صاحب السر الدفين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود خليفة
    عضو الملتقى
    • 21-05-2015
    • 298

    صاحب السر الدفين

    (1)
    الخوف يعربد في كل بيت. الفزع يجول في كل قلب. الهلع يجوس في كل نفس. الظلام يملأ كل عين. اليأس يذبح كل أمل...
    هرج... مرج... أبدان يابسة ميتة... نباتات صفراء ذابلة... حيوانات نافقة... اكتستث? القرية بالأحزان، وتوشحتث? بالسواد، وشربتث? القطران...
    انشلت العقول فلا تفهم ما يجري... عجزت لجان وزارات الصحة والداخلية والحكم المحلي عن فهم ما يجري... باءت منظمة الصحة العالمية بالفشل في تشخيص ما يجري!...
    ماذا يجري في هذه القرية المنكوبة؟ وكيف تبدل العمران بالخراب؟ والصحة بالمرض؟ والحياة بالموت؟!...
    تقرير اللجان بين أن الكارثة بدأت عندما نفقت الكثير من الحيوانات دفعة واحدة، ثم انتقلت الوفاة إلى أول حالة من سكان القرية وهو الفلاح أيوب عبد الصبور، الذي بدأت متلازمته بحمى وآلام في جسده ثم تقرحات بجلده، ثم فشل في جميع أجهزة جسمه الحيوية، فغيبوبة، فالموت!...
    وقالت اللجان: إن الوباء انتقل إلى زوجته، فابنته، ثم انتقل إلى جيرانه حتى عم القرية كلها بحيواناتها وناسها...
    والعجيب والغريب أن الوباء أصاب النبات؛ فجعله يذبل ويموت...
    وانعقدت لجان، وانفضت لجان، لتفهم هذه الظاهرة وهذا الوباء الغريب؛ ولكن للأسف لم يصلوا إلى شيء!
    قالوا: نوع جديد من الميكروبات آكلة اللحوم، وقالوا: بل هو نوع جديد من الإشعاع لم تصدره أي أجهزة من قبل، سُلط على البلد من دول معادية لنا...
    وتولدت أسئلة كثيرة متشعبة من أسئلة أولية ولكن بلا إجابة!...
    فكيف تعالج الحالات قبل تدهورها وموتها؟ كيف يوقف هذا الدمار في الأرواح والنبات؟ وكيف تحمي بقية البلاد من هذا الوباء وهذه الكارثة الرهيبة؟...
    (2)
    بكتث? العيون... وانتحبتث? القلوب... وشفتث? النفوس... وتضرعتث? الأيدي إلى خالقها ليرفع عنهم ما حل بهم من دمار...
    الشيخ عرفان، عالم دين، وفقيه القرية، وخطيبها، ومأذونها الشرعي، وقف في بداية الوباء يخطب في أهل القرية ويقول:
    - إني متأكد من أن هذا الوباء الذي حل في القرية، هو انتقام من ربنا؛ لأننا ابتعدنا عنه، وعن تعاليم كتابه، وعن تعاليم سنة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم...
    وواصل بمرارة:
    -فبعضنا يقرض الفلاحين الغلابة بالربا، والعياذ بالله، وبعضنا يجور على أراضي الغير ليأخذ من حصة جاره في الماء، والبعض -والعياذ بالله- يمنع الماء عن جاره عيني عينك اعتماداً على سطوته وجبروته، والبعض -وهم كُثر- حاقدون حسَّادون!...
    يا أهل القرية: أنا أؤكد مرة أخرى، أن الذي حدث في قريتنا هو انتقام من ربنا لأننا تركنا تعاليمه وراء ظهورنا، وجاهرنا الله بالمعاصي... ألم يغتب بعضنا بعضاً؟ ألم يسخر بعضنا من بعض؟ ألم يؤذِ بعضنا بعضاً؟ ألم يجُر القوي على الضعيف؟ والغني على الفقير؟ والصحيح على العليل؟!...
    يا أهل القرية:
    إن الذي صنعناه مع ابننا الدكتور أمل عبد الحميد ووالديه -رحمهما الله- يكفي لأن يجعل الله عالي القرية سافلها، ألم نجعل أملا هدفا في الاستهزاء والنقص منه ومن أمه بعدما مات أبوه وصار يتيماً؟ ألم نكن نسخر منه كلما ذهب أو عاد؟ ألم نقل له يا ابن بائعة الكرات بسخرية واستهزاء؟ ألم يكن هو فاكهة مجالسنا في السخرية؟ أنا خطيب القرية ومرشدها الديني، كنتُ أشارك مجالس اللهو والسخرية من خلق الله! فأين أمري بالمعروف ونهيي عن المنكر؟!...
    يا أهل القرية: إن الكارثة التي حلت بنا عسى أن تكون تكفيراً عن ذنوبنا... فهيا بنا ندعو الله -سبحانه وتعالى- ليرفع عنا هذا البلاء...

    (3)
    بعد انتهاء موعظة الشيخ عرفان، ذهب كل واحد من أهل القرية وهو يشعر بالذنب، وأنب كلُّ منهم نفسه، وكان كل واحد يشعر في قريرة نفسه أنه هو المسئول عن الكارثة التي حلت بمواشي القرية؛ ومنهم أيوب عبد الصبور الذي بدأت الكارثة به، وكان يعاني من حمى وآلام رهيبة في جسده كله...
    فأيوب عبد الصبور عنده يقين أن المرض الغريب الذي حل به والذي احتار الأطباء في تشخيصه هو بسبب ذنوبه التي اقترفها مع الدكتور أمل وأبيه المرحوم عبد الحميد وأرملته...
    لقد أتى المرحوم عبد الحميد إلى القرية من مكان بعيد لا يعرف أهل القرية عنه شيئاً، ولم يكن له عزوة أو قريب في القرية، واشتغل أجيرا في الحقول، وبعد سنوات قليلة، تملك عدة أفدنة، وكانت أرضه كلها خير وبركة؛ حتى الدودة لا تقترب من قطنه، وفي ذات الوقت، تجور على قطن أهل القرية وزرعهم...
    يقول أيوب عبد الصبور لنفسه:
    فبدلاً من أن نفتش في أنفسنا عن سبب ذلك البلاء الذي حل في زرعنا، حقدنا على المرحوم عبد الحميد، وتمنينا أن تصيب الدودة أرضه وتهلك زرعه، بل تمنينا له كل شر!...
    حتى حدث له الحادث الأليم ومات، ولعدم وجود عزوة له، لم يُعرف الجاني حتى الآن، ولُفقت القضية ضد مجهول بمنتهى الإهمال!...
    وبعد موته، بدلاً من أن نعطف عليه، امتد حقدنا الأسود إلى أرملته وابنه الوحيد، وفرخ حقدنا الأسود السخرية منهما صباحاً ومساء!... والذي أجج هذه السخرية هو الشيخ عرفان، وهذا الشيخ ابن نكتة، وصاحب (أفية)... الله يحرقه بالجاز...
    وصل المونولوج الداخلي لأيوب عبد الصبور أن صرخ في سره:
    يا أهل القرية، إن ربنا بالمرصاد... لقد حار الأطباء البيطريون في تشخيص مرض البهائم الغريب، وحتى الأطباء البشريون عجزوا عن تشخيص مرضي الغريب، وعما قريب سألقي ربي، فعسى أن يكفر الله عني ما اقترفته يداي...

    (4)
    بعد عدة أيام من موت أيوب عبد الصبور وزوجته وابنته وبعض جيرانه، وقف الحاج عبد الشكور بمفرده في (الوساعية) التي يجتمع فيها أهل القرية بجوار المسجد بعد صلاة العشاء يتأمل حال القرية وما آلت إليه من كوارث...
    فالحاج عبد الشكور على وشك أن يلحق بضحايا هذا المرض الغريب اللعين أو (الشوطة) بتعبير أهل القرية. ويشعر الآن بأن هذه الكارثة كان هو السبب فيها بسبب تعامله بالربا، واستغلاله لحاجة المحتاج، واحتكاره لبعض السلع لكي يبيعها في وقت الأزمات بأسعار مضاعفة!...
    عبد الشكور يشعر بالمرارة بسبب عدم شكره لربه على ما وهبه من أطيان ومواشٍ من ميراث أبيه، وضميره يضربه الآن بسياط بسبب تعامله بالربا الذي حرمه الله في كتابه الكريم كما كان اعتقاده منذ طفولته المبكرة.
    كاد عبد الشكور أن يصرخ من تأنيب ضميره لأنه يعتقد أن اللعنة التي أصابت القرية هي بسببه، وبسبب شؤم معاصيه...
    وأين هي مواشيه الآن؟ لقد نفقت كلها في الشوطة!...
    ولقد تضخم الندم في نفسه على كل ثانية مرت عليه حينما ترك الحقد يعشش في قلبه على الدكتور أمل عبد الحميد بسبب تفوقه الدراسي منذ صغره على أبنائه الفاشلين...
    وزاد حنقه على نفسه وعلى أهل القرية حينما تذكر الكردون الذي وضعته الحكومة على القرية؛ فلا أحد يستطيع الخروج منها، ولا أحد يدخل إليها...

