النهاية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    النهاية

    جلس على الكرسي يتأمل فنجاة القهوة ، ارتشف منه رشفة و أوقد سيجارته ، نفث الدخان على العالم متمنيا إبادة الجميع . في نفسه جرح لن يندمل يوما ، مطرود من جنة النساء ، مغضوب عليه من رقة الأنثى و شغف الحب ، هيهات هيهات... أن يعود الزمن إلى الوراء ، يوم كان فارسا مغوارا يغزو قلاع الحسن ، و تتلقفه الأحضان الدافئة . أطفأ السيجارة غضبا عليها و على كل ما يحوم حوله ، لا يستحمل ضجيج قعقعة الكراسي و لا وقع الأحذية على أرضية المقهى المرصفة ، لا يزال في ربيع العمر و لم يطفئ بعد شموع عقده الثالث ، لكن حب الحياة أعدم في دواخله فأضحى الموت له مأربا ملحا ، حاجة لا غنى عنها و إلا أصبح مجرما خطيرا ، بعد أن عجز مصابه عن تمزيق أربطة عقله . فكم تمنى أن يستريح في رحاب الجنون و يكون مطية للهبل يقوده حيث السراب ، فيحس متعة و هو يكمش الأوراق و يجمعها في حجره و تحت أبطه ، فتتساقط و يعيد جمعها طوال اليوم . كل مراده أن ينتشله القدر من ورطته ، و ينسى ، يحس أن النسيان خانه هذه المرة بل يستبد به الموقف كل حين ، كل لحظة ، يا للمصيبة ، أتكون ثقافة الذكورة هي من فعلت بنا الأفاعيل ! يتذكر أيام مراهقته ، وهو يطوف على حلقات الفرجة و الأدوية العشبية في السوق ، فالمهرج المحبوب هو من يزيح الأحزمة عن سراويل النكات و يظهر عورات الكلام . و العشاب الرابح هو من يبيع خلطات تقوية الذكورة و يزيد من منسوب الرغبة ، تذكر أول مرة ناوش المومسات ، كانت الأولى امرأة ذبل جمالها وتضخم جسدها ، رغم ترهله كان لا يزال ناعما ، هي من أعطته شهادة الرجولة ، التي كان يبحث عنها ، عندما هم بالمغادرة قالت له : " انتبه إلى نفسك ، ستتعقبك النساء . كانت ككشافة تقرأ المستقبل ، كان قدره أن يصير ثور تعشير ، يطوف حول المباني العاشقة للحياة ، إلى أن ناله العقاب و قد غرس سكير سكينا أسفل سرته ، كان وبالا على كل ملكوته ، فأفلست فيه الرغبة و أصبح الخجل يعتري بصره . تمنى لو لم تخلق النساء في الكون ، فأحيانا يرى فيهن شقاء أصابه في مقتل ، يتذكر الممرضة التي كانت تسعفه و تداوي جرحه الغائر ، كانت باكية العين و هي تكتشف أنه لن يعود إلى الحياة .

    شريط الذكريات لا ينقطع حبله في ذاكرته فيعيش نفس الدوّامة و نفس الحقد و الأمل عينه يكبر في جوفه و يتعاظم أن مرحبا بموت مريح من حياة بلا نسمة من حياة بلا أنثى . يتذكر زوجته التي أمضت معه سنة قبل الجرح وسنة بعد الجرح ، يتألم و هو يقبل بمرارة تطليقها ، فلا علاقة بين بني البشر تقوم إلا على مصلحة عينية ، كانت تشفق عليه في البداية تبكي كل ليلة ، وبعدها عندما شبعت من طقوس الحداد ، بدأت تتخلف عنه شيئا فشيئا حتى افترقا .

    لا يزال فنجان القهوة أمامه يتنظر أن تمتد إليه شفتاه عندما مرت مسيرة نسائية ترفع شعار الإخصاء لمن ارتكب جريمة الاغتصاب ، يحس ترديدها سياطا مؤلمة مؤذية أكثر من الجلد و الرجم معا ، يقوم من مقامه يشتري قنينة وقود ، يكتب شعاره على لوحته ، نعم للإعدام لا لإخصاء الرجولة ..
  • رقية عبد الرحمن
    أديب وكاتب
    • 07-02-2016
    • 145

    #2
    مرحبا استاذي
    واهلا بهذا النص التحفة
    فكرة النص عن الشرقي حين يفقد "ذكورته "
    الرجولة في مفهوم البطل تتعلق بقدرته الجنسية
    وصولاته ومعاركه التي تجعل منه مغوارا فارسا
    ابتسمت في آخر النص
    لك لغة آسرة
    سرد مميز تحسد عليه
    للآن لا افهم لماذا النصوص الجميلة
    تبقى صفرية الردود
    وايضا لماذا الاشراف غائب عن تشجيعه بتنجيم مستحق
    كاتبنا المهم انك تشاركنا نجمك فشكرا لسخائك
    مع باقة كبيرة جدا من الاحترام والتقدير

    تعليق

    • أميمة محمد
      مشرف
      • 27-05-2015
      • 4960

      #3
      لا أدري لم يسرف الرجل في إعتداده بذكورته؟ حتى إني رأيت رجالا أعموا عن القرآن إلا ( مثنى وثلاث ورباع)
      بالتأكيد فقد أحد علامات الحياة وأسباب التكاثر لكنها مشيئة خالق الكون قد تكون عقابا على فعل أو ابتلاء لسنا ندري
      كل شيء قدر بقي كيف سيتعامل مع ذلك من السهل أن يستسلم من الصعب أن يناضل


      في هذا كله النشوء في مجتمع نظيف وبدايات حسنة يبعدنا عن هذا كله نحتاج لمعرفة الأسباب والعلاج
      كي لا ننتج مجتمعا عاقا من المجرميين والمخصيين
      قضيتك حساسة ووصفك منفرد قد أظن أني قرأت له فأسلوبك مميز
      بعض الجوانب ما زالت مطفأة لكنك سكبت على معاناته ضوء
      تقديري

      تعليق

      • نورالدين لعوطار
        أديب وكاتب
        • 06-04-2016
        • 712

        #4
        الاستاذة رقية عبد الرحمن
        شكرا على كلماتك الطيبة و يكفي النص تكريما أن يحظى بقارئ من رتبتك
        لا بأس ، كل المحبة لمشريفنا الأعزاء و نلتمس لهم كل الأعذار فلو وجدوا في وقتهم سعة ، ما بخلوا بنصحهم و إرشادهم.
        كل التقدير

        تعليق

        • نورالدين لعوطار
          أديب وكاتب
          • 06-04-2016
          • 712

          #5
          الأستاذة أميمة محمد
          شكرا لك على ردك القيم
          و أسعدني استحانك لأسلوبي المتواضع في الكتابة .

          كل التحية والتقدير .

          تعليق

          يعمل...
          X