" مِنْ بَائِـيَّةِ ابْنِ مَخْدُومْ "
----
أَيَا لَازِمِي بِالعَهْدِ إِنِّي لأَعْتَبُ
عَلَى صَاحِبٍ قَدْ رَدَّ مَا كُنْتُ أَطْلُبُ
-----
أَكُنْتَ صَدِيقَاً قَدْ أَجَارَ صَدِيقَهُ ؟
أَمِ القَوْلُ صِدْقٌ وَ الفَعَائِلُ كُذّبُ ؟
-----
أَنَرْتَ كَنَجْمٍ لَيْلَةً فِيْ ظَلَامِهَا
فَكَيْفَ يُغَطِّي نَجْمَكَ اليَوْمَ كَوْكَبُ
-----
عَجِبْتُ مِنَ الأَصْحَابِ حِينَ تَبَدَّلَتْ !
وَلَا زِلْتُ فِيْ بَعْضِ البَرَايَا أُجَرِّبُ
-----
سَمِعْتُ خِوَارَ الثَّوْرِ حَتَّى ظَنَنْتُهُ
زَعِيمَاً وَلَكِنْ خَابِ مَا كُنْتُ أَحْسَبُ
-----
فَسُبْحَانَ رَبِّي كَيْفَ تُسْتَمْرَأُ الدُّنَى
وَ كَيْفَ النَّوَايَا عِنْدَ بَعْضٍ تُقَلَّبُ
-----
فَيَا نَاظِرَاً وَ النَّجْمُ شَاخَ قَرِيحُهُ
أَدِرْ وَجْهَكَ الدُرِّيَ فَالبَحْرُ أَعْذَبُ
-----
نَعَمْ أَنْتَ نَجٌمٌ وَ الدَّيَاجِيرُ وَقْتُهُ
وِ إِنْ شَعَّ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالصُّبْحِ أَجْنَبُ
-----
فَلَا تُجْلَبُ الأَمْجَادُ مِنْ سَاعِدٍ لَهُ
وَلَا تُورِقُ الأَشْجَارُ وَ البِيدُ جُدّبُ
-----
وَكَيْفَ سَيَهْنَى مَنْ أَضَاعَ جِوَارَهُ
ضَحُوْكَاً خَلُوفَاً جَارَهَ يَتَعَذَّبُ
-----
فَعَاتَبْتُهُ حَتَّى ارْتَجَلْتُ قَصِيدَةً
فَكُشِّفَ لِي نَابٌ وَ ضِرْسٌ وَ مِخْلَبُ
-----
كَأَفْعَىً بِلَا صَوْتٍ تُغَيِّرُ جِلْدَهَا
وِ مِنْ نَابِهَا السُّمُّ الزُّعَافُ المُعَطَّبُ
-----
عَلِمْتُ بَأَنَّ الجَرْوَ يُبْدِي شَجَاعَةً
وَلِكِنَّهُ وَقَتْ المَعَامِعِ يَهْرُبُ
-----
أَلَا إِنَّهَا الأَيَامُ إِنْ رُمْتَ كَاشِفَاً
وَمَا النَّاسُ إِلَّا سِلْعَةٌ سَتُجَرَّبُ
-----
وَمَا لُمْتُ مَنْ سَمَّيْتُهُ الأَمْسَ صَاحِبِي
وَ لَوْمِي عَلَى نَفْسِي بِمَا كُنْتُ أَصْحَبُ
-----
وَلَيْسَ صَدِيقَي مَنْ أَتَى وَقْتَ مَا يَشَا
لَعَمْرِي صَدِيقِي ذَاعِنٌ حِينَ يُطْلَبُ
-----
تُشلُّ يَمِينِي بَعْدَ مَا كُنْتُ شَاعِرَاً
فَأَنَّى لِمَشْلُولِ المَيَامِينِ يَكْتُبُ ؟
-----
وَأَنَّى يَجِيءُ الفَخْرُ و الظَّفْرُ و العُلَا ؟
وَذَا البَغْلُ فِي حَوْضٍ يَبُولُ وَ يَشْرَبُ
-----
فَلَا تَسْأَلِ الأَمَجَادَ مَنْ هَابَ صَوْلَهَا
لَعَمْرُكَ مَا فَازَ الجَبَانُ المُدَرَّبُ
-----
وَنَاظِرْ وُجُوهَ العِيرِ قَبْلَ احْتِلَابِهَا
فما كلُّ عِيرٍ يَا ابْنَ مَخْدُومَ تُحْلَبُ
-----
وَمَا كُلُّ نَصْلٍ قَاطِعٌ إِنْ صَقَلْتَهُ
وَ مَا كُلُّ خَيْلٍ يَوْمَ ذِيْ الطَّعْنِ تُرْكَبُ
-----
وَمَا كُلُّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ القَوْسَ و القَنَا
شُجَاعٌ إِذَا سُلَّ الحُسَامُ المُقَضَّبُ
-----
- شَاعِرُ الحِجَازْ / هِشَامْ مَخْدُومْ -
تعليق