    (5)
    بعد عدة أسابيع من الوباء اللعين، كان المسعفون المكممو الأفواه ينقلون جثث ضحايا الوباء الرهيب بخفة ونشاط وحذر...
    كان أحد أبناء القرية وهو عبد المنصف، المهندس الزراعي بالوحدة الزراعية، يشاهد هؤلاء المسعفين ويمط شفتيه ندما وآسفا على ما آل إليه حال أهل القرية ومواشيها وحتى زرعها...
    عبد المنصف قد أصابه الوباء اللعين. وهو يشعر الآن أن هذا الوباء قد أصاب القرية بسبب ما اقترفته يداه مثل شعور أغلب أهل القرية...
    يتفكر عبد المنصف الآن في ما اقترفت يداه أثناء عافيته وصحته، ويشعر بالمرارة والحنق على نفسه لأن العدالة لم تأخذ مجراها كما ينبغي، والمرارة استفحلت في نفسه أكثر لأن العدالة لن تأخذ مجراها وخاصة أنه الآن على حافة الموت، ولكن أمله أن يكفر الله عنه بإقراره بذنبه وندمه أمامه سبحانه وتعالى...

    لقد ورث عبد المنصف عن المرحوم والده أرضا زراعية شاسعة، وبدلاً من أن يجتهد في أرضه ورعايتها، اجتهد في رعاية نبات الحقد الذي نما في قلبه -كغالبية أهل القرية- ضد عبد الحميد منذ أعوام عديدة.
    وهذا الحقد بدأ ينمو كنبتة صغيرة حينما كان عبد المنصف يرى المرحوم عبد الحميد يثابر بجد وهمة في أرضه البسيطة المثمرة الخالية من الآفات الزراعية.
    عبد المنصف يجتر الذكرى الآن ويضرب كفا بكف ويقول في نفسه إنه فلاح ابن فلاح، ودرس الهندسة الزراعية، ومارس الزراعة منذ نعومة أظفاره، ومع ذلك كان عاجزا عن حماية أرضه من الآفات الزراعية.
    يعض عبد المنصف شفتيه ندما الآن حينما تذكر كيف تضخمت نبتة الحقد في نفسه ضد عبد الحميد وتحولت إلى شجرة عملاقة تمتد في كل كيانه مع مرور الزمن.
    ولم تقف نبتة الحقد عند حدود الشجرة العملاقة، بل امتدت وتمطت وترعرعت حتى أمست كحيوان الديناصور الخرافي الرهيب!
    وكان عبد المنصف كلما تلفت يميناً أو يساراً، حتى لو أغمض عينيه، يجد هذا الديناصور الرهيب يسخر منه ومن عجزه عن عمل أي شيء مع عبد الحميد...

    يقول عبد المنصف في نفسه:
    "ما أتفهني! ما أتفهني! وما أتفهنا جميعاً!...
    فالرجل -عليه رحمة الله- لم يفعل ذرة أذى معي أو مع أي أحد من أهل القرية".
    لقد تمدد ديناصور الحقد وتضخم في جنبات نفس عبد المنصف، وضغط على ضلوعه؛ وكان لابد من تنفيسه بأي أشكل...
    وحانت الفرصة ذات مساء، حينما خرج عبد المنصف من أحد حقوله، ووجد عبد الحميد ماشياً بمفرده على الطريق الوحيد الذي يدخل القرية.
    وكان الليل يمد دثاره ليغطي كلَّ شيء. والقمر غارق في النوم العميق في بداية الشهر العربي. والنجوم لم تستيقظ بعد. حتى الحقول نفسها تراخت سيقانها، وثقلت أجفانها، وتثاءبت حتى دخلت في سبات عميق...
    ركب عبد المنصف جراره الزراعي المركون على الطريق في نهاية حقله، وفي ومضة سريعة، برقت عيون ديناصور الحقد أمامه ومارت وفارت وحرقته بسياطها الساخرة... وكان لابد من التنفيس...
    وفي ثوان معدودة، كانت روح المرحوم عبد الحميد تتحرر وتترك جسده تحت الجرار!
    ولم يشاهد أحد ما حدث إلا ديناصور الحقد الذي صغر وصغر حتى اختفى تماماً...
    ولكن بردت نار ووقدت نار...
    فلقد حل شبح عبد الحميد محل الديناصور!
    فعبد المنصف يرى شبح عبد الحميد في كل وقت وحين، وفي كل مكان حلَّ فيه، وفي يقظته وفي منامه...
    أصبح شبحه كالغول الذي يريد أن يلتهمه بأي شكل وهو في حالة ذعر وفرار دائمين منه...
    لقد عُرض عبد المنصف على أطباء نفسيين ولكن بلا جدوى...
    قُيدت القضية ضد مجهول حتى الآن.
    يقول عبد المنصف في ضميره:
    إن ما حدث لي، وما يحدث في القرية من مرض الإيدز الجديد، هو انتقام ربنا من فعلتي الشنعاء...

    (6)
    وقف أحد أبناء القرية المنكوبة وهو الدكتور أمل عبد الحميد، بمفرده في ساحة القرية الفسيحة والتي ينعق فيها الخراب والدمار، بل وينعقان في كل القرى المحيطة بالقرية إن لم يكن في كل المحافظة...
    كان أبوه -عليه رحمة الله- من أفضل مزارعي القرية. وكانت أرضه تفيض بالخير والنماء. وكان يصبر على كيد الحاقدين والموتورين من أهل القرية وما أكثرهم في ذلك الزمان!...
    كانوا يحبسون الماء عن أرض أبيه أحيانا، وأحياناً أخرى يغمرون أرضه بالماء الغزير حتى تموت...
    وكان عبد الحميد يردد دائما:
    "إن الله لا يغفل ولا ينام... ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون... وإن ربك لبالمرصاد..."...
    فكانت أرض هؤلاء الحاقدين تصاب بالآفات الزراعية المتنوعة، أما أرضه فكان الله يحفظها من كل سوء بالرغم من الأذى الذي تتعرض له على أيد أولئك الحاقدين...
    ولقد سأل أمل أباه عن سر هذا الكيد وهذه الأحقاد، فكان يقول: "الدودة التي تأكل أرضهم، وتسلم منها أرضنا هي السبب". فيسأله: ولماذا لا تأتي الدودة إلينا؟ فيجيبه: "لأننا لم نحقد على أحد"... ولما سأله ذات مرة عن سر الخير الوفير في أرضهم، أجابه بأنه -أي عبد الحميد- وهو صغير كان يعمل أجيرا في الحقول، وكان يدعو الله كثيراً بأن يعينه ويوفقه، وكانت الأرض التي يعمل فيها أجيراً، يعتبرها أرضه تماماً؛ فلذلك يراعي الله فيها، ويعتني بها بإخلاص شديد...
    وذات مرة تغيب صاحب الأرض عن البلاد ثلاث سنوات، فلما عاد وجد أرضه تنتج الخير الكثير؛ فابتهج وسعد كثيراً، ودعا الله له بأن يأتي الخير على يديه... واستجاب الله دعوة هذا الرجل لأنه كان صالحاً، ورزقه الله هذه الأرض التي يمتلكها منذ سنوات.
    يجتر الدكتور أمل عبد الحميد الذكرى ويقول في نفسه:
    "ولا أدري سر ترك أبي للصعيد منذ سنوات بعيدة؟! هل كان عليه ثأر؟ أم ماذا؟! ومنث? هم أهلي؟ حتى أمي لم تخبرني إلا بأن أهل أبي من الصعيد. والصعيد كبير، فأين هم في الصعيد؟ ولماذا لم نذهب إليهم؟! ولماذا لم يأتوا إلينا؟!...
    مات أبي. وماتت أمي. ولم أعرف حقيقة هذا الأمر حتى الآن...
    ولما مات أبي في حادث سيارة، لم نعرف الجاني حتى الآن. وأهل القرية شمتوا فينا! فهل يشمت أحد في الموت؟!
    وباعت أمي أرضنا بأبخس سعر. وبعد نفاذ المال، لم تجد أمي وسيلة لمعيشتنا إلا أن تبيع الخضروات. وكنت في ذلك الوقت في الصف الأول من الشهادة الثانوية. ولم يتركونا أهل القرية في حالنا، بل تربصوا بنا.
    وكنت كلما غدوت إلى القرية أو عدت، يتهكمون عليَّ. وكنت أشتكي لأمي فتقول: قل: حسبنا الله ونعم الوكيل..
    وكنا لا نجد تفسيراً لهذا الكيد. ولا أدري لماذا تركوا كل مشاكلهم وتفرغوا لنا؟ ولا أدري ماذا صنعنا لهم حتى يكيدوا ذلك الكيد؟ ويؤذوننا ذلك الأذى؟!...
    فأبي قد مات. والأرض قد اشتراها أحدهم. وأمي أفقر خلق الله. ونعيش على الكفاف"...
    كانت المرارة المنقوعة في الحنظل تطفح على نفس أمل وهو يتذكر ما فعله أهل القرية بهم، وكان يتساءل كثيرا بذات المرارة فيما مضى:
    "لماذا يا قرية الظلم تكيدي لنا؟! لماذا؟ ما السر في ذلك؟ ألعدم وجود عزوة لنا تفعلون بنا الأفاعيل؟ أين حسن الجوار يا قرية الظلم؟ وأين العطف على الأرملة واليتيم يا قرية الشؤم والحقد؟ أين الرجولة والشهامة وأخلاق القرية يا قرية السوء؟ حتى أبي، ماذا صنعه لكم حتى يمتد آذاكم منه إلينا؟!"...
    لقد ذهبت أمه لكبير القرية، العمدة، لكي يكفوا آذاهم عنا. فقال لها: "ماذا تريدين مني أن أفعله معهم؟ هل أطردهم من القرية؟!"...
    ومع كل هذا الحقد، وكل هذا الكيد، وكل هذا الظلم، إلا أن أملا كان متفوقاً على كل أقرانه، والتحق بكلية من كليات القمم، وكان الأول دائماً على الدفعة، وعُين معيداً بكليته...
    وتخرج أمل من الجامعة. وتقدم لخطبة آمال ابنة الحاج أيوب عبد الصبور، فرفض الأخير طلبه بشدة، وعامله بمنتهى الإهانة، وعيره بأنه ابن بائعة الكرات!
    لقد صدم أمل صدمة كبرى...
    وكان يتساءل مع نفسه:
    "هل يعير قروي أحدا ببيع الكرات؟!
    أفهم أن يحدث هذا في المدن، أما في القرية فكيف يكون ذلك كذلك؟! أليس أهل القرية كلهم يزرعون الكرات والجرجير والفجل والخص ويبيعونها إما للجمعية الزراعية أو لتجار الجملة وحتى لتجار التجزئة؟!"...
    كانت آمال زميلته في الدفعة. وكانا يتبادلان الحب. وتعاهدا على الزواج بعد التخرج، ولكن أباها قد حطم أحلامهما، وبدد آمالهما، ويأس نفسيهما...
    ولقد رفضت آمال الزواج بعد رفض أبيها خطبتها لأمل، وكان عندها أمل كبير في الزواج من حبيبها أمل.
    وكانت هذه الخطوبة الفاشلة وقوداً للسخرية من أمل ومن (تطلاعاتي للعلالي)!...
    سافر أمل للخارج للحصول على الدكتوراه. وماتت أمه كمداً بعدما نشبوا بأظافر السخرية والأذى في روحها بعد سفره للبعثة...
    وكانت وفاة أمه هي الوقود الذي أجج نفس أمل للانتقام...
    لقد عاد أمل من البعثة مصمماً على الانتقام بعدما جندته هيئة خطيرة لتجريب سلاح جديد من أسلحة الدمار الشامل!
    بعد اجترار الذكرى، كان أمل ينظر حوله في الخراب والدمار ويقول في سره:
    "إن هذه الهيئة الخطيرة، مازالت تتصف بالرحمة واللين لأن السلاح الجديد لا يؤثر في الجماد!"...
    ولقد تعرض أمل للكارثة نفسها التي نهشت في القرية وما حولها بعدما ماتت أمال حبيبته بعد أبيها بفترة بسيطة...

