مقت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    مقت

    قد يبدو لكم أني لما رفعت يدي إلى أعلى عليين، وضممت قبضتي، ثم هويت بها على الطاولة، أنني كنت مستاء بل غاضبا من المشهد الاحتفالي الذي جرى أمامي عاريا من كل أخلاق، حين بدأ الرجل، في الساحة العمومية، وأمام أنظار متفرجين لم يحركوا ساكنا، بل ظلوا واقفين مشدودين إلى المشهد بعيون تحمل شهوة المشاركة، يضرب زوجته بكل قسوة، ويستخدم في ذلك اليد والرجل، واللسان، أما هي فقد ظلت متكورة على نفسها، ساكنة، لا تبدي مقاومة، تتلقى الضربات واللعنات بصبر غريب، كنت أسمع صدى الفعل يطن في أذني ويوقظ الغضب بداخلي كجمرة مشتعلة لا تريد انطفاء، إذ طفت على صفحة ذاكرتي، لحظة مقت أو غضب، أو ما شابه، انقذاف ما يختزنه فمي وحقارتي في الآن، ليلتصق بصفاقة على وجه من ظننتها حبيبتي. فقد اعتقدت، وكنت طرقت باب منزلها ولم تفتح لي، أنها كانت تخونني مع أستاذها الذي يساعدها في فهم دروس الرياضيات، كنوع من الدعم والتقوية، وكنت أظن أنها حيلة اقترفتها لتختلي به، كما كانت تقترف ذلك معي لتبعد عيون أبيها وتستفرد بي. فقد رأيته خارجا من المنزل وكأنه كان يرفع سرواله ويسوي حزامه، خيل إلى أنه كان قد انتهى من درسه الجنسي، ففار دمي، وحين غاب وأطلت علي بوجهها المحمر، زاد انفعالي، فقذفتها بما تراكم في فمي من لعاب، وانصرفت غير عابئ بدفاعها عن نفسها ولا بما خلفته في نفسها من ألم. آه من الألم!، يستبد بي الآن، ويطغى على كل شعور، شعرت بحقارتي وضآلتي، كيف أمكنني فعل ذلك؟، لم تأتي الوقائع لتحيي سفالتي؟ عشت أحمل عبء فداحة الفعل، وأتطهر منه، لكن جذوره ظلت ضاربة بقوة في أعماق نفسي، كل حدث يذكرني بما فعلت، قد يكون ذلك حتى لا أنسى، وحتى لا أكرر السلوك المنحط.
    قمت، وبكل جدية وتصميم في التطهر النهائي من مقعدي، وسرت بثبات إلى الرجل، نزعت منه حزامه، وبكل عنف، هويت به عليه، وكانت الأنظار مستغربة فعلي غير المتوقع، وبقيت مستمرا في الجلد إلى أن غاب عن الوعي، وصرت منهكا لا أقوى على الإتيان بأي حركة، كانت ضربة خفيفة على قنة رأسي، تحملني على مرافقة غريمي. وحين استعدت وعيي، أخبرت أن الزوجة هي من قامت بذلك، هي من سارعت إلى حمل حجر وضرب رأسي به.
    انكسرت حين هوت قبضتي على الطاولة.
  • عبد الرحمن محمد الخضر
    أديب وكاتب
    • 25-10-2011
    • 260

    #2
    راقني التداخل الشعوري والحبكة الفنية بين الحدثين خلال سرد متوافق لايخرج من هنا إلى هناك كما هي في السرد الكلاسيكي بل ويتحدث عن حدثين في مشهد واحد ليحيل الذاكرة إلى أداة سرد تحمل قلما وتخرج من تراتيبتها المعهودة إلى بناء فني يدير الذاكرة على النحو الذي يستهويه الحدث الفني وليس الذي يفرضه الحدث الزماني
    السرد منطلق وواثق حتى النهاية
    يبقى قولك : " أنني كنت مستاء " فهل مستاء أقرب إلى كونها خبرا لكان فننصبها أم خبرا لأن لنرفعها كما فعلت
    وقولك "لم تأتي الوقائع لتحيي سفالتي " سافهم لم كأداة استفهام وليست أداة نفي
    خالص ودي

    تعليق

    • بسباس عبدالرزاق
      أديب وكاتب
      • 01-09-2012
      • 2008

      #3
      نص رائع تداخل في الزمان مع الحالة الشعورية والرائع هنا القفلة المدهشة...اعجبتني أيضا الدراما التي زرعتها في النص مما يحتم القارئ على معرفة نهاية الأحداث رائعة استاذي قصتك ...محبتي الكبيرة وتقديري حبيب عبدالرحيم
      السؤال مصباح عنيد
      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

      تعليق

      • عبدالرحيم التدلاوي
        أديب وكاتب
        • 18-09-2010
        • 8473

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحمن محمد الخضر مشاهدة المشاركة
        راقني التداخل الشعوري والحبكة الفنية بين الحدثين خلال سرد متوافق لايخرج من هنا إلى هناك كما هي في السرد الكلاسيكي بل ويتحدث عن حدثين في مشهد واحد ليحيل الذاكرة إلى أداة سرد تحمل قلما وتخرج من تراتيبتها المعهودة إلى بناء فني يدير الذاكرة على النحو الذي يستهويه الحدث الفني وليس الذي يفرضه الحدث الزماني
        السرد منطلق وواثق حتى النهاية
        يبقى قولك : " أنني كنت مستاء " فهل مستاء أقرب إلى كونها خبرا لكان فننصبها أم خبرا لأن لنرفعها كما فعلت
        وقولك "لم تأتي الوقائع لتحيي سفالتي " سافهم لم كأداة استفهام وليست أداة نفي
        خالص ودي
        أخي البهي، عبدالرحمن
        أشكرك على قراءتك القيمة.
        بالنسبة ل: مساء، فهي خبر، وأنت تعلم أن الهمزة لا ينبغي لها أن تأتي بين ألفين.
        والملاحظة الثانية، فقد أصبت، إنها سؤال.
        بوركت.
        مودتي

        تعليق

        • عبدالرحيم التدلاوي
          أديب وكاتب
          • 18-09-2010
          • 8473

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
          نص رائع تداخل في الزمان مع الحالة الشعورية والرائع هنا القفلة المدهشة...اعجبتني أيضا الدراما التي زرعتها في النص مما يحتم القارئ على معرفة نهاية الأحداث رائعة استاذي قصتك ...محبتي الكبيرة وتقديري حبيب عبدالرحيم
          أخي البهي، بسباس
          أشكرك على تعليقك المثلج للصدر.
          سعيد بتقبلك النص.
          بوركت.
          مودتي

          تعليق

          يعمل...
          X