يوم رحلت الجزء 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الفاضل
    أديب وكاتب
    • 21-12-2011
    • 208

    يوم رحلت الجزء 2

    يوم رحلت – محمد الفاضل
    الجزء الثاني

    الفترة التي أمضيتها مع والدي في المستشفى ، شكلت علامة فارقة في مجرى حياتي ، خلفت جروحاً غائرة في حنايا القلب ، أن ترى الجبل الشامخ الذي كنت تستند عليه ، والفارس الذي يرتدي درعه اللامع ،يحارب الوحوش ويذب عنك عوائل الدهر، القادم من حكايات الزمن الجميل ، في حالة ضعف وانكسار إنساني ، يفوق الاحتمال ويجعلك تعيد حساباتك ، يدعوك للزهد في كل شئ . بعد أن كان صوته يجلجل ويملأ المكان ، وضحكته الساحرة تضفي البهجة على الجميع ، لم يألوا جهدا في تربيتنا وسخر كل طاقاته في سبيل إسعاد عائلته ، كان يجد سعادة بالغة في العطاء ولم يشتك قط برغم تحمله أعباء الحياة وصروفها ، كان يمتلك قلبا من ذهب ، ينبض بالحنان والطيبة اللا متناهية ، كالبدر في ليلة ظلماء .
    فجأة لزم الصمت ، لقد ترجل الفارس وكبا ، سكون قاتل يلف المكان ، لا يكسره سوى زفراته الحارة التي تحرق القلب ومحاولته النطق بكلمات مبهمة وكأنه طفل يتعلم النطق للتو ، كنت أحاول تجنب النظر في عينيه الحزينة مخافة أن يرى سمة الحزن على وجهي ، برغم شوقي العارم أن أضمه إلى صدري وأطلق العنان لمشاعري الحبيسة أن تنفلت من عقالها . كم هو صعب على الإنسان أن يضع قناع على وجهه محاولاً إخفاء مشاعره والتظاهر بأن الأمور على مايرام.
    كانت تنتابني رغبة عارمة بالسجود عند قدميه وتقبيلهما ولكنني أحجمت عن ذلك مخافة أن ينهار أمامي ، بدأت رحلة المعاناة اليومية تطل برأسها ، الوضع يتطلب عناية خاصة ، عندما يهم بالوضوء كنت أدخل معه الحمام كي أساعده خوفاً من أن يسقط . لم أتذمر قط ، وفي المساء أجلس ملتصقاً بسريره وأقرأ له ماتيسر من القرأن بصوت مرتفع حتى يبزغ الفجر ، وكنت أستشعر دموعه الحبيسة تأبى أن تنساب ، بل تسيل وتصب مباشرة عند شواطئ الروح دون أن أراها. عندما كنت أقبض على يده اليمنى لعمل تمارين علاج طبيعي وبشكل يومي حسب أوامر الطبيب ، كانت يدي ترتجف وأحس بشلال حنان يتدفق من يده الطاهر ة لتمدني بالعزيمة .
    لطالما حملنا بيده تلك ومسح على جبيننا وقرأ الأدعية عندما كنا صغاراً ، أبي الحبيب ، يا قرة عيني ومهجة روحي ، مهما فعلت فلن أوفيك حقك ، لقد أفنيت عمرك وأنت تكافح في هذه الحياة ، كنت تكد في القر والحر غير عابئ بحرارة الشمس الحارقة ، بهمة تزلزل الجبال ، ليس كمثلك شئ يا أبي . كالشمس تضئ حياة الاَخرين وتمدهم بالدفء .
    ( يتبع )

    السويد – 10 / 05 / 2016
    sigpic

    روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟
  • ريما ريماوي
    عضو الملتقى
    • 07-05-2011
    • 8501

    #2
    نص مؤثر وحزين .. رحمه الله أيها الابن البار .. دمت بخير حال.
    بانتظار البقية.


    أنين ناي
    يبث الحنين لأصله
    غصن مورّق صغير.

    تعليق

    • محمد الفاضل
      أديب وكاتب
      • 21-12-2011
      • 208

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
      نص مؤثر وحزين .. رحمه الله أيها الابن البار .. دمت بخير حال.
      بانتظار البقية.

      شكراً على حضورك الجميل الزميلة العزيزة
      جل التحايا
      دمت بخير وسعادة
      sigpic

      روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

      تعليق

      • عباس العكري
        أديب وكاتب
        • 07-07-2016
        • 139

        #4
        [aimg=borderSize=0,borderType=none,borderColor=blac k,imgAlign=none,imgWidth=,imgHeight=]https://2.bp.blogspot.com/-z1nfSpQ3h5Q/V2rM1igIzlI/AAAAAAAACsA/VwkqEqVHwg4k3Pg_QfCKrEFFJ6FixzJfQCLcB/s1600/%25D9%258A%25D9%2588%25D9%2585%2B%25D8%25B1%25D8%2 5AD%25D9%2584%25D8%25AA2.png[/aimg]

        تعليق

        • محمد الفاضل
          أديب وكاتب
          • 21-12-2011
          • 208

          #5
          مساء الورد الأستاذ المبدع عباس
          أنا ممتن لحضورك العطر
          محبتي
          sigpic

          روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

          تعليق

          يعمل...
          X