كنت في طريقي إلى بيروت، حيث يقطن صديقي المقرب "موتشسيتو " في نزل "كازا بلانكا " موفداً من صحيفة لفيجارو الفرنسية ، حيث يعمل مراسلاً ،ورئيساً لمكتبها هناك ..أستقبلني الرجل بحفاوة بالغة ،وغمرني بكرم ضيافته ..وكنت قد التقيت "بموتشسيتو" في بداية عملي بالصحيفة ،وتوثقت علاقتنا، وتوطدت أواصر صداقتنا في بداية عملنا بالحقل الصحفي ..كثيراً ما كنا نمزح ونسخر من تمسكه بالتراث الياباني،لاسيما التمسك بالعادات والأعراف اليابانية أثناء تناول الطعام، وارتداء ملابس الساموراي. والتي يُعتقد أنها تغذيه بالطاقة والحيوية والنشاط ،وتدفع عنه تعاويذ المشعوذة الرمادية "هيتشي" ،وبطش الأمبراطور المستبد " غون سون "في مثيولوجيا العظماء السبعة ..وبعد فراغي من العشاء على الطريقة اليابانية الشاقة لكائن شرقي مثلي ،دلفت إلى الشرفة ، أتنسم الهواء العليل وهو يخاتل نشوة الحلم الوردي ، فيغازل قباب لبنان التي تشبه أبراج موسكو السامقة في كبريائها فتبرق صفائح الماس فوق أبراجها لاسيما عند سقوط البللورات البيضاء، فتقدح قريحتى بأفكار لا تعدو سوى عناوين لأعمدة خواء ..أحتسينا سويا أقداح القهوة المغربية المعروفة بنكهتها الطيبة ،وناقشنا سوياً في الاعداد للتقرير المزمع تغطيته عن أحوال اللاجئين داخل المخيمات الحدودية ،إضافة الى التحري عن صحة الوقائع الخاصة بالإنتهاكات التي تتعرض لها اللاجئات السوريات على الحدود الأردنية، وجلبهن عنوة إلى لبنان لممارسة البغاء والعمل بالدعارة ..قام صديقي بإمدادي بما تسنى له من المعلومات التي حصل عليها عن طريق شبكة الإنترنت ،وأيضاً من مصادره الخاصة القريبة من ميدان الحدث ..فقمت باستئجار مركبة لإلقاء نظرة فاحصة قرب المخيمات الحدودية ،وأرى كيف يعتاش هؤلاء اللاجئين ..نفذ الوقود في طريقي، فتجشأ المحرك مخاط الوقوط ،وطفح على البطارية وتوقفت المركبة عن المسير ،كان الجو صحواً ،والرمال تسعر من شدة الحرارة، والقرص الشمسي يستدير في عرينه القاني ،اولعرق يترشح من مسامي ،ويتحلب من أعطافي ،خلعت سترتي، وانتظرت مركبة تقلني قرب الحدود ..لم يمض الكثير حتى سمعت صوت محرك يقطع لفحات القيظ التي ترسبت حول جسدي ،أزيز مركبة نصف نقل تقل روث الحيوانات ، أذعن السائق الكوبي بعد عناء طويل أن يقلُني مقابل خمسين دولارا مع تأففه وضجره من صفقة خاسرة هي الأفشل منذ رحيل "كاسترو" على حد قوله ،كان لا يفتأ يسب الأمريكان ويدعو عليهم بالشر المستطير ،والسيجار المشتعل مخنوق بين شفتيه الغامقتين ، يستطيل بأرنبة أنفه ثم يتمخط ويبصق من النافذة المجاورة ،ثم يعود يذكر أمجاد كاسترو ،وكيف تمكن من تركيع الأمريكان ،ثم تأخذه العبرات وينخرط في نشيج مرير ،عندما يأتي على ذكر "جيفارا" فيترحم على أيامه ويعدد مناقبه وبطولاته ،ثم يعود ليبصق على صورة اوباما المتدلية بجوار المرأة العلوية ،وقد رشقت صفحتها من كثرة البصاق والمخاط ، ولا يسلم صاحبها إلا بانقضاء مدته ثم يعلق أخرى .. كان الجو ساخناً وأشعة الشمس تنكسر على أرصفة الطرق ،فتسكب لهيبها فوق الغشاء الأسود ،ثم ترتد إلى الفضاء فتزيد من سخونة الجو ..