    كان آخر شيء قاله أمل في سره:
    "عما قريب، سألقي حتفي... وسألتقي بروح حبيتي في العالم الآخر... وسيُدفن معي سري إلى الأبد..."...


    القريع بني مالك (بالسعودية) في الخميس
    3/7/1425 والموافق 19/8/2004
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود خليفة; الساعة 12-10-2017, 14:54.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة محمود خليفة مشاهدة المشاركة
    http://www.qabaqaosayn.com/content/%...81%D9%8A%D9%86


    (1)
    الخوف يعربد في كل بيت. الفزع يجول في كل قلب. الهلع يجوس في كل نفس. الظلام يملأ كل عين. اليأس يذبح كل أمل...
    هرج... مرج... أبدان يابسة ميتة... نباتات صفراء ذابلة... حيوانات نافقة... اكتستث? القرية بالأحزان، وتوشحتث? بالسواد، وشربتث? القطران...
    انشلت العقول فلا تفهم ما يجري... عجزت لجان وزارات الصحة والداخلية والحكم المحلي عن فهم ما يجري... باءت منظمة الصحة العالمية بالفشل في تشخيص ما يجري!...
    ماذا يجري في هذه القرية المنكوبة؟ وكيف تبدل العمار بالخراب؟ والصحة بالمرض؟ والحياة بالموت؟!...
    تقرير اللجان بين أن الكارثة بدأت عندما نفقت الكثير من الحيوانات دفعة واحدة، ثم انتقلت الوفاة إلى أول حالة من سكان القرية وهو الفلاح أيوب عبد الصبور، الذي بدأت متلازمته بحمى وآلام في جسد ثم تقرحات بجلده، ثم فشل في جميع أجهزة جسمه الحيوية، فغيبوبة، فالموت!...
    وقالت اللجان: إن الوباء انتقل إلى زوجته، فابنته، ثم انتقل إلى جيرانه حتى عم القرية كلها بحيواناتها وناسها...
    والعجيب والغريب أن الوباء أصاب النبات؛ فجعله يذبل ويموت...
    وانعقدت لجان، وانفضت لجان، لتفهم هذه الظاهرة وهذا الوباء الغريب؛ ولكن للأسف لم يصلوا إلى شيء!
    قالوا: نوع جديد من الميكروبات آكلة اللحوم، وقالوا: بل هو نوع جديد من الإشعاع لم تصدره أي أجهزة من قبل، سُلط على البلد من دول معادية لنا...
    وتولدت أسئلة كثيرة متشعبة من أسئلة أولية ولكن بلا إجابة!...
    فكيف تعالج الحالات قبل تدهورها وموتها؟ كيف يوقف هذا الدمار في الأرواح والنبات؟ وكيف تحمي بقية البلاد من هذا الوباء وهذه الكارثة الرهيبة؟...
    (2)
    بكتث? العيون... وانتحبتث? القلوب... وشفتث? النفوس... وتضرعتث? الأيدي إلى خالقها ليرفع عنهم ما حل بهم من دمار...
    الشيخ عرفان، عالم دين، وفقيه القرية، وخطيبها، ومأذونها الشرعي، وقف في بداية الوباء يخطب في أهل القرية ويقول:
    - إني متأكد من أن هذا الوباء الذي حل في القرية، هو انتقام من ربنا؛ لأننا ابتعدنا عنه، وعن تعاليم كتابه، وعن تعاليم سنة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم...
    وواصل بمرارة:
    -فبعضنا يقرض الفلاحين الغلابة بالربا، والعياذ بالله، وبعضنا يجور على أراضي الغير ليأخذ من حصة جاره في الماء، والبعض -والعياذ بالله- يمنع الماء عن جاره عيني عينك اعتماداً على سطوته وجبروته، والبعض -وهم كُثر- حاقدون حسَّادون!...
    يا أهل القرية: أنا أؤكد مرة أخرى، أن الذي حدث في قريتنا هو انتقام من ربنا لأننا تركنا تعاليمه وراء ظهورنا، وجاهرنا الله في المعاصي... ألم يغتب بعضنا بعضاً؟ ألم يسخر بعضنا من بعض؟ ألم يؤذِ بعضنا بعضاً؟ ألم يجور القوي على الضعيف؟ والغني على الفقير؟ والصحيح على العليل؟!...
    يا أهل القرية:
    إن الذي صنعناه مع ابننا الدكتور أمل عبد الحميد ووالديه -رحمهما الله- يكفي لئن يجعل الله عالي القرية سافلها، ألم نجعل أملا هدفا في الاستهزاء والنقص منه ومن أمه بعدما مات أبوه وصار يتيماً؟ ألم نكن نسخر منه كلما ذهب أو عاد؟ ألم نقل له يا ابن بائعة الكرات بسخرية واستهزاء؟ ألم يكن هو فاكهة مجالسنا في السخرية؟ أنا خطيب القرية ومرشدها الديني، كنتُ أشارك مجالس اللهو والسخرية من خلق الله! فأين أمري بالمعروف ونهيي عن المنكر؟!...
    يا أهل القرية: إن الكارثة التي حلت بنا عسى أن تكون تكفيراً عن ذنوبنا... فهيا بنا ندعو الله -سبحانه وتعالى- ليرفع عنا هذا البلاء...

    (3)
    بعد انتهاء موعظة الشيخ عرفان، ذهب كل واحد من أهل القرية وهو يشعر بالذنب، وأنب كلُّ منهم نفسه، وكان كل واحد يشعر في قريرة نفسه أنه هو المسئول عن الكارثة التي حلت بمواشي القرية؛ ومنهم أيوب عبد الصبور الذي بدأت الكارثة به، وكان يعاني من حمى وآلام رهيبة في جسده كله...
    فأيوب عبد الصبور عنده يقين أن المرض الغريب الذي حل به والذي احتار الأطباء في تشخيصه هو بسبب ذنوبه التي اقترفها مع الدكتور أمل وأبيه المرحوم عبد الحميد وأرملته...
    لقد أتى المرحوم عبد الحميد إلى القرية من مكان بعيد لا يعرف أهل القرية عنه شيئاً، ولم يكن له عزوة أو قريب في القرية، واشتغل أجيرا في الحقول، وبعد سنوات قليلة، تملك عدة أفدنة، وكانت أرضه كلها خير وبركة؛ حتى الدودة لا تقترب من قطنه، وفي ذات الوقت، تجور على قطن أهل القرية وزرعهم...
    يقول عبد الصبور أيوب لنفسه:
    فبدلاً من أن نفتش في أنفسنا عن سبب ذلك البلاء الذي حل في زرعنا، حقدنا على المرحوم عبد الحميد، وتمنينا أن تصيب الدودة أرضه وتهلك زرعه، بل تمنينا له كل شر!...
    حتى حدث له الحادث الأليم ومات، ولعدم وجود عزوة له، لم يُعرف الجاني حتى الآن، ولُفقت القضية ضد مجهول بمنتهى الإهمال!...
    وبعد موته، بدلاً من نعطف عليه، امتد حقدنا الأسود إلى أرملته وابنه الوحيد، وفرخ حقدنا الأسود السخرية منهما صباحاً ومساء!... والذي أجج هذه السخرية هو الشيخ عرفان، وهذا الشيخ ابن نكتة، وصاحب أفية... الله يحرقه بالجاز...
    وصل المونولوج الداخلي لعبد الصبور أيوب أن صرخ في سره:
    يا أهل القرية، إن ربنا بالمرصاد... لقد حار الأطباء البيطريون في تشخيص مرض البهائم الغريب، وحتى الأطباء البشريون عجزوا عن تشخيص مرضي الغريب، وعما قريب سألقي ربي، فعسى أن يكفر الله عني ما اقترفته يداي...

