عــودي يـا أمــي
فتقاطعها " ميري " رافعة إصبعها وهي تحدق بعينيها إلي وجوههن " السينما " فهناك عرض لروايةرائعة للروائية العالمية " رباب كساب " وتدور حول الشبح الأمريكي الذي يعرف فعل كل شئ حتى إعداد السمك المقلي ... فتقاطعها " سومه " قائلة: وبعد النهاية يشعر جميع المشاهدون بالتلبك المعوي، زهقنا سينما يا ميري ... لكن أنا مالي شأن، تذهبون إلي أي مكان، المهم الساعة العاشرة عرض الأزياء. يصمت الجميع فجأة،وانطلقت نظراتهن بقلق ناحية هاله سائليها: ما بك اليوم ؟
- لا شئ، فقد حلمت بالأمس حلم ثار أعصابي طوال اليوم، لذلك أعتذر عن الخروج معكم اليوم،
أنا سأذهب إلي البيت.
قادت هاله سيارتها متجهة نحو منزلها الذي يبعد خمس دقائق عن مكان عملها، ولم يسعفها الصبر إلي حين تصل فأمسكت بتليفونها المحمول واتصلت بالبيت لتطمئن علي ابنتها، وشعرت بفرحة وشوق كبيرين عندما أعلمتها المربية أنهما يجلسان في غرفة نورا وهي كالعادة تطعمها طعام الغداء بعد أن قضت نزهتها في الحديقة بسرعة كانت هاله داخل الحجرة، وهناك وجدت المربية تجلس علي كرسي قصيروأمامها طفلتها نورا تجلس علي كرسي عالي وتناولها طعام الغداء، وحين رأت الطفلة أمها ابتسمت وقفزت لأعلي ورفعت يديها، فجرت إليها أمها في سعادة بالغة
نظرت إليها المربية عاقدة عن حاجبيها، فشعرت هاله أنها دخلت حجرة ابنتها في وقت غيرمناسب، فابتسمت خروجا من الموقف وسألتها: كيف كانت الأحوال في النزهة اليوم؟
- مشينا قليلا بين الورود، ثم جلسنا علي العشب ناحية نافورة المياه نلعب بكرهصغيرة، وكانت نورا سعيدة جدا، ولطيفة فظلت تقفز وترفع يديها وتبتسم؛ كأنها ترقص عليأغاريد الطيور الواقفة أمامنا بغصون الأشجار، وتصدقي؛ من كثرة فرحتها تزحزحت ثلاثةأمتار ناحية النافورة!
ابتسمت هاله وفرحت لسعادة ابنتها وسؤال بداخلها لم تجرؤ أن تسأله لمربيتها، وهو أليس من الخطورة ترك بنت صغيرة تلعب بجوار النافورة؟
وكانت نورا أمامها ترتدي فستانا أبيض، وظلت تغازلها بين الحين والآخرفترفع يدها الصغيرة محركة أصابعها الرقيقة الناعمة، الفضية اللون في منظر تعشقه هاله، وأحيانا تحرك قدميها اللؤلؤيتين مع ابتسامة رقيقة تفجر شوق هاله وتشعرهابسعادة بالغة لم تشعر بها أبدا، فلم تستطع هاله الصبر، فزاد اشتياقها لتطعم طفلتها بيدها، وأن تجلس أمامها تقبل يديها الناعمتين، وقدميها الصغيرتين، وكتفيهاالرائعتين، فقالت للمربية: لو سمحتي دعيني أكمل طعامها واذهبي أنتي نظفي حديقة المنزل،
نظرت إليها المربية وقبضت علي شفتيها قائلة: لكن ... لكن أنتتدركين يا سيدتي أن من يطعم الطفلة لا ينبغي أن يتغير، فربما يثير هذا في الطفلة عدمارتياح وشعور بعدم الاستقرار والطمأنينة،
قالت لها هاله: أرجوك اتركيني مع طفلتي، لابد أن أطعمها الآن. قامت المربية وهي غاضبة وتهمس لها: أرجوكلا تثيريها وأجلس أنا معها أعاني طوال الليل.
أما هاله فعندما خرجت المربيةجلست أمام ابنتها وقالت وهي تغمرها السعادة: الآن يا حبيبتي " أنت لي " " أنتلي "
وجلست تطعمها وهي تشعر بفرحة وسعادة كما لو كانت لم تسعد من قبل أبدا. بعد لحظات دق جرس التليفون، فأسرعت المربية نحو الحجرة وأمسكت بطفلتهاوقالت وهي تغمرها السعادة: "مكالمة تليفونية لأجلك سيدتي"
إنها سناء تدعوهاللمسرح غدا وتقنعها أنها رواية حقيقية في منتهي الروعة، فتخبرها هاله باعتذارها عن قبول الدعوة فهي الآن تسطر أهم وأجمل قصة بحياتها تستحق أن تشغل كل وقتها وتفكيرهاومشاعرها وأحاسيسها، إنها " نورا" .
تعليق