خالتي " شويخة " : " لاصاص " و" الرنجاس "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصباح فوزي رشيد
    يكتب
    • 08-06-2015
    • 1272

    خالتي " شويخة " : " لاصاص " و" الرنجاس "

    خالتي " شويخة " : " لاصاص " و" الرنجاس "
    استشهد أبوه وتركه بين أحضان أمِّه " شويخة " ؛ أكبر خالات المرحومة ، الاسم الذي يحمل أكثر من معنى ولم يعد قادرًا على الصمود وصار مغيّبًا بغياب صاحبته :

    يا للجفاء !
    تلك المرأة الصالحة : ستدخل الجنّة بدون شك !

    كان يزورها عندما كان طفلاً رفقة الخال " مجيد " الذي يتقرّب اليها كثيرًا ، أكثر من أي أحدٍ من أخوته ، يجد في جلوسه والحوار معها عذوبة الاطمئنان وراحة البال ، فتهون مشاكل الدنيا أمامه ، وكم كانت بليغة تؤثّر في طبعه الحسّاس ، خالة المرحومة عَروب ، مضيافة ، تفتح لكل من يزورها من الأهل ، ولا تشترط شيئًا مقابل كرمها ولا تطلب مساعدة من أحد ، تستقبلهم ببشاشة عريضة ودائمة تنسي المآسي و ترسم الأمل ، تجود بما يسعد الخاطر وتكرم ضيفها من خلال ما تستطيع " صينيتها " المتواضعة التي تشبه الفسيفساء ، تحفظ ماء الوجه ، تحمّلها أكثر من اللزوم رغم كفاف العيش وضيق ذات اليد ، وتزيّنها بفناجين الرّخام " الفرفوري " المزركشة تحفّ بها إبريق الحليب أو القهوة ، حسبما تقتضي الظروف ، تتخلّلها ، وكالعادة ، أطباق تفتح الشهية كـ" الزريرة " أو " الطمّينة " المحلاّة بالعسل ، شعارها في ذلك : " الجيّد من الموجود" و " خذ راحتك " و " البيت بيتك " حتى تشعر بالسعادة ؛ والنفس تنفر بطبعها من التشدّق و التكلّف .
    ما فتئت تنخر المعاناة مما تبقى من الجسد الضعيف لتزيده نحافة حتى حنت الأيام ظهرها فشاخت قبل الأوان ، وقد يكون ذاك سبب تسميتها ، ولكثرة ما أنهكها حب الآخرين والتفاني في تقديم الواجب ، تستحق هي الأخرى لقب الشهيدة بعد أن حرمت من السعادة في بيتها الأول وطال صبرها ، بيد أنّها لم تتخلّى عن نضالها يومًا ولم تلتفت إلى أحدٍ .
    " رحمة الله عليك أيتها الخالة العفيفة الطاهرة وعلى الصابرات أمثالك ! "
    تجسّد الخالة " شويخة " النضال بأسمى معانيه ، لما عانت وقاست وصبرت على مر القضاء وحلوه ، واحتسبت على الله زوجًا مخلِصًا أحبته كثيرًا ، تخلّى عنها ليؤدِّي الواجب ويطهّر الدين والعقيدة من التنجيس ويحرّر الوطن من التدنيس ، راح ملبّيًا واستجاب للنِّداء وفضل الموت على العيش تحت أحذية البوط "الرنجاس " وأقدام العسكر !
    فحملت منه الزوجة المخلصة والأم الوفية مبادئ الوفاء والتضحية ، وغدت تقاوم ظروف الحياة الصعبة رغم زواجها الثاني ، ومن ابن عمّها الذي لا يقل عنها طيبة وتواضعًا ، لتصون نفسها وتعيش عفيفة معزّزة ، وتحت سقف كوخ هش بحي قديم ومهمّش اسمه : " لاصاص "
    لم تبخل الخالة على ابن عمّها بأولاد طيّبين مثلها صارعوا الحياة بدورهم حتى كبروا ، وصاروا رجالاً بعدها يُحسب لهم ألف حساب .
    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 26-02-2016, 05:52.
    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
  • أميمة محمد
    مشرف
    • 27-05-2015
    • 4960

    #2
    سردية جميلة شابها بعض التقطيع وزج التوثيق في الفصة
    كان يمكن أن تنتهي القصة مبكراً بنهاية فجائية رلكن القاص أحب أن ينقل لنا القصة كما رأها للمرأة ونضالها
    أمتعنا السرد وشكراً لهذا القلم الهادف..