    (4)
    بعد عدة أيام من موت أيوب عبد الصبور وزوجته وابنته وبعض جيرانه، وقف الحاج عبد الشكور بمفرده في (الوساعية) التي يجتمع فيها أهل القرية بجوار المسجد بعد صلاة العشاء يتأمل حال القرية وما آلت إليه من كوارث...
    فالحاج عبد الشكور على وشك أن يلحق بضحايا هذا المرض الغريب اللعين أو (الشوطة) بتعبير أهل القرية. ويشعر الآن بأن هذه الكارثة كان هو السبب فيها بسبب تعامله بالربا، واستغلاله لحاجة المحتاج، واحتكاره لبعض السلع لكي يبيعها في وقت الأزمات بأسعار مضاعفة!...
    عبد الشكور يشعر بالمرارة بسبب عدم شكره لربه على ما وهبه من أطيان ومواشٍ من ميراث أبيه، وضميره يضربه الآن بسياط بسبب تعامله بالربا الذي حرمه الله في كتابه الكريم كما كان اعتقاده منذ طفولته المبكرة.
    كاد عبد الشكور أن يصرخ من تأنيب ضميره لأن يعتقد أن اللعنة التي أصابت القرية هي بسببه، وبسبب شؤم معاصيه...
    وأين هي مواشيه الآن؟ لقد نفقت كلها في الشوطة!...
    ولقد تضخم الندم في نفسه على كل ثانية مرت عليه حينما ترك الحقد يعشش في قلبه على الدكتور أمل عبد الحميد بسبب تفوقه الدراسي منذ صغره على أبنائه الفاشلين...
    وزاد حنقه على نفسه وعلى أهل القرية حينما تذكر الكردون الذي وضعته الحكومة على القرية؛ فلا أحد يستطيع الخروج منها، ولا أحد يدخل إليها...

    (5)
    بعد عدة أسابيع من الوباء اللعين، كان المسعفون المكممو الأفواه ينقلون جثث ضحايا الوباء الرهيب بخفة ونشاط وحذر...
    كان أحد أبناء القرية وهو عبد المنصف، المهندس الزراعي بالوحدة الزراعية، يشاهد هؤلاء المسعفين ويمط شفتيه ندما وآسفا على ما آل إليه حال أهل القرية ومواشيها وحتى زرعها...
    عبد المنصف قد أصابه الوباء اللعين. وهو يشعر الآن أن هذا الوباء قد أصاب القرية بسبب ما اقترفته يداه مثل شعور أغلب أهل القرية...
    يتفكر عبد المنصف الآن في ما اقترفت يداه أثناء عافيته وصحته، ويشعر بالمرارة والحنق على نفسه لأن العدالة لم تأخذ مجراها كما ينبغي، والمرارة استفحلت في نفسه أكثر لأن العدالة لن تأخذ مجراها وخاصة أنه الآن على حافة الموت، ولكن أمله أن يكفر الله عنه بإقراره بذنبه وندمه أمامه سبحانه وتعالى...

    لقد ورث عبد المنصف عن المرحوم والده أرضا زراعية شاسعة، وبدلاً من أن يجتهد في أرضه ورعايتها، اجتهد في رعاية نبات الحقد الذي نما في قلبه -كغالبية أهل القرية- ضد عبد الحميد منذ أعوام عديدة.
    وهذا الحقد بدأ ينمو كنبتة صغيرة حينما كان عبد المنصف يرى المرحوم عبد الحميد يثابر بجد وهمة في أرضه البسيطة المثمرة الخالية من الآفات الزراعية.
    عبد المنصف يجتر الذكرى الآن ويضرب كفا بكف ويقول في نفسه إنه فلاح ابن فلاح، ودرس الهندسة الزراعية، ومارس الزراعة منذ نعومة أظفاره، ومع ذلك كان عاجزا عن حماية أرضه من الآفات الزراعية.
    يعض عبد المنصف شفتيه ندما الآن حينما تذكر كيف تضخمت نبتة الحقد في نفسه ضد عبد الحميد وتحولت إلى شجرة عملاقة تمتد في كل كيانه مع مرور الزمن.
    ولم تقف نبتة الحقد عند حدود الشجرة العملاقة، بل امتدت وتمطت وترعرعت حتى أمست كحيوان الديناصور الخرافي الرهيب!
    وكان عبد المنصف كلما تلفت يميناً أو يساراً، حتى لو أغمض عينيه، يجد هذا الديناصور الرهيب يسخر منه ومن عجزه عن عمل أي شيء مع عبد الحميد...

    يقول عبد المنصف في نفسه:
    "ما أتفهني! ما أتفهني! وما أتفهنا جميعاً!...
    فالرجل -عليه رحمة الله- لم يفعل ذرة أذى معي أو مع أي أحد من أهل القرية".
    لقد تمدد ديناصور الحقد وتضخم في جنبات نفس عبد المنصف، وضغط على ضلوعه؛ وكان لابد من تنفيسه بأي أشكل...
    وحانت الفرصة ذات مساء، حينما خرج عبد المنصف من أحد حقوله، ووجد عبد الحميد ماشياً بمفرده على الطريق الوحيد الذي يدخل القرية.
    وكان الليل يمد دثاره ليغطي كلَّ شيء. والقمر غارقاً في النوم العميق في بداية الشهر العربي. والنجوم لم تستيقظ بعد. حتى الحقول نفسها تراخت سيقانها، وثقلت أجفانها، وتثاءبت حتى دخلت في سبات عميق...
    ركب عبد المنصف جراره الزراعي المركون على الطريق في نهاية حقله، وفي ومضة سريعة، برقت عيون ديناصور الحقد أمامه ومارت وفارت وحرقته بسياطها الساخرة... وكان لابد من التنفيس...
    وفي ثوان معدودة، كانت روح المرحوم عبد الحميد تتحرر وتترك جسده تحت الجرار!
    ولم يشاهد أحد ما حدث إلا ديناصور الحقد الذي صغر وصغر حتى اختفى تماماً...
    ولكن بردت نار وقادت نار...
    فلقد حل شبح عبد الحميد محل الديناصور!
    فعبد المنصف يرى شبح عبد الحميد في كل وقت وحين، وفي كل مكان حلل فيه، وفي يقظته وفي منامه...
    أصبح شبحه كالغول الذي يريد أن يلتهمه بأي شكل وهو في حالة ذعر وفرار دائمين منه...
    لقد عُرض عبد المنصف على أطباء نفسيين ولكن بلا جدوى...
    قُيدت القضية ضد مجهول حتى الآن.
    يقول عبد المنصف في ضميره:
    إن الذي حدث لي، وما يحدث في القرية من مرض الإيدز الجديد، هو انتقام ربنا من فعلتي الشنعاء...

