة نفسها بشكل آخر حدثت بمكان آخر .. استمع بحب
ـ وبعد ماذا حدث ؟!
ـ لم يحتمل قلبها البقاء معه في نفس المكان , فتركت البلاد كلها
وهاجرت .. ولم تتزوج حسب علمه و لا يعلم كيف صارت حياتها العاطفية , كانت رقيقة كرشة عطر , وعاطفية كقلب زهرة إذ داعبها الندى امتزجت به , وإذ لفحها بعض الهواء الساخن أوجع روحها
هي الآن أستاذ مساعد في كلية الطب
كانت حين تأتي لزيارة أهلها في بلدها , تذهب للمدرسة لتقبل أطفاله على باب المدرسة وتحمل لهم بعض الشوكولا تحبباً , حتى آخر زياراتها كانت حين اخبرتك المرة السابقة حين جاءت للبلاد
لم تخبرني حينها إلا بالقليل .. والآن الصورة وضحت .
ـ قلبي يتفطر مما أسمع , أيها البحر عد لها .. عد لها من جديد
ـ ( صار لدي حياتي الخاصة والواسعة جداً , و مؤكد صار لها حياتها الخاصة )
القلوب تتقلب , لم يعد هو ذاك القلب الذي كان .. ( قل للزمن أرجع يا زمان ) تعوّدَ حياته بعدها وأحب فيها أشياء كثيرة هذه قصة صديقي
اللحظة الهاربة منا لا تسترد , واللحظة التي مرت بنا ورحلت لا تسترد , هي الذكريات حبيبي فقط من تبقى في قلوبنا , لنعش اللحظة دائما
ـ ولأني أعلم أنها لا تسترد , أؤمن بأن أحياها لمرة واحدة فقط
ـ أتعلم دائما أقول أن القدر وأن أخذ منا شيئاً , فهو سيهيأ لنا الأنسب بحياة أخرى , حاضرة أو قادمة , و رغم أني أرى أن الأنسب هو فقط في فراديسه فهو يعرف تماما ما نحن , الدنيا رحلة اختيار و اختبار في كل شيء .
قد عادني ذاك الحلم البهي القديم . كم كان راائعا وشفيفاً وغريدا كحفل من فرح . كنا كريشتين تحلقان في سماء مبذورة بالنجوم
أصمت لحظات .. أعود للحلم بيني وبين نفسي
الآن فهمت حلمي القديم , كنت قد أخبرتك عنه منذ سنوات ولم أخبرك عنه كاملاً , لكن الآن فهمت تفسيره جيداً .. ما زال في ذاكرتي نعم , كنا أنا وأنت سعيدين للغاية كوكبين من فرح يرقصان معاً , وكنا في حفلة رائعة , الجميع يرتدي ثياب أنيقة والسعادة تغمر الجميع , وأنا وأنتَ رحنا نرقص فأخذت الشال الذي على كتفيَّ , وغطيت به رأسينا وتابعنا الرقص بسعادة
ما زلت أذكر للآن الحلم , كنت ترتدي بذلة أنيقة سوداء وقميص أبيض وكنت حينها أنا بفستان بنفسجي من الساتان , وشال رهيف جدا من الشيفون على أكتافي .. فأخذت الشال وغطيت رأسينا وأنت مغرق بالسعادة وقبلتني . ونظرت في وجهي سعيدا مبتسماً ويداك تهزني من كتفي
وقلت .. أنت حبيبتي هل تعلمين ماذا ؟!! أنت حبيبتي . أنت حبيبتي وفقط , وطعم القبلة الثانية مازال يفوح أريجها ملأ الذاكرة .. فضحكت أنا سعيدة بك منتشية باللحظة منتشية بوجودنا معا بكل هذه السعادة , ويلفني الدهش أنا أعلم ما أخبرتني به لكن لماذا كنت تخبرني بهذه الطريقة القوية الإحساس لماذا هذا لتأكيد , وكأنك تنفي من داخلك أخرى في الوقت الحاضر .. و تابعنا الرقص .. ثم توقفت لحظة وأخرجت علبة لم أنتظر أن تهديني أياها ولم أتوقع .. لأنك أخرجتها لتريني ما بها .. في هذه اللحظة حضرني سؤال في الحلم , لماذا يحمل في جيبه عقد وأقراط زوجته التي كانت
.. هي ذكرياتنا الجميلة .. هي ذكرياتك الرائعة داخلكَ من عبقٍ كان ؟! .
