للخبز طعم آخر - بقلم الكاتب محمد الفاضل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الفاضل
    أديب وكاتب
    • 21-12-2011
    • 208

    للخبز طعم آخر - بقلم الكاتب محمد الفاضل





    للخبز طعم اَخر – محمد الفاضل

    تحلق أفراد الأسرة حول أعواد الحطب المشتعلة وهم يرقبون مشهد الشرارات المتطايرة والأدخنة المنبعثة من موقد قديم في ذلك المساء البارد ، مساءات كانون لها طعم خاص وطقوس أثيرة على نفوس أبناء تلك المدينة الوادعة التي تغفو على ضفاف نهر العاصي.
    سكون مطبق يخنق الروح ، لم يكسر وتيرته سوى زفرات الأم وهي تتنهد بحرقة وتغالب دموعها التي تزاحمت في مقلتيها وبدأت تنساب بغزارة مثل نبع حزين على وجنتيها التي علاها الشحوب ، وبدأ الهم يظهر جلياً على محياها برغم شبابها !
    حاولت جاهدة أن تبدو قوية أمام أطفالها الأربعة فبعيد مقتل توأم روحها ورفيق دربها والمعيل الوحيد للأسرة أضحت الحياة تسير بتثاقل وإيقاع بطئ يغلب عليها الترقب والقلق من مصير مجهول .

    هدأت أصوات الانفجارات على غير عادتها وإن كان يسمع من بعيد أصوات طلقات متقطعة بين الفينة والأخرى ، حتى كفاح لم تعد تستهويه ألعاب أقرانه من أولاد الحي ، فجأة أحس بثقل المسؤولية وضغوط الحياة وشظف العيش فقد كست ملامحه علامات الصرامة والجدية.

    بدأت السماء ترعد مزمجرة وتعزف سمفونية حزينة من خلال قطرات المطر وهي ترتطم تباعاً بسطح المنزل القديم ، شعر بالبرودة تتسلل إلى كامل جسده النحيل فلم يجد سوى معطف والده القديم ليرد عنه البرد ، والذي أصبح رفيقه المفضل .في ذلك الصباح الذي لن يمحى من ذاكرة أهالي المدينة ،
    نهض كفاح مبكراً كعادته وهرع مسرعاً نحو أخيه الأصغر لتبدأ رحلة المعاناة ومشوار الحصول على لقمة العيش رغم تواجد القناصة ، وذلك بالوقوف أمام الفرن في طوابير قد تمتد بعيداً.

    تجمع أبناء الحي للحصول على ربطة خبز تسد جوعهم ، وفي تلك الأثناء تناهى إلى سمعهم صوت طائرة وهي تحوم فوق المكان ، فجأة سمع دوي انفجار هائل يصم الأذان ، هز المدينة بأكملها وتصاعدت أعمدة الدخان لتصل إلى عنان السماء ، انبعثت رائحة الدخان وشواء اَدمي.
    لوحة رهيبة ، الأشلاء المقطعة تنتشر في كل مكان وتغطي مساحة شاسعة ، الدماء تغطي أرضية الشارع والرصيف ، حاول كفاح أن يستوعب ماحدث فالمشهد يفوق الوصف ويتجاوز الخيال . لم يقو على الحركة ، استدار برأسه وهو يسمو فوق جراحه في محاولة للبحث عن أخيه الصغير وهومازال ممسكاً بربطة الخبز .
    هاله مارأى !!! على مقربة منه كان يرقد أخوه الأصغر والدماء تغطي وجهه الصغير ولم يبق منه سوى الجزء العلوي من جسده . في ذلك اليوم الدامي تناقل أبناء المدينة خبر ذلك الطفل الذي لم تفارق الابتسامة روحه البريئة وهو ممسك برغيف خبز أحمر!

    للخبز طعم اَخر – محمد الفاضل
    sigpic

    روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟
  • رقية عبد الرحمن
    أديب وكاتب
    • 07-02-2016
    • 145

    #2
    رسمت المشهد بدقة
    شديدة وبدأت بتصوير الموقد والشرارات
    التي تتطاير منه
    ثم انتقلت الى مشهد الام وقربت لنا الفكرة
    ان الاسرة تعيش تحت رحمة الحرب التي قد لاتكن اختارتها فقط اسرة تبحث عن دفئ
    غاب بغياب رب الاسرة
    واتى المشهد الاخير
    قاسيا ليكتمل النص
    بصمت رهيب
    اعجبني الربط الذي وظفته باشارة خفيفة بين شرارات الموقد والقذيفة
    نص جميل
    رغم كم الحزن
    ممتنة ياطيب

    تعليق

    • محمد الفاضل
      أديب وكاتب
      • 21-12-2011
      • 208

      #3
      شاكر حضوركم الجميل سيدتي
      تقبلي شكري العميق وتقديري
      باقات ورد وياسمين
      sigpic

      روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد الفاضل مشاهدة المشاركة
        https://www.youtube.com/watch?v=pk1oqnBBvGQ



        للخبز طعم اَخر – محمد الفاضل

        تحلق أفراد الأسرة حول أعواد الحطب المشتعلة وهم يرقبون مشهد الشرارات المتطايرة والأدخنة المنبعثة من موقد قديم في ذلك المساء البارد ، مساءات كانون لها طعم خاص وطقوس أثيرة على نفوس أبناء تلك المدينة الوادعة التي تغفو على ضفاف نهر العاصي.
        سكون مطبق يخنق الروح ، لم يكسر وتيرته سوى زفرات الأم وهي تتنهد بحرقة وتغالب دموعها التي تزاحمت في مقلتيها وبدأت تنساب بغزارة مثل نبع حزين على وجنتيها التي علاها الشحوب ، وبدأ الهم يظهر جلياً على محياها برغم شبابها !
        حاولت جاهدة أن تبدو قوية أمام أطفالها الأربعة فبعيد مقتل توأم روحها ورفيق دربها والمعيل الوحيد للأسرة أضحت الحياة تسير بتثاقل وإيقاع بطئ يغلب عليها الترقب والقلق من مصير مجهول .