    (6)
    وقف أحد أبناء القرية المنكوبة وهو الدكتور أمل عبد الحميد، بمفرده في ساحة القرية الفسيحة والتي ينعق فيها الخراب والدمار، بل وينعقا في كل القرى المحيطة بالقرية إن لم يكن في كل المحافظة...
    كان أبوه -عليه رحمة الله- من أفضل مزارعي القرية. وكانت أرضه تفيض بالخير والنماء. وكان يصبر على كيد الحاقدين والموتورين من أهل القرية وما أكثرهم في ذلك الزمان!...
    كانوا يحبسون الماء عن أرض أبيه أحيانا، وأحياناً أخرى يغمرون أرضه بالماء الغزير حتى تموت...
    وكان عبد الحميد يردد دائما:
    "إن الله لا يغفل ولا ينام... ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون... وإن ربك لبالمرصاد..."...
    فكانت أرض هؤلاء الحاقدين تصاب بالآفات الزراعية المتنوعة، أما أرضه فكان الله يحفظها من كل سوء بالرغم من الأذى الذي تتعرض له على أيد أولئك الحاقدين...
    ولقد سأل أمل أباه عن سر هذا الكيد وهذه الأحقاد، فكان يقول: "الدودة التي تأكل أرضهم، وتسلم منها أرضنا هي السبب". فيسأله: ولماذا لا تأتي الدودة إلينا؟ فيجيبه: "لأننا لم نحقد على أحد"... ولما سأله ذات مرة عن سر الخير الوفير في أرضهم، أجابه بأنه -أي عبد الحميد- وهو صغير كان يعمل أجيرا في الحقول، وكان يدعو الله كثيراً بأن يعينه ويوفقه، وكانت الأرض التي يعمل فيها أجيراً، يعتبرها أرضه تماماً؛ فلذلك يراعي الله فيها، ويعتني بها بإخلاص شديد...
    وذات مرة تغيب صاحب الأرض عن البلاد ثلاث سنوات، فلما عاد وجد أرضه تنتج الخير الكثير؛ فابتهج وسعد كثيراً، ودعا الله له بأن يأتي الخير على يديه... واستجاب الله دعوة هذا الرجل لأنه كان صالحاً، ورزقه الله هذه الأرض التي يمتلكها منذ سنوات.
    يجتر الدكتور أمل عبد الحميد الذكرى ويقول في نفسه:
    "ولا أدري سر ترك أبي للصعيد منذ سنوات بعيدة؟! هل كان عليه ثأر؟ أم ماذا؟! ومنث? هم أهلي؟ حتى أمي لم تخبرني إلا بأن أهل أبي من الصعيد. والصعيد كبير، فأين هم في الصعيد؟ ولماذا لم نذهب إليهم؟! ولماذا لم يأتوا إلينا؟!...
    مات أبي. وماتت أمي. ولم أعرف حقيقة هذا الأمر حتى الآن...
    ولما مات أبي في حادث سيارة، لم نعرف الجاني حتى الآن. وأهل القرية شمتوا فينا! فهل يشمت أحد في الموت؟!
    وباعت أمي أرضنا بأبخس سعر. وبعد نفاذ المال، لم تجد أمي وسيلة لمعيشتنا إلا أن تبيع الخضروات. وكنت في ذلك الوقت في الصف الأول من الشهادة الثانوية. ولم يتركونا أهل القرية في حالنا، بل تربصوا بنا.
    وكنت كلما غدوت إلى القرية أو عدت، يتهكمون عليَّ. وكنت أشتكي لأمي فتقول: قل: حسبنا الله ونعم الوكيل..
    وكنا لا نجد تفسيراً لهذا الكيد. ولا أدري لماذا تركوا كل مشاكلهم وتفرغوا لنا؟ ولا أدري ماذا صنعنا لهم حتى يكيدوا ذلك الكيد؟ ويؤذوننا ذلك الأذى؟!...
    فأبي قد مات. والأرض قد اشتراها أحدهم. وأمي أفقر خلق الله. ونعيش على الكفاف"...
    كانت المرارة المنقوعة في الحنظل تطفح على نفس أمل وهو يتذكر ما فعله أهل القرية بهم، وكان يتساءل كثيرا بذات المرارة فيما مضى:
    "لماذا يا قرية الظلم تكيدي لنا؟! لماذا؟ ما السر في ذلك؟ ألعدم وجود عزوة لنا تفعلون بنا الأفاعيل؟ أين حسن الجوار يا قرية الظلم؟ وأين العطف على الأرملة واليتيم يا قرية الشؤم والحقد؟ أين الرجولة والشهامة وأخلاق القرية يا قرية السوء؟ حتى أبي، ماذا صنعه لكم حتى يمتد آذاكم منه إلينا؟!"...
    لقد ذهبت أمه لكبير القرية، العمدة، لكي يكفوا آذاهم عنا. فقال لها: "ماذا تريدين مني أن أفعله معهم؟ هل أطردهم من القرية؟!"...
    ومع كل هذا الحقد، وكل هذا الكيد، وكل هذا الظلم، إلا أن أملا كان متفوقاً على كل أقرانه، والتحق بكلية من كليات القمم، وكان الأول دائماً على الدفعة، وعُين معيداً بكليته...
    وتخرج أمل من الجامعة. وتقدم لخطبة آمال ابنة الحاج أيوب عبد الصبور، فرفض الأخير طلبه بشدة، وعامله بمنتهى الإهانة، وعيره بأنه ابن بائعة الكرات!
    لقد صدم أمل صدمة كبرى...
    وكان يتساءل مع نفسه:
    "هل يعير قروي أحدا ببيع الكرات؟!
    أفهم أن يحدث هذا في المدن، أما في القرية فكيف يكون ذلك كذلك؟! أليس أهل القرية كلهم يزرعون الكرات والجرجير والفجل والخص ويبيعونها إما للجمعية الزراعية أو لتجار الجملة وحتى لتجار التجزئة؟!"...
    كانت آمال زميلته في الدفعة. وكانا يتبادلان الحب. وتعاهدا على الزواج بعد التخرج، ولكن أباها قد حطم أحلامهما، وبدد آمالهما، ويأس نفسيهما...
    ولقد رفضت آمال الزواج بعد رفض أبيها خطبتها لأمل، وكان عندها أمل كبير في الزواج من حبيبها أمل.
    وكانت هذه الخطوبة الفاشلة وقوداً للسخرية من أمل ومن (تطلاعاتي للعلالي)!...
    سافر أمل للخارج للحصول على الدكتوراه. وماتت أمه كمداً بعدما نشبوا بأظافر السخرية والأذى في روحها بعد سفره للبعثة...
    وكانت وفاة أمه هي الوقود الذي أجج نفس أمل للانتقام...
    لقد عاد أمل من البعثة مصمماً على الانتقام بعدما جندته هيئة خطيرة لتجريب سلاح جديد من أسلحة الدمار الشامل!
    بعد اجترار الذكرى، كان أمل ينظر حوله في الخراب والدمار ويقول في سره:
    "إن هذه الهيئة الخطيرة، لازالت تتصف بالرحمة واللين لأن السلاح الجديد لا يؤثر في الجماد!"...
    ولقد تعرض أمل للكارثة نفسها التي نهشت في القرية وما حولها بعدما ماتت أمال حبيبته بعد أبيها بفترة بسيطة...

    كان آخر شيء قاله أمل في سره:
    "عما قريب، سألقي حتفي... وسألتقي بروح حبيتي في العالم الآخر... وسيُدفن معي سري إلى الأبد..."...


    القريع بني مالك (بالسعودية) في الخميس
    3/7/1425 والموافق 19/8/2004
    مساء الورد
    النص جاء رتيبا وتقليديا بسرديته بالرغم من كونه سهل بسيط لكنه طال من القص حسب رؤيتي
    تعددت الأسماء وتواردت الجمل بشكل رتيب جدا وكان بالإمكان استغلال فسحة ( الحكي ) أن يسرد القص بدل استخدام الجمل الطويلة
    بظني أن القاص له اسلوب يميل للرواية وليس للقصة القصيرة لأن النص احتوى على الكثير من السردية الطويلة النفس والتي تصلح للرواية ولم تخدم النص كثيرا لأن السرد الطويل وكثرة الأسماء والشخوص تؤثر على القصة القصيره وتصيبها بالتهدل.
    هل كان النص يبحث عن مشكلة
    نعم فهو طرح مشكلات كالظلم والجور والحسد والكراهيه والحقد والعمل على إيذاء الاخرين حتى لو لم يكونوا سيئين وهذا حقيقة يحدث دائما وخاصة في القرى والفلاحين والذين عادة تكون رؤاهم ضيقة ولايمتلكون رصيدا من العلم والثقافه، لكن القاص لم يطرح الحل ولم تكن له رؤية ولو بسيطة عنه وترك الباب مفتوحا على مصراعيه حين عاد بالابن لينتقم من القرية وأهلها بالمرض بعد أن درس طويلا، وهنا انفتحت علينا رؤية أخرى للقاص حيث ( جمع ) الانتقام بصيغة العلم ونفذه على القرية وأهلها بعد أن شك بأنهم قتلوا أهله وسجلت ضد مجهول.
    هل كان القاص يتعمد موت ( آمال ) بإشارة منه أن لاأمل يرجى منا كشعوب بل وزاد على ذلك أن يترك ( أمل ) أيضا ينتظر الموت أملا بلقاء حبيبته التي كان أهل القرية لهم اليد الطولى بتفريقه عنها، وهل برر ذلك بتلك الميتة التي لم أعرف كيف ولا لماذا وهل كانت بحادث أم بمرض.
    رأيت أن توظيف الدولة الكبرى لهذا الشاب غير موفقة في النص حيث شعرت بها كأنها ( خروج اضطراري ) من القصة تعجل فيه الكاتب برؤيته لأنها ابتلعت ومضة النهاية التي نترجاها بأي نص والتي تتركنا فاغري الأفواه حد الدهشة، أو على الأقل تعطينا جانبا آخر غير متوقع.
    برأيي المتواضع التكثيف كان علة النص
    هذه رؤيتي وأتمنى أن لاأكون مجحفة أو ينزعج مني صاحب النص لأني أعطيت رأيي وبصراحه
    غابات الورد للجميع
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • عكاشة ابو حفصة
      أديب وكاتب
      • 19-11-2010
      • 2174

      #3
      كانت طويلة شئ ما وقسمها كاتبها الى ستة أقسام .
      من الأسطر الأولى اتضح لي أن الأمر يتعلق بسلاح " جرثومي " وهذا جاء به الكاتب في النهاية .
      دكتور ينتقم من أهل قريته باستعمال سلاح الدمار الشامل الذي يقضي على كل شئ حي .
      آآآآه كيف يعشون أهل القرى الذين تحولوا في هذه الجروب إلى حقل تجارب ؟ .
      أتذكر تلك " الذبابة " التي ألقيت على قطيع الأغنام لإحدى الدول العربية وقضت عليه .
      كان هذا اختبار في عهد الحرب الباردة التي كانت تدور رحاها بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي .
      وبنهما الدول العربية ذات التوجه الإشتراكية والدول ذات التوجه الراسمالي .
      لقد دفعت تلك الدولة الثمن ومازالت لحد الساعة نسأل الله اللطف في ما جرت به المقادير .
      أستاذتي عائـــــــــــــــــــــــــــدة ها أنا طليت .
      أشكر محمود خليفة الذي خط " صاحب السر الدفين ".
      و الى اللقاء .
      [frame="1 98"]
      *** حفصة الغالية أنت دائما في أعماق أعماق القلب, رغم الحرمان...فلا مكان للزيارة ما دمت متربعة على عرش القلب.
      ***
      [/frame]

      تعليق

      • عمار عموري
        أديب ومترجم
        • 17-05-2017
        • 1300

        #4
        نص من واقع الريف المصري مزج الواقع بالخيال، ودرامي بامتياز وعنوانه مشوق، ويمكن تلخصيه كما يلي :
        المقدمة :
        في الريف المصري، ينتشر وباء مفاجئ على قرية فيهلك الزرع والمواشي ثم ينتقل إلى بيت "الحاج أيوب عبد الصبور" فيقضى عليه وعلى زوجته وابنته الوحيدة "آمال"، ثم ينتقل بعذ ذلك إلى كافة البيوت. هذا الوباء المجهول أثار تساؤلات عدة : هل هو نوع غير معروف من الميكروبات، أم هو نوع جديد من الإشعاع الذري أدخل إلى البلد بطريقة خفية، من دولة معادية ؟

        العقدة :
        لكن الشيخ "عرفان" فقيه القرية، أكد للناس منذ اليوم اليوم الأول أن الأمر يتعلق بانتقام إلهي، بسب عدة ذنوب ارتكبها السكان من أهمها الحسد والحقد في حق الفلاح "عبد الحميد" وعلى ابنه "أمل" المتفوق في الدراسة على أبنائهم الفاشلين.