لقد تأكلت الإطارات والأحذية ، والأردية حتى الزواحف والحشرات.. كان هناك حظر تجوال نصبته الشمس على أرصفة الطرق ..خلعت نظارتي وقمت بدسها في فتحة قميصي ، أخرجت من حقيبتي المتدلية فوق عاتقي كاميرتي التي استعرتها من صديقي "موتشسيتو " لاسيما عندما اقترب شبح المخيمات ..كان الوضع سيء مذري ، أعداد كبيرة من العوائل ،يعتاشون على المعونات ،ليس هناك خدمات ،أو رعاية صحية تلبي حاجة تلك الأعداد .. دنوت من أحدهم رجل مسن طفق يشكو من نقص الأدوية والأغذية ..ليس هناك سوى المعلبات ،سواء كانت أطعمه أو عصائر ،الأطفال يحتاجون للألبان والرعاية الصحية ،الخوف كل الخوف من فصل الشتاء حيثُ نفق عدد كثير من اللاجئين بسبب الصقيع والجليد، وعدم قدرة المخيمات على ردع الشتاء والبرد القارس..تابعت طريقي وأنا أقتطع قطع الشيكولا بين الأطفال ،ولفتت ألحاظي فتاة تقارب 17 عشر ،كانت ترمقني وعينيها لا تفتأ تلحظ إلى الكاميرا ،دعوتها لتدنو منى دون خوف أو قلق ،أخرجت من حقيبتي أكياس بها شرائح ماكدونالدز ، نشبت مقارضها كالصقر الجائع في بطن الكيس ،وشرعت تلتهم شرائحها وتذدري ما تبقى دون أن تفوت الفرصة للفتات أن يسقط على الأرض ..كانت تتضور جوعاً، فوعدتها بإحضار المزيد .. كنت أبحث عن قصتي ، التي وعدني بها " موتشسيتو : عندما كاتبني منذ شهور، ووعدني بقصة تستحق قلمي المطمور في الأوراق منذ عقود ..ثم قفلت عائدا إلى المدينة ،كنت أشعر بالتعب ،ألقيت بجسدي فوق الفراش ، وجفلت عيناي من شدة النعاس .. في الصباح أستعرت مركبة "موتشسيتو" اليابانية ..وعدت إلى المخيم مرة أخرى كنت اتفرس في صورة الفتاة ..أحضرت لها شرائح ماكدونالدز وزجاجات الكولا ،وطفقت تسرد لي كل التفاصيل المتعلقة بالأحداث التي تجري في المخيم إلى أن ذكرت " خليل ،وعباس ومركباتهم ..تلك الميليشيات التي تتاجر بالأسلحة والمخدرات والنساء ...ثم طفقت تحدثني عن اقتيادهم للفتيات الصغيرات ،وعن رفيقتها "نهاد" التى اختفت في ظروف غامضة ووجدوا جثتها عالقة في الممر ،وقد نهشتها الذئاب والكلاب ..كان لابد من دخول جحر الأفاعي ،طفت بالمدينة وبحثت عن كل بيوت الدعارة،ونوادى اللهو والخلاعة ، شواهد ،وأدلة تُمكننى من حياكة كل الخيوط التي تصلني بعمل تلك المنظمات الإجرامية ...كانت هناك حانة فرنسية للتعري تدعى " شانزوفير" كم الأضواء الذي ينبعث منها يستثير الحواس والأعصاب ،تعرفت على راقصة في نصف دقيقة .رهان مع صديقي ،حيث أن النساء دائرة مهاراتي ..عندما تمتلأ أمعاء المرأة تفكر بالحب ،وعندما تتضور جوعاً تزدري ماتبقى منه ثم تتجشأه ..كان نزلاً لممارسة الفاحشة وفي ساعات الليل الأخيرة يتحول لهاردكور ،غالبية النساء من السوريات تم اختطاف بعضهن وايهام الأخرين بالسفر والفرار الى اوروبا، هربا من الجوع والموت الأبيض الذي تجلبه الشتاء ..قفلت الى نزلي تتبعني رجلين عملاقين من أصحاب القامات الهائلة والسواعد الفولاذية ،تمكنت من الفرار منهم ،لكنهما استطاعا اللحاق بي، ومكثا اسفل الفندق يرقباني ،اتصلت بصديقي الذي قال لي أن الشرطة تمكنت من معرفة الجناه ..وأنهم بصدد اقتحام المكان والقبض عليهم ..