من الصعب أن ننسى لحظاتنا الرائعة العميقة , من الصعب أن ننسى ألمنا الذي كان , حتى لو أحببنا مرة أخرى , ففي الغرف السرية للذاكرة نحتفظ بذاك الجزء , من حياتنا على شكل شريط سينمائي
حتى وأن لم نعد إليه , لكنه هو موجود بشكل من الأشكال
دائما أقول الحياة تهبنا الحب الكبير مرة واحدة , وفي المرة الثانية يكون منحة سماوية .. وفي الثالثة يكون الله معنا لطيفا رحيماً رحيم . الحياة بلا إنسان يملأ قلوبنا ويسكن أرواحنا , تصبح أشبه بفراغ مهوول , تصبح قلوبنا أشبه بقطعة معدنية , تعمل لتهب الحياة للجسد فقط
ـ أعلم أنه أنتَ , لقد رأيت كل ما حدثتني عنه , وما لم تحدثني عنه كانت الصور أشبه بفيلم يمر أمام ناظري
ـ ذاك الذي كان , أنتِ الآن حبيبتي هل تعلمين ماذا يعني ذاك ؟!
ثم كيف َ أحدثكِ بكل ذلك ؟!! .
ذاك الذي كان . كان يجب ألا أنفلت بالحديث , لست أعلم لماذا أنتِ من بين البشر الذي أحدثُه بكل شيء في أعماقي .. لماذا انثالُ أمامَكَ بكل شيء , هناك أشياءَ لا أحد يعرفُها ألا أنا , وأنثال بالحديث لك عنها وكأنني أحدث نفسي
كيف تتركينني أحدثُكِ بكل ذلك
ـ حبيبي .. أنت يارعشة الرفيف . أنا تجاوزت معك سماء الحب لسماء أعلى , أنا احتويتك بكل تفاصيلك , أحببتك بكل داخلك وخارجك , بكل ما حوته روحكَ . أخاف عليك من كل دفق كوني أستشعر فيه ما يمكن أن يضايقك . قلت لك ألف مرة روحي تزورك كل لحظة وتعود في البعد والقرب
أتعلم ؟! حتى لو نفسُكَ هَاجستك بما قد يؤذيكَ , أخاف عليك منها أنت لم تسرد قصتك لوحدك , هذا العالم غريب كم تشبهني يا أنتَ
وأنا استمعك كنت أراجع مع نفسي تفاصيلَ كم تشبه ما أسمع
ما زلت أقول عد لها أريدك سعيدا
ـ لا تكرري ذاك مجدداً فقد ذهب ما ذهب ( ألم أقل .. قل للزمان أرجع يا زمان ) تلك مرحلة مرت وتخطيتها بمراحل كثيرة للغاية .. أنت حبيبة عمري أتعلمين ماذا يعني ذاك انتظري لحظة
وضع لي أغنية رائعة .. وثانية وثالثة .. وضعت واحدة وثانية
ـ قلوبنا لا تبقى على حالها
ـ أنا أعلم أصلا . القلوب سميت قلوباً , لأن الله يقلبها كل حين فيتبدل ما فيها
ـ أخذني الحديث معك َ أنا كنت كمن يحدث نفسه .
ـ وأنا كنفسكَ ..
توأم الفجر .. داخلكَ كم يشبهني , وكأن الحياة أعادت ما فعلته معي بمكان آخر , فرقتنا حتى عادت وجمعتنا ذات قصيدة
ورغم ذاك أن كنت ترى سعادتك ... لا تكملي .. قلت أنت حبيبة عمري كله .
ـ أنت عمري الحلو الحلو كله
ـ انتظري لحظة .. لم أتوقع ما سيحضره الآن أو لماذا طلب الانتظار دقيقة .. تعالي شاهدي .. على شاشة اللاب توب أمامي فجأة تظهر رسائل أقرؤها .. أعرفها كلاماً قديما ً فيه بعض من فلسفة وفن .. يا ألهي أيعقل
أرى رسائلي الأولى إليه منذ سنوات , على شاشة اللاب توب , ما أشد دهشي هو أحتفظ بها كم احتفظت أنا برسائله . أحدنا لم يخبر الآخر بما يفعل .
وبعد هذا ماذا تقولين من أنتِ بالنسبة لي ؟! .
يهرب ُ مني الكلام وكل الأبجديات لم تعد تكفي . تعالَ اقترب أريد أن أقبلَ روحكَ
بل لي شأن كبير معكِ من فترة أشُعرها قرناً , لم أتبعثرْ على مياسم الزهر . في داخلي الكثير الكثير لأقوله لحبيبتي
في داخلي حكايا بلون النجوم تتواثب على يسارك , تسمع نبضك
ـ أيضاً
تعالي سنضع أغنية أخرى , سنذهب لمنحى آخر من الحديث . تعالي أريد أن أحدثكَ هذه المرة عن أسرار اللوز وأسرار المجاز في الحاضر . يحكى أن ..
وأضيع من جديد في زمرد الحكايا وأجنحة الأحلام , مع طائر النور الكنعاني .
سر الهوينى وأنت تمر جانبي فوق السطور
فغمامتك عطرك الرهام تبعثر من قلمي الحروف .. وتبعثرني )) .
تعليق