        فمن هو عبد الحميد ؟ رجل غريب عن القرية، اشتغل في البداية أجيرا في الحقول، وبعد سنوات قليلة، تملك عدة أفدنة، وكانت أرضه كلها خير وبركة؛ حتى الدودة التي كانت تجور على قطن أهل القرية وزرعهم لا تقترب من قطنه...ولذلك حقد عليه أهل القرية ومن بينهم من كان الفلاح "الحاج أيوب عبد الصبور" وتمنوا له الشر، وتحققت أمنيتهم ذات مساء حين قتل في حادث سير، ولأن الجاني ظل غير معروف عند العدالة فقد قيدت القضية ضد مجهول وأهملت في أدراج النسيان.

        باعت الأم الأرض بأبخس سعر. وبعد نفاذ المال، لم تجد من وسيلة للعيش إلا ببيع الخضروات. ورغم ذلك فقد استطاع ابنها "أمل" التنقل من الصف الأول في الشهادة الثانوية والالتحاق بكلية كبيرة، وتخرج أول دفعته، وعُين معيدا بكليته...ثم تقدم لخطبة آمال زميلته في الدفعة وهي ابنة الحاج أيوب عبد الصبور، فرفض هذا الأخير طلبه، وعيره بأنه ابن بائعة الكرات !

        الحل :

        سافر "أمل" في بعثة إلى الخارج للحصول على الدكتوراه. وماتت أمه كمدا عليه بعد سفره وكان خبر وفاتها هو الوقود الذي أجج نفس "أمل" للعودة والانتقام من القرية كلها. لقد عاد "أمل" من البعثة وقد جندته هيئة أجنبية لتجريب سلاح جديد من أسلحة الدمار الشامل!

        وقف "الدكتور أمل عبد الحميد" بمفرده في ساحة القرية المنكوبة، وهو يتذكر ما فعله أهل القرية بأهله ويقول :
        "مات أبي. وماتت أمي. ولم أعرف حقيقة موتهما حتى الآن...عما قريب، سألقي حتفي أنا أيضا...وسألتقي بروح حبيتي في العالم الآخر... وسيُدفن معي سري إلى الأبد..."

        موضوع ينتمي إلى الأدب الواقعي، أضاف إليه الكاتب شيئا من الخيال، بدأ فيه بما قبل النهاية ليسترجع البداية بعرض الأحداث من الأول تديريجا والعودة إلى النهاية، أي بتوظيف أسلوب الاسترجاع الفني وهذا ما شوق ذهن القارئ وشوشه أيضا، لأن أسلوب السرد فيه إطناب كبير، وتكرار للعبارات والكلمات وهذا ما يمكن ملاحظته بسهولة من بداية النص. وتمنيت لو كان هذا الإطناب بمستوى هذه العبارة الجميلة مثلا : "حتى الحقول نفسها تراخت سيقانها، وثقلت أجفانها، وتثاءبت حتى دخلت في سبات عميق..."

        أخطاء لغوية يمكن تصحيحها :
        العمار = العمر/ العمران
        متلازمته = ؟
        في جسد = في جسده
        وجاهرنا الله في المعاصي = وجاهرنا الله بالمعاصي
        ألم يجور القوي على الضعيف = ألم يَجُرْ القوي على الضعيف
        يكفي لئن يجعل = يكفي لأن يجعل
        هدفا في الاستهزاء =
        عسى أن تكون تكفيراً = قد تكون تكفيرا
        فهيا بنا ندعو الله = فهيا ندعو الله
        عبد الصبور أيوب = أيوب عبد الصبور
        بمنتهى الإهمال! =وانتهت إلى الإهمال
        بدلاً من نعطف عليه = بدلا من أن نعطف عليه
        وصاحب أفية = صاحب إفيه ؟
        لأن يعتقد = لأنه يعتقد
        والقمر غارقا في النوم = والقمر غارق في النوم
        وفي كل مكان حلل فيه = وفي كل مكان حلّ فيه
        ولكن بردت نار وقادت نار = ولكن بردت نار ووقدت نار...
        إن الذي حدث لي = إن ما حدث لي
        والتي ينعق فيها الخراب والدمار، بل وينعقا في كل القرى = والتي ينعق فيها الخراب والدمار، بل وينعقان في كل القرى

        نص أعجبني كثيرا، لأنه تمكن من مزج الواقع بالخيال وإنهائه على هذه الصورة، صورة يمكن تقبلها، لأن الأخذ بالثأر، قد يأخذ أشكالا مختلفة في الكيف والكم عن تلك المعهودة، ومن هذه الأشكال الاستعانة بالخارج، لإحداث أكبر عدد ممكن من الضحايا.

        تحيتي لكما، عزيزي، عائده وعكاشة، وشكري لكما على مشاركتيكما، وشكري أيضا للكاتب محمد خليفة الذي قرأت له أيضا نصا قصيرا آخر هنا، ومقطعا من رواية له في موقع آخر، وجدتها محذوفة هنا.

        تعليق

        • محمود خليفة
          عضو الملتقى
          • 21-05-2015
          • 298

          #5
          مساء الفل
          الشكر الجزيل والوفير لأستاذتنا المبدعة عائدة محمد نادر على مرورها الطيب وإضافتها المثمرة لهذه القصة المتواضعة.
          وأنا أتفق معكِ بأنها طويلة النفس وتميل إلى القصة أكثر بسبب كثرة شخوص القصة كما تقولين.
          وسبب كثرة شخوص القصة هو شرح دور عدد منهم في تفعيل الحقد النامي في نفوسهم على عبد الحميد وأسرته الصغيرة، وأيضا لتوضيح تأثير سلاح الدمار الشامل على هذا العدد من أهل القرية.
          وبالنسبة لتوظيف الدولة الكبرى لأمل عبد الحميد فقد جاء من دولة عدوة ووجدت ضالتها في هذا الشاب المتعطش للانتقام.
          وفقكِ الله وزادكِ إبداعا وتألقا.
          وتقبلي تحياتي...
          التعديل الأخير تم بواسطة محمود خليفة; الساعة 03-10-2017, 13:02.

          تعليق

          • محمود خليفة
            عضو الملتقى
            • 21-05-2015
            • 298

            #6
            والشكر الجزيل والوفير لأستاذنا المبدع عكاشة أبو حفصة على مروره الطيب وإضافته القيمة.
            وبالنسبة للدولة التي ألقت ذبابة على قطيع الغنم، فيوجد ما هو أشد خطرا؛ فالكيان الصهيوني والغرب يعدون قنبلة تبيد جنسا معينا (العرب مثلا)!
            المشكلة أن نسبة كبيرة من اليهود ساميين؛ يعني مثلنا، وهذا سبب لهم مشاكل في تحضير هذه القنبلة العنصرية!
            وفقكم الله وزادكم إبداعا وتألقا.
            وتقبل تحياتي...
            التعديل الأخير تم بواسطة محمود خليفة; الساعة 03-10-2017, 12:52.

            تعليق

            • محمود خليفة
              عضو الملتقى
              • 21-05-2015
              • 298

              #7
              والشكر الجزيل والوفير لأستاذنا المبدع عمار عموري على هذا التحليل الدقيق والنقد القيم والإفادة الكبيرة لهذه القصة المتواضعة.
              وبالنسبة للأخطاء اللغوية:
              فسأحاول تصحيحها إن شاء الله.
              بالنسبة لكلمة متلازمته:
              متلازمة هي ترجمة عربية لكلمة syndrome بالإنجليزية

              وبالنسبة لكلمة (أفية):
              فهي قد جاءت على لسان الفلاح أيوب عبد الصبور؛ يعني كلمة (دارجة) وليست فصيحة، والفلاح لا يقول (إفية).

              وفقكم الله وزادكم إبداعا وتألقا.
              وتقبل تحياتي...
              التعديل الأخير تم بواسطة محمود خليفة; الساعة 04-10-2017, 02:48.

              تعليق

              • عمار عموري
                أديب ومترجم
                • 17-05-2017
                • 1300

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة محمود خليفة مشاهدة المشاركة
                الشكر الجزيل والوفير لأستاذنا المبدع عمار عموري على هذا التحليل الدقيق والنقد القيم والإفادة الكبيرة لهذه القصة المتواضعة.
                وبالنسبة للأخطاء اللغوية:
                فسأحاول تصحيحها إن شاء الله.
                بالنسبة لكلمة متلازمته:
                متلازمة هي ترجمة عربية لكلمة syndrome بالإنجليزية

                وبالنسبة لكلمة (أفية):
                فهي قد جاءت على لسان الفلاح أيوب عبد الصبور؛ يعني كلمة (دارجة) وليست فصيحة، والفلاح لا يقول (إفية).

                وفقكم الله وزادكم إبداعا وتألقا.
                وتقبل تحياتي...
                سرني كثيرا حضورك وسرني أكثر تفاعلك - لا انفعالك - مع ملاحظاتي.
                وهذا يعطي درسا لمن يتوهم أن النقد والتدقيق اللغوي ينقصان من قيمة عمل الكاتب ويمسان بشخصه، ويقدم عبرة لمن يعتبر أن النقد يوحد الكاتب مع الناقد حول النص لأجل ترقيته، وليس يفرقهما.

