وطن كقبر منسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    وطن كقبر منسي

    وطن كقبر منسي
    وتعالت الأصوات :
    " ! الله أكبر "
    " ! الله أكبر "
    وكانت كافية ، لتؤذن بالولوج إلى واقعٍ جديد ، بعدما تجلّت أسوار المقبرة ، ليعود إلى حاضره من زمن ولّى ، قطع منه المشوار الأهم :
    حيث كان طفلاً يحدو به الطموحُ ، إلى اللّحظة التي أفاق فيها على التكبيرات التي تعوّد عليها من خلال الزيارات التي تقوده إلى المكان الذي هو فيه ، والذي انتهى به ليضمحل الأمل ، وفيه تبلى السرائر ، ويتولّد منه الإحساس بدنو الأجل ، و لتبدأ المعاناة من جديد !
    لكن المسكين كمثلها ؛ غائبة عن الوعي ، تودّع الدنيا ، تودّعها للمرّة الأولى والأخيرة ، وبعد مختصر العمر وموجز من السنوات القليلة لتقوم بدورها مثلما فعل :
    عندما أعلن توبته مطلع الألفية التعيسة ، عند أعتاب التسعينيات ، وحتى لا يعود إلى معاصي كان يقترفها ، وفضّل الابتعاد عن الدوائر الرسمية المشبوهة ، فكان مصيره الهلاك ؟
    غريب أمر هذه الدنيا ؟
    كان ذلك بسبب تعنّته ووقوفه في وجه الأوامر التي تصدر من فوقه ، ليطغى أصحابها ، أولئك الذين عرفوا كيف يحطّمون مصيره بمجرّد قرار !؟
    لم يكن بمنأى عن الظروف التي عرفها العالم خلال هذه الفترة من الزمن ، كتلك التي هزّت كيان بلد المليون شهيد ، وفجّرت الأوضاع ، كم كانت تلك الفترة المشؤومة صعبة عليه :
    عندما تهاوي المشرق ليدنو من الغرب إجلالاً وتعظيمًا ، وتناحرت الإيديولوجيات ، وركب كل من هب ودب !؟
    عندها تغاضى الفكر الحر عن الإبادات الجماعية بسبب العقيدة والانتماء ، وصار الرأي مسيّس !؟
    عندما انتشرت الآفات بصورة فظيعة لتغمر الأرض وتنتهك العرض ، وتفشّى الفقر وانتشر الوباء ، من جرّاء التعسّف والتطرّف والاحتكار ، لتنزل كلعنة السماء فتقع على رؤوس الأبرياء!؟
    فخرج العامّة عن جادّة الصواب !
    الشعوب التي لا تؤمن بالاستقلال ولم تجده مجسّدًا من على أرض الواقع ، ترى بأنّها لم تتحرّر من التبعية أبدًا ، وأنه ضُحِك عليها ، ونُهِبت ، وأضحت لا تمتلك إرادة ولا خيارًا يبقي حظوظها في العيش الكريم ، فصرخ من صرخ من أمّة المليار : " الله أكبر " !
    وحدث ما حدث , وبينما راح البعض يساند الأنظمة الفاشلة ، ويروّج لها ، فضّل البعض الآخر الانتحار على شموخ الجبال ، فتغير وجه الدنيا من كثرة الاغتيالات وسقوط الكثير من الأبرياء ، وبعض الأسماء لشخصيات سياسية ودينية ، وقامات كبيرة في الفن والفكر والأدب ، وأخرى غير معروفة دفعت ثمن تجاهلها ؟؟؟
    اختلط الحابل بالنابل ، وبرزت وجوه جديدة غيّرت من ملامح الحياة ، وأضيفت مصطلحات ( ما أنزل الله بها من سلطان ) إلى قواميس السياسة والاقتصاد ، لم يعهدها الشعب قط ، وخطّط لها النظام ، واستغلّها في المراوغة و التنكيل بالأفراد ، وتسلّل الانتهازيون إلى المشهد ، واستباحوا القوانين والنصوص ، واستحوذوا على جميع السلطات ؟!
    كم كانت تلك الظروف مؤرّقة !
    و التي تخلّت فيها الدولة عن دورها الأخلاقي ، وراح أرباب السلطة يعبثون بالشعب وبمقدراته ، فكثر القتل والنهب ، وانتهكت الحرمات ، وعمّت الفوضى واستشرى الفساد ، وذاك ما كان ينشده أصحاب المناصب من أمثاله ، ممّن رسموا حدودًا تفقد الآخرين كرامتهم ، وجعلوا من الوطن صنمًا كبيرًا يُعبد ويركّع له الأحرار ، وقبرًا منسيًّا تغبر وتغبن فيه جميع الحقائق ؟
    لم يكن بمنأى عن هذه الظروف والتي أثّرت فيه وعانى منها الكثير ، إلى أن تقرّر مصيره :
    - عندما تمّ تعيينه على رأس هيئة رسمية ، و بدون مشاورته ؟
    - عندما رفض بدايةً ، لينصاع بعدها كالخروف لأوامر غيره ؟
    - عندما تقمّص مهمّة قذرة ، وكان يجهل الكثير من الأمور ، والتي لم تكن حينها على حالها ، وأن المصيبة ستضاف إلى سجّله الحافل بالهزائم ، كونه يسدّد ضريبة عن وقوفه إلي جانب الحق ، مع الأشقياء أمثاله ، من الذين تمّ توقيفهم عن العمل بسبب انتماءاتهم ، مفضّلاً التضحية ، بل الانتحار ، عن الرضوخ والإذعان ، ففقد ثقة من بيدهم السلطة والقرار ، وقرّر أولئك ا لمرتشون إدخاله السجن ليتخلّصوا من عناده ؟
    لكنه لم يندم ولم يتراجع عن الموقف الذي اتخذه وتبنّاه ، بوقوفه ضد المحقرة ، وضد الظلم ، رغم العداء الذي ألفاه ، والجفاء الذي لمسه في البعض و ترك أثره في حياته ؛ كالعزلة التي ضربت عليه بنسجها ، وقد غدا منزويًا لا يرغب في أحدٍ ، حتى المقرّبين ، فانعكس ذلك على أفراد أسرته المغبونة ، ولم يبق سواهم رفيقًا ، أو الله مؤنسًا !
    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 22-02-2016, 06:17.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • رقية عبد الرحمن
    أديب وكاتب
    • 07-02-2016
    • 145

