خفتت أنفاسه المتعبة ,
و انحصرت تلك اللحظات التي كان يستعيد فيها شيئا من الوعي
سمر تأملاته التائهة إلى فراغ ,
و قد اسندوه إلى حافة القبر , فغر فاه في صورة توحي أنه مات منذ أمد طويل
قال الذي استشاروه :
- نعطل الدفن ريثما يموت
و قال آخر :
هو حي ولن يموت إلا بعد أن تنتهي العدة ,
وقد تعمد زلة لسانه ليؤكد للحاضرين طمعه في الميراث ,
و حين حرك جفنيه تنادوا و تهافتوا بكل الأصوات ,
فربما يحرك شفتيه و ينبس و لو بكلمة ,
و ربما يحرك أصابعه و يرتشف القهوة و ينش الذباب الذي زادت أعداده ,
بقوا مشدوهين لو لا همس القبور المتزايد ,
فالقبر الذي سبقه تنحنح و استدار إليه بظهره ,
و كذلك القبر الذي يليه , و بقي قبره منبوذا بين القبور
تدخل واحد من أعيان الزوايا وقرر نقله إلى باحة زاوية سيدي
( عزوز )
التي بنيت خصيصا له ,
كي يموت منشرح القلب و هو ينعم بذكر الزائرين

تعليق