                بخصوص كلمة أفية، ظننتها دارجة مصرية مشتقة من كلمة effet الفرنسية، فمعذرة منك بعد أن وضحت لي الأمر.

                مع محبتي وتقديري واحترامي، أخي الحبيب الأستاذ محمود خليفة.

                تعليق

                • حسين ليشوري
                  طويلب علم، مستشار أدبي.
                  • 06-12-2008
                  • 8016

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عمار عموري مشاهدة المشاركة
                  سرني كثيرا حضورك وسرني أكثر تفاعلك - لا انفعالك - مع ملاحظاتي.
                  وهذا يعطي درسا لمن يتوهم أن النقد والتدقيق اللغوي ينقصان من قيمة عمل الكاتب ويمسان بشخصه، ويقدم عبرة لمن يعتبر أن النقد يوحد الكاتب مع الناقد حول النص لأجل ترقيته، وليس يفرقهما.
                  السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                  أهلا بالحبيبين صاحب المتصفح الطبيب الأديب محمود خليفة والأديب الناقد عمّار عمُّوري.
                  يا أخي عمار، إن الطبيب الأديب محمود خليفة رجل بالغ سنا وأدبا وإبداعا وما أظنه ينزعج من نقد أو ملاحظة أو توجيه فهو يطلب ذلك كلَّه من المختصين ويفرح به ويشكره لهم خلافا لبعض غلمان الأدب، وإن كانوا كهولا أو شيوخا، ممن يحسب نفسه قد بلغ من "الإبداع" الأدبي الذروة وقد بلغها ولكن في الرداءة و"تورم" الأنا وتضخمها، نسأل الله السلامة والعافية.
                  في النقد، لمن يعرف قدره، إحياء للأديب وإنماء لأدبه وفيه صقل للموهبة وشحذ لها.
                  أشكر لك جهدك في متابعة الإنتاج الأدبي وحضورك المثري.
                  تحيتي إليكما وتقديري لكما.

                  sigpic
                  (رسم نور الدين محساس)
                  (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                  "القلم المعاند"
                  (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                  "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                  و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                  تعليق

                  • عمار عموري
                    أديب ومترجم
                    • 17-05-2017
                    • 1300

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                    أهلا بالحبيبين صاحب المتصفح الطبيب الأديب محمود خليفة والأديب الناقد عمّار عمُّوري.
                    يا أخي عمار، إن الطبيب الأديب محمود خليفة رجل بالغ سنا وأدبا وإبداعا وما أظنه ينزعج من نقد أو ملاحظة أو توجيه فهو يطلب ذلك كلَّه من المختصين ويفرح به ويشكره لهم خلافا لبعض غلمان الأدب، وإن كانوا كهولا أو شيوخا، ممن يحسب نفسه قد بلغ من "الإبداع" الأدبي الذروة وقد بلغها ولكن في الرداءة و"تورم" الأنا وتضخمها، نسأل الله السلامة والعافية.
                    في النقد، لمن يعرف قدره، إحياء للأديب وإنماء لأدبه وفيه صقل للموهبة وشحذ لها.
                    أشكر لك جهدك في متابعة الإنتاج الأدبي وحضورك المثري.
                    تحيتي إليكما وتقديري لكما.

                    نعم استاذنا الجليل حسين ليشوري
                    لقد ادهشني رد الدكتور محمد خليفة فقلت في نفسي ان من يكتب ردا كهذا لابد وان يكون انسانا قوي النفس لطيف الروح قبل ان يكون كاتبا ونصوصه المعروضة بقسم النقد تدل على انه متفتح على الراي الاخر ولا يخافه...
                    كل المحبة لاخينا الاديب محمد خليفة وتمام الصحة لك ان شاء الله.
                    واعتذر منك على اسقاط الهمزة فهو غير المتعمد

                    تعليق

                    • محمود خليفة
                      عضو الملتقى
                      • 21-05-2015
                      • 298

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عمار عموري مشاهدة المشاركة
                      سرني كثيرا حضورك وسرني أكثر تفاعلك - لا انفعالك - مع ملاحظاتي.
                      وهذا يعطي درسا لمن يتوهم أن النقد والتدقيق اللغوي ينقصان من قيمة عمل الكاتب ويمسان بشخصه، ويقدم عبرة لمن يعتبر أن النقد يوحد الكاتب مع الناقد حول النص لأجل ترقيته، وليس يفرقهما.

                      بخصوص كلمة أفية، ظننتها دارجة مصرية مشتقة من كلمة effet الفرنسية، فمعذرة منك بعد أن وضحت لي الأمر.

                      مع محبتي وتقديري واحترامي، أخي الحبيب الأستاذ محمود خليفة.
                      والشكر لكم ثانية يا أستاذنا الفاضل على إهتمامكم البالغ.
                      وبالنسبة لكلمة
                      effet الفرنسية:
                      فربما تكون (أفية) باللغة الدارجة المصرية هي ترجمة لهذه الكلمة الفرنسية.
                      وفي المسرح حينما يتعمد الممثل ويخرج عن النص أو لا يخرج أحيانا، فإنه يقوم بفعل -يسموه النقاد (إفيه)- لكي يؤثر في الجمهور ويجعله يتفاعل معه ويصفق له.
                      تقبلوا وافر تحياتي...

                      تعليق

                      • محمود خليفة
                        عضو الملتقى
                        • 21-05-2015
                        • 298

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                        السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                        أهلا بالحبيبين صاحب المتصفح الطبيب الأديب محمود خليفة والأديب الناقد عمّار عمُّوري.
                        يا أخي عمار، إن الطبيب الأديب محمود خليفة رجل بالغ سنا وأدبا وإبداعا وما أظنه ينزعج من نقد أو ملاحظة أو توجيه فهو يطلب ذلك كلَّه من المختصين ويفرح به ويشكره لهم خلافا لبعض غلمان الأدب، وإن كانوا كهولا أو شيوخا، ممن يحسب نفسه قد بلغ من "الإبداع" الأدبي الذروة وقد بلغها ولكن في الرداءة و"تورم" الأنا وتضخمها، نسأل الله السلامة والعافية.
                        في النقد، لمن يعرف قدره، إحياء للأديب وإنماء لأدبه وفيه صقل للموهبة وشحذ لها.
                        أشكر لك جهدك في متابعة الإنتاج الأدبي وحضورك المثري.
                        تحيتي إليكما وتقديري لكما.

                        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أستاذنا الفاضل وشيخنا الأديب حسين ليشوري
                        شكرا جزيلا ووفيرا على مروركم الطيب ومشاركتكم القيمة وقولكم المبالغ فيه في العبد الفقير محمود خليفة.
                        وبخصوص تقبل النقد والأخطاء اللغوية:
                        فالإنسان يتعلم من المهد إلى اللحد. والنقد يثري العمل الأدبي ولا ينقصه أبدا. وإذا بين ووضح الناقد ثمة أخطاء لغوية أو في صميم بناء النص ذاته، فإنما هو لتصحيح النص ولتجنب أخطاء في نصوص أدبية مقبلة؛ ومن هو ذلك الأديب أو الكاتب الذي لا يقبل ذلك؟!
                        وفقكم الله وزادكم إبادعا وتألقا.
                        وتقبلوا وافر تحياتي...

                        تعليق

                        • فاكية صباحي
                          شاعرة وأديبة
                          • 21-11-2009
                          • 790

                          #13
                          السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
                          لقد اتكأ النص على عدة قيم نفيسة يحتاجها ال
                          مرء في رحلة الحياة القصيرة فمن كد وجد ومن زرع حصد... ومن زرع بذرة خير يستحيل ألا يتظلل بغير أوراقها ..فنلاحظ أن عبد الحميد عندما كان أجيرا كان يعمل بضمير في أرض غيره وهذا ما جعل الله سبحانه وتعالى يجزل له العطاء ..ذلك العطاء المتمثل في خيرات أرضه التي بقيت عصية على كل الآفات التي أصابت أراضي غيره من أهل القرية وبعثرت محاصيلهم ..وما اجتباه الله تعالى به كان نتيجة غراس يديه وطيبة قلبه ..لأن القلب الطيب حيثما ولّى سيترك بعض أثره وهي دعوة ضمنية للمتلقي حتى يتطهّر من الأحقاد والضغائن، تلك الصفات السلبية التي تؤثر على حياة المرء أنّى مضى ..لأن الإنسان الحاقد لا يمكن أن ينسكب من بين يديه سوى الحقد وبالتالي فسواد قلوب أهل القرية قد زرعوه في تربتهم مع بذورهم لينمو غراسهم ويزهر ثم يصير طعاما سائغا للدود ..وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن القلب السليم بإمكانه أن يبني سورا منيعا يحمي صاحبه من كل الأشياء السلبية التي يمكن أن تصير حجر عثرة يعيق مسار خطاه..


                          وباستثناء هذه القوة الإيجابية التي افتتح به الأديب روايته القصيرة نجده قد عرض ثلاث قوى متضاربة تمثلت في مايلي:..
                          1 قوة الحقد الذي دمر محاصيل أهل القرية حتى يكيلوا العداء لعبد الحميد
                          2 قوة الانتقام التي دمرت أمل ذلك الفتى الحالم الذي كان بإمكانه أن يملك العالم بما حباه الله تعالى من علم وتميز ..
                          فنلاحظ أنه بدلا من أن يطل على الغد من كوة الأمل ..صار يطل عليه من كوة جراحه ليراه غائما شاحبا لا حياة فيه ..