    #2
    قرأت نصك مرتين
    ووجدته اقرب لمقالة تؤرخ زمن معين في بلد معين
    لأنك توسعت في شرح بعض الفواصل التي مر بها (آلوطن )
    النص في مجمله قوي بمفرداته
    اعجبتني القراءة لك
    ممتنة ياطيب

    تعليق

    • عبد الرحمن محمد الخضر
      أديب وكاتب
      • 25-10-2011
      • 260

      #3
      وجعلوا من الوطن صنمًا كبيرًا يُعبد ويركّع له الأحرار ، وقبرًا منسيًّا تغبر وتغبن فيه جميع الحقائق
      جملتين ظللت أبحث عن مقاربة لهما فوجدتهما بعد لأي هنا وهناك هنا .
      تلخيص في هذا الشكل المكتوب لحكاياتنا كلها منذ الاستقلال المسخ حتى الآن .
      صار الوطن هو الكارثة , كل شيئ من كرامة العربي تباح على فخذ هذا الوطن العاهر
      لا وطن لنا منذ الاستقلال , هذه مستعمرات قبل إنسانية , غاباوية التي يعيش فيها العربي .
      مايتعلق بالسرد قد ينتقد الكثير حضورك القوي هنا ولست مع ذلك .
      أنا مع حضور المؤلف وليس موته , علينا أن نذهب إلى هذه الوتيرة في السرد لنضمن حياة النصوص في واقع صار يتخيل باكثر مما تتخيل الكلمات .
      قلم قوي أحاثي يغوص وهذا هو القلم الذي سيبتكر الكتابة الأخرى
      مودتي

