وطن كقبر منسي
وتعالت الأصوات :
" ! الله أكبر "
" ! الله أكبر "
" ! الله أكبر "
وكانت كافية ، لتؤذن بالولوج إلى واقعٍ جديد ، بعدما تجلّت أسوار المقبرة ، ليعود إلى حاضره من زمن ولّى ، قطع منه المشوار الأهم :
حيث كان طفلاً يحدو به الطموحُ ، إلى اللّحظة التي أفاق فيها على التكبيرات التي تعوّد عليها من خلال الزيارات التي تقوده إلى المكان الذي هو فيه ، والذي انتهى به ليضمحل الأمل ، وفيه تبلى السرائر ، ويتولّد منه الإحساس بدنو الأجل ، و لتبدأ المعاناة من جديد !
لكن المسكين كمثلها ؛ غائبة عن الوعي ، تودّع الدنيا ، تودّعها للمرّة الأولى والأخيرة ، وبعد مختصر العمر وموجز من السنوات القليلة لتقوم بدورها مثلما فعل :
عندما أعلن توبته مطلع الألفية التعيسة ، عند أعتاب التسعينيات ، وحتى لا يعود إلى معاصي كان يقترفها ، وفضّل الابتعاد عن الدوائر الرسمية المشبوهة ، فكان مصيره الهلاك ؟
عندما أعلن توبته مطلع الألفية التعيسة ، عند أعتاب التسعينيات ، وحتى لا يعود إلى معاصي كان يقترفها ، وفضّل الابتعاد عن الدوائر الرسمية المشبوهة ، فكان مصيره الهلاك ؟
غريب أمر هذه الدنيا ؟
كان ذلك بسبب تعنّته ووقوفه في وجه الأوامر التي تصدر من فوقه ، ليطغى أصحابها ، أولئك الذين عرفوا كيف يحطّمون مصيره بمجرّد قرار !؟
لم يكن بمنأى عن الظروف التي عرفها العالم خلال هذه الفترة من الزمن ، كتلك التي هزّت كيان بلد المليون شهيد ، وفجّرت الأوضاع ، كم كانت تلك الفترة المشؤومة صعبة عليه :
عندما تهاوي المشرق ليدنو من الغرب إجلالاً وتعظيمًا ، وتناحرت الإيديولوجيات ، وركب كل من هب ودب !؟
عندها تغاضى الفكر الحر عن الإبادات الجماعية بسبب العقيدة والانتماء ، وصار الرأي مسيّس !؟
عندما انتشرت الآفات بصورة فظيعة لتغمر الأرض وتنتهك العرض ، وتفشّى الفقر وانتشر الوباء ، من جرّاء التعسّف والتطرّف والاحتكار ، لتنزل كلعنة السماء فتقع على رؤوس الأبرياء!؟
فخرج العامّة عن جادّة الصواب !
عندما تهاوي المشرق ليدنو من الغرب إجلالاً وتعظيمًا ، وتناحرت الإيديولوجيات ، وركب كل من هب ودب !؟
عندها تغاضى الفكر الحر عن الإبادات الجماعية بسبب العقيدة والانتماء ، وصار الرأي مسيّس !؟
عندما انتشرت الآفات بصورة فظيعة لتغمر الأرض وتنتهك العرض ، وتفشّى الفقر وانتشر الوباء ، من جرّاء التعسّف والتطرّف والاحتكار ، لتنزل كلعنة السماء فتقع على رؤوس الأبرياء!؟
فخرج العامّة عن جادّة الصواب !
الشعوب التي لا تؤمن بالاستقلال ولم تجده مجسّدًا من على أرض الواقع ، ترى بأنّها لم تتحرّر من التبعية أبدًا ، وأنه ضُحِك عليها ، ونُهِبت ، وأضحت لا تمتلك إرادة ولا خيارًا يبقي حظوظها في العيش الكريم ، فصرخ من صرخ من أمّة المليار : " الله أكبر " !
وحدث ما حدث , وبينما راح البعض يساند الأنظمة الفاشلة ، ويروّج لها ، فضّل البعض الآخر الانتحار على شموخ الجبال ، فتغير وجه الدنيا من كثرة الاغتيالات وسقوط الكثير من الأبرياء ، وبعض الأسماء لشخصيات سياسية ودينية ، وقامات كبيرة في الفن والفكر والأدب ، وأخرى غير معروفة دفعت ثمن تجاهلها ؟؟؟
اختلط الحابل بالنابل ، وبرزت وجوه جديدة غيّرت من ملامح الحياة ، وأضيفت مصطلحات ( ما أنزل الله بها من سلطان ) إلى قواميس السياسة والاقتصاد ، لم يعهدها الشعب قط ، وخطّط لها النظام ، واستغلّها في المراوغة و التنكيل بالأفراد ، وتسلّل الانتهازيون إلى المشهد ، واستباحوا القوانين والنصوص ، واستحوذوا على جميع السلطات ؟!
اختلط الحابل بالنابل ، وبرزت وجوه جديدة غيّرت من ملامح الحياة ، وأضيفت مصطلحات ( ما أنزل الله بها من سلطان ) إلى قواميس السياسة والاقتصاد ، لم يعهدها الشعب قط ، وخطّط لها النظام ، واستغلّها في المراوغة و التنكيل بالأفراد ، وتسلّل الانتهازيون إلى المشهد ، واستباحوا القوانين والنصوص ، واستحوذوا على جميع السلطات ؟!
كم كانت تلك الظروف مؤرّقة !
و التي تخلّت فيها الدولة عن دورها الأخلاقي ، وراح أرباب السلطة يعبثون بالشعب وبمقدراته ، فكثر القتل والنهب ، وانتهكت الحرمات ، وعمّت الفوضى واستشرى الفساد ، وذاك ما كان ينشده أصحاب المناصب من أمثاله ، ممّن رسموا حدودًا تفقد الآخرين كرامتهم ، وجعلوا من الوطن صنمًا كبيرًا يُعبد ويركّع له الأحرار ، وقبرًا منسيًّا تغبر وتغبن فيه جميع الحقائق ؟
- عندما تمّ تعيينه على رأس هيئة رسمية ، و بدون مشاورته ؟
- عندما رفض بدايةً ، لينصاع بعدها كالخروف لأوامر غيره ؟
- عندما تقمّص مهمّة قذرة ، وكان يجهل الكثير من الأمور ، والتي لم تكن حينها على حالها ، وأن المصيبة ستضاف إلى سجّله الحافل بالهزائم ، كونه يسدّد ضريبة عن وقوفه إلي جانب الحق ، مع الأشقياء أمثاله ، من الذين تمّ توقيفهم عن العمل بسبب انتماءاتهم ، مفضّلاً التضحية ، بل الانتحار ، عن الرضوخ والإذعان ، ففقد ثقة من بيدهم السلطة والقرار ، وقرّر أولئك ا لمرتشون إدخاله السجن ليتخلّصوا من عناده ؟
لكنه لم يندم ولم يتراجع عن الموقف الذي اتخذه وتبنّاه ، بوقوفه ضد المحقرة ، وضد الظلم ، رغم العداء الذي ألفاه ، والجفاء الذي لمسه في البعض و ترك أثره في حياته ؛ كالعزلة التي ضربت عليه بنسجها ، وقد غدا منزويًا لا يرغب في أحدٍ ، حتى المقرّبين ، فانعكس ذلك على أفراد أسرته المغبونة ، ولم يبق سواهم رفيقًا ، أو الله مؤنسًا !
تعليق