المهرج الصغير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الفاضل
    أديب وكاتب
    • 21-12-2011
    • 208

    المهرج الصغير

    المهرج الصغير – محمد الفاضل

    أسند رأسه الصغير المتعب فوق الرصيف البارد وهو يحتضن رفيقه الأثير على قلبه , ينام بقربه ولا يفترقان أبداً, لقد أصبح أنيسه في وحدته القاتلة , حاول أن يخلد إلى النوم ولكنه لم يفلح البتة , بدأ موتور معدته يعزف صوتا نشازا ويصدر قرقعة مثل صرير باب قديم أكل عليه الدهر وشرب , معلناً تمرده ورفضه الانصياع إلى أوامره . ولطالما حاول أن يلقمه بضع كسرات خبز قديمة كان يحتفظ بها في كيس قماش متسخ تكسوه بقع زيت وتتوزع الرقع فيه على كامل مساحته , عله يهدأ ويتوقف عن الشكوى والتذمر المستمر .
    حاول أن ينال قسطاً من الراحة بعد ماكابده أناء النهار من مشقة أثقلت كاهله في البحث عن بقايا خبز يسد بها رمقه , يذرع الحي جيئة وذهاباً ويحدوه الأمل أن يؤمن قوت يومه ليبعد عنه شبح الجوع.كان يحرص على انتعال رفيقه المفضل الذي يفوق حجمه جسده النحيل وهو يسير مترنحاً مثل مهرج سيرك مع فارق أن وجهه لاتعلوه المساحيق ويخلو من أية تعابير ضاحكة.
    عاد بذاكرته إلى الوراء قليلاً , يوم قرر أحد القناصة أن يمارس هوايته المفضلة ويتسلى باختيار ضحيته ويقرر بدون رحمة أن يرسله إلى العالم الاَخر دون أن يعبأ بما سوف تؤول إليه أمور عائلته عندما يفجعون بخبر موته. في ذلك اليوم المشؤوم كان والده يصرخ ملء حنجرته " حرية " " حرية " مع مجموعة من المتظاهرين ولم يكن يعلم أنها سوف تكون كلماته الأخيرة.
    يومها قرر أن يحتفظ بحذاء والده وأصبح ميراثه الوحيد , مرت الأيام ثقيلة وبإيقاع رتيب وبدت على محياه علامات التعب والهزال وهو يتحامل على نفسه ولم يعد يقوى على الحركة كما كان يفعل قبل فقدان والده . الذئاب البشرية تحاصر المدينة حصاراً مطبقاً وتمنع عن الأهالي الطعام والدواء في محاولة مستميتة لقهرهم , في ذلك المساء الرمادي زاره طيف والده في المنام وبدأ يسأله عن أحواله وتلمس وجهه الشاحب وكم هاله ماأصاب ولده من هزال حتى بدا كالأشباح.
    " لماذا تركتني وحيداً ياأبي " لماذا "
    " خذني معك فقد خارت قواي ولم أعد أطيق العيش وحيداً "
    " لن أتركك مرة أخرى ياولدي الحبيب " " ثق بي , أعدك "
    أشرقت الشمس في صباح ذلك اليوم وبدأت خيوط الشمس تتسلل على إستحياء , وبدأ الأهالي يتجمعون أمام ذلك الملاك الطاهر وهو ينتعل حذاء والده وعلى مقربة منه بقايا شظايا خبز قليلة وتعلو وجهه ابتسامة لم يفهموا كنهها .