    تعليق

    • مصباح فوزي رشيد
      يكتب
      • 08-06-2015
      • 1272

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
      سردية جميلة شابها بعض التقطيع وزج التوثيق في الفصة
      كان يمكن أن تنتهي القصة مبكراً بنهاية فجائية رلكن القاص أحب أن ينقل لنا القصة كما رأها للمرأة ونضالها
      أمتعنا السرد وشكراً لهذا القلم الهادف..
      كلُّه من كرمِكِ وبركة الخالة " شويخة " بطلة الأقصوصة المتواضعة التي لم يراعى فيها الأديب الكثير من الشروط كغياب الحبكة المثيرة وعنصر المفاجأة لتقترب الى لغة السرد الصحفي ويغيب عنصر التشويق

      لأنّه ببساطة ، بساطة الحياة التي عرفتها بطلتنا ، فالحكاية صادرة من قلب معاناة حقيقية عاشت وقائعها المرأة الجزائرية سنوات عديدة ، قبل وبعد الاحتلال ، والتي اغتصب الاحتلال منها حقّها في الحياة ، وراح ينظر اليها المجتمع الجزائري بعده نظرة قصور بل وعداء
      ورغم ذلك استطاع السرد العفوي المتواضع أن ينال إعجابكِ
      شكرًا على التوجيه الذي يرسم الطريق ويعبّر عن الجدّية في الاهتمام
      سأحاول التقيّد أكثر بالعناصر الأساسية للقصّة القصيرة بعد التدريب
      دمتِ ودام وفاؤكِ لنا
      التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 26-02-2016, 06:39.
      لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

      تعليق

      • بسباس عبدالرزاق
        أديب وكاتب
        • 01-09-2012
        • 2008

        #4
        القصة جميلة ولغتها عذبة شجية بها حميمية محببة

        ولكن صديقي اختلف معك في نقطة مهمة
        هنا الحدث غائب
        والدراما أيضا
        القصة ان تبني عالما جديدا تقتنصه من واقعك لتمرر رؤاك الخاصة
        وهذا ما يميز الكتاب

        فشويخة كانت فرصة نادرة لبناء فضاء قصصي خارق
        وليس مهما أن تكتب القصة مطابقة للواقع
        فشويخة ستكون لك للإتكاء للوصول لما تريد من متعة الفكر وفلسفة الحياة وقيمة انسانية

        أكتب لك وأنا اسمع نشيد:
        سلو جبل الجرف عن جيشنا.... يخبركم عن قوة جأشنا
        ويعلمكم عن مدى بطشنا... بجيش الزعانفة الآثمين

        فهل كانت مصادفة ان ألتقي شويخة مع قصيدة ترن في رأسي بقوة

        القصة تحتاجك صديقي
        خاصة وأنك تملك من اللغة ما يكفي ومن أدوات القص الكثير


        تقديري واحترامي
        السؤال مصباح عنيد
        لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

        تعليق

        • مصباح فوزي رشيد
          يكتب
          • 08-06-2015
          • 1272

          #5
          أخي عبد الرزاق !

          وشاحك الأبيض والأسود يزمّلني
          و حروف
          ه تدثّرني
          كهصيص ( الكحلة والبيضة )
          كأنّي أهضب في ( البابوية )
          أقول ببساطة ؛ رأي من " جلفت بداواته " : المرء ابن بيئته
          وعلى رأي الشاعر :
          عيون المها بين الرصافـة والجسـر **جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
          وقد سبق إقرارك بالنص المتجزئ ؛ فهل ترغب في التذكير ؟
          أتشرف بالنقد الذي عُنيت به
          يسعدني مرورك الكريم
          التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 27-02-2016, 06:23.
          لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

          تعليق

          يعمل...
          X