انتظرت حتى حلول الليل ،وتمكنت من الخروج إلى النافذة الخلفية، وتسلقت البناية إلى بناية قريبة منها ،حتى الفيتني على رأس الشارع ، اقلتني مركبة آجرة ،كانت الشرطة قد سبقتني وتمكنت من القبض على شبكة التنظيم ..دلفت إلى الحانة فوجدت الراقصة ممدة والدماء تسري من شفتيها، حيث كانت في صدر المواجهة دن جريرة تذكر..كان المكان عبارة عن قبو كبير للخمور والروائح القذرة ..كانت الفتيات برفقة رجال الشرطة لتقديم يد العون لهم ..قادتني قدماي إلى غرفة مظلمة متشحة بالسواد، زُينت جدرانها بكساء أسود لامع، وعلق في زواياه صور لحسناء عارية، وسياط كوبية حادة ذات مقبض من العاج تتدلى بغطرسة فوق الحائط ، ضوء الغرفة ضعيفاً، يتقلص شيء فشيء وقد تهشمت بقايا مصباح الإنارة الوحيد داخل الغرفة ،ونضب زيته ،فظل يضوي ويخبو على طريق الزوال والأفول ..أشعلت قداحة سجائري لأتبين زر المصباح الكهربائي .. حشد من الأقراص الخضراء، والأبر ،وأدوية للسعال، يتوسطهما زجاجة فودكا مستطيلة الشكل، روسية الصنع فوق خوان وضع في منتصف الحجرة،كمتكىءللأغراض الشخصية، وصرصار يثب تحت ضوء النار يعربد فوق زجاجة النبيذ الفارغة ، كدت أفقد توازني فأسقط رغما عني .. لاسيما حينما تعثرت قدماي بقنينة من الخمر ، تناثر بعضها فوق أرضية من الخشب الفاحم ، تابعت مسيري بخطى حذره، أعتمد على حاسة اللمس رغم أنفي المزكومة المترعة بالبرد ..أطلقت يدي وأرسلتها فى الفراغ الأسود داخل الغرفة، فظفرت يدي بسرير مهتريء هار على عروشه، يلتصق بالحائط ،تفوح من أرديته راوائح قذرة ،وقد تخضبت وسائده المتهدلة ببقع حمراء قانية، واصطبغ كسائه بمخاط أبيض لزج ،وبقايا شعر فاحم علقت ذوائبه بوسادة ملقاه في زاوية الغرفة ،وقطع متناثرة من سروالات خيطية نسائية من أصناف الجي سترينج رفيعة ممزق بعضها، وعلق الأخر بطريقة مهينة فوق أعمدة الفراش، هناك حيث تساق الفريسة بين أنياب المفترس ذليلة خانعة ، تنحر عذريتها كل يوم بيد الجزار الذي كان ينشب مقارضة الحادة في الجسد الغض الطري، ويعيث فيه تقطيعاً وتمزيقاً حتى يشعر بالإرتواء، ويرضي سلوك ساديا متجذراً في عمقه السوداوي عبر إذلال الضحية ..همس يتناهى إلى سمعى يسود زوايا الغرفة المظلمة التي تشبه أقبية التعذيب، نحيب متقطع يتوقف تارة ثم يثب كالزبد مرة أخرى ،ساورني الشك والفضول في استجلاء الخبر واسترعى انتباهي سيقان دقيقة ، تنحت بثقلها إلى أحد زوايا الغرفة تلتمس الدفء من موقد متهالك ، تبكي بشكل هستيري، وتحاول ستر جسدها العاري النحيل برداء مخضب من الدماء، وقد اكتسى جسدها الفضي بنتواءت وجراح ثخيمة.. ند الأحمرار من صفحة خدها الأملس، وفي مواقع متفرقة من جسدها الغض ، جراء الركل واللكم والصفع الذي كانت تتعرض له أثناء عملية الإغتصاب الجماعي، وممارسة الطقوس السادية،نزعت سترتي وأردت أن أواري عورتها.. فطنت لحركتي، ظنت أنني زائر أخر جاء يطلب اللذة والمتعة ،أشارت بيدها المذعورة، وطفقت تتوسل وتستغيث في نشيج مرير أن أطلق سراحها ،وأرحم ضعفها ،ثم استسلمت لي مخافة أن أؤذيها.. طرحت نفسها على الفراش وتمددت على استحياء، وباعدت بين ساقيها ، واختفت بين ذراعيها ، لم أستطع تبين ملامحها وقد طُلي وجهها بكساء أحمر من كثرة الكدمات التي عصفت بوجهها قلت : لاتُراعي لا أريد شيء منك ..