    السويد – 10 / 3 / 2016



    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الفاضل; الساعة 11-03-2016, 08:07.
    sigpic

    روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟
  • رقية عبد الرحمن
    أديب وكاتب
    • 07-02-2016
    • 145

    #2
    ٱبتسامته تدل على قوته
    وعلى هزيمة العالم
    لم يسمح لمن ٱغتصبوا ارضه وبيته ووالده ان يروه يرحل وعلى وجنتيه آثار
    دمع
    بل فاجأهم بٱبتسامته رحل لكن ستبقى سر ابتسامته تؤرق العابثين بارض الياسمين
    لارض الشام ابعث تحية سلام
    متمنية لها ولكل الاراضي العربية سلم وامان
    امتناني استاذي

    تعليق

    • محمد الفاضل
      أديب وكاتب
      • 21-12-2011
      • 208

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة رقية عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
      ظ±بتسامته تدل على قوته
      وعلى هزيمة العالم
      لم يسمح لمن ظ±غتصبوا ارضه وبيته ووالده ان يروه يرحل وعلى وجنتيه آثار
      دمع
      بل فاجأهم بظ±بتسامته رحل لكن ستبقى سر ابتسامته تؤرق العابثين بارض الياسمين
      لارض الشام ابعث تحية سلام
      متمنية لها ولكل الاراضي العربية سلم وامان
      امتناني استاذي

      الأستاذة الأديبة رقية
      كل الشكر على حضورك العطر ومداخلتك الجميلة والدعاء النابع من القلب
      كوني بخير
      sigpic

      روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        جميلة بوجعها
        رائعة بكل ذاك الجوع وحصار الموت
        أحببتها لأني أدري أي وجع انتابك وانت تكتب النص
        وهل كانت الدموع رفقيتك أم القهر وربما الاثنين معا
        ومضة النهاية رائعة بالرغم من الموت
        ندوب جروحنا غائرات
        محبتي لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • زهراء منصور
          أديب وكاتب
          • 27-07-2015
          • 18

          #5
          القدير محمد الفاضل،، في عالمنا العربي الراوي في الحكايات سئم الوجود،، فكل حكاية يكرر ذات الوجع ويواجه عدوة الموت، فيغلبه.
          النص قائم على فكرة بسيطة تحتاج لتشذيب وضغط اكثر حتى لا تضيع بين العبارات والجمل والسطور،، كانت ستكون أخف على القارئ لو كانت متماسكة في قالب مضغوط واحد،، اعتقد أنني بدأت ابحث عنها في متاهة الكثير من المفرادات التي لا تخدمها.. لو بدأتها ب عاد بذاكرته للوراء، من هنا مع التكثيف والإيجاز.. تكون اصتدت فكرتك واطلقتها في وجه الترويض.

          تعليق

          • محمد الفاضل
            أديب وكاتب
            • 21-12-2011
            • 208

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
            جميلة بوجعها
            رائعة بكل ذاك الجوع وحصار الموت
            أحببتها لأني أدري أي وجع انتابك وانت تكتب النص
            وهل كانت الدموع رفقيتك أم القهر وربما الاثنين معا
            ومضة النهاية رائعة بالرغم من الموت
            ندوب جروحنا غائرات
            محبتي لك


            الرائعة عائدة
            نعم سيدتي يعلم الله كم المشاعر التي كانت تنتابني وأنا أجاهد كي أختم القصة . هي مداد دموع الأمهات والثكالى والإحساس بالعجز وحالة الفوضى والإستهانة بالأرواح والقهر مادفعني للبوح بما يعتمل في صدري .
            أثمن حضورك المميز
            لك كل الشكر والتقدير
            سلمت
            sigpic

            روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

            تعليق

            • محمد الفاضل
              أديب وكاتب
              • 21-12-2011
              • 208

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة زهراء منصور مشاهدة المشاركة
              القدير محمد الفاضل،، في عالمنا العربي الراوي في الحكايات سئم الوجود،، فكل حكاية يكرر ذات الوجع ويواجه عدوة الموت، فيغلبه.
              النص قائم على فكرة بسيطة تحتاج لتشذيب وضغط اكثر حتى لا تضيع بين العبارات والجمل والسطور،، كانت ستكون أخف على القارئ لو كانت متماسكة في قالب مضغوط واحد،، اعتقد أنني بدأت ابحث عنها في متاهة الكثير من المفرادات التي لا تخدمها.. لو بدأتها ب عاد بذاكرته للوراء، من هنا مع التكثيف والإيجاز.. تكون اصتدت فكرتك واطلقتها في وجه الترويض.