        هدأت أصوات الانفجارات على غير عادتها وإن كان يسمع من بعيد أصوات طلقات متقطعة بين الفينة والأخرى ، حتى كفاح لم تعد تستهويه ألعاب أقرانه من أولاد الحي ، فجأة أحس بثقل المسؤولية وضغوط الحياة وشظف العيش فقد كست ملامحه علامات الصرامة والجدية.

        بدأت السماء ترعد مزمجرة وتعزف سمفونية حزينة من خلال قطرات المطر وهي ترتطم تباعاً بسطح المنزل القديم ، شعر بالبرودة تتسلل إلى كامل جسده النحيل فلم يجد سوى معطف والده القديم ليرد عنه البرد ، والذي أصبح رفيقه المفضل .في ذلك الصباح الذي لن يمحى من ذاكرة أهالي المدينة ،
        نهض كفاح مبكراً كعادته وهرع مسرعاً نحو أخيه الأصغر لتبدأ رحلة المعاناة ومشوار الحصول على لقمة العيش رغم تواجد القناصة ، وذلك بالوقوف أمام الفرن في طوابير قد تمتد بعيداً.

        تجمع أبناء الحي للحصول على ربطة خبز تسد جوعهم ، وفي تلك الأثناء تناهى إلى سمعهم صوت طائرة وهي تحوم فوق المكان ، فجأة سمع دوي انفجار هائل يصم الأذان ، هز المدينة بأكملها وتصاعدت أعمدة الدخان لتصل إلى عنان السماء ، انبعثت رائحة الدخان وشواء اَدمي.
        لوحة رهيبة ، الأشلاء المقطعة تنتشر في كل مكان وتغطي مساحة شاسعة ، الدماء تغطي أرضية الشارع والرصيف ، حاول كفاح أن يستوعب ماحدث فالمشهد يفوق الوصف ويتجاوز الخيال . لم يقو على الحركة ، استدار برأسه وهو يسمو فوق جراحه في محاولة للبحث عن أخيه الصغير وهومازال ممسكاً بربطة الخبز .
        هاله مارأى !!! على مقربة منه كان يرقد أخوه الأصغر والدماء تغطي وجهه الصغير ولم يبق منه سوى الجزء العلوي من جسده . في ذلك اليوم الدامي تناقل أبناء المدينة خبر ذلك الطفل الذي لم تفارق الابتسامة روحه البريئة وهو ممسك برغيف خبز أحمر!

        للخبز طعم اَخر – محمد الفاضل
        أنا رأيت تلك الصورة
        عنونتها
        الرغيف المعمد بالدم
        نصوصنا تغص بالدماء هكذا كتب علينا
        لكني سأناقشك بالأمور الفنية للنص عزيزي
        تمنيت لو أنك بدأت النص
        في ذاك الشاء البارد ..هي جملة بنصك لكني رأيت تقديمها أفضل ليعطي القاريء فسحة كبيرة ودسمة للتخيل خاصة أننا بموسم الشتاء ثم تكمل
        يمكنك تكثيف النص بالاستغناء عن كلمات صدقني لن تؤثر على المشهد بالعكس فكلمة ( مشهد ) الشرارات تحذف وتبقى الشرارات هي التي تحكي
        مؤكد هذا مثال وهناك كثير
        صدقني أحببت النص لهذا اهتممت بتفاصيله الفنية
        محبتي وسلامي لأهلي بسورية الحبيبة
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • محمد الفاضل
          أديب وكاتب
          • 21-12-2011
          • 208

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          أنا رأيت تلك الصورة
          عنونتها
          الرغيف المعمد بالدم
          نصوصنا تغص بالدماء هكذا كتب علينا
          لكني سأناقشك بالأمور الفنية للنص عزيزي
          تمنيت لو أنك بدأت النص
          في ذاك الشاء البارد ..هي جملة بنصك لكني رأيت تقديمها أفضل ليعطي القاريء فسحة كبيرة ودسمة للتخيل خاصة أننا بموسم الشتاء ثم تكمل
          يمكنك تكثيف النص بالاستغناء عن كلمات صدقني لن تؤثر على المشهد بالعكس فكلمة ( مشهد ) الشرارات تحذف وتبقى الشرارات هي التي تحكي
          مؤكد هذا مثال وهناك كثير
          صدقني أحببت النص لهذا اهتممت بتفاصيله الفنية
          محبتي وسلامي لأهلي بسورية الحبيبة
          شاكر حضورك العذب سيدتي وماتفضلت به من ملاحظات موضع تقدير واعتزاز
          ودي مع باقة ياسمين لنبل مشاعرك
          sigpic

          روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

          تعليق

          يعمل...
          X