لستُ منهم !!أُصيبت بالهذيان ، فتركتها تصرخ حتى نفذت طاقاتها ثم شعرت بالأعياء ، وسقطت ..هدأت من روعها، وسترت ماتبقى من جسدها الهزيل .. كانت الكدمات تملأ وجهها وأوداجها المتورمة ،والإحمرار القانى يند أسفل حاجبيها.. حملتها بين ذراعاي وجدائلها المتهدلة تغطي ماتبقى من وجهها، فلما شعرت بالأمان طفقت تهمس لي بكل ماجرى لها من إنتهاكات وتعذيب وممارسات وحشية تُمارس ضدهم .. ثم استسلمت للنوم وغابت في حدائقه كطفل وديع ..كنت أكتب المقال ولا أكاد أصدق حديثها عن تجار الرقيق الذين ينعقون كالغربان فوق أسوار البلاد المنكوبة، ينتشرون كالفيروس عند الحدود، ويستغلون الفرص لاصطياد الفتيات الأبرياء النازحات من جحيم الحرب في سوريا .. كانوا يستدرجون الفتيات السوريات اللاجئات شمال بيروت للإتجار بهن وبيعهن إلى بيوت الدعارة وإرغامهن على ممارسة الجنس مع 15إلى 20 رجلاً في اليوم وأحياناً كان يصل العدد إلى 40 رجلاً ..علمت الفتاة أنني صحفي فاكتسىت صفحة وجهها بالفرح والحزن معاً ..وقالت في لهفة : لابد أن تفعل شيء سيدي.. هناك الكثير من الفتيات يجب أن تنقذهم ..لم يكن يتركوننا نخرج ، كان الحراس يحضرون كل شيء ..لاتثق في أحد ..جميعهم متورطون ..أشرت عليها أن تستريح وتنام ..تمتمت ببضع كلمات ثم أخذتها هجعة وأسدلت عينيها مرة أخرى كالطفل الوديع ..تم تغطية القصة بكل الحقائق والشواهد التي تؤكد حقيقة تلك الممارسات البربرية تجاة النساء، مما أثار ضجة في الأوساط الحقوقية خاصة بعد سماع إعترافات صادمة من جميع الفتيات التي تم إنقاذهن
الرقيق الأبيض 8
تقليص
X
-
المشاركة الأصلية بواسطة رقية عبد الرحمن مشاهدة المشاركةمرحبا مرة اخرى استاذي
تجارة اللحم الابيض او الاسود لافرق مادام يدر ربحا
اخي نصك يحمل فكرة جميلة جدا
لو اشتغلت عليها كانت ستكون افضل
احسها ناقصة
كالنص السابق خالي من الاحساس
احساسك انت ككاتب النص لاتبثه في حرفك
ثم تداخل الجمل ايضا يربك القراءة
تقبلني مع باقة كبيرة من الاحترام ياطيب
بالأمس قرأت الخبر ..ونسجت القصة ..
سأعمل على نصيحتك ..
أنت لطيفة وراقية ..شكراً لكالحمد لله كما ينبغي
تعليق
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركةالضمير الإنساني في سبات وحدث ولا حرج
لسنا في عصرنا الذهبي كأمة و نتمنى اليقظة من السبات
قصة مؤثرة احمد قلمك له مقدرة قصصية وإن أحسست بعجلة تقديمها
مع التقدير..
عار التحايا لمرور حضرتك أ.أميمةالحمد لله كما ينبغي
تعليق
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 66408. الأعضاء 5 والزوار 66403.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 409,257, 10-12-2024 الساعة 06:12.
Powered by vBulletin® Version 6.0.7
Copyright © 2025 MH Sub I, LLC dba vBulletin. All rights reserved.
Copyright © 2025 MH Sub I, LLC dba vBulletin. All rights reserved.
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش-1. هذه الصفحة أنشئت 14:06.
يعمل...
X
😀
😂
🥰
😘
🤢
😎
😞
😡
👍
👎
☕
تعليق