              شكراً لحضورك الجميل سيدتي ومداخلتك التي أعتز بها
              خالص الشكر
              دمت بخير
              sigpic

              روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

              تعليق

              • عبدالرحيم التدلاوي
                أديب وكاتب
                • 18-09-2010
                • 8473

                #8
                يموت الشهداء، ويحملون بين أحضانهم أبناءهم من وطن تمت سرقته.
                مودتي

                تعليق

                • محمد الفاضل
                  أديب وكاتب
                  • 21-12-2011
                  • 208

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
                  يموت الشهداء، ويحملون بين أحضانهم أبناءهم من وطن تمت سرقته.
                  مودتي

                  القدير عبد الرحيم
                  حضور أعتز به كثيراً أخي العزيز
                  خالص الود
                  sigpic

                  روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

                  تعليق

                  • مصباح فوزي رشيد
                    يكتب
                    • 08-06-2015
                    • 1272

                    #10
                    هي حالة من بين الملايين المهجّرة والمشرّدة تجوب الأصقاع تفترش الثرى وتحلم بقطعة رغيف يسكن الأسى والجوع ينخر الفؤاد المشجّى بالأحلام .. نعم أستاذي المؤدّب على هذا النحو أضحت تتلاشى مصائر أبناء الأمّة ولايريد البعض التنزّه ممّا تتبوّل به أقلامهم أكرمك الله ودفع عنك البلاء !
                    سر على بركة الله المجد قابع والدرب طويل ولكن لاتيأس فنحن نقتفي أثر المعذّبين في الأرض و من سبقهم " البؤساء " و تلك المسمّاة بـ " الأرواح المتمرِّدة " ومن والاهم وتأثّر لمعاناتهم ..
                    تحيّتي الخالصة .
                    التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 15-03-2016, 08:41.
                    لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

                    تعليق

                    • محمد الفاضل
                      أديب وكاتب
                      • 21-12-2011
                      • 208

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة مصباح فوزي رشيد مشاهدة المشاركة
                      هي حالة من بين الملايين المهجّرة والمشرّدة تجوب الأصقاع تفترش الثرى وتحلم بقطعة رغيف يسكن الأسى والجوع ينخر الفؤاد المشجّى بالأحلام .. نعم أستاذي المؤدّب على هذا النحو أضحت تتلاشى مصائر أبناء الأمّة ولايريد البعض التنزّه ممّا تتبوّل به أقلامهم أكرمك الله ودفع عنك البلاء !
                      سر على بركة الله المجد قابع والدرب طويل ولكن لاتيأس فنحن نقتفي أثر المعذّبين في الأرض و من سبقهم " البؤساء " و تلك المسمّاة بـ " الأرواح المتمرِّدة " ومن والاهم وتأثّر لمعاناتهم ..
                      تحيّتي الخالصة .

                      الزميل العزيز الأستاذ مصباح
                      شاكر مداخلتك القيمة وحضورك الذي أعتز به سيدي
                      تقبل فائق الاحترام والتقدير
                      sigpic

                      روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

                      تعليق

                      • عباس العكري
                        أديب وكاتب
                        • 07-07-2016
                        • 139

                        #12
                        المهرج الصغير – محمد الفاضل

                        [aimg=borderSize=0,borderType=none,borderColor=blac k,imgAlign=none,imgWidth=,imgHeight=]https://2.bp.blogspot.com/-nb5OKWIJ5n4/V5zmBJfsf3I/AAAAAAAAEKY/XC-p6rEcJCATYS1nX1CPyB5qWFXJ-Bl9gCLcB/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D9%2587%25D8%25B1 %25D8%25AC%2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B5%25D8%2 5BA%25D9%258A%25D8%25B1.png[/aimg]

                        تعليق

                        يعمل...
                        X