                          3 قوة ذلك السلاح المدمر الذي أحضره أمل ودسه في عمق قريته بقلب بارد بعدما عبثت به نار الانتقام
                          فبدلا من أن يعود إلى وطنه بقلب سليم يغسله فيض الرضا والتسامح والمحبة ..عاد يصارع سهما مندسا في صدره ليدسه من جديد في عمق قريته ..فما فائدة العلم الذي لا يطهر نفس صاحبه ويرفعه إلى أعلى الدرجات ..وقد نزل أمل من عليائه ليتساوى مع هل القرية في جرمهم..

                          فالنص يحمل رسالة بليغة..وهو يندرج في إطار الرواية القصيرة ..فالأديب يستطيع أن يطوره ببعض الحوارات وبعض التجليات ليبدو أكثر نضارة ..
                          أما عن الأخطاء فأمرها يسير ..فأحيانا نقرأ بأذهاننا ولا تنتبه العين منا لما ترقن أصابعنا إلا بعد قراءة واثنتين ..
                          ومع ذلك ليس عيبا أن نخطئ أخي الكريم ..فرواد الرواية كلهم يعرضون نصوصهم على مدققين لغويين وهذا ليس عيبا ..
                          وإنما العيب أن نتمادى في الخطا انتصارا لأنفسنا ..وكلنا مازلنا نحبو بحقول اللغة ..وما زلنا نتعلم من بعضنا بعضا


                          وإضافة إلى ما أدرجه الإخوة الأفاضل ..أضيف ملاحظة بسيطة فيما يخص العبارة التالية
                          "لازالت تتصف بالرحمة واللين لأن السلاح الجديد لا يؤثر في الجماد"

                          والصحيح مازالت ..لأن كلمة زال كلمة تدل على النفي ..فإذا سبقتها أداة نفي دلت الجملة على الإثبات لأن نفي النفي
                          إثبات كما نعلم جميعا
                          وإذا دخلت (ما ) على ( زال ) فهي تدل على الخبر كقولنا مازال المطر ينزل
                          ولا يمكننا القول لازال المطر ينزل
                          ..بل نستطيع القول لا يزال المطر ينزل
                          وبالتالي فكل جملة نفتتحها بــ (مازال) هي جملة خبرية بدأ حدوثها في الماضي
                          وكلمة لازال هي خطأ شائع يقع فيه معظم الكتاب
                          لأنها تفيد الدعاء
                          بينما مازال تفيد الإخبار

                          بقي الآن أن أشيد بروح الأديب الفاضل محمود خليفة ..فهناك أدباء بمجرد أن تبدي ملاحظة حول نصوصهم يتهجمون عليك بما لم تكن تتوقعه ..فالنقد البناء كان ولم يزل بمثابة المحك الذي يُظهر الغث من السمين ..والأديب الذكي هو ذلك الذي يتقبل الملاحظة بروح طيبة ويسعى جاهدا حتى يطور لغته ..خاصة إذا كانت فكرة النص قوية وغير مستهلكة كما هو الأمر بهذه الرواية الرائعة فعلا..

                          بوركت أديبنا الكريم ..وأتمنى لك غدا مشرقا في سماء السرد الروائي
                          مع مفردات التقدير والثناء
                          التعديل الأخير تم بواسطة فاكية صباحي; الساعة 05-10-2017, 07:35.

                          تعليق

                          • محمود خليفة
                            عضو الملتقى
                            • 21-05-2015
                            • 298

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة فاكية صباحي مشاهدة المشاركة
                            السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
                            لقد اتكأ النص على عدة قيم نفيسة يحتاجها ال
                            مرء في رحلة الحياة القصيرة فمن كد وجد ومن زرع حصد... ومن زرع بذرة خير يستحيل ألا يتظلل بغير أوراقها ..فنلاحظ أن عبد الحميد عندما كان أجيرا كان يعمل بضمير في أرض غيره وهذا ما جعل الله سبحانه وتعالى يجزل له العطاء ..ذلك العطاء المتمثل في خيرات أرضه التي بقيت عصية على كل الآفات التي أصابت أراضي غيره من أهل القرية وبعثرت محاصيلهم ..وما اجتباه الله تعالى به كان نتيجة غراس يديه وطيبة قلبه ..لأن القلب الطيب حيثما ولّى سيترك بعض أثره وهي دعوة ضمنية للمتلقي حتى يتطهّر من الأحقاد والضغائن، تلك الصفات السلبية التي تؤثر على حياة المرء أنّى مضى ..لأن الإنسان الحاقد لا يمكن أن ينسكب من بين يديه سوى الحقد وبالتالي فسواد قلوب أهل القرية قد زرعوه في تربتهم مع بذورهم لينمو غراسهم ويزهر ثم يصير طعاما سائغا للدود ..وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن القلب السليم بإمكانه أن يبني سورا منيعا يحمي صاحبه من كل الأشياء السلبية التي يمكن أن تصير حجر عثرة يعيق مسار خطاه..


                            وباستثناء هذه القوة الإيجابية التي افتتح به الأديب روايته القصيرة نجده قد عرض ثلاث قوى متضاربة تمثلت في مايلي:..
                            1 قوة الحقد الذي دمر محاصيل أهل القرية حتى يكيلوا العداء لعبد الحميد
                            2 قوة الانتقام التي دمرت أمل ذلك الفتى الحالم الذي كان بإمكانه أن يملك العالم بما حباه الله تعالى من علم وتميز ..
                            فنلاحظ أنه بدلا من أن يطل على الغد من كوة الأمل ..صار يطل عليه من كوة جراحه ليراه غائما شاحبا لا حياة فيه ..


                            3 قوة ذلك السلاح المدمر الذي أحضره أمل ودسه في عمق قريته بقلب بارد بعدما عبثت به نار الانتقام
                            فبدلا من أن يعود إلى وطنه بقلب سليم يغسله فيض الرضا والتسامح والمحبة ..عاد يصارع سهما مندسا في صدره ليدسه من جديد في عمق قريته ..فما فائدة العلم الذي لا يطهر نفس صاحبه ويرفعه إلى أعلى الدرجات ..وقد نزل أمل من عليائه ليتساوى مع هل القرية في جرمهم..

                            فالنص يحمل رسالة بليغة..وهو يندرج في إطار الرواية القصيرة ..فالأديب يستطيع أن يطوره ببعض الحوارات وبعض التجليات ليبدو أكثر نضارة ..
                            أما عن الأخطاء فأمرها يسير ..فأحيانا نقرأ بأذهاننا ولا تنتبه العين منا لما ترقن أصابعنا إلا بعد قراءة واثنتين ..
                            ومع ذلك ليس عيبا أن نخطئ أخي الكريم ..فرواد الرواية كلهم يعرضون نصوصهم على مدققين لغويين وهذا ليس عيبا ..
                            وإنما العيب أن نتمادى في الخطا انتصارا لأنفسنا ..وكلنا مازلنا نحبو بحقول اللغة ..وما زلنا نتعلم من بعضنا بعضا


                            وإضافة إلى ما أدرجه الإخوة الأفاضل ..أضيف ملاحظة بسيطة فيما يخص العبارة التالية
                            "لازالت تتصف بالرحمة واللين لأن السلاح الجديد لا يؤثر في الجماد"

                            والصحيح مازالت ..لأن كلمة زال كلمة تدل على النفي ..فإذا سبقتها أداة نفي دلت الجملة على الإثبات لأن نفي النفي
                            إثبات كما نعلم جميعا
                            وإذا دخلت (ما ) على ( زال ) فهي تدل على الخبر كقولنا مازال المطر ينزل
                            ولا يمكننا القول لازال المطر ينزل
                            ..بل نستطيع القول لا يزال المطر ينزل
                            وبالتالي فكل جملة نفتتحها بــ (مازال) هي جملة خبرية بدأ حدوثها في الماضي
                            وكلمة لازال هي خطأ شائع يقع فيه معظم الكتاب
                            لأنها تفيد الدعاء
                            بينما مازال تفيد الإخبار

                            بقي الآن أن أشيد بروح الأديب الفاضل محمود خليفة ..فهناك أدباء بمجرد أن تبدي ملاحظة حول نصوصهم يتهجمون عليك بما لم تكن تتوقعه ..فالنقد البناء كان ولم يزل بمثابة المحك الذي يُظهر الغث من السمين ..والأديب الذكي هو ذلك الذي يتقبل الملاحظة بروح طيبة ويسعى جاهدا حتى يطور لغته ..خاصة إذا كانت فكرة النص قوية وغير مستهلكة كما هو الأمر بهذه الرواية الرائعة فعلا..

                            بوركت أديبنا الكريم ..وأتمنى لك غدا مشرقا في سماء السرد الروائي
                            مع مفردات التقدير والثناء

                            والشكر الجزيل والمستمر لأستاذتنا الأديبة والشاعرة/ فاكية صباحي لهذا التحليل الدقيق وهذه الإضافة الممتعة والمثمرة لقصة صاحب السر الدفين.
                            وقد سعدت وتمتعت بتحليل النص إلى قوة إيجابية في بداية النص ثم قوى ثلاث مدمرة وهي قوة الحقد وقوة الانتقام وقوة السلاح الدمار الشامل.
                            وقد استفدت كثيرا من تصحيح أخطاء هذا النص وخاصة في كلمة (لازال) والتي تفيد الدعاء كما قلتِ وكما وجدتها في مواقع كثيرة على الشبكة العنكبوتية منذ قليل.
                            بوركتِ يا شاعرتنا القديرة.
                            زادك الله علما وأدبا.
                            وتقبلي وافر تحياتي.

                            تعليق

                            يعمل...
                            X