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        لاأدري لم أشعر أني قرأت النص سابقا
        امهم
        أن النص جاء تقريريا مقالاتيا أكثر من نصا أدبيا وليتك تعود له وتعمل عليه كي تنفحه سمة الأدب بالسردية اللجميلة
        أحببت اصراره وتمسكه وبقائه بين يدي الله فقد كانت نهاية موجبة
        تحياتي لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • مصباح فوزي رشيد
          يكتب
          • 08-06-2015
          • 1272

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة رقية عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
          قرأت نصك مرتين
          ووجدته اقرب لمقالة تؤرخ زمن معين في بلد معين
          لأنك توسعت في شرح بعض الفواصل التي مر بها (آلوطن )
          النص في مجمله قوي بمفرداته
          اعجبتني القراءة لك
          ممتنة ياطيب
          الأخت رقية
          لا أَضْحَى الله لنا ظِلَّكِ

          نعم أيّتها الفاضلة ينقص الكثير لأصير مميّزًا
          وهذه حالة المبتدئ
          يسعدني أنّكِ تقرئين لي
          كله من تواضعك
          أكون ممتنّا
          سعيدٌ أنا أيضًا بمرورك واهتمامك
          التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 12-03-2016, 16:32.
          لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

          تعليق

          • مصباح فوزي رشيد
            يكتب
            • 08-06-2015
            • 1272

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحمن محمد الخضر مشاهدة المشاركة
            وجعلوا من الوطن صنمًا كبيرًا يُعبد ويركّع له الأحرار ، وقبرًا منسيًّا تغبر وتغبن فيه جميع الحقائق
            جملتين ظللت أبحث عن مقاربة لهما فوجدتهما بعد لأي هنا وهناك هنا .
            تلخيص في هذا الشكل المكتوب لحكاياتنا كلها منذ الاستقلال المسخ حتى الآن .
            صار الوطن هو الكارثة , كل شيئ من كرامة العربي تباح على فخذ هذا الوطن العاهر
            لا وطن لنا منذ الاستقلال , هذه مستعمرات قبل إنسانية , غاباوية التي يعيش فيها العربي .
            مايتعلق بالسرد قد ينتقد الكثير حضورك القوي هنا ولست مع ذلك .
            أنا مع حضور المؤلف وليس موته , علينا أن نذهب إلى هذه الوتيرة في السرد لنضمن حياة النصوص في واقع صار يتخيل باكثر مما تتخيل الكلمات .
            قلم قوي أحاثي يغوص وهذا هو القلم الذي سيبتكر الكتابة الأخرى
            مودتي
            حبيبي
            أراك موجوعًا أنت الآخر
            فصبرًا جميلاً والله المستعان
            ليس لنا بديلاً عن الوطن الذي
            يزايد ليساومنا فيه البعض لكن لا يجدر ولا يحق لنا أن نهجره أو نكرهه

            فهو ملاذنا شئنا أم أبينا
            نعم هي صيحة وصرخة ألوذ بها هنا وهناك تبادلني الشعور
            أتشرّف كثيرًا بمرورك الكريم
            وبعباراتك الصادقة
            مودّتي وتقديري
            التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 12-03-2016, 16:46.
            لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

            تعليق

            • مصباح فوزي رشيد
              يكتب
              • 08-06-2015
              • 1272

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              لاأدري لم أشعر أني قرأت النص سابقا
              امهم
              أن النص جاء تقريريا مقالاتيا أكثر من نصا أدبيا وليتك تعود له وتعمل عليه كي تنفحه سمة الأدب بالسردية اللجميلة
              أحببت اصراره وتمسكه وبقائه بين يدي الله فقد كانت نهاية موجبة
              تحياتي لك
              نعم سيّدتي الفاضلة
              هو ذاك لا فض فوكِ وتربت يداكِ
              وما أشرت إليه يعبّر بقوّة عن مدى إخلاصك لنا و تفانيك
              ونحن على النهج نحاول بدورنا تجاوز كل العقبات
              كامل المودّة والتقدير
              التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 12-03-2016, 16:55.
              لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

              تعليق

              يعمل...
              X